يُبَادِرْ) مِنْهُمَا إلَى تَسْلِيمِ مَا عَلَيْهِ (يُجْبَرُ الثَّانِي) عَلَى تَسْلِيمِ مَا يُقَابِلُهُ (وَمَعْ مَنْعِ سِوَى مُبَادِرٍ) أَيْ: عِنْدَ امْتِنَاعِهِ مِنْ التَّسْلِيمِ بِلَا عُذْرٍ (إنْ شَا) أَيْ: الْمُبَادِرُ مِنْهُمَا (رَجَعْ) فِيمَا سَلَّمَهُ لِعَدَمِ حُصُولِ الْغَرَضِ لَكِنَّ رُجُوعَ الزَّوْجِ مُفَرَّعٌ عَلَى أَنَّهُ يُجْبَرُ أَوَّلًا؛ لِأَنَّ الْإِجْبَارَ شَرْطُهُ التَّمْكِينُ فَإِنْ قُلْنَا: لَا يُجْبَرُ أَوَّلًا وَهُوَ الْأَصَحُّ فَلَا رُجُوعَ لَهُ لِتَبَرُّعِهِ بِالْمُبَادَرَةِ كَتَبَرُّعِهِ بِتَعْجِيلِ الدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ (لَا هِيَ) أَيْ: الزَّوْجَةُ فَلَا تَرْجِعُ فِي نَفْسِهَا (بَعْدَ الْوَطْءِ) بِتَمْكِينِهَا مِنْهُ مُخْتَارَةً مُكَلَّفَةً، كَمَا لَوْ سَلَّمَ الْبَائِعُ الْمَبِيعَ مُتَبَرِّعًا قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ، أَمَّا الْمُكْرَهَةُ وَغَيْرُ الْمُكَلَّفَةِ، فَلَهُمَا الرُّجُوعُ بَعْدَ زَوَالِ الْإِكْرَاهِ، وَحُصُولِ التَّكْلِيفِ نَعَمْ، لَوْ سَلَّمَ الْوَلِيُّ غَيْرَ الْمُكَلَّفَةِ بِالْمَصْلَحَةِ فَيَنْبَغِي، كَمَا فِي الْكِفَايَةِ أَنَّهُ لَا رُجُوعَ لَهَا وَإِنْ كَمُلَتْ، كَمَا لَوْ تَرَكَ الْوَلِيُّ الشُّفْعَةَ لِمَصْلَحَةٍ لَيْسَ لِلْمَحْجُورِ عَلَيْهِ الْأَخْذُ بِهَا بَعْدَ زَوَالِ الْحَجْرِ عَلَى الْأَصَحِّ بِخِلَافِ مَا لَوْ سَلَّمَهَا بِغَيْرِ مَصْلَحَةٍ، بَلْ الْمَحْجُورُ عَلَيْهَا بِالسَّفَهِ لَوْ سَلَّمَتْ نَفْسَهَا وَرَأَى الْوَلِيُّ خِلَافَهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لَهُ الرُّجُوعُ وَإِنْ وُطِئَتْ
(وَلْتُمْهَلْ) أَيْ: الزَّوْجَةُ وُجُوبًا إذَا اُسْتُمْهِلَتْ هِيَ أَوْ وَلِيُّهَا بَعْدَ قَبْضِ الصَّدَاقِ (إلَى طَوْقٍ) مِنْهَا لِلْوَطْءِ حَيْثُ لَمْ تُطِقْهُ لِصِغَرٍ أَوْ مَرَضٍ لِتَضَرُّرِهَا بِهِ فَلَا يَجِبُ تَسْلِيمُهَا حَتَّى يَزُولَ مَانِعُ الْوَطْءِ وَإِنْ قَالَ: سَلِّمُوهَا لِي وَلَا أَقْرَبُهَا حَتَّى يَزُولَ الْمَانِعُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَفِي بِذَلِكَ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ، كَمَا ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ فِي بَسِيطِهِ وَقَالَ الْبَغَوِيّ يُجَابُ فِي الْمَرِيضَةِ دُونَ الصَّغِيرَةِ؛ لِأَنَّ الْأَقَارِبَ أَحَقُّ بِحَضَانَتِهَا. اهـ. وَيُكْرَهُ لِلْوَلِيِّ تَسْلِيمُ الصَّغِيرَةِ وَيَحْرُمُ عَلَى الزَّوْجِ وَطْؤُهَا إلَى أَنْ تَحْتَمِلَ. وَفِي مَعْنَى الْمَرِيضَةِ الْهَزِيلَةُ إلَّا أَنْ تَكُونَ نَحِيفَةً خِلْقَةً، فَيَجِبُ عَلَيْهَا التَّسْلِيمُ، إذْ لَا غَايَةَ لِزَوَالِ مَا بِهَا فَكَانَتْ كَالْقَرْنَاءِ ثُمَّ إنْ خَافَتْ مِنْ وَطْئِهِ الْإِفْضَاءَ لِعَبَالَتِهِ لَمْ يَلْزَمْهَا التَّمْكِينُ مِنْ الْوَطْءِ فَيَسْتَمْتِعُ بِغَيْرِهِ أَوْ يُطْلِقُ وَلَا خِيَارَ لَهُ، كَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ مَعَ كَلَامٍ فِيهِ لِلْغَزَالِيِّ وَالرَّافِعِيِّ (وَ) إلَى (تَنْظِيفٍ) مِنْ الْوَسَخِ (وَ) إلَى (الِاسْتِحْدَادِ) .
مِنْ شَعْرِ الْعَانَةِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مُتَفَرِّقًا وَإِلَيْهِ ادَّعَى إلَى بَقَاءِ النِّكَاحِ وَقَدْ يُقَالُ: لَوْ تَرَكَ الِاسْتِحْدَادَ أَغْنَى عَنْهُ التَّنْظِيفُ (لَا غَيْرُ) أَيْ: تُمْهَلُ إلَى مَا ذُكِرَ لَا إلَى غَيْرِهِ كَانْقِطَاعِ حَيْضٍ وَنِفَاسٍ؛ لِأَنَّ مُدَّتَهُمَا قَدْ تَطُولُ وَيَتَأَتَّى التَّمَتُّعُ مَعَهُمَا بِلَا وَطْءٍ، كَمَا فِي الرَّتْقَاءِ وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ عَرَفَ أَنَّ حَيْضَهَا أَوْ نِفَاسَهَا يَنْقَطِعُ عَنْ قُرْبٍ أُمْهِلَتْ وَقَدْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَقِيَاسُ مَا ذَكَرُوا فِي الْإِمْهَالِ لِلتَّنْظِيفِ أَنْ تُمْهَلَ الْحَائِضُ إذْ لَمْ تَزِدْ مُدَّةُ حَيْضِهَا عَلَى مُدَّةِ التَّنْظِيفِ وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ فِي التَّتِمَّةِ فَيَخْتَصُّ لِعَدَمِ إمْهَالِهَا بِمَا إذَا كَانَتْ مُدَّةُ الْحَيْضِ تَزِيدُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَإِلَّا فَتُمْهَلُ. اهـ. وَحَيْثُ أُمْهِلَتْ الزَّوْجَةُ لِتَنْظِيفٍ وَنَحْوِهِ أُمْهِلَتْ مَا يَرَاهُ قَاضٍ؛ لِأَنَّهُ أَمْرٌ مُجْتَهَدٌ فِيهِ (وَأَقْصَاهُ) أَيْ: الْإِمْهَالِ (ثَلَاثَةٌ) مِنْ الْأَيَّامِ بِلَيَالِيِهَا الْمُشْتَمِلَةِ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْ ذَلِكَ يَحْصُلُ فِيهَا؛ وَلِأَنَّهَا أَقَلُّ الْكَثِيرِ، وَأَكْثَرُ الْقَلِيلِ.
وَشَمَلَ قَوْلُهُ: لَا غَيْرَ، مَا فَرَّعَهُ مِنْ زِيَادَتِهِ بِقَوْلِهِ (فَلَنْ نُمْهِلَهَا) نَحْنُ (إلَى) تَهْيِئَتِهِ (الْجَهَازِ وَ) حُصُولِ (السِّمَنْ) وَنَحْوِهِ
(وَالْمَهْرُ بِالْوَطْءِ) أَيْ: بِسَبَبِهِ (وَلَوْ مُحَرَّمَا) لِحَيْضٍ أَوْ إحْرَامٍ أَوْ لِكَوْنِهِ فِي الدُّبُرِ أَوْ غَيْرِهَا (مُقَرَّرٌ) أَيْ: مُسْتَقِرٌّ لَا يَتَطَرَّقُ إلَيْهِ سُقُوطٌ لِاسْتِيفَاءِ مُقَابِلِهِ؛ وَلِأَنَّ وَطْءَ الشُّبْهَةِ يُوجِبُهُ فَوَطْءُ النِّكَاحِ أَوْلَى
ــ
[حاشية العبادي]
(قَوْلُهُ: فَإِنْ قُلْنَا: لَا يُجْبَرُ وَهُوَ الْأَصَحُّ) قَدْ يُقَالُ: الْأَصَحُّ أَيْضًا أَنَّهُ لَا تُجْبَرُ، كَمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُمَا عِنْدَ النِّزَاعِ يُجْبَرَانِ، فَلِمَ خُصَّ الزَّوْجُ فِي قَوْلِهِ: لَكِنْ رُجُوعُ الزَّوْجِ وَهَلَّا قَالَ: لَكِنْ رُجُوعُ كُلٍّ مِنْهُمَا، وَيُجَابُ بِأَنَّهُ إنَّمَا خَصَّ الزَّوْجَ؛ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ تَعَرَّضَ لِلزَّوْجَةِ بِقَوْلِهِ: لَا هِيَ لِلزَّوْجَةِ فَقَوْلُهُ: لَا هِيَ إلَخْ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ قَوْلِهِ: إنْ شَاءَ رَجَعَ، وَالِاسْتِثْنَاءُ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهَا لَا تُجْبَرُ فَهِيَ مُتَبَرِّعَةٌ وَقَدْ تَحَصَّلَ أَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهُ لَا رُجُوعَ إذَا امْتَنَعَ غَيْرُ الْمُبَادِرِ سَوَاءٌ كَانَ الْمُسْلِمُ الزَّوْجَ، أَوْ الزَّوْجَةَ فَقَدْ يُقَالُ: فَلَا فَائِدَةَ فِي إجْبَارِ غَيْرِ الْمُبَادِرِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: فَائِدَتُهُ الْإِثْمُ، وَالتَّعْزِيرُ فَلْيُتَأَمَّلْ سم (قَوْلُهُ: فَلَا رُجُوعَ لَهُ لِتَبَرُّعِهِ) بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ عَنْ الْإِمَامِ فِي مَسْأَلَةِ الْأَمِينِ إذْ لَا تَبَرُّعَ (قَوْلُهُ: فَيَنْبَغِي، كَمَا فِي الْكِفَايَةِ إلَخْ) مَشَى غَيْرُهُ عَلَى أَنَّ لَهَا الرُّجُوعَ وَفَرَّقَ بَيْنَ مَا هُنَا وَمَسْأَلَةِ الشُّفْعَةِ، بِأَنَّ مَا هُنَا تَفْوِيتٌ، وَثَمَّ إمْسَاكٌ عَنْ التَّحْصِيلِ
(قَوْلُهُ: وَقَالَ الْبَغَوِيّ: إلَخْ) وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ (فَرْعٌ)
قَالَ: لَا أَطَأُ وَجَبَ تَسْلِيمَ الْمَرِيضَةِ، بَلْ لَوْ سَلَمَتْ نَفْسَهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ الِامْتِنَاعُ وَيَلْزَمُهُ النَّفَقَةُ بِخِلَافِ الصَّغِيرَةِ وَتَجِبُ نَفَقَةُ النَّحِيفَةِ أَيْ: نَحِيفَةِ الْبَدَنِ بِالتَّسْلِيمِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَفِي مَعْنَى الْمَرِيضَةِ الْهَزِيلَةُ) فَيَأْتِي فِيهَا مَا تَقَدَّمَ عَنْ الْغَزَالِيِّ وَالْبَغَوِيِّ (قَوْلُهُ: كَانْقِطَاعِ حَيْضٍ) وَإِنْ قَلَّتْ مُدَّتُهُ م ر (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُؤْخَذُ إلَخْ) أَتَى بِقَدْ نَظَرًا لَقَدْ فِي التَّقْلِيلِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ) : خُولِفَ. اهـ. م ر
ــ
[حاشية الشربيني]
أَحَدِهِمَا قَالَ ق ل: وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ.
(قَوْلُهُ: وَلْتُمْهَلْ إلَخْ) وَلَا نَفَقَةَ لَهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ مُدَّةَ الْإِمْهَالِ، كَمَا فِي ع ش خِلَافًا لِلْحَلَبِيِّ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَالَ إلَخْ) إلَّا إذَا كَانَ ثِقَةً فَيُجَابُ فِي غَيْرِ الصَّغِيرَةِ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ قَوْلُ الْبَغَوِيّ: فَلَا مُخَالَفَةَ. (قَوْلُهُ: وَقَالَ الْبَغَوِيّ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ م ر سم عَلَى الْمَنْهَجِ. (قَوْلُهُ: يَتَأَتَّى إلَخْ) لَعَلَّ الْوَاوَ لِلْحَالِ فَلَا