بِخِلَافِ اسْتِدْخَالِهَا مَاءَهُ وَالْمُبَاشَرَةِ فِي غَيْرِ الْفَرْجِ وَالْخَلْوَةِ بِلَا وَطْءٍ حَتَّى لَوْ طَلَّقَهَا بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يَجِبْ إلَّا الشَّطْرُ لِآيَةٍ {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ} [البقرة: ٢٣٧] أَيْ: تُجَامِعُوهُنَّ (وَمَوْتُ فَرْدٍ مِنْهُمَا) أَيْ: وَمُقَرَّرٌ أَيْضًا بِمَوْتِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ قَبْلَ الْوَطْءِ إذْ لَا يَبْطُلُ بِهِ النِّكَاحُ بِدَلِيلِ التَّوَارُثِ، وَإِنَّمَا هُوَ نِهَايَةٌ لَهُ وَنِهَايَةُ الْعَقْدِ كَاسْتِيفَاءِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ بِدَلِيلِ الْإِجَارَةِ، وَتَقَدَّمَ أَنَّ قَتْلَ السَّيِّدِ أَمَتَهُ وَقَتْلَهَا نَفْسَهَا يُسْقِطَانِ الْمَهْرَ
(وَمُوجِبٌ فَسَادِهِ) أَيْ: الصَّدَاقِ مَهْرُ الْمِثْلِ بِالْعَقْدِ لِتَعَذُّرِ رَدِّ مُقَابِلِهِ لِصِحَّةِ النِّكَاحِ فَوَجَبَ بَدَلُهُ، كَمَا لَوْ ابْتَاعَ بِثَمَنٍ فَاسِدٍ وَتَعَذَّرَ رَدُّ الْمَبِيعِ يَجِبُ قِيمَتُهُ وَفَسَادُ الصَّدَاقِ أَنْ يَكُونَ (بِحَيْثُ لَمْ يُمْلَكْ) عِنْدَ الْعَقْدِ لِلزَّوْجِ أَوْ مُطْلَقًا (كَمَغْصُوبٍ وَخَمْرَةٍ وَدَمْ وَالْحُرِّ) سَوَاءٌ تَرَكَ وَصْفَهَا أَمْ وَصَفَتْ بِوَصْفِهَا أَوْ بِغَيْرِهِ كَمَمْلُوكٍ لَهُ وَعَصِيرٍ وَمَغْرَةٍ وَقِنٍّ وَذِكْرُ الدَّمِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَهَذَا فِي أَنْكِحَتِنَا أَمَّا أَنْكِحَةُ الْكُفَّارِ، فَكُلُّ مَا اعْتَقَدُوا صِحَّةَ إصْدَاقِهِ يَجْرِي عَلَيْهِ حُكْمُ الصَّحِيحِ، كَمَا مَرَّ (أَوْ) بِحَيْثُ (يُعْقَدُ) عَلَى مَنْ لَا يَحْتَاجُ إلَى إذْنِهَا فِي الْعَقْدِ (دُونَ الْإِذْنِ) مِنْ مُعْتَبَرَتِهِ (بِدُونِ مَهْرِ مِثْلِهَا) أَوْ بِلَا مَهْرٍ لِانْتِفَاءِ الْحَظِّ وَالْمَصْلَحَةِ فِيهِ، كَمَا فِي الْبَيْعِ بِخِلَافِ مَا إذَا أَذِنَتْ فِيهِ مُعْتَبَرَةُ الْإِذْنِ أَوْ عَقَدَ بِمَهْرِ الْمِثْلِ فَإِنَّهُ لَا يَفْسُدُ وَإِنْ خَطَبَهَا غَيْرُ نَاكِحِهَا بِأَكْثَرَ، وَقَوْلُهُ: دُونَ الْإِذْنِ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَقَوْلُهُ: بِدُونِ مَهْرِ مِثْلِهَا تُنَازِعُهُ بِعَقْدٍ وَالْإِذْنِ، أَمَّا مَنْ يَحْتَاجُ إلَى إذْنِهَا فَسَتَأْتِي فِي مُفْسِدِ النِّكَاحِ وَلَا يَخْفَى صِحَّةُ الصَّدَاقِ بِعَقْدِ السَّيِّدِ لِأَمَتِهِ بِدُونِ مَهْرِ الْمِثْلِ
(وَلِابْنِ) أَيْ: أَوْ بِحَيْثُ يَعْقِدُ الْأَبُ لِابْنِهِ غَيْرِ الرَّشِيدِ (بِزَائِدٍ) عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ بِمَا لَا يَتَغَابَنُ بِمِثْلِهِ (مِنْ مَالِ الِابْنِ) ، كَمَا فِي الْبَيْعِ فَإِنْ كَانَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ صَحَّ عَيْنًا كَانَ أَوْ دَيْنًا؛ لِأَنَّ الْمَجْعُولَ صَدَاقًا لَمْ يَكُنْ مِلْكًا لِلِابْنِ حَتَّى يَفُوتَ عَلَيْهِ وَالتَّبَرُّعُ بِهِ إنَّمَا حَصَلَ فِي ضِمْنِ تَبَرُّعِ الْأَبِ فَلَوْ أُلْغِيَ فَاتَ عَلَى الِابْنِ وَلَزِمَ مَهْرُ الْمِثْلِ فِي مَالِهِ وَبِهَذَا قَطَعَ الْغَزَالِيُّ وَالْبَغَوِيِّ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَرَجَّحَ الْمُتَوَلِّي وَالسَّرْخَسِيُّ فَسَادَهُ؛ لِأَنَّهُ يَتَضَمَّنُ دُخُولَهُ فِي مِلْكِ الِابْنِ ثُمَّ يَكُونُ مُتَبَرِّعًا بِالزَّائِدِ وَأَيَّدَهُ الرَّافِعِيُّ بِمَنْعِهِ إعْتَاقَهُ عَنْهُ عَبْدَ نَفْسِهِ فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ وَرُدَّ بِمَا نَقَلَهُ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ عَنْ الْقَفَّالِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ: اعْتِقْ عَبْدَكَ عَنْ ابْنِي الصَّغِيرِ فَفَعَلَ جَازَ وَكَانَ اكْتِسَابُ وَلَاءٍ لَهُ بِغَيْرِ ضَرَرٍ يَلْحَقُهُ وَبِأَنَّ لَهُ أَنْ يَعْتِقَ عَبْدَ طِفْلِهِ فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ، كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْوَصَايَا وَذَكَرَهُ الْقَاضِي هُنَاكَ وَالْبَنْدَنِيجِيُّ فِي الْأَيْمَانِ وَإِذَا جَازَ ذَلِكَ فِي عَبْدِ طِفْلِهِ فَفِي عَبْدِ نَفْسِهِ أَوْلَى (أَوْ) بِحَيْثُ (عَقَدْ) لِابْنِهِ الْمَذْكُورِ (بِأُمِّ الِابْنِ) كَأَنْ وَلَدَتْهُ مِنْهُ وَهِيَ فِي غَيْرِ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: أَوْ مُطْلَقًا) عَطْفٌ عَلَى لِلزَّوْجِ (قَوْلُهُ: وَدَمٌ) هَذَا يُشْكِلُ عَلَى مَا قَالُوهُ فِي الْخُلْعِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ خَالَعَهَا عَلَى غَيْرِ مَقْصُودٍ كَالدَّمِ وَقَعَ رَجْعِيًّا؛ إذْ قِيَاسُ ذَلِكَ أَنْ لَا يَجِبَ هُنَا مَهْرُ الْمِثْلِ قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الْمُغَلَّبَ ثَمَّ مِنْ جَانِبِ الزَّوْجَةِ الْمُعَاوَضَةُ فَاعْتُبِرَ كَوْنُ الْعِوَضِ مَقْصُودًا بِخِلَافِ مَا هُنَا وَبِأَنَّ مَقْصُودَ النِّكَاحِ الْوَطْءُ وَهُوَ مُوجِبٌ لِلْمَهْرِ غَالِبًا بِخِلَافِ الْخُلْعِ فَإِنَّ مَقْصُودَهُ الْفُرْقَةُ وَهِيَ تَحْصِيلٌ غَالِبًا بِدُونِ عِوَضٍ. اهـ. (قَوْلُهُ: مَنْ لَا يَحْتَاجُ إلَى إذْنِهَا) يَدْخُلُ فِيهِ الْمَجْنُونَةُ، وَالصَّغِيرَةُ الْبِكْرُ وَالسَّفِيهَةُ وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُ: دُونَ الْإِذْنِ مِنْ مُعْتَبَرَتِهِ؛ لِأَنَّهُ بِالنَّظَرِ لِبَعْضِ أَفْرَادِ مَا دَخَلَ فِيهِ وَفِي الْمِنْهَاجِ إذَا نَكَحَ بِنْتًا لَا رَشِيدَةً أَيْ: كَمَجْنُونَةٍ وَبِكْرٍ صَغِيرَةٍ أَوْ سَفِيهَةٍ، كَمَا فِي شَرْحِهِ بِدُونِ مَهْرِ الْمِثْلِ، أَوْ رَشِيدَةً بِكْرًا بِلَا إذْنٍ بِدُونِهِ فَسَدَ الْمُسَمَّى، وَالْأَظْهَرُ صِحَّةُ النِّكَاحِ بِمَهْرِ الْمِثْلِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ خَطَبَهَا غَيْرُ نَاكِحِهَا بِأَكْثَرَ) هَذَا يَقْتَضِي صِحَّةَ الصَّدَاقِ إذَا كَانَ قَدْرَ مَهْرِ الْمِثْلِ مَعَ وُجُودِ رَاغِبٍ بِأَكْثَرَ، فَلْيُنْظَرْ وَلْيُفَرَّقْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَظِيرِهِ مِنْ بَيْعِ نَحْوِ الْوَكِيلِ، إلَّا أَنْ يُرَادَ بِالْأَكْثَرِ مَا يَتَغَابَنُ بِهِ وَإِنْ قُلْنَا هُنَاكَ بِعَدَمِ اعْتِبَارِهِ، كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ بَعْضُ الْعِبَارَاتِ.
(قَوْلُهُ: عَيْنًا كَانَ، أَوْ دَيْنًا) لَوْ كَانَ عَيْنًا فَتَلِفَتْ قَبْلَ الْقَبْضِ، أَوْ دَيْنًا فَمَاتَ الْأَبُ فَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ مَهْرُ الْمِثْلِ فِي الْأَوَّلِ وَيُؤْخَذُ الْمَهْرُ مِنْ تَرِكَتِهِ فِي الثَّانِي حَتَّى لَوْ لَمْ تَكُنْ تَرِكَةً ضَاعَ عَلَى الزَّوْجَةِ وَلَا مُطَالَبَةَ عَلَى الْوَلَدِ فِي الْحَالَيْنِ؛ لِأَنَّ الْأَبَ بِإِصْدَاقِهِ عَنْهُ تَعَلَّقَ بِهِ الصَّدَاقُ وَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِالْوَلَدِ، وَإِنْ قُدِّرَ دُخُولُهُ فِي مِلْكِهِ حَتَّى يَرْجِعَ إلَيْهِ النِّصْفُ لَا إلَى الْأَبِ لَوْ طَلَّقَ قَبْلَ الدُّخُولِ، أَوْ يَتَعَلَّقُ مَهْرُ الْمِثْلِ فِي الْأَوَّلِ، وَالصَّدَاقُ فِي الثَّانِي حَيْثُ لَا تَرِكَةَ لِلْأَبِ بِالْوَلَدِ، أَمَّا الْوَلَدُ فَلِأَنَّ الْعَيْنَ فِي الْأَوَّلِ دَخَلَتْ فِي مِلْكِهِ فَإِذَا تَلِفَتْ قَبْلَ قَبْضِهَا رَجَعَ عَلَيْهِ بِبَدَلِهَا وَهُوَ مَهْرُ الْمِثْلِ، وَأَمَّا فِي الثَّانِي؛ فَلِأَنَّ الزَّوْجَ هُوَ الْأَصْلُ فِي الصَّدَاقِ فَإِذَا تَعَذَّرَ مِنْ جِهَةِ الْمُصَدَّقِ عَنْهُ
[حاشية الشربيني]
يُرَدُّ تَأَتِّيهِ مَعَ تَرْكِ الِاسْتِحْدَادِ ثُمَّ رَأَيْت م ر فَرَّقَ بِأَنَّ الْأَوْسَاخَ مُنَفِّرَةٌ.
(قَوْلُهُ: تَرَكَ وَصْفَهَا) بِأَنْ أَشَارَ إلَيْهَا أَوُصِفَتْ بِوَصْفِهَا، كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ أَوْ بِغَيْرِهِ، لَكِنْ مَعَ الْإِشَارَةِ إلَيْهِ إذْ لَوْ لَمْ يُشِرْ إلَيْهِ كَانَ مِنْ قُبَيْلِ مَا فِي الذِّمَّةِ، وَمَا فِي الذِّمَّةِ لَا يُتَصَوَّرُ وَصْفُهُ بِغَيْرِ وَصْفِهِ بَلْ الْوَاجِبُ حِينَئِذٍ هُوَ الْمُتَّصِفُ بِتِلْكَ الصِّفَاتِ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: دُونَ الْإِذْنِ مِنْ مُعْتَبَرَتِهِ) بِأَنْ لَا تَكُونَ مُعْتَبَرَةَ الْإِذْنِ أَوْ تَكُونَ مُعْتَبَرَتَهُ وَلَمْ تَأْذَنْ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ خَطَبَهَا إلَخْ) أَيْ، لَكِنْ كَانَتْ الْمَصْلَحَةُ فِي الْأَوَّلِ قَالَهُ ابْنُ الْخَيَّاطِ وَالْأَذْرَعِيُّ سم عَلَى الْمَنْهَجِ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ الْمَصْلَحَةُ فِي الْأَوَّلِ فَالْمَأْخُوذُ مِنْ كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ وَابْنِ الْخَيَّاطِ أَنَّهُ يَفْسُدُ النِّكَاحُ وَهُوَ ظَاهِرٌ إذْ لَا فَائِدَةَ فِي فَسَادِ الصَّدَاقِ إذْ لَوْ فَسَدَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute