يَزُولُ مَعَهُ الْخَلْوَةُ وَعَلَى هَذَا لَوْ تَيَسَّرَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ التَّعْلِيمُ فِي مَجْلِسٍ كَسُورَةِ قَصِيرَةٍ فَقَدْ يُقَالُ: لَا تَعَذُّرَ وَهُوَ مَا فِي النِّهَايَةِ وَصَوَّبَهُ السُّبْكِيُّ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْجُمْهُورِ بَقَاءُ التَّعَذُّرِ.
وَوُجِّهَ بِأَنَّ مَنْ يَزُولُ مَعَهُ الْخَلْوَةُ قَدْ لَا يَرْضَى بِالْحُضُورِ، أَوْ يَرْضَى لَكِنْ بِأُجْرَةٍ، وَذَلِكَ خِلَافُ قَضِيَّةِ الْعَقْدِ فَيَتَعَذَّرُ التَّعْلِيمُ وَعَدَلَ عَنْ تَعْبِيرِ الْحَاوِي بِالْبَيْنُونَةِ إلَى تَعْبِيرِهِ بِالِافْتِرَاقِ لِيَسْلَمَ مِمَّا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (قُلْتُ: وَشَرْطُهُ) أَيْ: الْحَاوِي (الطَّلَاقَ الْبَائِنَا غَيْرُ مُسَاعِدٍ عَلَيْهِ هَاهُنَا) وَعِبَارَتُهُ فَبَانَتْ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ يُمْكِنُ حَمْلُهَا عَلَى الِافْتِرَاقِ غَايَتُهُ أَنَّ التَّعْبِيرَ بِالِافْتِرَاقِ أَوْلَى وَقَوْلُهُ: (مَهْرًا لِمِثْلٍ) مَفْعُولُ " مُوجِبٌ "، كَمَا تَقَرَّرَ.
ثُمَّ ذَكَرَ صُوَرًا يَفْسُدُ فِيهَا النِّكَاحُ فَقَالَ (مُفْسِدُ النِّكَاحِ شَرْطُ الْخِيَارِ فِيهِ) ؛ لِأَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ لَا يَثْبُتُ فِيهِ خِيَارُ الشَّرْطِ فَيَفْسُدُ بِشَرْطِ الْخِيَارِ كَالصَّرْفِ (وَ) شَرْطُ (السَّرَاحِ) أَيْ: الطَّلَاقُ فِيهِ قَبْلَ الْوَطْءِ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ مُطْلَقًا لِشَبَهِهِ بِالتَّأْقِيتِ (وَشَرْطُ أَنَّ الْعِرْسَ) أَيْ: الزَّوْجَةَ (لَا تَحِلُّ) لَهُ لِإِخْلَالِهِ بِمَقْصُودِ الْعَقْدِ بِخِلَافِ مَا لَا يُخِلُّ بِهِ فَإِنَّهُ إنْ خَالَفَ مُقْتَضَى النِّكَاحِ كَشَرْطِ أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا أَوْ لَا نَفَقَةَ لَهَا صَحَّ النِّكَاحُ وَفَسَدَ الشَّرْطُ وَالْمَهْرُ الْمُسَمَّى وَإِلَّا لَغَا الشَّرْطُ (وَشَرْطُهَا) بِأَنْ شَرَطَ وَلِيُّهَا فِي الْعَقْدِ (أَنْ لَا يَطَأهَا الْبَعْلُ) مُطْلَقًا أَوْ فِي السَّنَةِ إلَّا مَرَّةً مَثَلًا بِخِلَافِ مَا إذَا شَرَطَهُ الْبَعْلُ؛ لِأَنَّ الْوَطْءَ حَقٌّ لَهُ فَلَهُ تَرْكُهُ وَالتَّمْكِينُ حَقٌّ عَلَيْهَا فَلَيْسَ لَهَا تَرْكُهُ قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَلَكَ أَنْ تَقُولَ إنَّمَا يَتِمُّ الْعَقْدُ بِمُسَاعِدَةِ غَيْرِ الشَّارِطِ لِلشَّارِطِ، وَالْمُسَاعِدَةُ مِنْهُ تَرْكٌ لِحَقِّهِ وَمِنْهَا مَنْعٌ لَهُ فَهَلَّا جُعِلَتْ كَالِاشْتِرَاطِ وَأَجَابَ عَنْهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِأَنَّهَا إذَا جُعِلَتْ كَالِاشْتِرَاطِ فَقَدْ تَعَارَضَ مُقْتَضِيَا الصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ فَيُرَجَّحُ بِالِابْتِدَاءِ لِقُوَّتِهِ، وَعَنَى بِمُقْتَضَى الصِّحَّةِ شَرْطَ الزَّوْجِ أَوْ مُسَاعِدَتَهُ وَفِي اقْتِضَائِهِ لَهَا نَظَرٌ؛ إذْ غَايَتُهُ عَدَمُ اقْتِضَائِهِ الْفَسَادَ وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ اقْتِضَاؤُهُ الصِّحَّةَ وَأَجَابَ السُّبْكِيُّ بِأَنَّ الِاشْتِرَاطَ إلْزَامٌ وَالْمُسَاعِدَةَ الْتِزَامٌ، وَالشَّرْطُ عَلَى الْمُلْتَزِمِ وَلَا عَكْسَ وَرَدَّهُ ابْنُ النَّقِيبِ بِأَنَّ هَذَا إنْ ظَهَرَ فِي شَرْطِهَا فَلَا يَظْهَرُ فِي شَرْطِهِ؛ لِأَنَّ شَرْطَهُ الْتِزَامٌ لَا إلْزَامٌ وَمُسَاعِدَتَهَا بِالْعَكْسِ؛ لِأَنَّ حَقَّ التَّرْكِ مِنْ جِهَتِهِ عَلَيْهِ لَا لَهُ وَمِنْ جِهَتِهَا بِالْعَكْسِ، وَقَدْ يُجَابُ بِمَنْعِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ شَرْطَهُ وَإِنْ كَانَ الْتِزَامًا نَظَرًا لِلْمَعْنَى فَهُوَ إلْزَامٌ نَظَرًا لِلَّفْظِ، بَلْ لِلْمَعْنَى أَيْضًا إذْ فِيهِ إلْزَامُهَا بِعَدَمِ مُطَالَبَتِهَا لَهُ بِالْوَطْءِ وَإِنْ أَقَامَ بِهِ عَنْهُ أَوْ نَحْوِهَا ثُمَّ مَا رَتَّبَ عَلَيْهِ ذَلِكَ كُلَّهُ مِنْ الْفَسَادِ بِشَرْطِهَا دُونَ شَرْطِهِ، كَمَا سَلَكَهُ النَّاظِمُ كَأَصْلِهِ هُوَ مَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَفِي الْبَحْرِ أَنَّهُ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَاَلَّذِي صَحَّحَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ الْفَسَادُ مُطْلَقًا لِلْإِخْلَالِ بِمَقْصُودِ الْعَقْدِ وَبِهِ جَزَمَ فِي الْمِنْهَاجِ وَأَصْلِهِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ الْمَيْئُوسِ مِنْ احْتِمَالِهَا الْوَطْءَ مُطْلَقًا أَوْ حَالًا إذَا شَرَطَ فِي نِكَاحِهَا عَلَى الزَّوْجِ أَنْ لَا يَطَأَهَا مُطْلَقًا أَوْ إلَى الِاحْتِمَالِ، فَإِنَّهُ يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ قَضِيَّةُ الْعَقْدِ ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ.
(وَ) مُفْسِدُ
ــ
[حاشية العبادي]
الْمِثْلِ بِكُلِّ حَالٍ بِرّ (قَوْلُهُ: قُلْتُ: وَشَرَطَهُ الطَّلَاقَ الْبَائِنَا إلَخْ) قَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ إنَّمَا شَرَطَ الْبَائِنَ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ التَّعَذُّرِ بِمُجَرَّدِ الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الِاسْتِقْلَالِ بِالْمُرَاجَعَةِ، ثُمَّ التَّعْلِيمِ.
(قَوْلُهُ: شَرْطُ الْخِيَارِ فِيهِ) أَيْ: النِّكَاحِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَغَا الشَّرْطُ) كَشَرْطِ الْقَسْمِ، وَالنَّفَقَةِ (قَوْلُهُ: فَيُرَجَّحُ بِالِابْتِدَاءِ) قَدْ يُقَالُ هَذَا مِنْ بَابِ اجْتِمَاعِ الْمُقْتَضِي وَالْمَانِعِ، وَالْمَانِعُ مُقَدَّمٌ (قَوْلُهُ: وَفِي اقْتِضَائِهِ) أَيْ: شَرْطِ الزَّوْجِ
[حاشية الشربيني]
الْمُسَمَّى؛ لِأَنَّ فِيهِ شَائِبَةَ النِّحْلَةِ فَلَا يَلِيقُ بِهِ الْخِيَارُ وَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ، كَمَا فِي التُّحْفَةِ وَغَيْرِهَا.
(قَوْلُهُ: إنْ خَالَفَ مُقْتَضَى النِّكَاحِ إلَخْ) إنَّمَا كَانَ نِكَاحُ غَيْرِهَا مُقْتَضَاهُ؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ جَعَلَهُ عَلَامَةً عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ نِكَاحَ الْوَاحِدَةِ مَظِنَّةُ الْحَجْرِ وَلِهَذَا كَانَ نِكَاحُ الْوَاحِدَةِ مَانِعًا فِي شَرِيعَةِ عِيسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مِنْ تَزَوُّجِ مَا زَادَ فَلَمَّا أَثْبَتَ الشَّارِعُ مَا زَادَ عَلَى الْوَاحِدَةِ بَعْدَ نِكَاحِهَا كَانَ الْحِلُّ لِمَا زَادَ مِنْ تَوَابِعِ نِكَاحِهَا الَّذِي هُوَ مَظِنَّةُ الْحَجْرِ تَأَمَّلْ سم عَلَى حَجَرٍ بج. (قَوْلُهُ: وَالْمَهْرُ الْمُسَمَّى) ؛ لِأَنَّ شَارِطَهُ لَمْ يَرْضَ بِالْمُسَمَّى إلَّا مَعَ سَلَامَةِ شَرْطِهِ وَلَمْ يُسَلِّمْ فَوَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ. اهـ.
م ر. (قَوْلُهُ: وَلَك أَنْ تَقُولَ: إلَخْ) عِبَارَةُ حَجَرٍ وَلَمْ تُجْعَلْ مُوَافَقَتُهُ فِي الْأَوَّلِ مَنْزِلَةَ اشْتِرَاطِهِ حَتَّى يَصِحَّ أَيْ حَتَّى يُعَارِضَ شَرْطَهَا وَيَمْنَعُ تَأْثِيرَهُ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ: شَرْطُهُ لَا يَقْتَضِي صِحَّةً، وَلَا فَسَادًا فَلَا يُتَخَيَّلُ هَذَا التَّنْزِيلُ حَتَّى يُحْتَاجَ لِدَفْعِهِ، وَلَا مُوَافَقَتُهَا فِي الثَّانِي مَنْزِلَةَ شَرْطِهِمَا حَتَّى يَبْطُلَ تَغْلِيبًا لِجَانِبِ الْمُبْتَدِئِ لِقُوَّةِ الِابْتِدَاءِ فَأُنِيطَ الْحُكْمُ بِهِ دُونَ الْمُسَاعِدِ لَهُ عَلَى شَرْطِهِ قَطْعًا لِلتَّعَارُضِ. اهـ. (قَوْلُهُ: إذْ فِيهِ إلْزَامُهَا إلَخْ) فَيَكُونُ شَرْطًا لِمَا يُخَالِفُ مُقْتَضَى الْعَقْدِ وَهُوَ طَلَبُهَا لِلْوَطْءِ عِنْدَ الْعُنَّةِ فَيَصِحُّ النِّكَاحُ وَيَبْطُلُ الْمُسَمَّى وَيَفْسُدُ الشَّرْطُ هَذَا هُوَ مُقْتَضَى مَا مَرَّ فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: هُوَ مَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ، كَمَا فِي شَرْحِ م ر وَقَوْلُهُ: بَعْدُ وَبِهِ جَزَمَ فِي الْمِنْهَاجِ عِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ: وَإِنْ أَخَلَّ كَشَرْطِ أَنْ لَا يَطَأَهَا وَهِيَ مُحْتَمِلَةٌ وَلِذَا شَرَحَهُ م ر وَغَيْرُهُ هَكَذَا كَشَرْطِ وَلِيِّ الزَّوْجَةِ عَلَى الزَّوْجِ أَنْ لَا يَطَأَهَا، لَكِنْ لَمَّا كَانَ ظَاهِرُهَا الْإِطْلَاقَ خُصُوصًا فِي مَحَلِّ الْخِلَافِ قَالَ الشَّارِحُ: جَزَمَ بِهِ فِي الْمِنْهَاجِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ قَضِيَّةُ الْعَقْدِ) عِبَارَةُ غَيْرِهِ: لِأَنَّهُ تَصْرِيحٌ بِمُقْتَضَى الشَّرْعِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute