للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

صَحَّ قَطْعًا، كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي مُجَلِّي وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ غَيْرِهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَيُشْبِهُ أَنْ يَصِحَّ فَرْضُهُ إذَا كَانَ سَيِّدًا لِلزَّوْجِ الْقِنِّ، وَعَلَيْهِ يُعْتَبَرُ رِضَاهَا، كَمَا فِي فَرْضِ الزَّوْجِ وَيُقَاسُ بِمَا قَالَهُ الْوَلِيُّ الْمُجْبَرُ فِي حَقِّ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ.

(وَقَدْ لَغَا إسْقَاطُ حَقِّ الْفَرْضِ) مِنْ الْمَرْأَةِ كَإِسْقَاطِ مُطَالَبَتِهَا بِالْفَيْئَةِ؛ لِأَنَّ حَقَّ ثُبُوتِ الْمَهْرِ بِالْوَطْءِ لَا يَبْطُلُ بِإِسْقَاطِهَا وَحَقُّ طَلَبِ الْغَرَضِ تَابِعٌ لَهُ (كَذَاكَ) يَلْغُو (الِابْرَا) مِنْهَا عَنْ الْمَفْرُوضِ (قَبْلَهُ) أَيْ: قَبْلَ الْفَرْضِ؛ لِأَنَّهُ إبْرَاءٌ عَمَّا لَمْ يَجِبْ وَعَنْ مَجْهُولٍ، كَمَا يَلْغُو الْإِبْرَاءُ عَنْ الْمُتْعَةِ قَبْلَ الطَّلَاقِ لِذَلِكَ وَبَعْدَهُ لِلْجَهْلِ بِقَدْرِهَا.

(وَجَازَ) لِفَرْضٍ (مَعْ جَهْلٍ) أَيْ: جَهْلِ الزَّوْجَيْنِ، أَوْ أَحَدِهِمَا (بِمَهْرِ الْمِثْلِ) اكْتِفَاءً بِمَا تَرَاضَيَا عَلَيْهِ وَلِأَنَّ الْمَفْرُوضَ لَيْسَ بَدَلًا عَنْ مَهْرِ الْمِثْلِ لِيَشْتَرِطَ الْعِلْمَ بِهِ، بَلْ الْوَاجِبُ أَحَدُهُمَا مُبْهَمًا (وَ) جَازَ الْفَرْضُ (الَّذِي وَقَعْ) أَيْ: فُرِضَ (بِزَائِدٍ) ، أَوْ نَاقِصٍ (عَنْ مَهْرِ مِثْلٍ) وَإِنْ كَانَ مِنْ جِنْسِهِ حَالًّا، أَوْ مُؤَجَّلًا كَالْمُسَمَّى ابْتِدَاءً وَيُشْتَرَطُ رِضَاهَا بِمَا يَفْرِضُهُ الزَّوْجُ، فَإِنْ لَمْ تَرْضَ بِهِ فَكَأَنَّهُ لَمْ يُفْرَضْ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ يَجِبُ لَهَا، فَتَوَقَّفَ عَلَى رِضَاهَا كَالْمُسَمَّى فِي الْعَقْدِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالْقِيَاسُ الَّذِي لَا يَنْقَدِحُ غَيْرُهُ أَنَّهُ إذَا فَرَضَ لَهَا مَهْرَ مِثْلِهَا حَالًّا مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ لَا يُشْتَرَطُ رِضَاهَا بِهِ؛ لِأَنَّ اشْتِرَاطَهُ حِينَئِذٍ عَبَثٌ وَيُحْمَلُ كَلَامُهُمْ عَلَى غَيْرِ هَذِهِ الصُّورَةِ (لَا عَلَى) زَوْجٍ (مُمْتَنِعٍ) عَنْ أَصْلِ الْفَرْضِ، أَوْ مِقْدَارُهُ عِنْدَ التَّنَازُعِ فِيهِ فَلَا يَجُوزُ لِلْحَاكِمِ فَرْضُهُ مَعَ جَهْلِهِ بِمَهْرِ الْمِثْلِ، وَلَا فَرْضُهُ بِأَزْيَدَ مِنْهُ وَلَا أَنْقَصَ، كَمَا فِي قِيَمِ الْمُتْلِفَاتِ. نَعَمْ الْقَدْرُ الْيَسِيرُ الْوَاقِعُ فِي مَحَلِّ الِاجْتِهَادِ لَا عِبْرَةَ بِهِ، وَلَا يَتَوَقَّفُ لُزُومُ مَا يَفْرِضُهُ عَلَى رِضَاهُمَا بِهِ فَإِنَّهُ حُكْمٌ مِنْهُ وَحُكْمُهُ لَا يَتَوَقَّفُ لُزُومُهُ عَلَى رِضَى الْخَصْمَيْنِ وَلَيْسَ لَهُ فَرْضُهُ مِنْ غَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ (وَ) لَا (فَرْضُهُ مُؤَجَّلَا) وَإِنْ رَضِيَتْ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَنْصِبَهُ الْإِلْزَامُ بِمَالٍ حَالٍّ مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ، وَتُؤَخِّرُ هِيَ إنْ شَاءَتْ.

(وَالِاعْتِبَارُ) فِي مَهْرِ الْمِثْلِ وَهُوَ مَا يَرْغَبُ بِهِ فِي مِثْلِهَا (بِقَرَابَةِ الْأَبِ) أَيْ: بِالْقَرِيبَاتِ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ وَهُنَّ نِسَاءُ الْعَصَبَةِ أَيْ: مَنْ تُنْسَبُ إلَى مَنْ تُنْسَبُ هِيَ إلَيْهِ وَيُعْتَبَرُ الْقُرْبُ فَتُقَدَّمُ أَخَوَاتٌ لِأَبَوَيْنِ، ثُمَّ لِأَبٍ ثُمَّ بَنَاتُ أَخٍ، ثُمَّ بَنَاتُ ابْنِهِ، ثُمَّ عَمَّاتٌ، ثُمَّ بَنَاتُ أَعْمَامٍ كَذَلِكَ فَإِنْ تَعَذَّرَ الِاعْتِبَارُ بِهِنَّ لِعَدَمِهِنَّ، أَوْ جَهْلِ مَهْرِهِنَّ، أَوْ نَسَبِهِنَّ، أَوْ لِأَنَّهُنَّ لَمْ يُنْكَحْنَ اُعْتُبِرَ بِذَوَاتِ الْأَرْحَامِ كَجَدَّاتٍ وَخَالَاتٍ تُقَدَّمُ الْجِهَةُ الْقُرْبَى مِنْهُنَّ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: وَلَا فَرْضُهُ مُؤَجَّلًا إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ الَّذِي بَيَّنَ بِهِ الشَّارِحُ كَلَامَ الْمَتْنِ أَعْنِي كَوْنَ الْقَاضِي لَا يَفْرِضُ مُؤَجَّلًا صَحِيحٌ فِي نَفْسِهِ لَكِنَّ قَوْلَ الْمَتْنِ وَفَرْضُهُ الظَّاهِرُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ عَطْفٌ عَلَى الْبَيْتِ الَّذِي قَبْلَ قَوْلِهِ: لَا عَلَى مُمْتَنِعٍ؛ لِيُفِيدَ أَنَّ لِلزَّوْجِ أَنْ يَفْرِضَهُ مُؤَجَّلًا وَمَا سَلَكَهُ الشَّارِحُ لَا تُسَاعِدُهُ عَلَيْهِ الْعِبَارَةُ إلَّا بِتَكَلُّفٍ كَأَنْ يُقَالَ الضَّمِيرُ فِي فَرْضِهِ عَائِدٌ عَلَى الْقَاضِي الْمَفْهُومِ مِنْ قَوْلِهِ لَا عَلَى مُمْتَنِعٍ، كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا الشِّهَابِ قُلْتُ: وَعَلَى عَطْفِهِ عَلَى مَا قَبْلَ قَوْلِهِ: لَا عَلَى مُمْتَنِعٍ يَكُونُ قَوْلُهُ: لَا عَلَى مُمْتَنِعٍ مُؤَخَّرًا عَنْهُ فِي التَّقْدِيرِ فَيَكُونُ مُقَابِلًا لَهُ أَيْضًا فَيُفِيدُ امْتِنَاعَ التَّأْجِيلِ أَيْضًا عَلَى الْقَاضِي فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: هِيَ) أَيْ: الَّتِي أُرِيدَ مَعْرِفَةُ مَهْرِ مِثْلِهَا (قَوْلُهُ: الِاعْتِبَارُ بِهِنَّ) أَيْ: نِسَاءِ الْعَصَبَةِ (قَوْلُهُ: بِذَوَاتِ الْأَرْحَامِ) أَيْ: قَرَابَاتٍ لِلْأُمِّ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ، أَوْ الْأُمِّ فَهُنَّ هُنَا أَعَمُّ مِنْ أَرْحَامِ الْفَرَائِضِ مِنْ حَيْثُ شُمُولُهُ لِلْجَدَّاتِ الْوَارِثَاتِ وَأَخْصَرُ مِنْ حَيْثُ عَدَمُ شُمُولِهِ لِبَنَاتِ الْعَمَّاتِ، وَالْأَخَوَاتِ وَنَحْوِهِمَا حَجَرٌ وَقَوْلُهُ: وَالْأَخَوَاتُ

ــ

[حاشية الشربيني]

أَحَدِهِمَا وَلَا وَلِيًّا وَلَا مَالِكًا وَلَا مَنْ يَلْزَمُهُ الْمَهْرُ كَالْوَلَدِ فِي الْإِعْفَافِ. اهـ. ق ل. (قَوْلُهُ: يُعْتَبَرُ رِضَاهَا) أَيْ: إنْ نَقَصَ عَنْ مَهْرِ مِثْلِهَا وَمِثْلُهُ يُقَالُ فِي فَرْضِ الزَّوْجِ: فَإِنْ لَمْ يُنْقَصْ فَلَا يُعْتَبَرُ رِضَاهَا. اهـ. ق ل. (قَوْلُهُ: الْوَلِيُّ الْمُجْبِرُ) أَيْ الَّذِي لَهُ تَزْوِيجُهُمَا فَخَرَجَ الْوَصِيُّ كَمَا مَرَّ.

(قَوْلُهُ: وَلَا فَرْضُهُ بِأَزْيَدَ مِنْهُ وَلَا أَنْقَصَ) أَيْ وَإِنْ رَضِيَا بِخِلَافِهِ وَظَاهِرُ م ر وَحَجَرٍ سَوَاءٌ رَضِيَا قَبْلَ فَرْضِهِ، أَوْ بَعْدَهُ وَنَازَعَ سم فِيمَا إذَا رَضِيَا قَبْلَ فَرْضِهِ فَرَاجِعْهُ.

(قَوْلُهُ: أَيْ: مَنْ تُنْسَبُ إلَى مَنْ) أَيْ إلَى جَدٍّ أَيْ: أَقْرَبِ جَدٍّ تُنْسَبُ إلَيْهِ الزَّوْجَةُ وَيَخْرُجُ عَنْ هَذَا أُمُّ الْأَبِ؛ لِأَنَّهَا قَدْ تَكُونُ غَيْرَ قَبِيلَتِهَا فَلَا تَكُونُ مِنْ نِسَاءِ الْعَصَبَةِ وَلَا مِنْ الْأَرْحَامِ كَمَا سَيَأْتِي عَنْ الشَّرْقَاوِيِّ وَقَوْلُهُ: لِعَدَمِهِنَّ أَيْ أَصْلًا، كَمَا فِي الشَّرْحَيْنِ وَالرَّوْضَةِ لَا مِنْ بَلَدِهَا فَقَطْ خِلَافًا لِلْمَاوَرْدِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: إلَى مَنْ تُنْسَبُ هِيَ إلَيْهِ) كَالْأَبِ بِالنِّسْبَةِ لِلْأُخْتِ، وَالْجَدِّ بِالنِّسْبَةِ لِبِنْتِ الْعَمِّ فَلَا يَرِدُ أَنَّ بِنْتَ الْعَمِّ لَا تُنْسَبُ لِأَبِي هَذِهِ بَلْ لِأَبِيهَا لِاتِّحَادِ جَدِّهِمَا الْمَنْسُوبَتَيْنِ إلَيْهِ. اهـ. شَرْقَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ: ثُمَّ عَمَّاتُ) أَيْ: لَا بَنَاتُهُنَّ؛ لِأَنَّهُنَّ لَا يُنْسَبْنَ إلَى الذُّكُورِ الَّتِي تُنْسَبُ هِيَ إلَيْهِمْ بَلْ يُنْسَبْنَ لِأَبِيهِنَّ فَهُنَّ أَجْنَبِيَّاتٌ مِنْهَا. اهـ. م ر بِإِيضَاحٍ. (قَوْلُهُ: كَذَلِكَ) أَيْ لِأَبَوَيْنِ ثُمَّ لِأَبٍ ثُمَّ بَنَاتُ أَوْلَادِ عَمٍّ وَإِنْ سَلَفْنَ كَذَلِكَ. اهـ. ش. (قَوْلُهُ: لِعَدَمِهِنَّ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يُوجَدْنَ وَإِلَّا فَالْمَيِّتَاتُ يُعْتَبَرْنَ أَيْضًا، كَمَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ. (قَوْلُهُ: أَوْ نَسَبُهُنَّ) اُنْظُرْ كَيْفَ يُجْهَلُ نَسَبُهُنَّ مَعَ مَعْرِفَةِ نَسَبِهَا وَلِذَا أَسْقَطَهُ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ. اهـ. ش.

(قَوْلُهُ: بِذَوَاتِ الْأَرْحَامِ) الْمُرَادُ بِهِنَّ هُنَا الْأُمُّ وَقَرَابَاتُهَا مِنْ جِهَةِ الْأَبِ، أَوْ الْأُمِّ فَهُنَّ أَعَمُّ مِنْ الْأَرْحَامِ الْمَذْكُورَاتِ فِي الْفَرَائِضِ مِنْ حَيْثُ شُمُولُهُنَّ لِلْجَدَّاتِ الْوَارِثَاتِ وَأَخَصُّ مِنْ حَيْثُ عَدَمُ شُمُولِهِنَّ لِبَنَاتِ الْعَمَّاتِ، وَالْأَخَوَاتِ وَنَحْوِهِمَا فَهُنَّ مِنْ الْأَجْنَبِيَّاتِ هُنَا فَإِنْ اجْتَمَعَ أُمُّ أَبٍ وَأُمُّ أُمٍّ فَوُجُوهٌ أَوْجَهُهَا اسْتِوَاؤُهُمَا، وَالْمُرَادُ أُمُّ أَبٍ لِأُمٍّ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي قَرَابَاتِهَا أَمَّا أُمُّ أَبِي الْمَنْكُوحَةِ فَلَا تَدْخُلُ فِي الْأَرْحَامِ بِالضَّابِطِ الْمَذْكُورِ وَلَا فِي الْعَصَبَاتِ؛ لِأَنَّهَا قَدْ تُنْسَبُ إلَى غَيْرِ قَبِيلَتِهَا، أَوْ أَهْلِ بَلَدِهَا مِنْهُنَّ مِنْ الْأَجْنَبِيَّاتِ، كَمَا حَرَّرَهُ ع ش عَلَى م ر. اهـ. شَرْقَاوِيٌّ عَلَى التَّحْرِيرِ وَقَوْلُهُ: وَالْأَخَوَاتُ أَيْ وَمِنْ حَيْثُ

<<  <  ج: ص:  >  >>