للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اخْتَلَعَ بِمَالِهَا وَلَمْ يَقُلْ: إنَّهُ مِنْ مَالِهَا؛ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ الْمَالَ فِي نَفْسِهِ فَكَانَ كَخُلْعِهَا بِمَغْصُوبٍ (وَبِبَرَاءَةٍ عَنْ الْمَهْرِ وَأَنْ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ (وَالِدُهَا) بِالرَّفْعِ بِمَا يُفَسِّرُهُ ضَمِنَ فِي قَوْلِهِ (إبْرَاءَهُ) بِالْمَدِّ (عَنْهُ ضَمِنْ) وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ أَنْ مُخَفَّفَةً مِنْ الثَّقِيلَةِ وَيُنْصَبُ وَالِدُهَا بِأَنَّهُ اسْمُهَا قَالَ أَبُو حَيَّانَ: أَطْلَقَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا جَوَازَ إعْمَالِهَا مُخَفَّفَةً فِي الِاسْمِ الظَّاهِرِ مِنْ غَيْرِ اضْطِرَارٍ، وَلَا ضَعْفٍ أَيْ: وَخُلْعُ الْأَبِ بِبَرَاءَةِ الزَّوْجِ عَنْ مَهْرِهَا، أَوْ بِأَنَّهُ يَضْمَنُ بَرَاءَتَهُ عَنْهُ رَجْعِيٌّ، أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الْإِبْرَاءُ وَلَمْ يَلْتَزِمْ فِي نَفْسِهِ شَيْئًا فَلَمَّا فَاتَ الْعِوَضُ أَشْبَهَ السَّفِيهَ، وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَلِأَنَّهُ لَا مَعْنًى لِضَمَانِ الْبَرَاءَةِ فَيَلْغُو وَتَبِعَ فِي الْفَرْقِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَا قَدَّمَهُ فِيمَا لَوْ خَالَعَ بِشَرْطِ أَنَّهُ ضَامِنٌ لِلْمَهْرِ إنْ طُولِبَ بِهِ الزَّوْجُ مِنْ وُقُوعِهِ بَائِنًا الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ وَاَلَّذِي أَطْلَقَهُ الْجُمْهُورُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ أَنَّهُ إذَا خَالَعَهُ بِالْبَرَاءَةِ عَنْ الْمَهْرِ وَضَمِنَ لَهُ دَرَكَهُ وَقَعَ بَائِنًا بِمَهْرِ الْمِثْلِ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ؛ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ الْمَالَ فِي نَفْسِهِ فَأَشْبَهَ الْخُلْعَ بِمَغْصُوبٍ وَبِعَدَمِ الْفَرْقِ صَرَّحَ صَاحِبُ الْبَيَانِ وَالْمُرَادُ بِالضَّمَانِ هُنَا الِالْتِزَامُ لَا الْمُفْتَقِرُ إلَى أَصِيلٍ (أَوْ) بِأَنْ قَالَتْ لِزَوْجِهَا (أَنْت إنْ طَلَّقْتَنِي بَرِيُّ) مِنْ مَهْرِي (فَطَلَّقَ الزَّوْجُ فَذَا رَجْعِيُّ) ؛ لِأَنَّ تَعْلِيقَ الْإِبْرَاءِ لَغْوٌ وَالطَّلَاقُ طَمَعًا فِيهِ بِغَيْرِ لَفْظٍ صَحِيحٍ فِي الِالْتِزَامِ لَا يُوجِبُ عِوَضًا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ، ثُمَّ قَالَ: وَلَا يَبْعُدُ إلْحَاقُهُ بِالْعِوَضِ الْفَاسِدِ لِطَمَعِهِ فِي حُصُولِ الْبَرَاءَةِ وَرَغْبَتِهَا فِي الطَّلَاقِ بِهَا، ثُمَّ أَوْرَدَ هَذَا فِي آخِرِ الْبَابِ عَنْ فَتَاوَى الْقَاضِي وَأَقَرَّهُ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُ لَمْ يُطَلِّقْ مَجَّانًا بِالْإِبْرَاءِ وَظَنَّ صِحَّتَهُ وَاخْتَارَ هَذَا صَاحِبُ الْبَيَانِ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ وَاعْتَمَدَهُ السُّبْكِيُّ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ: إنْ ظَنَّ الزَّوْجُ الصِّحَّةَ فَبَائِنٌ وَإِنْ عَلِمَ الْبُطْلَانَ فَرَجْعِيٌّ وَهَذَا أَخَذَهُ مِنْ تَعْلِيلِ الرَّافِعِيِّ السَّابِقِ أَمَّا تَعْلِيقُ الطَّلَاقِ بِالْإِبْرَاءِ فَصَحِيحٌ فَإِنْ عَلَّقَهُ بِالْإِبْرَاءِ مِمَّا لَهَا عَلَيْهِ فَبَائِنٌ، أَوْ مِمَّا لَهَا عَلَى غَيْرِهِ فَرَجْعِيٌّ حَكَاهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْقَفَّالِ وَأَقَرَّهُ؛ لِأَنَّهُ فِي الثَّانِيَةِ مَحْضُ تَعْلِيقٍ، وَفِي الْأُولَى مَعْنَى الْمُعَاوَضَةِ وَصَحَّحَهُ فِيهَا صَاحِبُ الْكَافِي وَجَزَمَ بِهِ فِي الثَّانِيَةِ.

(وَ) لَوْ قَالَ (لِسَفِيهَتَيْنِ) مَحْجُورٍ عَلَيْهِمَا (طَلَّقْتُكُمَا عَلَى كَذَا

ــ

[حاشية العبادي]

الرَّوْضِ مَا نَصُّهُ: فَإِنْ قَالَ الْأَبُ، أَوْ الْأَجْنَبِيُّ - غَيْرَ مُتَعَرِّضٍ لِاسْتِقْلَالٍ وَلَا نِيَابَةٍ -: طَلِّقْهَا عَلَى عَبْدِهَا، أَوْ عَلَى هَذَا الْمَغْصُوبِ، أَوْ الْخَمْرِ وَقَعَ رَجْعِيًّا. اهـ. فَقَوْلُهُ: غَيْرَ مُتَعَرِّضٍ لِاسْتِقْلَالٍ يُشْعِرُ بِأَنَّ الْأَجْنَبِيَّ إذَا تَعَرَّضَ لَهُ مَعَ قَوْلِهِ: عَلَى عَبْدِهَا، أَوْ عَلَى هَذَا الْمَغْصُوبِ كَانَ بَائِنًا عَلَى وَفْقِ قَوْلِ شَيْخِنَا لَكِنْ رُبَّمَا يَلْزَمُ هَذَا أَنَّ الْأَجْنَبِيَّ إلَخْ. (قَوْلُهُ: بَيَّنَهَا) أَيْ: الثَّانِيَةَ. (قَوْلُهُ: أَنَّهُ إذَا خَالَعَهُ بِالْبَرَاءَةِ إلَخْ) أَيْ: وَهَذَا حَاصِلُ مَا تَقَدَّمَ فِي تَصْوِيرِ الثَّانِيَةِ مِنْ أَنْ يَضْمَنَ بَرَاءَتَهُ عَنْهُ. (فَرْعٌ)

وَلَوْ قَالَ: إنْ أَبْرَأْتِينِي فَأَنْت طَالِقٌ فَأَبْرَأَتْهُ بَرَاءَةً صَحِيحَةً وَقَعَ بَائِنًا، أَوْ فَاسِدَةً لَمْ يَقَعْ، فَلَوْ قَالَ بَعْدَ الْبَرَاءَةِ الْفَاسِدَةِ: أَنْتِ طَالِقٌ فَإِنْ قَصَدَ الْإِخْبَارَ وَطَابَقَ الْمُعَلَّقَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِلَّا بِأَنْ خَالَفَ بِأَنْ كَانَ الْمُعَلَّقُ وَاحِدَةً فَطَلَّقَ ثِنْتَيْنِ، أَوْ قَصَدَ الْإِنْشَاءَ وَقَعَ وَلَا اعْتِبَارَ بِقَصْدِ الْإِخْبَارِ مَعَ عَدَمِ الْمُطَابَقَةِ. (قَوْلُهُ: لِطَمَعِهِ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ عَلَى الْأَوَّلِ يَقَعُ رَجْعِيًّا، وَإِنْ وُجِدَ الطَّمَعُ وَالرَّغْبَةُ الْمَذْكُورَانِ نَعَمْ لَوْ قَالَ: أَرَدْتُ بِقَوْلِي: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ صَحَّتْ الْبَرَاءَةُ، أَوْ إنْ بَرِئْتُ مِنْ صَدَاقِكِ فَيَنْبَغِي قَبُولُهُ: ظَاهِرًا وَبَاطِنًا؛ لِوُجُودِ الْقَرِينَةِ حَتَّى لَا يَقَعَ عَلَيْهِ طَلَاقٌ؛ لِأَنَّهُ عَلَّقَهُ حِينَئِذٍ وَلَمْ يُوجَدْ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ عَلَّقَهُ بِالْإِبْرَاءِ مِمَّا لَهَا عَلَيْهِ فَبَائِنٌ) وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا فَرْقَ هُنَا بَيْنَ الْمَدْخُولَةِ وَغَيْرِهَا؛ لِأَنَّ غَيْرَهَا وَإِنْ بَانَ بِالطَّلَاقِ مَجَّانًا لَا مَانِعَ مِنْ أَنْ تَبِينَ بِجِهَتَيْنِ. (قَوْلُهُ: مِمَّا لَهَا عَلَى غَيْرِهِ فَرَجْعِيٌّ) فَلَوْ عَلَّقَهُ بِإِبْرَائِهَا مِمَّا لَهَا عَلَيْهِ، وَمِمَّا لَهَا عَلَى غَيْرِهِ مَعًا فَأَبْرَأَتْهُ مِنْهُمَا بَرَاءَةً صَحِيحَةً فَالْمُتَّجَهُ الْوُقُوعُ بَائِنًا نَظَرًا لِإِبْرَائِهَا مِمَّا لَهَا عَلَيْهِ فَلْيُتَأَمَّلْ

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ: لَا الْمُفْتَقِرُ إلَى أَصِيلٍ) وَلَوْ قَالَ لِأَبِيهَا: إنْ ضَمِنْتَ الْأَلْفَ الَّذِي لِي عَلَى فُلَانٍ فَابْنَتُكَ طَالِقٌ فَضَمِنَهُ اُتُّجِهَ وُقُوعُ الطَّلَاقِ بَائِنًا، كَمَا اسْتَوْجَهَهُ سم فِيمَا لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ فَضَمِنَتْ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مِثْلَهُ مَا لَوْ خَالَعَ أَبُوهَا بِشَرْطِ أَنْ يَضْمَنَ لَهُ الدَّيْنَ الَّذِي عَلَى فُلَانٍ فَحَرِّرْهُ. (قَوْلُهُ: وَصَحَّحَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ) وَأَجَابَ بِهِ الْقَفَّالُ فِي فَتَاوِيهِ وَالْغَزَالِيُّ. اهـ. سم عَنْ السُّيُوطِيّ وَحَاصِلُ الْأَقْوَالِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَةٌ يَقَعُ رَجْعِيًّا، وَلَا مَالَ يَقَعُ بَائِنًا بِمَهْرِ الْمِثْلِ يَقَعُ بَائِنًا بِالْبَرَاءَةِ عَمَّا أَبْرَأَتْهُ وَهَذَا أَضْعَفُهَا، وَالْمُعْتَمَدُ الْوُقُوعُ بَائِنًا بِمَهْرِ الْمِثْلِ عَلَى التَّفْصِيلِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَاعْتَمَدَهُ حَجَرٌ الْأَوَّلُ مُطْلَقًا قَالَ: لِأَنَّ تَعْلِيقَ الْبَرَاءَةِ يُبْطِلُهَا وَهُوَ لَمْ يُعَلِّقْ عَلَى شَيْءٍ وَإِيقَاعُهُ فِي مُقَابَلَةِ مَا ظَنَّهُ مِنْ الْبَرَاءَةِ لَا يُفِيدُهُ لِتَقْصِيرِهِ بِعَدَمِ التَّعْلِيقِ عَلَيْهِ لَفْظًا بِخِلَافِ الْمُعَلَّقِ عَلَى مَا فِي الْكَفِّ. اهـ. وَجَزَمَ بِهِ ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَاعْتَمَدَ م ر مَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ. (قَوْلُهُ: أَمَّا تَعْلِيقُ الطَّلَاقِ بِالْإِبْرَاءِ إلَخْ) لَوْ قَالَ: إنْ أَبْرَأْتِنِي مِنْ حَقِّكِ طَلَّقْتُكِ فَأَبْرَأَتْهُ جَاهِلَةً بِالْمُبَرَّأِ مِنْهُ فَقَالَ: أَنْت طَالِقٌ فَإِنْ قَصَدَ الِانْتِقَامَ لِأَجْلِ صُدُورِ الْبَرَاءَةِ الدَّالَّةِ عَلَى رَغْبَتِهَا فِي فِرَاقِهِ وَقَعَ رَجْعِيًّا وَإِنْ أَرَادَ إنْ كَانَتْ الْبَرَاءَةُ صَحِيحَةً لَمْ يَقَعْ وَإِنْ لَمْ يُرِدْ شَيْئًا وَإِنَّمَا ظَنَّ نُفُوذَ الْبَرَاءَةِ فَنَجَّزَ الطَّلَاقَ لِظَنِّهِ ذَلِكَ وَلَمْ يَقْصِدْ تَعْلِيقَ الطَّلَاقِ عَلَى صِحَّتِهَا وَقَعَ رَجْعِيًّا وَلَا مَالَ قَالَ الْعَلَّامَةُ الْبُرُلُّسِيُّ: وَوَافَقَهُ م ر فَإِنْ كَانَتْ الْبَرَاءَةُ صَحِيحَةً بِأَنْ عَلِمَتْ الْمُبَرَّأَ مِنْهُ فَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ بِقَوْلِهِ: طَلَّقْتُكِ التَّعْلِيقَ وَقَعَ رَجْعِيًّا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي مُقَابَلَةِ شَيْءٍ لِتَقَدُّمِ الْبَرَاءَةِ عَلَيْهِ وَإِلَّا وَقَعَ بَائِنًا، وَلَوْ قَالَتْ لَهُ: بَذَلْتُ لَكَ صَدَاقِي عَلَى طَلَاقِي فَقَالَ: أَنْت طَالِقٌ عَلَى ذَلِكَ وَقَعَ بَائِنًا بِمَهْرِ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِالْبَرَاءَةِ حَتَّى يَقْتَضِيَ فَسَادُهَا عَدَمَ الْوُقُوعِ بَلْ تَعَلَّقَ بِالْبَذْلِ وَهُوَ لَمْ يَصِحَّ فَوَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ وَقَيَّدَهُ زي بِمَنْ جَهِلَ الْفَسَادَ

<<  <  ج: ص:  >  >>