النَّاظِمِ مِنْ زِيَادَتِهِ فِسْقُ مَنْ لَمْ يَفْسُقْ كَأَنْ أُكْرِهَ عَلَى شُرْبِ خَمْرٍ أَوْ أُوجِرَهُ، فَلَا يَصِحُّ طَلَاقُهُ وَفِي حَدِّ السَّكْرَانِ عِبَارَاتٌ مُتَقَارِبَةٌ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ هُوَ مَنْ اخْتَلَّ كَلَامُهُ الْمَنْظُومُ وَانْكَشَفَ سِرُّهُ الْمَكْتُومُ وَقِيلَ: مَنْ يُظْهِرُ مَا يَحْتَشِمُهُ وَقِيلَ: مَنْ يَتَمَايَلُ مَاشِيًا وَيَهْذِي مُتَكَلِّمًا وَقِيلَ: غَيْرُ ذَلِكَ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا: وَالْأَقْرَبُ مَا نُقِلَ عَنْ ابْنِ سُرَيْجٍ: أَنَّهُ يُرْجَعُ فِيهِ إلَى الْعُرْفِ. (لَا حَيْثُ لِسَانُهُ سَبَقْ) إلَى لَفْظِ الطَّلَاقِ بِأَنْ لَمْ يَقْصِدْهُ، لَكِنْ لَا يَقْبَلُ دَعْوَى السَّبْقِ ظَاهِرًا إلَّا بِقَرِينَةٍ كَأَنْ طَهُرَتْ مِنْ حَيْضِهَا فَقَالَ: أَنْتِ الْآنَ طَالِقَةٌ وَمُرَادُهُ طَاهِرَةٌ، أَوْ كَانَ اسْمُهَا طَالِبًا أَوْ طَارِقًا فَقَالَ: يَا طَالِقُ وَادَّعَى أَنَّ الْحَرْفَ الْتَفَّ فَيُصَدَّقُ لِظُهُورِ الْقَرِينَةِ، وَلَوْ قَالَ لِمَنْ اسْمُهَا طَالِقٌ: يَا طَالِقُ وَقَصَدَ الطَّلَاقَ وَقَعَ أَوْ النِّدَاءَ لَمْ يَقَعْ، وَكَذَا إنْ أَطْلَقَ عَلَى الْأَصَحِّ حَمْلًا عَلَى النِّدَاءِ.
(أَوْ لُقِّنَ اللَّفْظَ بِلَا فَهْمٍ) مِنْهُ لَهُ، فَلَا يَصِحُّ طَلَاقُهُ كَمَا لَوْ لُقِّنَ لَفْظَ الْكُفْرِ قَالَ الْمُتَوَلِّي إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ خُلْطَةٌ بِأَهْلِهِ، فَلَا يُصَدَّقُ ظَاهِرًا. (وَإِنْ مَعْنَاهُ) عِنْدَ أَهْلِهِ (رَامَ) أَيْ قَصَدَ، فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ طَلَاقُهُ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ بِلَا فَهْمٍ مُحَالٌ، وَكَذَا لَوْ قَصَدَ بِهِ قَطْعَ النِّكَاحِ كَمَا لَوْ قَصَدَهُ بِلَفْظٍ لَا مَعْنَى لَهُ، فَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ فَهْمِ الْمَعْنَى وَقَصْدِ اللَّفْظِ، زَادَ الشَّيْخَانِ وَقَصْدِ مَعْنَاهُ لِيَخْرُجَ حِكَايَةُ طَلَاقِ الْغَيْرِ وَتَصْوِيرُ الْفَقِيهِ، وَالنِّدَاءُ بِطَالِقٍ لِمُسَمَّاةٍ بِهِ.
وَهَذَا الْمَزِيدُ إنَّمَا يُعْتَبَرُ عِنْدَ عُرُوضِ مَا يَصْرِفُ الطَّلَاقَ عَنْ مَعْنَاهُ كَهَذِهِ الْمُخْرَجَاتِ لَا مُطْلَقًا، كَمَا هُوَ صَرِيحُ كَلَامِهِمْ إذْ لَوْ قَالَ لَهَا: أَنْت طَالِقٌ، وَقَدْ قَصَدَ لَفْظَ الطَّلَاقِ وَفَهِمَ مَعْنَاهُ وَقَعَ، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ مَعْنَاهُ كَمَا فِي حَالِ الْهَزْلِ، بَلْ لَوْ قَالَ: مَا قَصَدْته لَمْ يُدَنْ وَمِنْ هُنَا قَالُوا: الصَّرِيحُ لَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ بِخِلَافِ الْكِنَايَةِ، وَعَلَى اعْتِبَارِ قَصْدِ مَعْنَاهُ فِيمَا ذُكِرَ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا مَا فِي الْمُهِمَّاتِ عَنْ بَعْضِ فُضَلَاءِ عَصْرِهِ
ــ
[حاشية العبادي]
فَالْحَقُّ قُوَّةُ اسْتِدْلَالِ الْجُوَيْنِيِّ وَغَيْرِهِ، وَضَعْفُ هَذَا الْجَوَابِ فَلْيُتَأَمَّلْ. فَإِنْ قِيلَ: نُهِيَ مَنْ هُوَ فِي أَوَائِلِ السُّكْرِ عَنْ الصَّلَاةِ إذَا سَكِرَ قُلْنَا: إنْ صَحَّ ذَلِكَ، فَلَا حَاجَةَ إلَى اعْتِبَارِ كَوْنِهِ فِي أَوَائِلِ السُّكْرِ، بَلْ يَكْفِي فِيهِ نَهْيُهُ قَبْلَ السُّكْرِ مُطْلَقًا عَنْ الصَّلَاةِ إذَا سَكِرَ فَلْيُتَأَمَّلْ. سم.
(قَوْلُهُ وَفِي حَدِّ السُّكْرِ عِبَارَاتٌ إلَخْ) قَالَ فِي الرَّوْضِ: قُلْت: وَلَا حَاجَةَ عَلَى الْوَجْهِ الصَّحِيحِ أَيْ الْقَائِلِ بِنُفُوذِ تَصَرُّفِ الْمُتَعَدِّي بِسُكْرِهِ إلَى مَعْرِفَةِ السُّكْرِ؛ لِأَنَّهُ إمَّا صَاحٍ وَإِمَّا سَكْرَانُ زَائِلُ الْعَقْلِ وَحُكْمُهُ حُكْمُ الصَّاحِي، بَلْ يُحْتَاجُ إلَى مَعْرِفَةِ السُّكْرِ فِي غَيْرِ الْمُتَعَدِّي وَفِيمَا إذَا قَالَ: إنْ سَكِرْت فَأَنْت طَالِقٌ فَيُقَالُ: أَدْنَاهُ أَنْ يَخْتَلَّ كَلَامُهُ الْمَنْظُومُ وَيُكْشَفَ سِرُّهُ الْمَكْتُومُ اهـ. (قَوْلُهُ لِمَنْ اسْمُهَا طَالِقٌ) أَيْ حِينَ النِّدَاءِ، فَإِنْ هَجَرَ ذَلِكَ الِاسْمَ حِينَ النِّدَاءِ طَلُقَتْ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ.
(قَوْلُهُ لِأَنَّ الْقَصْدَ بِهَا بِلَا فَهْمٍ مُحَالٌ) إنْ كَانَتْ الْمُحَالِيَّةُ عَلَى ظَاهِرِهَا فَقَوْلُهُ: وَأَنَّ مَعْنَاهُ أَمَّ أَيْ قَصَدَ مُؤَوَّلٌ بِنَحْوِ، وَإِنْ خُيِّلَ إلَيْهِ أَنَّهُ قَصَدَ. (قَوْلُهُ زَادَ الشَّيْخَانِ وَقَصْدِ مَعْنَاهُ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّهُمْ قَالُوا: لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ الطَّلَاقُ كِنَايَةً فِي الظِّهَارِ، وَاقْتَضَى كَلَامُهُمْ الْوُقُوعَ، وَإِنْ نَوَى بِهِ الظِّهَارَ، وَقَدْ يَسْتَشْكِلُ عَلَى اشْتِرَاطِ قَصْدِ الطَّلَاقِ لِمَعْنَاهُ بِرّ. (قَوْلُهُ كَمَا فِي حَالِ الْهَزْلِ) مَحَلُّ نَظَرٍ، فَإِنَّ الْهَازِلَ قَاصِدٌ لِلْمَعْنَى، غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ غَيْرُ
[حاشية الشربيني]
قَوْلُهُ وَادَّعَى إلَخْ) فَإِنْ مَاتَ وَلَمْ يُعْلَمْ حَالُهُ حُكِمَ عَلَيْهِ بِالطَّلَاقِ اهـ. م ر.
(قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ إلَخْ) عِبَارَةُ ق ل: وَيُصَدَّقُ فِي دَعْوَى عَدَمِ مَعْرِفَتِهِ إنْ أَمْكَنَ، وَإِنْ كَانَ مُخَالِفًا لَنَا اهـ. لَكِنْ حَمَلَ م ر كَلَامَ الْمُتَوَلِّي عَلَى مَا إذَا كَانَ لَهُ خُلْطَةٌ بِحَيْثُ تَقْضِي الْعَادَةُ بِعِلْمِهِ بِهِ فَلَا يُصَدَّقُ، وَهُوَ مَعْنَى مَا قَالَهُ ق ل. (قَوْلُهُ لَوْ قَصَدَ بِهِ قَطْعَ النِّكَاحِ) أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ لَا يَعْرِفُ أَنَّهُ مَعْنَاهُ. (قَوْله زَادَ الشَّيْخَانِ وَقَصَدَ مَعْنَاهُ) قَالَ سم فِي حَاشِيَةِ التُّحْفَةِ: الْمُرَادُ بِهَذَا الشَّرْطِ عَدَمُ الصَّارِفِ لَا حَقِيقَةُ الْقَصْدِ اهـ. أَيْ: لِأَنَّهُ عِنْدَ عَدَمِ الصَّرْفِ لَا يُشْتَرَطُ قَصْدُ الْمَعْنَى وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ عِنْدَ وُجُودِ الصَّارِفِ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ وَقَصَدَ مَعْنَاهُ) أَيْ قَصَدَ اسْتِعْمَالَهُ فِي مَعْنَاهُ كَمَا فِي سم عَلَى أَبِي شُجَاعٍ (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ مَعْنَاهُ) أَيْ: وَإِنْ قَصَدَ عَدَمَ مَعْنَاهُ، فَإِنَّ الْهَازِلَ مُسْتَعْمِلٌ لَهُ فِي مَعْنَاهُ لَكِنَّهُ قَاصِدٌ عَدَمَ حُصُولِهِ، وَهَذِهِ الْعِبَارَةُ عِبَارَةُ الْإِمَامِ، فَإِنَّ عِبَارَةَ النِّهَايَةِ: الْهَازِلُ الَّذِي يَقْصِدُ اللَّفْظَ دُونَ مَعْنَاهُ لَكِنَّ عِبَارَةَ الرَّافِعِيِّ فِي تَوْجِيهِ الْوُقُوعِ؛ لِأَنَّهُ خَاطَبَهَا بِالطَّلَاقِ عَنْ قَصْدٍ وَاخْتِيَارٍ، وَلَيْسَ فِيهِ، إلَّا أَنَّهُ غَيْرُ رَاضٍ بِحُكْمِ الطَّلَاقِ ظَانٌّ أَنَّهُ إذَا كَانَ مُسْتَهْزِئًا غَيْرَ رَاضٍ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ، وَهَذَا الظَّنُّ خَطَأٌ انْتَهَى. فَقَدْ قَصَدَ بِاسْتِهْزَائِهِ عَدَمَ وُقُوعِ مَعْنَاهُ، وَذَلِكَ غَيْرُ نَافِعٍ فَيَكُونُ مُرَادُ الشَّارِحِ الْمُبَالَغَةَ فِي عَدَمِ اعْتِبَارِ قَصْدِ الْمَعْنَى عِنْدَ عَدَمِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute