للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِدْعَةٌ، فَقَوْلُهُ لِلْوَاحِدِ مُتَعَلِّقٌ بِطَالِقٍ مُقَدَّرًا، وَقَوْلُهُ فِي الْحَالِ مُتَعَلِّقٌ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى بِقَوْلِهِ: وَطَالِقٌ بِالْأَمْسِ إلَى هُنَا كَمَا تَقَرَّرَ

(وَ) يَقَعُ (وَقْتَهُ) أَيْ: وَقْتَ الْوَصْفِ الْمُؤَقَّتِ بِهِ مِنْ الْوَصْفَيْنِ، إنْ قَالَ ذَلِكَ (لَهُ) أَيْ لِمَنْ تَتَّصِفُ بِأَحَدِهِمَا بِأَنْ قَالَ لَهَا: أَنْت طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ أَوْ قَالَ لِلْبِدْعَةِ، فَإِنْ كَانَ الْوَصْفُ مَوْجُودًا وَقَعَ فِي الْحَالِ وَقَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ. (وَلِلْمُعَانِي نَحْوًا) مَفْهُومٌ مِمَّا مَرَّ أَيْ: وَيَقَعُ عَلَى الْمَعَانِي لِلنَّحْوِ يَعْنِي: الْعَارِفَ بِمَعْنَيَيْ أَنْ بِالْفَتْحِ، وَإِنْ بِالْكَسْرِ (بِأَنْ) أَيْ بِقَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ أَنْ (طَلَّقْتُ) بِالْفَتْحِ (طَلْقَتَانِ) إحْدَاهُمَا بِالتَّطْلِيقِ وَالْأُخْرَى بِالْإِقْرَارِ ظَاهِرًا، أَمَّا غَيْرُ الْعَارِفِ بِالنَّحْوِ فَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ.

(وَحَامِلًا إنْ كُنْتِ بِالتَّبْيِينِ إنْ وَلَدَتْ لِأَرْبَعِ السِّنِينِ) بِكَسْرِ النُّونِ لُغَةً، وَفِي نُسْخَةٍ لِأَرْبَعٍ سِنِينَ بِتَنْوِينِ أَرْبَعٍ وَتَنْكِيرِ سِنِينَ أَيْ: وَلَوْ قَالَ: أَنْت طَالِقٌ إنْ كُنْت حَامِلًا، وَلَمْ يَظْهَرْ الْحَمْلُ وَقَعَ فِي الْحَالِ بِتَبَيُّنِ كَوْنِهَا حَامِلًا حَالَ التَّعْلِيقِ، وَلَوْ ظَنًّا بِأَنْ تَلِدَ لِأَرْبَعِ سِنِينَ فَأَقَلَّ مِنْ التَّعْلِيقِ، وَلَمْ تُجَامَعْ بَعْدَهُ أَوْ جُومِعَتْ وَوَلَدَتْ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ جِمَاعِهَا، كَمَا يُفْهِمُهُ كَلَامُهُ الْآتِي لِعَدَمِ احْتِمَالِ حُدُوثِ الْحَمْلِ حِينَئِذٍ بَعْدَ التَّعْلِيقِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ وَلَدَتْ لِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ التَّعْلِيقِ، فَلَا يَقَعُ؛ لِأَنَّا نَتَحَقَّقُ حِينَئِذٍ أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ حَامِلًا حِينَ التَّعْلِيقِ.

(وَالْوَطْءُ) قَبْلَ التَّبَيُّنِ (لَا يَحْرُمُ) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ النِّكَاحِ وَعَدَمُ الْحَمْلِ، لَكِنْ يُنْدَبُ تَرْكُهُ إلَى أَنْ يَسْتَبْرِئَهَا احْتِيَاطًا، فَإِنْ وَطِئَ ثُمَّ ظَهَرَ الْحَمْلُ، فَالْوَطْءُ شُبْهَةٌ يُوجِبُ الْمَهْرَ لَا الْحَدَّ، (لَا إنْ جُومِعَتْ) بَعْدَ التَّعْلِيقِ (ثُمَّ لِسِتَّةِ شُهُورٍ) فَأَكْثَرَ مِنْ الْجِمَاعِ (وَضَعَتْ) ، فَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ لِاحْتِمَالِ كَوْنِ الْحَمْلِ مِنْ ذَلِكَ الْجِمَاعِ، وَالْأَصْلُ بَقَاءُ النِّكَاحِ، بِخِلَافِ مَا إذَا وَضَعَتْهُ لِدُونِ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ يَقَعُ كَمَا مَرَّ، لَكِنْ نَازَعَ فِيهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَقَالَ: إنَّ كَمَالَ الْوَلَدِ وَنَفْخَ الرُّوحِ فِيهِ يَكُونُ بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ كَمَا شَهِدَ بِهِ الْخَبَرُ، فَإِذَا أَتَتْ بِهِ لِخَمْسَةِ أَشْهُرٍ مَثَلًا اُحْتُمِلَ الْعُلُوقُ بِهِ بَعْدَ الْيَمِينِ قَالَ: وَالسِّتَّةُ أَشْهُرٍ مُعْتَبَرَةٌ لِحَيَاةِ الْوَلَدِ غَالِبًا، وَأَجَابَ عَنْهُ الشَّارِحُ بِأَنَّهُ: لَيْسَ فِي الْخَبَرِ أَنَّ نَفْخَ الرُّوحِ يَكُونُ بَعْدَ الْأَرْبَعَةِ تَحْدِيدًا، فَإِنَّ لَفْظَهُ: ثُمَّ يَأْمُرُ اللَّهُ الْمَلَكَ فَيَنْفُخُ فِيهِ الرُّوحَ، فَإِتْيَانُهُ بِثُمَّ دَلَّ عَلَى تَرَاخِي أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى بِذَلِكَ، وَلَا تُعْرَفُ مُدَّةُ التَّرَاخِي، فَلَمَّا اسْتَنْبَطَ الْفُقَهَاءُ مِنْ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ أَنَّ أَقَلَّ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ وَيَقَعُ وَقْتَهُ إلَخْ) لَوْ قَالَ: أَنْت طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ أَوْ لِلْبِدْعَةِ، وَكَانَتْ مَمْسُوسَةً لَمْ تَطْلُقْ فِي الْحَالِ، بَلْ حَتَّى يَجِيءَ الْوَصْفُ الْآخَرُ قَالَ الْعَبَّادِيُّ لِأَنَّ أَوْ لِلشَّكِّ، فَإِنْ جَاءَتْ الْحَالَةُ الْأُخْرَى حَصَلَ الْوَصْفَانِ هَكَذَا قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا وَأَقُولُ: يُؤَيِّدُ مَا قَالَهُ مَا تَقَدَّمَ قَرِيبًا فِي أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ أَوْ غَدًا فَتَأَمَّلْهُ.

(تَنْبِيهٌ) فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ (فَرْعٌ) لَوْ قَالَ لِحَائِضٍ وَنَحْوِهَا مِمَّنْ طَلَّقَهَا بِدْعِيًّا: إنْ كُنْت فِي حَالِ سُنَّةٍ فَأَنْت طَالِقٌ، فَلَا طَلَاقَ، وَلَا تَعْلِيقَ حَتَّى لَا يَقَعَ الطَّلَاقُ إذَا صَارَتْ فِي حَالِ السُّنَّةِ لِعَدَمِ الشَّرْطِ، أَوْ قَالَ لِذَاتِ سُنَّةٍ وَبِدْعَةٍ فِي حَالِ الْبِدْعَةِ: أَنْت طَالِقٌ طَلَاقًا سُنِّيًّا، أَوْ فِي حَالِ السُّنَّةِ: أَنْت طَالِقٌ طَلَاقًا بِدْعِيًّا، وَقَالَ: أَرَدْت الْوُقُوعَ فِي الْحَالِ لَمْ يَقَعْ فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ إنَّمَا يُعْمَلُ بِهَا فِيمَا يَحْتَمِلُهُ اللَّفْظُ، لَا فِيمَا يُخَالِفُهُ صَرِيحًا، وَإِذَا تَنَافَيَا لَغَتْ النِّيَّةُ، وَعُمِلَ بِاللَّفْظِ؛ لِأَنَّهُ أَقْوَى، وَإِنْ قَالَ لَهَا فِي حَالِ الْبِدْعَةِ: أَنْت طَالِقٌ طَلَاقًا سُنِّيًّا الْآنَ أَوْ فِي حَالُ السُّنَّةِ: أَنْت طَالِقٌ طَلَاقًا بِدْعِيًّا الْآنَ وَقَعَ فِي الْحَالِ لِلْإِشَارَةِ إلَى الْوَقْتِ وَيَلْغُو اللَّفْظُ اهـ.

(قَوْلُهُ بِأَنْ تَلِدَ لِأَرْبَعِ سِنِينَ فَأَقَلَّ مِنْ التَّعْلِيقِ) هَكَذَا اقْتَضَتْهُ عِبَارَةُ الْمَتْنِ، وَبِهِ شَرَحُ الْعِرَاقِيِّ وَالْقُونَوِيِّ قَالَ الْجَوْجَرِيُّ: وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّهَا إذَا وَلَدَتْ لِأَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ التَّعْلِيقِ لَزِمَ أَنْ يَكُونَ مُدَّةُ الْحَمْلِ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ أَنَّ الْوَطْءَ هُنَا سَابِقٌ عَلَى التَّعْلِيقِ، فَلَا بُدَّ أَنْ يَنْقُصَ عَنْ الْأَرْبَعِ بِمِقْدَارِ مَا تَخَلَّلَ بَيْنَ الْوَطْءِ السَّابِقِ وَالتَّعْلِيقِ، نَعَمْ لَوْ عَبَّرُوا بِالْوِلَادَةِ لِأَرْبَعٍ مِنْ الْوَطْءِ لَاسْتَقَامَ، وَسَيُشِيرُ الشَّارِحُ إلَى مِثْلِ هَذَا قَرِيبًا، كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا (فَرْعٌ) وَلَوْ قَالَ: إنْ أَحْبَلْتك فَأَنْت طَالِقٌ، فَالتَّعْلِيقُ بِمَا يَحْدُثُ مِنْ الْحَمْلِ، فَإِنْ كَانَتْ حَامِلًا لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى تَلِدَ وَتَحْمِلَ، وَلَا يُمْنَعُ مِنْ الْوَطْءِ، إنْ وَضَعَتْ أَوْ كَانَتْ حَائِلًا، لَكِنْ يَجِبُ عَلَيْهِ كُلَّمَا وَطِئَهَا أَنْ يَسْتَبْرِئَهَا، ذَكَرَهُ الشَّيْخَانِ وَنَازَعَ فِيهِ الْإِسْنَوِيُّ بِأَنَّهُ مَرَّ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى يَعْنِي: مَسْأَلَةَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ كُنْت حَامِلًا أَنَّهُ لَا يَجِبُ، وَلَوْ قَالَ: إنْ لَمْ تَحْبَلِي فَأَنْت طَالِقٌ قَالَ الرُّويَانِيُّ لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى تَيْأَسَ حَجَرٌ وَشَرْحٌ رَوْضٌ. (قَوْلُهُ فَلَمَّا اسْتَنْبَطَ الْفُقَهَاءُ مِنْ الْقُرْآنِ إلَخْ) وَفِي ادِّعَائِهِ: أَنَّ هَذَا الِاسْتِنْبَاطَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ النَّفْخَ يَكُونُ عِنْدَ السِّتَّةِ أَشْهُرٍ وَقْفَةٌ، وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ: إنَّ ثُمَّ دَلَّتْ عَلَى التَّرَاخِي، وَلَا تُعْرَفُ مُدَّتُهُ، وَلَا أَنَّهَا هَلْ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَوْلَادِ أَوْ لَا؟ ، فَأُنِيطَ بِالْأَمْرِ الْمُحَقَّقِ، وَهُوَ السِّتَّةُ فَانْدَفَعَ قَوْلُ ابْنِ الرِّفْعَةِ إذَا أَتَتْ بِهِ لِخَمْسَةِ أَشْهُرٍ مَثَلًا اُحْتُمِلَ

ــ

[حاشية الشربيني]

لِحَجَرٍ ثُمَّ رَأَيْته فِي الشَّرْحِ قَرِيبًا.

(قَوْلُهُ وَلَمْ يَظْهَرْ الْحَمْلُ) وَظُهُورُهُ بِتَصْدِيقِ الزَّوْجِ أَوْ شَهَادَةِ رَجُلَيْنِ عَدْلَيْنِ، وَلَا يَكْفِي شَهَادَةُ النِّسْوَةِ بِهِ كَمَا لَوْ عَلَّقَ بِوِلَادَتِهَا فَشَهِدْنَ بِهَا لَمْ تَطْلُقْ، وَإِنْ ثَبَتَ النَّسَبُ وَالْإِرْثُ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ ضَرُورِيَّاتِ الْوِلَادَةِ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ اهـ. م ر وَكَرْخِيٌّ (قَوْلُهُ لِأَرْبَعِ سِنِينَ فَأَقَلَّ إلَخْ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْأَرْبَعَ سِنِينَ مُلْحَقَةٌ بِمَا دُونَهَا، وَالسِّتَّةَ أَشْهُرٍ مُلْحَقَةٌ بِمَا فَوْقَهَا اهـ. ق ل لَكِنَّ الْأَرْبَعَ وَالسِّتَّ تُحْسَبُ مِنْ الْوَطْءِ لَا مِنْ التَّعْلِيقِ، كَمَا سَيَأْتِي قَرِيبًا. (قَوْلُهُ نَازَعَ فِيهِ) أَيْ فِيمَا إذَا وَلَدَتْهُ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مَعَ قِيَامِ الْوَطْءِ شَرْحُ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ وَأَجَابَ عَنْهُ الشَّارِحُ) وَأَجَابَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْوَلَدِ فِي قَوْلِهِمْ: أَوْ وَلَدَتْهُ، الْوَلَدُ التَّامُّ اهـ. وَقَوْلُهُ: أَوْ وَلَدَتْهُ فِي قَوْلِهِمْ كَالرَّوْضِ لَوْ قَالَ: إنْ كُنْت حَامِلًا فَأَنْت طَالِقٌ طَلَقَتْ إنْ كَانَ حَمْلُهَا ظَاهِرًا أَوْ وَلَدَتْهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>