للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُدَّةِ الْحَمْلِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ عَلِمْنَا أَنَّهَا مُدَّةُ التَّرَاخِي، وَإِنْ نُفِخَ الرُّوحُ عِنْدَهَا.

وَتَبِعَ النَّاظِمُ وَأَصْلُهُ الشَّيْخَيْنِ فِي قَوْلِهِمَا: السِّتَّةُ أَشْهُرٍ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ زِيَادَةِ لَحْظَةٍ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْعَدَدِ: أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ لَحْظَةٍ لِلْوَطْءِ وَلَحْظَةٍ لِلْوَضْعِ، وَتَبِعَاهُمَا أَيْضًا فِي قَوْلِهِمَا: لِأَرْبَعِ سِنِينَ وَقَضِيَّتُهُ: أَنَّ لِلْأَرْبَعِ حُكْمَ مَا دُونَهَا كَمَا تَقَرَّرَ، وَعِبَارَةُ الْوَسِيطِ تَقْتَضِي أَنَّ لَهَا حُكْمَ مَا فَوْقَهَا، وَعَلَيْهِ مَشَى ابْنُ الرِّفْعَةِ وَوَجْهُهُ: أَنَّ أَكْثَرَ مُدَّةِ الْحَمْلِ أَرْبَعُ سِنِينَ، فَإِذَا أَتَتْ بِهِ لِأَرْبَعٍ مِنْ الْحَلِفِ تَبَيَّنَّا أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ عِنْدَ الْحَلِفِ حَامِلًا، وَإِلَّا زَادَتْ مُدَّةُ الْحَمْلِ عَلَى أَرْبَعِ سِنِينَ، قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ.

(وَ) لَوْ قَالَ: أَنْت (طَالِقٌ إنْ كُنْتِ حَائِلًا) ، وَقَعَ (إذَا مَضَتْ ثَلَاثَةُ قُرُوءٍ) أَيْ أَطْهَارٍ إنْ كَانَتْ تَحِيضُ، وَإِلَّا فَثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ بَدَلَهَا لِظُهُورِ عَدَمِ الْحَمْلِ حِينَئِذٍ. (قُلْتُ: ذَا مُخْتَارُهُ) أَيْ: الْحَاوِي تَبَعًا لِجَمَاعَةٍ، (وَمُعْظَمُ النَّاسِ عَلَى إنْ انْقَضَتْ مُدَّةُ) أَيْ عَلَى اعْتِبَارِ انْقِضَاءِ مُدَّةِ (الِاسْتِبْرَا) بِحَيْضَةٍ أَوْ بِشَهْرٍ بَدَلَهَا لِدَلَالَتِهِ عَلَى بَرَاءَةِ الرَّحِمِ، بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ تَنْقَضِ لَا يُحْكَمُ بِالْوُقُوعِ فِي الْحَالِ وَعَلَى الْقَوْلَيْنِ لَوْ كَانَتْ لَا تَحْتَمِلُ الْحَمْلَ كَصَغِيرَةٍ وَآيِسَةٍ، وَقَعَ الطَّلَاقُ فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ ظُهُورُ الْحِيَالِ، وَلَوْ تَقَدَّمَ الِاسْتِبْرَاءُ عَلَى التَّعْلِيقِ كَفَى، بِخِلَافِ الْعِدَّةِ لِلطَّلَاقِ وَالِاسْتِبْرَاءِ لِلْمِلْكِ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ وَالْمِلْكَ مُوجِبَانِ لَهُمَا، فَلَا يُعْتَبَرُ بِمَا سَبْقُ وَقْتُ الْوُجُوبِ، وَالِاسْتِبْرَاءُ هُنَا لَيْسَ وَاجِبًا فِي نَفْسِهِ وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ بِهِ مَعْرِفَةُ وُجُودِ الصِّفَةِ، وَطَرِيقُهَا لَا يَخْتَلِفُ بِمَا ذُكِرَ، (لَا إنْ قَبْلَ سِتَّةِ شُهُورٍ) مِنْ التَّعْلِيقِ (تَضَعْ) ، فَإِنَّهُ يَتَبَيَّنُ عَدَمُ الْوُقُوعِ لِكَوْنِهَا حَامِلًا عِنْدَ التَّعْلِيقِ، وَعَطَفَ عَلَى مَضَتْ قَوْلَهُ (أَوْ وَلَدَتْ فَوْقَ سِنِينَ أَرْبَعِ) ، وَلَوْ بِلَا وَطْءٍ (أَوْ مَعَ وَطْءٍ لِلشُّهُورِ السِّتَّهْ) فَأَكْثَرَ (مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْوَطْءِ، فَيَتَبَيَّنُ الْوُقُوعُ فِيهِمَا لِتَحَقُّقِ الْحِيَالِ فِي الْأُولَى، وَظُهُورِ حُدُوثِ الْحَمْلِ مِنْ الْوَطْءِ فِي الثَّانِيَةِ.

(وَيَحْرُمُ الْجِمَاعُ) إلَى أَنْ يَسْتَبْرِئَهَا بِمَا مَرَّ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْحِيَالُ، وَقَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ (الْبَتَّهْ) تَكْمِلَةٌ وَتَأْكِيدٌ

، (وَ) لَوْ قَالَ: أَنْت (طَالِقٌ) (إنْ حِضْتِ) وَقَعَ (بَدْءَ) الْحَيْضِ (الْمُقْبِلِ) حَتَّى لَوْ قَالَهُ فِي الْحَيْضِ لَمْ تَطْلُقْ، حَتَّى تَطْهُرَ ثُمَّ تَشْرَعَ فِي الْحَيْضِ، فَإِنْ قُلْت: هَلَّا كَانَتْ اسْتِدَامَةُ الْحَيْضِ حَيْضًا، كَمَا قَالُوا فِي بَابِ الْأَيْمَانِ: إنَّ اسْتِدَامَةَ اللُّبْسِ وَالرُّكُوبِ لُبْسٌ وَرُكُوبُ قُلْت فَرَّقَ الْمُتَوَلِّي بِأَنَّ دَوَامَ الْحَيْضِ لَيْسَ بِاخْتِيَارِهَا بِخِلَافِ دَوَامِ اللُّبْسِ وَالرُّكُوبِ، وَيُمْكِنُ رُجُوعُهُ إلَى مَا فَرَّقَ بِهِ الْبُلْقِينِيُّ مِنْ أَنَّ مَا هُنَا تَعْلِيقٌ مُجَرَّدٌ عَنْ الْحَلِفِ، وَمَا هُنَاكَ حَلِفٌ فَلَوْ قَالَ: إنْ رَكِبْت فَأَنْت

ــ

[حاشية العبادي]

الْعُلُوقُ بَعْدَ التَّعْلِيقِ، وَوَجْهُ انْدِفَاعِهِ أَنَّ هَذَا احْتِمَالٌ بَعِيدٌ وَغَيْرُ مَعْلُومٍ فِي هَذَا الْوَلَدِ بِخُصُوصِهِ، فَلَمْ يَتْرُكُوا لِأَجْلِهِ ظُهُورَ كَوْنِهَا حَامِلًا عِنْدَ التَّعْلِيقِ فَأَوْقَعُوا بِهِ، وَلَا بُعْدَ فِي رَفْعِ عِصْمَةٍ مُحَقَّقَةٍ بِأَمْرٍ مُحْتَمَلٍ، نَظَرًا لِإِفَادَتِهِ الظَّنَّ كَمَا مَرَّ آنِفًا، ثُمَّ رَأَيْت شَيْخَنَا قَالَ عَقِبَ كَلَامِ أَبِي زُرْعَةَ وَفِيهِ نَظَرٌ، إذْ كَيْفَ يُعْلَمَ أَنَّ نَفْخَ الرُّوحِ عِنْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مَعَ أَنَّا كَثِيرًا نُشَاهِدُهُ بَعْدَ انْفِصَالِهِ قَبْلَهَا حَيًّا غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَعِيشُ، بَلْ قِيلَ: إنَّمَا يُنْفَخُ فِيهِ قَبْلَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، بَلْ الْجَوَابُ أَنَّ كَلَامَهُمْ فِي الْوَلَدِ الْكَامِلِ جَرْيًا عَلَى الْغَالِبِ، فَإِنْ فُرِضَ نَقْصُهُ اُلْتُزِمَ عَدَمُ وُقُوعِ الطَّلَاقِ اهـ. حَجَرٌ (قَوْلُهُ عَلِمْنَا أَنَّهَا إلَخْ) عَلَيْهِ مَنْعٌ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ) وَاعْلَمْ أَنَّهُمْ لَمْ يُبَيِّنُوا أَنَّ السِّتَّةَ أَشْهُرٍ الَّتِي هِيَ أَقَلُّ مُدَّةِ الْحَمْلِ هَلْ هِيَ عَدَدِيَّةٌ؟ أَوْ هِلَالِيَّةٌ؟ ، وَاسْتَنْبَطَ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّهَا عَدَدِيَّةٌ؛ لِأَنَّ الْأَرْبَعَةَ الْأَشْهُرِ الْأُولَى عَدَدِيَّةٌ قَطْعًا، أَرْبَعُونَ نُطْفَةً ثُمَّ أَرْبَعُونَ عَلَقَةً ثُمَّ أَرْبَعُونَ مُضْغَةً فَبَاقِيهَا كَذَلِكَ، إذْ لَا قَائِلَ بِالْفَرْقِ حَجَرٌ (قَوْلُهُ وَإِلَّا زَادَتْ مُدَّةُ الْحَمْلِ عَلَى أَرْبَعِ سِنِينَ) ؛ لِأَنَّهَا عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ شَامِلٌ لِزَمَنِ الْحَلِفِ، وَزَمَنُ الْحَلِفِ زَائِدٌ عَلَى الْأَرْبَعِ. (قَوْلُهُ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ) نُقِلَ عَنْ الشَّارِحِ جَوَابُ ذَلِكَ فِي حَاشِيَةٍ نَصُّهَا: وَيُجَابُ بِأَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْأَرْبَعِ فِي هَذِهِ الْأَرْبَعَ مَعَ زَمَنِ الْوَطْءِ وَالْوَضْعِ، بَلْ الْأَرْبَعَ بِدُونِهِ، فَلَا يَلْزَمُ الزِّيَادَةُ الْمَذْكُورَةُ اهـ. وَكَانَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: بَلْ الْأَرْبَعَ بِدُونِهِ، بَلْ الْأَرْبَعُ نَاقِصَةٌ زَمَنَ الْوَطْءِ وَالْوَضْعِ فَلْيُتَأَمَّلْ. وَأَقُولُ: يُمْكِنُ أَيْضًا أَنْ يُرِيدُوا بِالْأَرْبَعِ مِنْ الْحَلِفِ الْأَرْبَعَ مِنْ ابْتِدَاءِ الْحَلِفِ أَيْ: مَعَ احْتِمَالِ اتِّصَالِ لَحْظَةِ الْوَطْءِ بِابْتِدَاءِ الْحَلِفِ فَلْيُتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ وَقَعَ إذَا مَضَتْ إلَخْ) أَيْ إذَا مَضَى مَا ذُكِرَ تَبَيَّنَ أَنَّهُ وَقَعَ مِنْ حِينِ اللَّفْظِ. (قَوْلُهُ تَعْلِيقٌ مُجَرَّدٌ) لِأَنَّ الْحَيْضَ لَيْسَ فِعْلًا اخْتِيَارِيًّا بِرّ. (قَوْلُهُ عَنْ الْحَلِفِ) مَا فَائِدَةُ الْفَرْقِ؟ وَمَا مَعْنَاهُ؟

(قَوْلُهُ وَيُمْكِنُ رُجُوعُهُ إلَى مَا فَرَّقَ بِهِ الْبُلْقِينِيُّ) قَضِيَّةُ فَرْقِ الْبُلْقِينِيِّ أَنَّهُ لَوْ قَصَدَ هُنَاكَ مُجَرَّدَ التَّعْلِيقِ لَمْ يَحْنَثْ بِالِاسْتِدَامَةِ تَعْلِيقٌ. (قَوْلُهُ مُجَرَّدٌ) أَيْ: لِأَنَّ الْحَيْضَ لَيْسَ فِعْلًا اخْتِيَارِيًّا بِرّ. (قَوْلُهُ عَنْ الْحَلِفِ) مَا زُبْدَةُ هَذَا الْفَرْقِ وَمَا مَغْزَاهُ؟

ــ

[حاشية الشربيني]

لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ التَّعْلِيقِ، وَكَذَا لِدُونِ أَرْبَعِ سِنِينَ، لَا إنْ وُطِئَتْ فِي مُدَّةِ السِّنِينَ اهـ. أَيْ بِخِلَافِ دُونِ السِّتَّةِ أَشْهُرٍ، فَإِنَّهُ يَقَعُ، وَلَوْ كَانَتْ تُوطَأُ مُدَّتَهَا. (قَوْلُهُ وَلَا بُدَّ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ: لَا حَاجَةَ لِتِلْكَ الزِّيَادَةِ؛ لِأَنَّهَا مُعْتَبَرَةٌ مِنْ الْجِمَاعِ أَيْ مِنْ انْتِهَائِهِ، فَهَذِهِ لَحْظَةُ الْوَطْءِ وَمَعْنَى الْوَضْعِ لِلسِّتَّةِ أَنَّهُ بَعْدَ تَمَامِهَا، فَهَذِهِ لَحْظَةُ الْوَضْعِ تَدَبَّرْ

. (قَوْلُهُ لَا إنْ قَبْلَ سِتَّةِ شُهُورٍ) لَعَلَّ وَلَحْظَتَيْنِ لِمَا مَرَّ فِي الشَّرْحِ. (قَوْلُهُ لِلشُّهُورِ السِّتَّةِ) لَعَلَّهُ وَلَحْظَتَيْنِ كَمَا مَرَّ.

(قَوْلُهُ تَعْلِيقٌ مُجَرَّدٌ) أَيْ لَا حَلِفَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِاخْتِيَارِهَا فَعَمِلْنَا بِقَضِيَّةِ أَدَاةِ التَّعْلِيقِ مِنْ اقْتِضَائِهَا إيجَادَ فِعْلٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>