زَوْجَةَ هَذَا قَدْ مَلَكْ) بِنَصْبِ زَوْجَةٍ بِمَلَكَ، وَالْجُمْلَةُ صِفَةُ مُورِثٍ أَيْ: وَإِنْ عَلَّقَ الزَّوْجُ طَلَاقَ زَوْجَتِهِ بِهَلَاكِ مُورِثٍ لَهُ مَالِكٍ لَهَا، فَهُوَ لَغْوٌ؛ لِأَنَّهَا بِهَلَاكِهِ تَنْتَقِلُ إلَيْهِ كُلُّهَا أَوْ بَعْضُهَا فَيَنْفَسِخُ النِّكَاحُ، فَلَا يُصَادِفُ الطَّلَاقُ مَحَلًّا كَمَا لَوْ عَلَّقَهُ بِهَلَاكِ نَفْسِهِ أَوْ بِهَلَاكِهَا؛ وَلِأَنَّ هَلَاكَهُ يَقْتَضِي الِانْفِسَاخَ وَالطَّلَاقَ، وَاجْتِمَاعُهُمَا مُمْتَنِعٌ فَيَقَعُ الْأَقْوَى، وَهُوَ الِانْفِسَاخُ؛ لِأَنَّهُ يَثْبُتُ قَهْرًا، أَوْ الطَّلَاقُ يَتَعَلَّقُ وُقُوعُهُ بِالِاخْتِيَارِ كَمَا لَوْ اشْتَرَى بَعْضَهُ وَنَوَى عِتْقَهُ عَنْ كَفَّارَةٍ، فَإِنَّهُ يَعْتِقُ عَلَيْهِ وَتَلْغُو نِيَّتُهُ، وَخَرَجَ بِالْمُورِثِ غَيْرُهُ كَأَنْ قَامَ بِالزَّوْجِ مَانِعٌ مِنْ الْإِرْثِ فَيَقَعُ الطَّلَاقُ حِينَئِذٍ، وَكَذَا لَوْ عَلَّقَ سَيِّدُهَا أَيْضًا عِتْقَهَا بِمَوْتِهِ وَخَرَجَتْ مِنْ الثُّلُثِ، أَوْ أَجَازَ الْوَرَثَةُ، إذْ لَا يَنْفَسِخُ النِّكَاحُ لِعَدَمِ دُخُولِهَا أَوْ بَعْضِهَا فِي مِلْكِ الْوَارِثِ حِينَئِذٍ، (أَوْ قَالَ: إنْ آلَيْتُ) مِنْك (أَوْ طَلَّقْت) (كَالْفَسْخِ) كَأَنْ قَالَ: فَسَخْت نِكَاحَك (أَوْ رَاجَعْتُ أَوْ ظَاهَرْتُ فَطَالِقٌ أَنْتِ ثَلَاثًا قَبْلَ ذَا) فَهُوَ لَغْوٌ، فَيَقَعُ الْمُنَجَّزُ دُونَ الْمُعَلَّقِ؛ لِأَنَّ وُقُوعَهُ يَمْنَعُ وُقُوعَ الْمُنَجَّزِ فَيَمْتَنِعُ وُقُوعُ الْمُعَلَّقِ لِفَوْتِ شَرْطِهِ، وَلَا امْتِنَاعَ فِي وُقُوعِ الْمُنَجَّزِ فَيَقَعُ.
وَقَدْ يَتَخَلَّفُ الْجَزَاءُ عَنْ الشَّرْطِ لِأَسْبَابٍ كَمَا لَوْ عَلَّقَ عِتْقَ سَالِمٍ بِعِتْقِ غَانِمٍ ثُمَّ أَعْتَقَ غَانِمًا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ، وَلَا يَفِي ثُلُثُ مَالِهِ إلَّا بِأَحَدِهِمَا لَا يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا، بَلْ يَتَعَيَّنُ عِتْقُ غَانِمٍ كَمَا مَرَّ فِي الْوَصِيَّةِ؛ وَلِأَنَّ ذَلِكَ تَصَرُّفٌ شَرْعِيٌّ صَدَرَ مِنْ أَهْلِهِ فِي مَحَلِّهِ، فَيَبْعُدُ سَدُّ بَابِهِ
(وَلَوْ) قَالَ (وَإِنْ أَطَأْ) كِ (وَطْئًا مُبَاحًا، أَوْ إذَا) أَطَؤُك وَطْئًا مُبَاحًا (فَطَالِقٌ مِنْ قَبْلِهِ أَنْت، فَذَا لَغْوٌ) حَتَّى لَوْ وَطِئَهَا لَا تَطْلُقُ قَبْلَهُ، وَإِلَّا لَمَّا كَانَ الْوَطْءُ مُبَاحًا فَلَا تَطْلُقُ، وَلَمْ يُقَيِّدْ هُنَا بِالطَّلْقَاتِ الثَّلَاثِ؛ لِأَنَّ الدَّوْرَ يَحْصُلُ بِالْوَاحِدَةِ، بِخِلَافِهِ فِيمَا مَرَّ، وَكَانَ وَإِذَا بَقِيَّةُ أَدَوَاتِ الشَّرْطِ، (وَ) إذَا عَلَّقَ (بِالْفِعْلِ) وُجُودًا أَوْ عَدَدًا (بِإِنْ أَوْ بِإِذَا) أَوْ غَيْرِهِمَا مِنْ أَدَوَاتِ الشَّرْطِ، وَقَصَدَ بِذَلِكَ حَثًّا أَوْ مَنْعًا أَوْ تَحْقِيقَ خَبَرٍ، وَكَانَ الْمُعَلَّقُ بِفِعْلِهِ مِمَّنْ يُبَالَى بِتَعْلِيقِهِ، فَهُوَ حَلِفٌ كَمَا سَيَأْتِي؛ لِأَنَّ الْحَلِفَ إنَّمَا يُقْصَدُ بِهِ أَحَدُ هَذِهِ الْأُمُورِ كَقَوْلِهِ: إنْ لَمْ تَدْخُلِي أَوْ إنْ دَخَلْت أَوْ إنْ لَمْ يَكُنْ هَذَا كَمَا قُلْت فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ كَتَعْلِيقِهِ بِحَيْضِهَا أَوْ طُهْرِهَا أَوْ طُلُوعِ الشَّمْسِ أَوْ مَجِيءِ الشَّهْرِ، أَوْ قَصَدَ وَكَانَ الْمُعَلَّقُ بِفِعْلِهِ مِمَّنْ لَا يُبَالَى بِتَعْلِيقِهِ كَأَنْ عَلَّقَ بِقُدُومِ الْحَاجِّ أَوْ السُّلْطَانِ أَوْ نَحْوِهِ فَلَيْسَ بِحَلِفٍ، بَلْ مَحْضُ تَعْلِيقٍ وَإِلَى الْأَوَّلِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ: (لَا فِي سِوَى اللَّجَاجِ كَالطُّلُوعِ) أَيْ: وَإِذَا عَلَّقَ بِالْفِعْلِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ كَالدُّخُولِ وَعَدَمِهِ (فَحَلِفٌ) ، لَا كَالطُّلُوعِ فِي غَيْرِ اللَّجَاجِ فَلَيْسَ بِحَلِفٍ.
وَزَادَ عَلَى الْحَاوِي الْكَافَ لِيَدْخُلَ كُلُّ مَا أَشْبَهَ الطُّلُوعَ، وَزَادَ تَقْيِيدَ الطُّلُوعِ بِغَيْرِ اللَّجَاجِ لِيَخْرُجَ التَّعْلِيقُ بِهِ فِي حَالِ اللَّجَاج أَيْ النِّزَاعِ كَأَنْ قَالَتْ: طَلَعَتْ الشَّمْسُ وَكَذَّبَهَا فَقَالَ: إنْ طَلَعَتْ فَأَنْت طَالِقٌ، فَإِنَّهُ حَلِفٌ؛ لِأَنَّهُ قَصَدَ بِهِ تَحْقِيقَ الْخَبَرِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: لَيْسَ ذَلِكَ تَعْلِيقًا بِالطُّلُوعِ، بَلْ بِتَبَيُّنِهِ، فَلَا يَحْتَاجُ إلَى التَّقْيِيدِ، وَمِنْ فَوَائِدِ كَوْنُ التَّعْلِيقِ حَلِفًا كَمَا يُعْرَفُ مِمَّا سَيَأْتِي: أَنَّهُ لَوْ قَالَ: إنْ حَلَفْت بِطَلَاقِك فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ، وَقَعَ الْمُعَلَّقُ بِالْحَلِفِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ عَلَّقَ ثَانِيًا بِطُلُوعِ الشَّمْسِ فِي غَيْرِ اللَّجَاجِ، وَيَقَعُ الْمُعَلَّقُ بِالدُّخُولِ أَوْ
ــ
[حاشية العبادي]
بَقِيَ مَا لَوْ قَالَ: عَنَيْت ذِي بَعْدَ ذِي أَوْ قَبْلَهَا ذِي مَثَلًا.
(قَوْلُهُ زَوْجَةَ هَذَا) أَيْ الزَّوْجِ وَقَوْلُهُ قَدْ مَلَكَ أَيْ الْمُورِثُ. (قَوْلَهُ مُقْتَضَى الِانْفِسَاخِ) مِنْ حَيْثُ مِلْكِ الزَّوْجِ وَقَوْلُهُ: وَالطَّلَاقَ مِنْ حَيْثُ تَعْلِيقُهُ.
(قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ) شَامِلٌ لِصُورَةِ الْإِطْلَاقِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْهَامِشِ عَنْ ابْنِ رَزِينٍ وَابْنِ الصَّلَاحِ وَكَتَبَ أَيْضًا: وَلَوْ أَطْلَقَ فَلَمْ يَقْصِدْ حَثًّا، وَلَا مَنْعًا، وَلَا تَعْلِيقًا مَحْضًا، بَلْ أَخْرَجَهُ مَخْرَجَ الْيَمِينِ وَقَعَ عِنْدَ ابْنِ الصَّلَاحِ وَجَرَى عَلَيْهِ جَمْعٌ، وَإِنْ رَدَّهُ تِلْمِيذُهُ ابْنُ رَزِينٍ بِأَنَّ الْأَصْحَابَ أَطْلَقُوا فِيهَا الْقَوْلَيْنِ، وَمُخْتَارُ كَثِيرِينَ مِنْهُمْ الرَّافِعِيُّ عَدَمُ الْوُقُوعِ وَوَجْهُهُ: بِأَنَّ الْغَالِبَ مِمَّنْ يَحْلِفُ عَلَى فِعْلٍ مُسْتَقْبَلٍ مِنْ مُبَالٍ أَنَّهُ يَقْصِدُ حَثَّهُ أَوْ مَنْعَهُ، فَلَمْ يَقَعْ مَعَ نَحْوِ النِّسْيَانِ، إلَّا أَنْ يَصْرِفَهُ بِقَصْدِ وُجُودِ صُورَةِ الْفِعْلِ حَجَرٌ (قَوْلُهُ وَكَذَّبَهَا) يَنْبَغِي أَنْ لَا يَتَوَقَّفَ تَحْقِيقُ الْخَبَرِ عَلَى التَّصْرِيحِ بِالتَّكْذِيبِ، بَلْ يَكْفِي فِيهِ اعْتِقَادُهُ أَوْ ظَنُّهُ عَدَمَ الطُّلُوعِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَسْتَلْزِمُ التَّكْذِيبَ فِي الْمَعْنَى وَيُوجِبُ أَنَّ الْمَقْصُودَ تَحْقِيقُ الْخَبَرِ، كَمَا لَا يَخْفَى وَكَأَنَّهُمْ إنَّمَا صَوَّرُوا بِتَكْذِيبِهِ إيَّاهَا؛ لِأَنَّهُ يُسْتَدَلُّ بِالتَّكْذِيبِ عَلَى اعْتِقَادِ أَوْ ظَنِّ الْخِلَافِ الْمُسْتَلْزِم وَالْمُوجِبِ لِمَا ذُكِرَ فَلْيُتَأَمَّلْ. سم.
(قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ:) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ فُهِمَ أَنَّ التَّعْلِيقَ عَلَى الطُّلُوعِ الْمَاضِي، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَلْيُتَأَمَّلْ، وَقَدْ يُعْتَذَرُ بِأَنَّ مُرَادَهُ تَبْيِينُ الْوُقُوعِ فِي الْمُسْتَقْبِلِ، كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا وَأَقُولُ: إنَّ قَوْلَهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إلَخْ عَجِيبٌ، فَإِنَّ الطُّلُوعَ فِي قَوْلِهِ: إنْ طَلَعَتْ الشَّمْسُ فَأَنْتِ طَالِقٌ الْمُرَادُ بِهِ الطُّلُوعُ فِي الْمَاضِي قَطْعًا، لِتَعَلُّقِهِ بِقَوْلِهَا: طَلَعَتْ الشَّمْسُ الَّذِي كَذَّبَهَا فِيهِ فَلْيُتَأَمَّلْ. سم. (قَوْلُهُ فَلَا يُحْتَاجُ إلَى التَّقْيِيدِ) فِيهِ نَظَرٌ، إذْ قَدْ يَقَعُ النِّزَاعُ فِي التَّبَيُّنِ فَتَأَمَّلْهُ. سم. (قَوْلُهُ وَيَقَعُ الْمُعَلَّقُ بِالدُّخُولِ إنْ وُجِدَتْ صِفَتُهُ) هَذَا يُشْكِلُ عَلَى الْقَوْلِ: بِعَدَمِ الْحِنْثِ عِنْدَ الْحَلِفِ عَلَى غَلَبَةِ الظَّنِّ، كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا، وَهُوَ عَجِيبٌ، فَإِنَّ التَّعْلِيقَ
ــ
[حاشية الشربيني]
إحْدَاكُمَا فَيُتَأَمَّلْ اهـ. ق ل
(قَوْلُهُ أَوْ قَالَ إلَخْ) هَذِهِ هِيَ الْمَسْأَلَةُ الْمَنْسُوبَةُ لِابْنِ سُرَيْجٍ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي أَظْهَرَهَا، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَعْمَلَ بِهَا لِنَفْسِهِ لِنَقْلِهَا عَنْ مُعْظَمِ الْأَصْحَابِ اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ بِاخْتِصَارٍ كَثِيرٍ، وَرُدَّ الْقِيَاسُ عَلَى الْعِتْقِ بِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ إلَيْهِ وَلُزُومِ إرْقَاقِ حُرٍّ نَجَّزَ الْمَالِكُ حُرِّيَّتَهُ
(قَوْلُهُ فَإِنَّهُ حَلِفٌ) فَإِنْ قَصَدَ أَنَّ الْأَمْرَ كَذَلِكَ فِي ظَنِّهِ أَوْ اعْتِقَادِهِ أَوْ أَطْلَقَ، فَلَا وُقُوعَ، أَوْ أَنَّ الْأَمْرَ كَذَلِكَ فِي الْوَاقِعِ وَبَانَ خِلَافُهُ حَنِثَ