إلَّا مَنْ بِهَا قَدْ دَخَلَا) أَيْ الزَّوْجُ إنْ لَمْ تَكُنْ بَائِنَةً؛ لِأَنَّهُ كَانَ حَلَفَ بِطَلَاقِهَا، ثُمَّ حَلَفَ الْآنَ بِطَلَاقِ هَذِهِ فَوُجِدَتْ صِفَةُ طَلَاقِهَا، وَأَمَّا الَّتِي جَدَّدَ نِكَاحَهَا فَلَا تَطْلُقُ بِنَاءً عَلَى عَدَمِ عَوْدِ الْحِنْثِ بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ وَالتَّجْدِيدِ.
(وَ) لَوْ قَالَ: (إنْ حَلَفْتُ بِطَلَاقٍ لَكُمَا فَطَالِقٌ مِنِّيَ هِنْدٌ مِنْكُمَا فَهِنْدُ إنَّ كَرَّرَهُ) أَيْ هَذَا الْقَوْلَ (مَا طَلَقَتْ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْلِفْ بِطَلَاقِهِمَا، وَإِنَّمَا حَلَفَ بِطَلَاقِ هِنْدَ فَقَطْ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: إنْ حَلَفْت بِطَلَاقِ إحْدَاكُمَا فَأَنْتُمَا طَالِقَانِ.
(وَلَوْ) عَلَّقَ طَلَاقَ امْرَأَتِهِ (بِتَمْيِيزِ النَّوَى) يَعْنِي بِعَدَمِ تَمْيِيزِهَا نَوَاهُ مَنْ نَوَاهَا (فَفَرَّقَتْ) أَيْ النَّوَى بِحَيْثُ لَا يَلْتَقِي مِنْهُ اثْنَانِ (بَرَّ) اتِّبَاعًا لِلَّفْظِ، إلَّا أَنْ يُرِيدَ التَّعْيِينَ فَلَا يَبَرُّ بِذَلِكَ، (وَ) لَوْ عَلَّقَ (بِابْتِلَاعِ مَا بِفِيهَا وَالْقَذْفِ فَالْإِمْسَاكِ) ، بِأَنْ كَانَ بِفِيهَا تَمْرَةٌ مَثَلًا فَقَالَ: إنْ ابْتَلَعْتهَا فَأَنْت طَالِقٌ، وَإِنْ قَذَفْتهَا فَأَنْت طَالِقٌ، وَإِنْ أَمْسَكْتهَا فَأَنْت طَالِقٌ (بَرَّ فِيهَا) أَيْ فِي الْمَسْأَلَةِ (بِأَكْلِ بَعْضٍ) أَيْ: بِأَكْلِهَا بَعْضَ مَا بِفِيهَا مِنْ غَيْرِ تَرَاخٍ عَنْ التَّعْلِيقِ، سَوَاءٌ أَبْقَتْ الْبَعْضَ الْآخَرَ أَمْ قَذَفَتْهُ، وَلَا بُدَّ مِنْ تَأْخِيرِ التَّعْلِيقِ بِالْإِمْسَاكِ كَمَا أَفَادَهُ الْعَطْفُ بِالْفَاءِ، وَإِلَّا فَيَحْنَثُ بِالْإِمْسَاكِ إلَى تَمَامِ التَّعْلِيقِ
(وَنُزُولٍ) أَيْ: وَلَوْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِنُزُولِهَا (مِنْ دَرَجْ) كَانَتْ عَلَيْهِ (وَبِالصُّعُودِ) عَلَيْهِ (فَالْوُقُوفِ) عَلَيْهِ، (فَالْحَرَجْ) أَيْ الْحَاصِلُ بِالْيَمِينِ (يَزُولُ بِالطَّفْرَةِ) أَيْ الْوَثْبَةِ، (أَوْ) بِأَنْ (تَنْتَقِلُ لِغَيْرِهِ) كَسُلَّمٍ آخَرَ بِجَنْبِهِ (أَوْ دُونَ أَمْرٍ تُحْمَلُ) أَيْ: أَوْ بِأَنْ يَحْمِلَهَا غَيْرُهَا وَيَنْزِلَ بِهَا أَوْ يَصْعَدَ بِغَيْرِ أَمْرِهَا، أَوْ بِأَنْ يُضْجَعَ السُّلَّمُ عَلَى الْأَرْضِ، وَهِيَ عَلَيْهِ فَتَقُومَ مِنْ مَوْضِعِهَا، وَيُعْتَبَرُ فِي ذَلِكَ أَيْضًا عَدَمُ التَّرَاخِي عَنْ التَّعْلِيقِ.
وَكَذَا تَأْخِيرُ التَّعْلِيقِ بِالْوُقُوفِ كَمَا أَفَادَهُ الْعَطْفُ بِالْفَاءِ الْمَزِيدِ عَلَى الْحَاوِي، وَخَرَجَ بِدُونِ أَمْرِهَا الْمَزِيدُ عَلَيْهِ أَيْضًا مَا لَوْ كَانَ الصُّعُودُ أَوْ النُّزُولُ بِأَمْرِهَا فَيَحْنَثُ، نَعَمْ إنْ حَمَلَهَا بِلَا صُعُودٍ وَنُزُولٍ بِأَنْ يَكُونَ وَاقِفًا عَلَى الْأَرْضِ، فَلَا أَثَرَ لِأَمْرِهَا
(وَلَوْ) عَلَّقَ (بِأَكْلِ قُرْصٍ أَوْ رُمَّانَهْ) كَأَنْ قَالَ: إنْ أَكَلَتْ هَذَا الْقُرْصَ أَوْ هَذِهِ الرُّمَّانَةَ أَوْ قُرْصًا أَوْ رُمَّانَةً (بَرَّ بِتَرْكِ أَيِّ شَيْءٍ كَانَهْ) مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ أَنَّهَا لَمْ تَأْكُلْ الْقُرْصَ أَوْ الرُّمَّانَةَ، وَإِنْ تَسَامَحَ أَهْلُ الْعُرْفِ فِي إطْلَاقِ أَكْلِ الْقُرْصِ أَوْ الرُّمَّانَةِ فِي ذَلِكَ، (قُلْتُ) : كَذَا أَطْلَقَهُ الْحَاوِي كَالْقَاضِي فِي الْقُرْصِ، وَمَحَلُّهُ إذَا بَقِيَ مِنْهُ مَا يُحَسُّ وَلَهُ مَوْقِعٌ، بِأَنْ يُسَمَّى قِطْعَةَ خُبْزٍ، إذْ (فُتَاتُ الْقُرْصِ) الَّذِي يَدِقُّ مُدْرَكُهُ (غَيْرُ نَافِعِ) فِي بِرٍّ أَوْ حِنْثٍ (عِنْدَ الْإِمَامِ) كَأَبِيهِ، نَظَرًا لِلْعُرْفِ.
قَالَ الشَّيْخَانِ وَالْوَجْهُ تَنْزِيلُ إطْلَاقِ الْقَاضِي
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ فَوُجِدَتْ صِفَةُ طَلَاقِهَا) إذْ لَا يُعْتَبَرُ فِيهَا الْحَلِفُ بِطَلَاقِهِمَا مَعًا حَجَرٌ
(قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ إلَخْ) فَإِذَا أَعَادَهُ طَلُقَتَا مَعًا.
(قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُرِيدَ التَّعْيِينَ) لَوْ فُرِضَ حِينَئِذٍ أَنَّ تَعْيِينَهُ مُتَعَذِّرٌ عَادَةً، فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِنْ التَّعْلِيقِ بِالْمُسْتَحِيلِ مَعَ النَّفْيِ، فَتَطْلُقُ حَالًّا فَفِي شَرْحِ الْكَمَالِ: أَنَّ التَّعْلِيقَ بِالْمُسْتَحِيلِ مَعَ النَّفْيِ يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ حَالًّا بِرّ. (قَوْلُهُ فَلَا يَبَرُّ بِذَلِكَ) أَيْ فَيَقَعُ كَمَا اعْتَمَدَهُ بَعْضُ شُرَّاحِ الْمِنْهَاجِ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ الْمُسْتَحِيلِ عَادَةً لِتَعَذُّرِهِ، وَاَلَّذِي يَتَّجِهُ أَنَّهُ إنْ أَمْكَنَ التَّمْيِيزُ عَادَةً فَمُيِّزَتْ لَمْ يَقَعْ، وَإِلَّا وَقَعَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَادَةً فَهُوَ تَعْلِيقٌ بِمُسْتَحِيلٍ حَجَرٌ. وَقَوْلُهُ: وَإِلَّا وَقَعَ الْقِيَاسُ أَنَّهُ لَا يَقَعُ عَلَى هَذَا الْبَابِ إلَّا بِالْيَأْسِ، وَقَوْلُهُ: فَهُوَ تَعْلِيقٌ بِمُسْتَحِيلٍ أَيْ: فِي النَّفْيِ فَيَقَعُ فِي الْحَالِ.
(قَوْلُهُ بِأَكْلِ بَعْضٍ) بَحَثَ الْجَوْجَرِيُّ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الْإِمَامِ فِي مَسْأَلَةِ الرَّغِيفِ الْآتِيَةِ تَقْيِيدَ الْبَعْضِ هُنَا بِأَنْ لَا يَدِقُّ مُدْرَكُهُ اهـ. بِرّ. (قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ تَرَاخٍ) لِئَلَّا يَحْنَثَ بِالْإِمْسَاكِ.
(قَوْلُهُ أَوْ بِأَنْ يَنْتَقِلَ لِغَيْرِهِ) أَشَارَ بِتَقْدِيرِ أَنْ إلَى الْعَطْفِ عَلَى الطَّفْرَةِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي بَيَانِ أَسْبَابِ زَوَالِ الْحَرَجِ، وَهِيَ الطَّفْرَةُ وَالِانْتِقَالُ وَالْحَمْلُ الْمَذْكُورَاتُ، وَلَوْ عَطَفَ تَنْتَقِلُ عَلَى تَزُولُ لَمْ يَبْقَ لَهُ مَعْنًى صَحِيحٌ، وَمَعَ تَقْدِيرِ أَنْ لَا يَخْرُجَ الْفِعْلُ عَنْ كَوْنِهِ مَرْفُوعًا كَمَا هُوَ الْمَحْفُوظُ الْمُنَاسِبُ لِقَوْلِهِ: يُحْمَلُ لِجَوَازِ رَفْعِ الْفِعْلِ مَعَ حَذْفِ أَنْ كَمَا تَقَرَّرَ فِي مَحَلِّهِ. (قَوْلُهُ عَدَمُ التَّرَاخِي) أَيْ لِئَلَّا يَحْنَثَ بِيَمِينِ الْوُثُوقِ (قَوْلُهُ فَيَحْنَثُ) اسْتَشْكَلَهُ الْجَوْجَرِيُّ بِأَنَّهُ يَنْحَلُّ إلَى أَنَّ الْإِذْنَ الْمُجَرَّدَ يُسَمَّى صُعُودًا وَنُزُولًا، وَهُوَ بَعِيدٌ، كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا وَأَقُولُ: لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ يَنْحَلُّ إلَى مَا ذُكِرَ، بَلْ إلَى أَنَّ فِعْلَ الْغَيْرِ مَعَ أَمْرِهَا لَهُ يُنْسَبُ إلَيْهَا، وَلَا بُعْدَ فِي ذَلِكَ ثُمَّ رَأَيْت مَنْ أَجَابَ بِنَحْوِهِ سم (قَوْله فَلَا أَثَرَ لِأَمْرِهَا) إذْ غَايَةُ ذَلِكَ أَنَّهُ كَالطَّفْرَةِ.
(قَوْلُهُ أَيِّ شَيْءٍ) كَأَنَّهُ شَامِلٌ لِجِلْدِ الرُّمَّانَةِ فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ غَيْرُ نَافِعٍ عِنْدَ الْإِمَامِ) وَفِي الْأَنْوَارِ فِي لَا أَلْبَسُ هَذِهِ الْعِمَامَةَ أَنَّهُ يَبَرُّ بِقَطْعِ بَعْضِهَا كَمَا فِي الرَّغِيفِ وَقَضِيَّتُهُ: أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ قَطْعِ بَعْضٍ يَقَعُ مَوْقِعًا بِأَنْ يُسَمَّى قِطْعَةَ عِمَامَةٍ، لَكِنْ سَيَأْتِي فِي الْأَيْمَانِ مَا يُصَرِّحُ
ــ
[حاشية الشربيني]
كَوُجُودِ الصِّفَةِ وَمَجْمُوعُهُمَا مِثْلُهُمَا اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ
(قَوْلُهُ بِأَكْلِ بَعْضٍ) أَيْ ابْتِلَاعِهِ، إذْ الْأَكْلُ مُعْتَبَرٌ فِي مُسَمَّاهُ الْمَضْغُ بِخِلَافِ الْبَلْعِ، فَلَوْ أَكَلَتْهَا كُلَّهَا لَمْ يَحْنَثْ، كَذَا فِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَقَالَ زي: بِالْحِنْثِ، وَمِثْلُهُ شَرْحُ م ر؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ الْأَكْلِ الْبَلْعُ؛ لِأَنَّ الْأَكْلَ مَضْغٌ مَعَ بَلْعٍ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: إنْ أَكَلْتِهَا فَأَنْت طَالِقٌ فَبَلَعَتْهَا مِنْ غَيْرِ مَضْغٍ فَلَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّ الْبَلْعَ لَا يُسَمَّى أَكْلًا لُغَةً، وَيَحْنَثُ فِي الْحَلِفِ بِاَللَّهِ نَظَرًا لِلْعُرْفِ؛ لِأَنَّ الْأَيْمَانَ مَبْنِيَّةٌ عَلَيْهِ اهـ. بج، وَهَذَا إنَّمَا يَظْهَرُ إنْ قُلْنَا: إنَّ الطَّلَاقَ مَبْنِيٌّ عَلَى اللُّغَةِ، وَإِنْ اطَّرَدَ الْعُرْفُ فَأَمَّا إذَا قُلْنَا: إنَّهُ لَا يُبْنَى عَلَيْهَا، إلَّا إذَا لَمْ يَطَّرِدْ فَالْبَابَانِ سَوَاءٌ كَمَا فِي الرَّشِيدِيِّ؛ لِأَنَّ الْأَيْمَانَ أَيْضًا إنَّمَا تُبْنَى عَلَى الْعُرْفِ إذَا اطَّرَدَ، ثُمَّ مَحَلُّ تَقْدِيمِ الْوَضْعِ اللُّغَوِيِّ أَوْ الْعُرْفِيِّ مَا لَمْ يَكُنْ لِلشَّارِعِ عُرْفٌ، وَإِلَّا قُدِّمَ عَلَيْهِمَا كَمَا فِي الرَّشِيدِيِّ عَلَى م ر وَبِهَامِشٍ عَنْ ح ل: أَنَّ الْمُغَلَّبَ فِي الطَّلَاقِ اللُّغَةُ لَا الْعُرْفُ، إلَّا إذَا قَوِيَ وَاطَّرَدَ فَإِذَا تَعَارَضَا الْأَكْثَرُونَ يُغَلِّبُونَ اللُّغَةَ، وَاشْتَهَرَ تَغْلِيبُ الْعُرْفِ فِي الْأَيْمَانِ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِيمَا لَيْسَ لِلشَّارِعِ فِيهِ عُرْفٌ، وَإِلَّا قُدِّمَ وَلِذَا لَا يَحْنَثُ بِفَاسِدٍ نَحْوَ صَلَاةٍ اهـ. وَفِي ظَنِّي أَنَّ الطَّلَاقَ تَغْلِبُ فِيهِ اللُّغَةُ مَتَى اشْتَهَرَتْ، وَإِنْ اشْتَهَرَ الْعُرْفُ احْتِيَاطًا لِلْأَبْضَاعِ فَرَاجِعْهُ.
(قَوْلُهُ إذْ فُتَاتُ الْقُرْصِ إلَخْ) ، وَلَوْ كَانَ لَوْ جُمِعَ صَارَ كَثِيرًا كَمَا قَالَهُ وَالِدُ م ر وَوَافَقَهُ زي خِلَافًا