للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِخِلَافِ رُؤْيَةِ زَيْدٍ مَثَلًا، فَقَدْ يَكُونُ الْغَرَضُ زَجْرَهَا عَنْ رُؤْيَتِهِ، (وَاقْبَلْ) قَوْلَهُ بَاطِنًا وَظَاهِرًا (إذْ الْعِيَانَ رَامْ) بِأَنْ قَالَ: أَرَدْت بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ مُعَايَنَتَهُ، نَعَمْ إنْ كَانَ الْمُعَلَّقُ بِرُؤْيَتِهِ أَعْمَى لَمْ يُقْبَلْ ذَلِكَ ظَاهِرًا.

قَالَ الرَّافِعِيُّ وَيَجِيءُ عَلَى قِيَاسِ مَا ذَكَرْنَا فِيمَا إذَا قَالَ لِلْعَمْيَاءِ: إنْ رَأَيْت فُلَانًا فَأَنْتِ طَالِقٌ أَنْ يُسَوَّى بَيْنَ الْأَعْمَى وَالْبَصِيرِ فِي قَبُولِ التَّفْسِيرِ بِالْمُعَايَنَةِ أَيْ: حَتَّى يَكُونَ مِنْ بَابِ التَّعْلِيقِ بِالْمُسْتَحِيلِ قَالَ: وَبِالْقَبُولِ أَجَابَ الْحَنَّاطِيُّ قَالَ الْإِمَامُ وَسَوَاءٌ فِيمَا ذُكِرَ عَلَّقَ بِالْعَرَبِيَّةِ أَمْ بِالْعَجَمِيَّةِ، وَتَبِعَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَقَالَ الْقَفَّالُ إنْ عَلَّقَ بِالْعَجَمِيَّةِ حُمِلَ عَلَى الْمُعَايَنَةِ سَوَاءٌ فِيهِ الْبَصِيرُ وَالْأَعْمَى؛ لِأَنَّ الْعُرْفَ الْمَذْكُورَ لَمْ يَثْبُت إلَّا فِي الْعَرَبِيَّةِ، وَبِمَا قَالَهُ جَزَمَ الْفُورَانِيُّ وَالْبَغَوِيِّ وَالْخُوَارِزْمِيُّ وَالْمُتَوَلِّي (وَإِنْ قَرَاهُ) أَيْ الْكِتَابِ (الْغَيْرُ) أَيْ غَيْرُ الْمُعَلَّقِ بِقِرَاءَتِهِ عَلَيْهِ (وَهْوَ أُمِّي) فَهُوَ كَقِرَاءَتِهِ، فَلَوْ قَالَ: إذَا قَرَأْت كِتَابِي فَأَنْت طَالِقٌ فَقَرَأَهُ عَلَيْهَا غَيْرُهَا، وَهِيَ أُمِّيَّةٌ وَقَعَ؛ لِأَنَّ الْقِرَاءَةَ فِي حَقِّ الْأُمِّيِّ مَحْمُولَةٌ عَلَى الِاطِّلَاعِ بِخِلَافِ الْقَارِئَةِ؛ لِأَنَّهَا أَهْلٌ لِلْقِرَاءَةِ، وَلَمْ تَقْرَأْ نَعَمْ إنْ جَهِلَ الزَّوْجُ حَالَهَا حُمِلَ التَّعْلِيقُ عَلَى قِرَاءَتِهَا عَلَى الْأَقْرَبِ فِي الرَّافِعِيِّ قَالَ: لِأَنَّهُ حَقِيقَةُ اللَّفْظِ، وَالْمُعْتَبَرُ فِي الْقِرَاءَةِ أَنْ تَطَّلِعَ عَلَى مَا فِيهِ، فَإِذَا طَالَعَتْهُ وَفَهِمَتْ مَا فِيهِ يَقَعُ الطَّلَاقُ، وَإِنْ لَمْ تَتَلَفَّظْ بِشَيْءٍ، نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ عَنْ الْإِمَامِ وَأَقَرَّاهُ.

(وَ) قِرَاءَةُ غَيْرِ الْمُعَلَّقِ بِقِرَاءَتِهِ عَلَيْهِ (مُطْلَقًا) عَنْ التَّقْيِيدِ بِالْأُمِّيِّ كِتَابَ الْإِمَامِ (لِعَزْلِ أَهْلِ الْحُكْمِ) كَقِرَاءَتِهِ، فَلَوْ كَتَبَ الْإِمَامُ إلَى حَاكِمٍ: إذَا قَرَأْت كِتَابِي فَأَنْتِ مَعْزُولٌ انْعَزَلَ بِقِرَاءَةِ غَيْرِهِ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ قَارِئًا؛ لِأَنَّ غَرَضَ الْإِمَامِ إعْلَامُهُ بِصُورَةِ الْحَالِ لَا قِرَاءَتُهُ بِنَفْسِهِ، وَالطَّلَاقُ قَدْ يُعَلَّقُ عَلَى قِرَاءَتِهَا خَاصَّةً لِغَرَضٍ، فَعُمِلَ بِمُقْتَضَى ظَاهِرِ اللَّفْظِ، لَكِنْ صَوَّبَ فِي الْمُهِمَّاتِ عَدَمَ عَزْلِ الْحَاكِمِ أَيْضًا، فَلَا فَرْقَ عِنْدَهُ، (وَمَعْ ذُهُولِ الْكَلَامِ وَبِمَا يَمْنَعُ سَمْعًا) أَيْ وَالْكَلَامُ مَعَ ذُهُولِ الْمُخَاطَبِ، أَوْ مَعَ مَا يَمْنَعُهُ مِنْ السَّمَاعِ (لَغَطًا) كَانَ الْمَانِعُ

(أَوْ صَمَمَا) أَوْ رِيحًا، كَالْكَلَامِ مَعَ غَيْرِ ذَلِكَ فَلَوْ قَالَ: إنْ كَلَّمْت زَيْدًا فَأَنْت طَالِقٌ، فَكَلَّمَتْهُ مِنْ مَسَافَةٍ يُسْمَعُ مِنْ مِثْلِهَا الْكَلَامُ، فَلَمْ يَسْمَعْهَا لِذُهُولِهِ أَوْ لِوُجُودِ لَغَطٍ أَوْ صَمَمٍ يَمْنَعُهُ مِنْ السَّمَاعِ طَلَقَتْ؛ لِأَنَّهَا كَلَّمَتْهُ وَعَدَمُ السَّمَاعِ لِعَارِضٍ، وَذِكْرُ الصَّمَمِ مِنْ زِيَادَةِ النَّظْمِ وَمَا ذَكَرَهُ فِيهِ هُوَ مَا صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ هُنَا، وَجَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا فِي كِتَابِ الْجُمُعَةِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَرَأَيْته فِي التَّتِمَّةِ هُنَاكَ مَنْقُولًا عَنْ النَّصِّ، وَصَحَّحَ النَّوَوِيُّ فِي تَصْحِيحِهِ عَدَمَ الْوُقُوعِ.

(وَكُلُّ مَا يُسْمَى بِعَيْنٍ) عُيِّنَ فَلَوْ قَالَ: إنْ رَأَيْت عَيْنًا فَأَنْت طَالِقٌ طَلَقَتْ بِرُؤْيَةِ كُلِّ مَا يُسَمَّى عَيْنًا كَالْبَاصِرَةِ وَالْجَارِيَةِ وَالشَّمْسِ وَالذَّهَبِ وَالْجَاسُوسِ وَغَيْرِهَا.

(وَقَدِمْ كِتَابُهُ سَطْرُ طَلَاقِهَا سَلِمْ) أَيْ: وَلَوْ قَدَّمَ كِتَابَهُ بِطَلَاقِهَا، وَقَدْ سَلِمَ سَطْرُ

ــ

[حاشية العبادي]

حَصَلَ لِي فَقَطْ، وَعَلَيْهِ فَقَدْ يَخْفَى التَّفْصِيلُ بَيْنَ الْبَصِيرِ وَالْأَعْمَى فِي قَبُولِ إرَادَةِ الْمُعَايَنَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ وَاقْبَلْ، إذْ الْعِيَانُ رَامٍ) وَفِيمَا إذَا صَرَّحَ بِالْمُعَايَنَةِ أَوْ فَسَّرَ بِهَا وَقَبِلْنَاهُ يَنْحَلُّ الْيَمِينُ بِمُضِيِّ ثَلَاثٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى حِينَئِذٍ هِلَالًا شَرْحُ الرَّوْضِ.

(قَوْلُهُ قَالَ الرَّافِعِيُّ إلَخْ) مُقَابِلُ نَعَمْ وَقَوْلُهُ: وَيَجِيءُ عَلَى قِيَاسِ إلَخْ وَجْهُ الْقِيَاسِ الْمَذْكُورِ أَنَّهُ لَمَّا حُمِلَتْ الرُّؤْيَةُ ثَمَّ عَلَى الْمُعَايَنَةِ وَجَبَ قَبُولُ التَّفْسِيرِ بِهَا، غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّا لَمْ نَحْمِلْهَا هُنَا عَلَيْهَا نَظَرًا لِلْعُرْفِ. (قَوْلُهُ أَنْ يُسَوَّى) أَيْ فِي مَسْأَلَةِ الْهِلَالِ خِلَافُ مَا سَلَفَ مِنْ عَدَمِ الْقَبُولِ بِرّ (قَوْلُهُ إلَّا فِي الْعَرَبِيَّةِ) قَضِيَّةُ هَذَا التَّعْلِيلِ: أَنَّ الْعِبْرَةَ بِالْحَالِفِ لَا بِالصِّيغَةِ الْعَجَمِيَّةِ فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ وَأَنَّ قِرَاءَةَ إلَخْ) .

(فَرْعٌ) عَلَّقَ وَهِيَ قَارِئَةٌ وَالزَّوْجُ يَعْلَمُ أَنَّهَا قَارِئَةٌ فَنَسِيَتْ الْقِرَاءَةَ وَصَارَتْ أُمِّيَّةً قَبْلَ مَجِيءِ الْكِتَابِ أَوْ، وَهِيَ أُمِّيَّةٌ وَالزَّوْجُ يَعْلَمُ أَنَّهَا أُمِّيَّةٌ فَتَعَلَّمَتْ الْقِرَاءَةَ قَبْلَ مَجِيءِ الْكِتَابِ، فَالْوَجْهُ اعْتِبَارُ قِرَاءَتِهَا بِنَفْسِهَا فِي الْأُولَى دُونَ الثَّانِيَةِ اعْتِبَارًا بِوَقْتِ التَّعْلِيقِ فِيهِمَا، وَلَوْ ادَّعَى فِي الْأُمِّيَّةِ الَّتِي يَعْلَمُ أَنَّهَا أُمِّيَّةٌ إرَادَةَ التَّعْلِيقِ عَلَى قِرَاءَتِهَا بِنَفْسِهَا، فَهَلْ يُقْبَلُ ظَاهِرًا؟ فِيهِ نَظَرٌ.

(قَوْلُهُ وَصَحَّحَ النَّوَوِيُّ فِي تَصْحِيحِهِ عَدَمَ الْوُقُوعِ) حَمَلَ بَعْضُهُمْ الْأَوَّلَ عَلَى مَنْ يَسْمَعُ مَعَ رَفْعِ الصَّوْتِ وَالثَّانِي عَلَى مَنْ لَمْ يَسْمَعْ، وَلَوْ مَعَ رَفْعِ الصَّوْتِ.

(قَوْلُهُ وَالْجَاسُوسِ) وَحَرْفُ التَّهَجِّي عَلَى مَا قَالَهُ النَّاشِرِيُّ وَابْنُ كَبَّنَ وَغَيْرُهُمَا لِوُقُوعِ الِاسْمِ عَلَى الْجَمِيعِ بِالِاشْتِرَاكِ اللَّفْظِيِّ، سَوَاءٌ مِنْ غَيْرِ تَرْجِيحِ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ، وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الْوُقُوعِ هُنَا بَيْنَ أَنْ نَقُولَ: بِأَنَّ حَمْلَ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الْمُشْتَرَكَ عَلَى مَعْنَيَيْهِ أَوْ مَعَانِيهِ مِنْ بَابِ الِاحْتِيَاطِ، وَهُوَ مَا نَقَلَهُ الْبَيْضَاوِيُّ أَوْ مِنْ بَابِ الْعُمُوم، وَهُوَ مَا نَقَلَهُ الْآمِدِيُّ خِلَافًا لِمَا يُتَوَهَّم مِنْ إفْتَاءِ أَبِي زُرْعَةَ فِيمَنْ قَالَ: كُلُّ امْرَأَةٍ لِي بِمِصْرَ طَالِقٌ

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ لَمْ يُقْبَلْ ذَلِكَ ظَاهِرًا) أَيْ وَيَدِينُ، وَهَذَا هُوَ مَا دَرَجَ عَلَيْهِ م ر. (قَوْلُهُ فَقَرَأَهُ عَلَيْهَا) أَيْ مَعَ فَهْمِهِمَا لِمَا فِيهِ اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ

(قَوْلُهُ فَكَلَّمَتْهُ) أَيْ لَا مَعَ نَحْوِ نَوْمٍ أَوْ إغْمَاءٍ أَوْ جُنُونٍ، إلَّا إنْ عَلَّقَ، وَهِيَ مَجْنُونَةٌ شَرْحُ الْإِرْشَادِ. (قَوْلُهُ وَصَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ) قَالَ حَجَرٌ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ: هُوَ الْمُعْتَمَدُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>