للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَظَرٌ وَيَنْبَغِي كَرَاهَتُهُ لِصِحَّةِ الْخَبَرِ فِيهَا وَلِدَفْعِ الْإِيذَاءِ (وَلْيَسْتَأْنِي) أَيْ يَنْتَظِرْ وُجُوبًا بَعْدَ الرَّجْعَةِ (بِهِ) أَيْ بِالطَّلَاقِ إنَّ أَرَادَهُ (إلَى الطُّهْرِ) فَيُطَلِّقْ فِيهِ، لَكِنَّ الْإِمْسَاكَ إلَى الطُّهْرِ الثَّانِي أَوْلَى لِلرِّوَايَةِ السَّابِقَةِ، وَلِئَلَّا يَكُونَ الْمَقْصُودُ مِنْ الرَّجْعَةِ مُجَرَّدَ الطَّلَاقِ وَكَمَا يُنْهَى عَنْ النِّكَاحِ لِمُجَرَّدِ الطَّلَاقِ يُنْهَى عَنْ الرَّجْعَةِ لَهُ، وَلَا يُنْدَبُ الْوَطْءُ فِي الطُّهْرِ الْأَوَّلِ اكْتِفَاءً بِإِمْكَانِهِ.

وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى كَلَامِهِ أَنَّهُ يُنْتَظَرُ بِنَدْبِ الرَّجْعَةِ بِمَعْنَى يَسْتَمِرُّ نَدْبُهَا إلَى الطُّهْرِ الْمَذْكُورِ، فَعِنْدَ الطُّهْرِ يَسْقُطُ النَّدْبُ وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ وَنَقَلَهُ عَنْهُ الرُّويَانِيُّ وَأَقَرَّهُ، لَكِنَّ قَضِيَّةَ كَلَامِ غَيْرِهِمَا بَقَاءُ النَّدْبِ إلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ

(وَإِلَّا) بِأَنْ خَلَا الطَّلَاقُ عَمَّا يُصَيِّرُهُ بِدْعِيًّا وَكَانَتْ الْمَرْأَةُ تَعْتَدُّ بِالطُّهْرِ، كَمَا إنَّهَا كَذَلِكَ فِي الْبِدْعِيِّ بِقَرِينَةِ مَا سَيَأْتِي فَهُوَ (سُنِّي، وَلَوْ عَلَى جَمْعِ) الطَّلَاقِ (الثَّلَاثِ) دَفْعَةً وَاحِدَةً (اسْتَوْلَى) ، إذْ لَا بِدْعَةَ عِنْدَنَا فِي جَمْعِهَا لِمَا فِي خَبَرِ اللِّعَانِ: أَنَّ «الْمُلَاعِنَ قَالَ هِيَ طَالِقٌ ثَلَاثًا، وَلَوْ كَانَ بِدْعِيًّا لَأَنْكَرَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» لِئَلَّا يَعُودَ إلَى مِثْلِهِ وَلِأَنَّهُ إزَالَةُ مِلْكٍ فَجَازَ مُجْتَمِعًا وَمُتَفَرِّقًا كَعِتْقِ الْعَبِيدِ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْعِتْقَ مَحْبُوبٌ وَالطَّلَاقَ مَبْغُوضٌ، (لَكِنَّ تَفْرِيقَ الثَّلَاثِ) عَلَى الْأَقْرَاءِ أَوْ الْأَشْهُرِ (أَوْلَى) مِنْ جَمْعِهَا، لِيَتَمَكَّنَ مِنْ الرَّجْعَةِ أَوْ التَّجْدِيدِ إنْ نَدِمَ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلْيُفَرِّقْهَا عَلَى الْأَيَّامِ.

(وَهْوَ لِمَنْ بِطُهْرِهَا لَمْ تُجْعَلَا مُعْتَدَّةً) أَيْ وَالطَّلَاقُ لِمَنْ لَا تَعْتَدُّ بِالطُّهْرِ لَا بِدْعِيٌّ وَلَا سُنِّيٌّ كَمَا سَيَأْتِي، وَذَلِكَ بِأَنْ لَا تَعْتَدَّ أَصْلًا، بِأَنْ لَمْ تُوطَأْ وَلَمْ تَسْتَدْخِلْ الْمَاءَ، أَوْ تَعْتَدُّ بِالْأَشْهُرِ لِصِغَرٍ أَوْ يَأْسٍ أَوْ بِوَضْعِ الْحَمْلِ لِانْتِفَاءِ مَا ذُكِرَ فِي الْبِدْعِيِّ وَالسُّنِّيِّ، قَالَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ: وَقَدْ تُضْبَطُ الْأَقْسَامُ عَلَى الْإِبْهَامِ بِأَنْ يُقَالَ: الطَّلَاقُ إنْ حَرُمَ إيقَاعُهُ فَبِدْعِيٌّ، وَإِلَّا فَسُنِّيٌّ فِي حَقِّ مَنْ يَعْتَوِرُهَا التَّحْرِيمُ، وَلَيْسَ بِسُنِّيٍّ وَلَا بِدْعِيٍّ فِي حَقِّ غَيْرِهَا، (وَالْفَسْخُ أَيْضًا لَا) بِدْعِيٌّ (وَلَا) سُنِّيٌّ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا شُرِعَ لِدَفْعِ ضَرَرٍ نَادِرٍ، فَلَا يُنَاسِبُهُ تَكْلِيفُ رِعَايَةَ الْأَوْقَاتِ وَلِأَنَّهُ فَوْرِيٌّ، فَلَوْ كَانَ كَالطَّلَاقِ فِيمَا ذُكِرَ لَأُخِّرَ عَنْ زَمَنِ الْبِدْعَةِ إلَى زَمَنِ السُّنَّةِ، فَيَتَنَافَى فِي الْفَوْرِيَّةِ وَالتَّأْخِيرِ.

وَيُسْتَثْنَى مِمَّا دَخَلَ تَحْتَ قَوْلِهِ: وَإِلَّا إلَى آخِرِهِ طَلَاقُ زَوْجَتِهِ الْحَامِلِ مِنْ زِنًا وَطَلَاقُ زَوْجَتِهِ الَّتِي وَطِئَهَا غَيْرُهُ بِشُبْهَةٍ فَحَبِلَتْ مِنْهُ، فَإِنَّهُ بِدْعِيٌّ إذْ الْعِدَّةُ تَقَعُ بَعْدَ الْوَضْعِ وَالنِّفَاسِ، فَلَا يُشْرَعُ عَقِبَ الطَّلَاقِ فِي الْعِدَّةِ بِخِلَافِ الْحَامِلِ مِنْهُ، ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا ثُمَّ مَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّ الطَّلَاقَ يَنْقَسِمُ إلَى الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ هُوَ الْمَشْهُورُ، وَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَهُ قِسْمَيْنِ سُنِّيًّا، وَهُوَ الْجَائِزُ وَبِدْعِيًّا، وَهُوَ الْمُحَرَّمُ، وَهَذَا

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ فَيُطَلِّقُ فِيهِ لَكِنَّ الْإِمْسَاكَ إلَى الطُّهْرِ الثَّانِي أَوْلَى) عِبَارَةُ الرَّوْضِ: فَإِنْ رَاجَعَ وَالْبِدْعَةُ لِحَيْضٍ، فَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يُطَلِّقَهَا فِي الطُّهْرِ مِنْهُ، أَوْ كَانَتْ الْبِدْعَةُ لِطُهْرٍ جَامَعَهَا فِيهِ أَيْ: أَوْ فِي حَيْضٍ قَبْلَهُ وَلَمْ يَبِنْ حَمْلُهَا وَوَطِئَ بَعْدَ الرَّجْعَةِ أَيْ: فِيهِ، فَلَا بَأْسَ بِطَلَاقِهَا فِي الطُّهْرِ الثَّانِي، وَإِلَّا أَيْ بِأَنْ لَمْ يُرَاجِعْهَا إلَّا بَعْدَ الطُّهْرِ أَوْ رَاجَعَهَا فِيهِ وَلَمْ يَطَأْهَا اُسْتُحِبَّ أَنْ لَا يُطَلِّقَهَا فِيهِ أَيْ: الطُّهْرِ الثَّانِي اهـ. قَالَ فِي شَرْحِهِ: وَظَاهِرٌ أَنَّ ذَلِكَ فِيمَنْ طَلَّقَ غَيْرَ مَنْ لَمْ يُسْتَوْفَ دَوْرُهَا مِنْ الْقَسْمِ، بِخِلَافِ مَنْ طَلَّقَ هَذِهِ لِلُزُومِ الرَّجْعَةِ لَهُ لِيُوفِيَهَا حَقَّهَا اهـ. (قَوْلُهُ فَعِنْدَ الطُّهْرِ يَسْقُطُ النَّدْبُ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ: يُسْتَحَبُّ لِمَنْ طَلَّقَ بِدْعِيًّا أَنَّهُ يُرَاجِعُ قَالَ فِي شَرْحِهِ: مَا لَمْ يَدْخُلْ الطُّهْرُ الثَّانِي اهـ.

(قَوْلُهُ كَذَلِكَ) أَيْ تَعْتَدُّ بِالطُّهْرِ (قَوْلُهُ بِقَرِينَةِ مَا سَيَأْتِي) أَيْ إنَّ طَلَاقَ مَنْ لَا تَعْتَدُّ بِالطُّهْرِ لَا سُنِّيَّ، وَلَا بِدْعِيَّ. (قَوْلُهُ لِئَلَّا يَعُودَ إلَى مِثْلِهِ) وَلِئَلَّا يَتَوَهَّمَ الْحَاضِرُونَ جَوَازَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ بِدْعِيٌّ إلَخْ) قَالَ فِي الرَّوْضِ: وَذَكَرَ أَيْ: الْأَصْلُ فِي الْعِدَّةِ فِي حَمْلِ الزِّنَا خِلَافَ هَذَا أَيْ حَيْثُ ذَكَرَ أَنَّ الْعِدَّةَ تَنْقَضِي مَعَ وُجُودِ حَمْلِ الزِّنَا، قَالَ الشَّارِحُ فِي شَرْحِهِ: لَيْسَ خِلَافَهُ، بَلْ ذَاكَ فِيمَا إذَا حَاضَتْ، وَهَذَا فِيمَا إذَا لَمْ تَحِضْ بِقَرِينَةِ تَعْلِيلِهِ السَّابِقِ اهـ. وَحِينَئِذٍ فَهَلْ يَأْثَمُ؛ لِأَنَّهَا قَدْ لَا تَحِيضُ فَيَتَأَخَّرُ شُرُوعُ الْعِدَّةِ إلَى الْوَضْعِ وَالنِّفَاسِ؟ ،

ــ

[حاشية الشربيني]

اهـ. م ر.

(قَوْلُهُ يَسْقُطُ النَّدْبُ) عِبَارَةُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ: وَيَنْتَهِي زَمَنُ السُّنَّةِ بِانْتِهَاءِ زَمَنِ الْبِدْعَةِ، وَهِيَ فِي طُهْرٍ وَطِئَ فِيهِ، أَوْ فِي حَيْضٍ قَبْلَهُ بِفَرَاغِهِ مَعَ زَمَنِ الْحَيْضِ بَعْدَهُ، وَفِي حَيْضٍ خَالٍ عَنْ الْوَطْءِ بِفَرَاغِهِ اهـ.

(قَوْلُهُ قَالَ) أَيْ قَبْلَ أَنْ يُخْبِرَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِتَحْرِيمِهَا عَلَيْهِ فَلَوْ حَرُمَ لَنَهَاهُ؛ لِأَنَّهُ أَوْقَعَهُ مُعْتَقِدًا بَقَاءَ الزَّوْجِيَّةِ، وَمَعَ اعْتِقَادِهَا يَحْرُمُ الْجَمْعُ عِنْدَ الْمُخَالِفِ، وَمَعَ الْحُرْمَةِ يَجِبُ الْإِنْكَارُ عَلَى الْعَالِمِ وَتَعْلِيمُ الْجَاهِلِ وَلَمْ يُوجَدَا فَدَلَّ عَلَى أَنْ لَا حُرْمَةَ اهـ. م ر. (قَوْلُهُ فِي حَقِّ مَنْ يَعْتَوِرُهَا التَّحْرِيمُ) وَهِيَ مَنْ تَعْتَدُّ بِالطُّهْرِ.

(قَوْلُهُ طَلَاقُ زَوْجَتِهِ الْحَامِلِ مِنْ زِنًا) إنْ كَانَ مَبْنِيًّا عَلَى أَنَّهَا لَا تَحِيضُ، فَهُوَ خُرُوجٌ عَنْ الْمَوْضُوعِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيمَنْ تَعْتَدُّ بِالطُّهْرِ عَلَى أَنَّهَا حِينَئِذٍ تَعْتَدُّ بِالْأَشْهُرِ كَمَا فِي حَاشِيَةِ الْمَنْهَجِ، وَإِنْ كَانَ مَبْنِيًّا عَلَى أَنَّهَا تَحِيضُ، فَإِنْ كَانَتْ تَحِيضُ مَعَ الْحَمْلِ اعْتَدَّتْ بِالْأَقْرَاءِ كَمَا نَقَلَهُ ع ش عَنْ سم، وَإِنْ كَانَتْ لَا تَحِيضُ مَعَهُ، فَهُوَ ضَعِيفٌ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ زَمَنَ حَمْلِ الزِّنَا لَا يُحْسَبُ مِنْ الْعِدَّةِ، وَالْوَجْهُ حُسْبَانُهُ وَلَا يَضُرُّ طُولُ الْمُدَّةِ؛ لِأَنَّهَا تَشْرَعُ فِي الْعِدَّةِ فَلَيْسَ بِدْعِيًّا، كَذَا فِي ح ل عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>