بِالتَّحْرِيمِ نَظَرٌ فَإِنَّ الْوَطْءَ قَدْ يَكُونُ مُحَرَّمًا، وَلَيْسَ زِنًا كَوَطْءِ حَائِضٍ وَمُحْرِمَةٍ وَمَمْلُوكَةٍ مُحَرَّمَةٍ بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ فَالْوَجْهُ أَنْ يُضِيفَ إلَى وَصْفِهِ بِالتَّحْرِيمِ مَا يَقْتَضِي الزِّنَا نَبَّهَ عَلَيْهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ (وَإِنْ بِتَذْكِيرٍ وَضِدٍّ) أَيْ تَأْنِيثٍ (لَحَنَا) كَقَوْلِهِ لِلرَّجُلِ زَنَيْتِ بِكَسْرِ التَّاءِ، أَوْ يَا زَانِيَةُ وَلِلْمَرْأَةِ زَنَيْتَ بِفَتْحِ التَّاءِ، أَوْ يَا زَانِي فَإِنَّهُ قَذْفٌ؛ لِأَنَّ اللَّحْنَ فِي ذَلِكَ لَا يَمْنَعُ الْفَهْمَ (وَ) بِلَفْظِ (فَرْجُ ذَا وَذَكَرٌ) أَيْ: أَوْ ذَكَرٍ أَوْ قُبُلٍ، أَوْ دُبُرٍ (مِنْكَ زَنَا) لِإِضَافَةِ الْفِعْلِ إلَى مَحَلِّهِ وَآلَتِهِ بِخِلَافِ قَوْلِهِ زَنَى عَيْنُك، أَوْ يَدُك، أَوْ رِجْلُك فَإِنَّهُ كِنَايَةٌ؛ لِأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ إضَافَةِ الزِّنَا إلَى الْعَيْنِ النَّظَرُ وَإِلَى الْيَدِ اللَّمْسُ وَإِلَى الرِّجْلِ الْمَشْيُ.
وَلَوْ قَالَ زَنَى بَدَنُك فَقَذْفٌ لِإِضَافَةِ الزِّنَا إلَى الْجُمْلَةِ فَكَانَ كَقَوْلِهِ زَنَيْت وَكَذَا لَوْ قَالَ لِامْرَأَةٍ زَنَيْت فِي قُبُلِك بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَهُ لِرَجُلٍ فَإِنَّهُ كِنَايَةٌ؛ لِأَنَّ زِنَاهُ بِقُبُلِهِ لَا فِيهِ وَمَحَلُّ مَا ذُكِرَ فِي غَيْرِ الْمُشْكِلِ، أَمَّا فِيهِ فَإِنَّمَا يَكُونُ قَذْفًا إذَا أَضَافَهُ لِفَرْجَيْهِ فَلَوْ ذَكَرَ أَحَدَهُمَا فَفِي الْبَيَانِ مُقْتَضَى الْمَذْهَبِ أَنَّهُ كَإِضَافَتِهِ إلَى الْيَدِ حَكَاهُ عَنْهُ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ حَدِّ الْقَذْفِ وَارْتَضَاهُ وَالنَّوَوِيُّ مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا، وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَةٍ وَطِئَك رَجُلَانِ فِي وَقْتٍ فَلَا حَدَّ لِاسْتِحَالَتِهِ فَهُوَ كَذِبٌ صَرِيحٌ وَيُعَزَّرُ لِلْإِيذَاءِ
(وَ) بِلَفْظِ (خَالِدٌ أَزْنَى مِنْ النَّاسِ) وَقَدْ (عَنَى) يَعْنِي: ذَكَرَ (مَعْ) ذَلِكَ وَ (فِيهِمْ زُنَاةٌ) فَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهُ، فَلَا قَذْفَ إذْ الْكُلُّ لَيْسُوا زُنَاةً حَتَّى لَوْ قَالَ وَكُلُّهُمْ زُنَاةٌ لَمْ يَكُنْ قَذْفًا لِكَذِبِهِ وَبِمِثْلِهِ أَجَابُوا فِيمَا لَوْ قَالَ أَنْت أَزْنَى أَهْلِ بَغْدَادَ إلَّا أَنْ يُرِيدَ أَزْنَى مِنْ زُنَاةِ أَهْلِهَا وَحَيْثُ لَا حَدَّ فِي ذَلِكَ فَعَلَيْهِ التَّعْزِيرُ وَنَاقَشَ ابْنُ الْمُقْرِي فِي الْعِبَارَةِ الْمَذْكُورَةِ فَقَالَ وَقَوْلُ الْحَاوِي وَأَنْتَ أَزْنَى مِنْ النَّاسِ وَفِيهِمْ زُنَاةٌ مُخَالِفٌ لِمَا فِي التَّعْزِيرِ وَالرَّوْضَةِ لِأَنَّهُ جَعَلَهُ أَزْنَى مِنْ النَّاسِ وَقَدْ نَصُّوا عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِصَرِيحٍ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَهُ نِسْبَةُ النَّاسِ كُلِّهِمْ إلَى الزِّنَا وَإِنَّهُ أَكْثَرُ زِنًا مِنْهُمْ وَهَذَا كَذِبٌ، فَلَا يُعَدُّ صَرِيحًا وَقَوْلُهُ بَعْدُ: وَفِيهِمْ زُنَاةٌ لَا يُفِيدُ شَيْئًا لِأَنَّهُ لَا يُصْرَفُ إلَى الزُّنَاةِ مَا نَسَبَهُ إلَى النَّاسِ وَكَوْنُ الزُّنَاةِ فِي النَّاسِ مَعْلُومٌ، وَإِنْ سَكَتَ عَنْهُ وَعِبَارَةُ الْعَزِيزِ وَالرَّوْضَةِ فِي النَّاسِ زُنَاةٌ وَأَنْتَ أَزْنَى مِنْهُمْ، أَوْ أَزْنَى مِنْ زُنَاةِ النَّاسِ لَا يَخْفَى الْفَرْقُ بَيْنَ الْعِبَارَتَيْنِ اهـ.
(أَوْ) بِلَفْظِ خَالِدٌ أَزْنَى مِنْ (ذَا) إنْ قَالَ مَعَهُ (وَزَنَى) ذَا (أَوْ) كَانَ قَدْ (ثَبَتَ الزِّنَا) أَيْ: زُنَاةٌ بِإِقْرَارِهِ، أَوْ بِبَيِّنَةٍ (وَيَعْلَمَنْهُ) أَيْ: وَعَلِمَ الْقَاذِفُ ثُبُوتَهُ فَلَوْ جَهِلَهُ وَحَلَفَ عَلَيْهِ عُزِّرَ وَلَمْ يُحَدَّ وَحَيْثُ يَكُونُ قَاذِفًا لِخَالِدٍ فَهُوَ قَاذِفٌ لِلْمُشَارِ إلَيْهِ فَيُحَدُّ لَهُ أَيْضًا إنْ لَمْ يُثْبِتْ زِنَاهُ وَإِلَّا عُزِّرَ (وَ) بِلَفْظِ (لَسْتَ بِابْنِ خَالِدٍ) وَهُوَ ابْنُهُ فَهُوَ قَذْفٌ لِأُمِّهِ وَاسْتُشْكِلَ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ رَمْيُهَا بِالزِّنَا لِجَوَازِ أَنْ يُرِيدَ أَنَّهُ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ دَعْوَى ذَلِكَ وَفِيهِ نَظَرٌ (لَا) إنْ صَدَرَ ذَلِكَ (مِنْهُ) أَيْ مِنْ خَالِدٍ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: أَنَّهُ كَإِضَافَتِهِ إلَى الْيَدِ) فَيَكُونُ كِنَايَةً بِرّ (قَوْلُهُ: وَطْئِك رَجُلَانِ) هَذَا مَحَلُّهُ إذَا قَيَّدَ بِالْقُبُلِ، أَوْ الدُّبُرِ فَإِنَّ الْإِطْلَاقَ لَا مَجَالَ فِيهِ لِإِمْكَانِ أَنْ يَطَأَهَا وَاحِدٌ فِي الْقُبُلِ وَآخَرُ فِي الدُّبُرِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ بِرّ، وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ (قَوْلُهُ: أَزْنَى مِنْهُمْ) أَيْ: الزُّنَاةِ (قَوْلُهُ وَاسْتَشْكَلَ بِأَنَّهُ. . إلَخْ) يُجَابُ بِأَنَّهُمْ بَنَوْا الْأَمْرَ
ــ
[حاشية الشربيني]
وَصْفُهُ بِنَحْوِ اللِّيَاطَةِ لِيَخْرُجَ وَطْءُ الزَّوْجِ فِيهِ فَإِنَّ الرَّمْيَ بِهِ غَيْرُ قَذْفٍ كَمَا فِي شَرْحِ م ر عَلَى الْمِنْهَاجِ وَحَاصِلُ مَا يُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّ الرَّمْيَ بِإِيلَاجِ الْحَشَفَةِ فِي الدُّبُرِ قَذْفٌ صَرِيحٌ بِمُجَرَّدِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ الْمَقْذُوفُ زَوْجًا وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ بِمُجَرَّدِهِ صَرِيحًا بَلْ لَا بُدَّ فِيهِ حِينَئِذٍ مِنْ التَّقْيِيدِ بِمَا يُفِيدُ اللِّيَاطَةَ لِيَخْرُجَ إيلَاجُ زَوْجٍ فِي دُبُرِ زَوْجَتِهِ إذْ لَيْسَ يُسَمَّى لِيَاطَةً فَلَا حَدَّ بِالْقَذْفِ بِهِ (قَوْلُهُ: زَنَيْت فِي قُبُلِك) وَلَوْ قَالَ لَهَا بِقُبُلِك كَانَ كِنَايَةً عَلَى مَا اعْتَمَدَهُ ع ش لِأَنَّهَا زَنَتْ فِيهِ لَا بِهِ وَلَوْ عَلَتْ عَلَيْهِ خِلَافًا لِمَرِّ وَانْظُرْ حُكْمَ الْإِيلَاجِ فِي قُبُلِ الرَّجُلِ لَوْ فُرِضَ هَلْ هُوَ زِنًا وَمُقْتَضَى تَفْرِيقِهِمْ بَيْنَ فِي قُبُلِك وَبِقُبُلِك أَنَّهُ لَيْسَ زِنًا وَإِلَّا كَانَ صَرِيحًا مُطْلَقًا فَحَرِّرْهُ مِنْ بَابِ الزِّنَا. اهـ. شَيْخُنَا وَقَدْ يُقَالُ: عَلَى فَرْضِ أَنَّهُ زِنًا هُوَ نَادِرٌ لَا نَظَرَ إلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: وَنَاقَشَ. . إلَخْ) ارْتَضَى حَجَرٌ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ الْمُنَاقَشَةَ وَجَرَى عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ صَرِيحٍ فَإِنْ أَرَادَ أَنَّهُ أَزْنَى مِنْ زُنَاتِهِمْ كَانَ قَذْفًا فَهُوَ كِنَايَةٌ (قَوْلُهُ وَاسْتَشْكَلَ. . إلَخْ) قَدْ يُقَالُ عَدَمُ اللُّزُومِ لَا يَمْنَعُ أَنَّهُ يُفْهَمُ مِنْهُ عُرْفًا الْقَذْفُ ثُمَّ رَأَيْت الشَّيْخَ عَمِيرَةَ أَجَابَ بِقَوْلِهِ قَدْ يُقَالُ: الْمَفْهُومُ مِنْهُ عُرْفًا إرَادَةُ الزِّنَا مَعَ الْإِيذَاءِ التَّامِّ لِلْأُمِّ فَلَا تُقْبَلُ إرَادَةُ مِثْلِ هَذَا. اهـ. (قَوْلُهُ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ) أَيْ: مِنْ الزَّوْجَةِ إذْ شُبْهَةُ الزَّوْجِ لَا تَمْنَعُ زِنَاهَا. اهـ. سم وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ إذْ شُبْهَةُ الْوَاطِئِ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ لَيْسَ ابْنَ خَالِدٍ وَأَنَّهُ يُمْكِنُ زِنَاهَا بِذَلِكَ الْوَلَدِ تَدَبَّرْ ثُمَّ رَأَيْت عِبَارَةَ سم عَلَى حَجَرٍ وَعَبَّرَ بِالْوَاطِئِ دُونَ الزَّوْجِ.
(قَوْلُهُ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ. . إلَخْ) كَذَا فِي شَرْحِ م ر عَلَى م مُعَلِّلًا بِنُدْرَةِ وَطْءِ الشُّبْهَةِ فَلَمْ يُحْمَلْ اللَّفْظُ عَلَيْهِ وَلَمْ يُقْبَلْ تَفْسِيرُهُ بِهِ وَفِي ق ل أَنَّهُ إنْ ادَّعَى إرَادَةَ ذَلِكَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ وَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ) لِأَنَّهُ صَرِيحٌ يَقْبَلُ الصَّرْفَ فَالْقِيَاسُ قَبُولُهُ وَفِي الْأَنْوَارِ أَنَّهُ إنْ أَرَادَ نَفْيَهُ خَلْقًا أَوْ خُلُقًا لَا يَكُونُ قَذْفًا فَهَلَّا كَانَ هَذَا كَذَلِكَ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِنُدْرَةِ وَطْءِ الشُّبْهَةِ وَاسْتِعْمَالِهِ عُرْفًا فِي نَفْيِهِ خَلْقًا