للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِالْهَمْزَةِ) وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ، أَوْ ضَمَّ إلَيْهِ فِي الْجَبَلِ كَمَا أَفْهَمَهُ قَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ (لَا فِي الْكِنِّ) سَوَاءٌ عَرَفَ اللُّغَةَ أَمْ لَا إذْ الزِّنَا هُوَ الصُّعُودُ، أَمَّا بِلَا هَمْزَةٍ كَزَنَيْتَ، أَوْ زَنَيْتِ فِي الْجَبَلِ، أَوْ بِهَا لَكِنْ مَعَ ذِكْرِهِ فِي الْكِنِّ كَأَنْ قَالَ زَنَأْت فِي الْبَيْتِ فَقَذْفٌ صَرِيحٌ، أَمَّا فِي الْأُولَيَيْنِ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا فِي الثَّالِثَةِ فَلِأَنَّهُ لَا يُسْتَعْمَلُ بِمَعْنَى الصُّعُودِ فِي الْبَيْتِ وَنَحْوِهِ زَادَ فِي الرَّوْضَةِ أَنَّ هَذَا كَلَامُ الْبَغَوِيّ وَأَنَّ غَيْرَهُ قَالَ إنْ لَمْ يَكُنْ لِلْبَيْتِ دَرَجٌ يَصْعَدُ إلَيْهِ فِيهَا فَصَرِيحٌ قَطْعًا، وَإِنْ كَانَ فَوَجْهَانِ وَحَكَى فِيهَا عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ أَنَّ قَوْلَهُ: يَا زَانِيَةُ فِي الْجَبَلِ بِالْيَاءِ كِنَايَةٌ وَقَالَ إنَّهُ الْمُعْتَمَدُ.

وَكَقَوْلِهَا لِزَوْجِهَا (زَنَيْتُ بِكْ) بِإِسْكَانِ الْكَافِ إجْرَاءٌ لِلْوَصْلِ مَجْرَى الْوَقْفِ، أَوْ مَعَكَ جَوَابًا لِقَوْلِهِ زَنَيْت فَيَعْمَلُ بِمُقْتَضَى مَا تَقُولُهُ فَلَوْ قَالَتْ أَرَدْت أَنِّي لَمْ أَزْنِ كَمَا لَمْ تَزْنِ وَحَلَفَتْ حُدَّ دُونَهَا، أَوْ أَرَدْت الزِّنَا حَقِيقَةً فَمُقِرَّةٌ بِهِ وَقَاذِفَةٌ لَهُ وَيَسْقُطُ حَدُّ الْقَذْفِ عَنْهُ لِإِقْرَارِهَا لَكِنْ يُعَزَّرُ فَلَوْ قَالَتْهُ جَوَابًا لِغَيْرِ الزَّوْجِ قَالَ الشَّيْخَانِ فَقَدْ أَطْلَقَ الْبَغَوِيّ أَنَّهُ إقْرَارٌ مِنْهَا بِالزِّنَا وَقَذْفٌ لَهُ وَقَضِيَّةُ مَا ذَكَرْنَا مِنْ إرَادَةِ نَفْيِ الزِّنَا عَنْهَا وَعَنْهُ أَنَّهَا كَالزَّوْجَةِ. انْتَهَى. أَمَّا لَوْ قَالَتْهُ ابْتِدَاءً لِلزَّوْجِ، أَوْ غَيْرِهِ فَقَذْفٌ وَرَأَى الْإِمَامُ أَنَّهُ كِنَايَةٌ لِاحْتِمَالِ كَوْنِ الْمُخَاطَبِ مُكْرَهًا قَالَ الشَّيْخَانِ، وَهُوَ قَوِيٌّ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ قَوْلَهُ: زَنَيْت مَعَ فُلَانٍ قَذْفٌ لَهَا دُونَهُ (وَ) كَقَوْلِهَا (أَنْت أَزْنَى مِنِّي) حَيْثُ (تُجِيبُ) بِهِ (زَوْجًا) لَهَا، أَوْ غَيْرُهُ (عَنْ) قَوْلِهِ لَهَا (زَنَيْتِ) لِاحْتِمَالِ أَنْ تُرِيدَ أَنَّهُ أَهْدَى إلَى الزِّنَا وَأَحْرَصُ عَلَيْهِ مِنْهَا أَوْ أَنَّهُ لَمْ يَطَأْنِي غَيْرُك فِي النِّكَاحِ فَإِنْ كُنْت زَانِيَةً فَأَنْتَ أَزْنَى مِنِّي.

وَأَفْعَلُ التَّفْضِيلِ، وَإِنْ اقْتَضَى الِاشْتِرَاكَ فِي الْأَصْلِ وَإِثْبَاتَ الزِّيَادَةِ لَكِنَّ قَوْلَهَا أَنْتَ أَزْنَى مِنِّي خَارِجٌ مَخْرَجَ الذَّمِّ وَالْمُشَاتَمَةِ وَمِثْلُهُ لَا يُحْمَلُ عَلَى وَضْعِ اللِّسَانِ كَمَا فِي قَوْلِ يُوسُفَ لِإِخْوَتِهِ {أَنْتُمْ شَرٌّ مَكَانًا} [يوسف: ٧٧] وَلِأَنَّ مُعْتَادَ الْمُحَاوَرَاتِ لَا يَتَقَيَّدُ بِالْوَضْعِ وَإِنْ قَالَتْهُ ابْتِدَاءً فَفِي كَوْنِهِ قَذْفًا وَجْهَانِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ أَصَحُّهُمَا لَا إلَّا أَنْ تُرِيدَهُ كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي قَوْلِهِ أَنْتَ أَزْنَى مِنْ فُلَانٍ فَقَوْلُ النَّظْمِ تُجِيبُ زَوْجًا عَنْ زَنَيْتِ يَرْجِعُ إلَى هَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا لَكِنَّ الزَّوْجَ لَيْسَ قَيْدًا فِيهِمَا كَمَا عُرِفَ وَمِنْ الْكِنَايَاتِ مَا مَرَّ فِي الْإِيلَاءِ، وَمِنْهَا يَا فَاسِقُ يَا فَاجِرُ يَا خَبِيثُ، وَلَوْ قَالَ أَحَدُ أَبَوَيْك زَانٍ وَلَمْ يُعَيِّنُ، أَوْ فِي السِّكَّةِ زَانٍ فَلَا حَدَّ وَيُعَزَّرُ لِلْإِيذَاءِ قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ، وَلَوْ قَالَ لَهُ يَا بَغَّا، أَوْ لَهَا يَا قَحْبَةُ فَهُوَ كِنَايَةٌ وَمُقْتَضَى كَلَامِ الرَّوْضَةِ فِي آخِرِ الطَّلَاقِ أَنَّ قَوْلَهُ: يَا قَحْبَةُ

ــ

[حاشية العبادي]

أَقُولُ وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا الظَّاهِرِ قَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي وَمِنْ الْكِنَايَاتِ مَا مَرَّ فِي الْإِيلَاءِ

(قَوْلُهُ: فَمُقِرَّةٌ بِهِ) يُشْكِلُ عَلَى هَذَا اشْتِرَاطُ التَّفْصِيلِ فِي الْإِقْرَارِ بِالزِّنَا كَالشَّهَادَةِ بِرّ هَلْ يُجَابُ مَحَلُّ الِاشْتِرَاطِ مَا لَمْ يَكُنْ جَوَابًا لِنِسْبَتِهَا لِلزِّنَا، أَوْ هُوَ مُفَرَّعٌ عَلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِ التَّفْصِيلِ نَظِيرَ مَا يَأْتِي فِي الْهَامِشِ عَنْ الْأَذْرَعِيِّ (قَوْلُهُ: أَمَّا لَوْ قَالَتْهُ ابْتِدَاءً لِلزَّوْجِ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ فَصْلٌ لَوْ قَالَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ لِلْآخَرِ زَنَيْت بِك لَزِمَهُ حَدُّ الزِّنَا وَالْقَذْفِ. اهـ. قَالَ فِي شَرْحِهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّ ذَلِكَ إذَا لَمْ يُعْهَدْ بَيْنَهُمَا زَوْجِيَّةٌ مُسْتَمِرَّةٌ مِنْ صِغَرِهِ إلَى قَوْلِهِ فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ، فَلَا، وَكَلَامُ الدَّارِمِيِّ يَقْتَضِيهِ ثُمَّ الظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ مُفَرَّعٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ التَّفْصِيلُ فِي الْإِقْرَارِ بِالزِّنَا، أَمَّا لَوْ شَرَطْنَاهُ، وَهُوَ الْأَصَحُّ، فَلَا. انْتَهَى. (قَوْلُهُ وَيُؤَيِّدُهُ. . إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الصِّيغَتَيْنِ ظَاهِرٌ، فَلَا يَحْسُنُ التَّأْيِيدُ بِمَا ذَكَرَ عَلَى أَنَّ الْإِشْكَالَ الْمَذْكُورَ أَجَابَ عَنْهُ الْغَزَالِيُّ وَغَيْرُهُ بِأَنَّ إطْلَاقَ هَذَا اللَّفْظِ يَحْصُلُ بِهِ الْإِيذَاءُ التَّامُّ لِتَبَادُرِ الْفَهْمِ مِنْهُ إلَى صُدُورِهِ عَنْ طَوَاعِيَةٍ وَإِنْ احْتَمَلَ غَيْرَهُ وَلِهَذَا يُحَدُّ بِالنِّسْبَةِ إلَى الزِّنَا مَعَ احْتِمَالِ إرَادَةِ زِنَا الْعَيْنِ وَالرِّجْلِ. اهـ.

(فَرْعٌ) مِنْ الصَّرَائِحِ زَنَيْت وَيَا زَانِيَةُ قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ تَنْبِيهٌ: قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِمْ أَنَّ قَوْلَهُ لِزَوْجَتِهِ زَنَيْت أَوْ يَا زَانِيَةُ قَذْفٌ لَهَا سَوَاءٌ أَعَلِمَ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ أَمْ ظَنَّهَا أَجْنَبِيَّةً أَمْ لَمْ يَعْلَمْ الْحَالَ، وَفِي فُرُوقِ الْجُوَيْنِيِّ أَنَّهُ إذَا قَذَفَ امْرَأَتَهُ، وَهُوَ لَا يَعْرِفُهَا حِينَ قَذَفَهَا ثُمَّ بَانَ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ فَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَذْفٍ وَلَا لِعَانٍ، وَإِنْ ادَّعَتْ عَلَيْهِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ أَنَّهُ لَمْ يَعْرِفْهَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ قَالَ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مَحَلَّ وِفَاقٍ فَيَنْبَغِي تَقْيِيدُ الْإِطْلَاقِ بِهِ. اهـ.

ــ

[حاشية الشربيني]

وَلَيْسَ الرَّمْيُ بِإِتْيَانِ الْبَهَائِمِ قَذْفًا قَالَ ع ش كَانَ هَازِلًا أَوْ غَيْرَهُ لَكِنْ يُعَزَّرُ. اهـ.

(قَوْلُهُ: فَوَجْهَانِ) قَالَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ أَوْجَهُهُمَا أَنَّهُ كِنَايَةٌ وَفِي حَاشِيَتِهِ عَنْ ز ي الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ صَرِيحٌ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ قَصْدَ الصُّعُودِ فِي الْبَيْتِ بَعِيدٌ جِدًّا. اهـ. (قَوْلُهُ: وَحَكَى فِيهَا. . إلَخْ) يَحْتَاجُ لِلْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ زَنَيْت فِي الْجَبَلِ حَيْثُ كَانَ صَرِيحًا وَلَعَلَّهُ أَنَّ صُورَةَ النِّدَاءِ تُبْعِدُهُ عَنْ إرَادَةِ الْقَذْفِ (قَوْلُهُ: فَمُقِرَّةٌ. . إلَخْ) فَتُحَدُّ حَدَّيْنِ حَدَّ الزِّنَا وَحَدَّ الْقَذْفِ شَرْحُ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: وَيُؤَيِّدُهُ. . إلَخْ) لَا تَأْيِيدَ؛ لِأَنَّ الْبَاءَ فِي بِك تَقْتَضِي الْآلِيَّةَ الْمُشْعِرَةَ بِأَنَّ لِمَدْخُولِهَا تَأْثِيرًا مَعَ الْفَاعِلِ فِي إيجَادِ الْفِعْلِ كَكَتَبْتُ بِالْقَلَمِ بِخِلَافِ الْمَعِيَّةِ فَإِنَّهَا تَقْتَضِي مُجَرَّدَ الْمُصَاحَبَةِ وَهِيَ لَا تُشْعِرُ بِذَلِكَ. اهـ. وَحَجَرٌ وَم ر

(قَوْلُهُ: وَأَفْعَلُ التَّفْضِيلِ. . إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ: إنَّ الثَّابِتَ عَلَى فَرْضِ أَنَّهَا زَانِيَةٌ إنَّمَا هُوَ كَوْنُهُ زَانِيًا لَا كَوْنُهُ أَزْنَى (قَوْلُهُ: وَيُعَزَّرُ. . إلَخْ) وَاعْلَمْ أَنَّهُ يُعَزَّرُ فِي الْكِنَايَاتِ لِلْإِيذَاءِ وَإِنْ لَمْ يُرِدْ بِهَا ذَمًّا؛ لِأَنَّ لَفْظَهَا مُوهِمٌ وَحَلِفُهُ إنَّمَا هُوَ لِدَفْعِ الْحَدِّ. اهـ. أَفَادَهُ م ر (قَوْلُهُ: يَا بَغَّا) إنَّمَا كَانَ كِنَايَةً لِاحْتِمَالِ إرَادَةِ أَنَّهُ طَالِبٌ لِشَيْءٍ وَمِثْلُهُ إذَا قَالَهُ لِامْرَأَةٍ لِاحْتِمَالِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: إنَّ قَوْلَهُ: يَا قَحْبَةُ صَرِيحٌ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ لَكِنَّهُ يَقْبَلُ الصَّرْفَ فَيُقْبَلُ مِنْهُ إرَادَةُ أَنَّهَا تَفْعَلُ فِعْلَهُنَّ بِالْيَمِينِ كَمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>