أَوْ وَطِئَك بِشُبْهَةٍ مِنْك وَمِنْهُ عُزِّرَ؛ لِأَنَّ فِيهِ عَارًا وَإِيحَاشًا فَأَشْبَهَ قَذْفَ الْمَجْنُونَةِ، بَلْ أَوْلَى
وَالْقَذْفُ إنَّمَا (يُبَاحُ لِلزَّوْجِ) كَدَرْءِ حَدِّهِ بِاللِّعَانِ؛ لِأَنَّهَا لَمَّا لَطَّخَتْ فِرَاشَهُ قَوِيَ غَيْظُهُ وَاحْتَاجَ إلَى الِانْتِقَامِ مِنْهَا فَأُبِيحَ لَهُ الْقَذْفُ وَلَمَّا كَانَ فِي إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ أَوْ الْإِقْرَارِ عُسْرٌ عَلَيْهِ شُرِعَ لَهُ اللِّعَانُ طَرِيقًا إلَى الْخَلَاصِ وَإِنَّمَا يُبَاحُ لَهُ الْقَذْفُ (إنْ اسْتَيْقَنَهُ) أَيْ: الزِّنَا (بِالرَّأْيِ) بِأَنْ رَآهَا تَزْنِي (فِي نِكَاحِهِ أَوْ ظَنَّهُ) أَيْ الزِّنَا فِي نِكَاحِهِ (قُلْتُ) ظَنًّا (مُؤَكَّدًا) إمَّا (بِقَوْلِهَا) زَنَيْت (وَقَدْ صَدَّقَهَا) فِي قَوْلِهَا (أَوْ سَمْعِهِ) زِنَاهَا (مِنْ) شَخْصٍ (مُعْتَمَدْ) عِنْدَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَدْلًا وَهَذَا آخِرُ زِيَادَةِ النَّظْمِ وَتَقْيِيدُهُ التَّيَقُّنَ بِالرَّأْيِ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَلَوْ تَرَكَهُ كَانَ أَوْلَى (أَوْ) بِأَنْ (اسْتَفَاضَ) أَيْ: شَاعَ زِنَاهَا بِشَخْصٍ (مَعْ مَخِيلَةٍ) أَيْ: قَرِينَةٍ يَتَخَيَّلُ بِهَا زِنَاهَا (كَمَا فِي خَلْوَةٍ مَعَهَا يَرَى الْمُتَّهَمَا) أَيْ: كَمَا لَوْ رَأَى الْمُتَّهَمَ بِهَا مَعَهَا فِي خَلْوَةٍ وَكَمَا لَوْ رَآهَا تَخْرُجُ مِنْ عِنْدِهِ، أَوْ بِالْعَكْسِ وَلَا يَكْفِي مُجَرَّدُ الشُّيُوعِ لِأَنَّهُ قَدْ يُشِيعُهُ عَدُوٌّ لَهَا، أَوْ لَهُ، أَوْ مَنْ طَمِعَ فِيهَا فَلَمْ يَظْفَرْ بِشَيْءِ وَلَا مُجَرَّدُ الْمُخَيِّلَةِ لِأَنَّهُ رُبَّمَا دَخَلَ بَيْتَهَا لِخَوْفٍ، أَوْ سَرِقَةٍ، أَوْ طَمَعٍ (وَتَحْتَ شَيْءٍ وَمِرَارًا) أَيْ، أَوْ بِأَنْ رَآهَا مَعَهُ تَحْتَ شَيْءٍ كَشِعَارٍ، أَوْ رَآهَا مَعَهُ مِرَارًا (مُؤْذِنَهْ) أَيْ: مُعْلِمَةً لَهُ بِزِنَاهَا بِأَنْ تَكُونَ فِي مَحَلِّ رِيبَةٍ فَقَوْلُهُ: وَتَحْتَ شَيْءٍ وَمِرَارًا مُؤْذِنَةً مَعْطُوفٌ عَلَى اسْتَفَاضَ لَا عَلَى مُخَيِّلَةٍ وَلَا عَلَى خَلْوَةٍ وَعَدَلَ عَنْ قَوْلِ الْحَاوِي مَرَّاتٍ كَثِيرَةً إلَى قَوْلِهِ مِرَارًا مُؤْذِنَةً لِيُفِيدَ أَنَّ الْعِبْرَةَ مَعَ الْمَرَّاتِ بِإِعْلَامِهَا بِالزِّنَا لَا بِكَثْرَتِهَا وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ فِي نِكَاحِهِ مَا لَوْ تَيَقَّنَ زِنَاهَا، أَوْ ظَنَّهُ لَا فِي نِكَاحِهِ، فَلَا يُبَاحُ لَهُ الْقَذْفُ إلَّا حَيْثُ كَانَ وَلَدٌ يَنْفِيهِ كَمَا سَيَأْتِي وَلَوْ أَخَّرَهُ عَنْ التَّيَقُّنِ وَالظَّنِّ مَعًا كَانَ أَوْلَى لِتَعَلُّقِهِ بِهِمَا مَعًا وَإِنْ فُهِمَ بِالْأُولَى مِنْ تَعَلُّقِهِ بِالْأَوَّلِ تَعَلُّقَهُ بِالثَّانِي
(وَ) يُبَاحُ لِلزَّوْجِ، بَلْ يَلْزَمُهُ (نَفْيُهُ الْمَوْلُودَ إنْ تَيَقَّنَهْ) أَيْ: نَفْيُهُ بِمَعْنَى انْتِفَائِهِ عَنْهُ مَعَ إمْكَانِ كَوْنِهِ مِنْهُ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا سَيَأْتِي؛ لِأَنَّ تَرْكَ نَفْيِهِ يَتَضَمَّنُ اسْتِلْحَاقَهُ، وَاسْتِلْحَاقُ مَنْ لَيْسَ مِنْهُ حَرَامٌ كَمَا يَحْرُمُ نَفْيُ مَنْ هُوَ مِنْهُ، وَفِي خَبَرِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ «أَيُّمَا امْرَأَةٍ أَدْخَلَتْ عَلَى قَوْمٍ مَنْ لَيْسَ مِنْهُمْ فَلَيْسَتْ مِنْ اللَّهِ فِي شَيْءٍ وَلَمْ يُدْخِلْهَا جَنَّتَهُ وَأَيُّمَا رَجُلٍ جَحَدَ وَلَدَهُ، وَهُوَ يَنْظُرُ إلَيْهِ احْتَجَبَ اللَّهُ مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَفَضَحَهُ عَلَى رُءُوسِ الْخَلَائِقِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» وَيَتَيَقَّن انْتِفَاؤُهُ عَنْهُ بِأَنْ لَمْ يَطَأْ، أَوْ وَطِئَ وَوَلَدَتْهُ سِتَّةَ أَشْهُرٍ مِنْ الْوَطْءِ، أَوْ لِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ مِنْهُ وَكَالْوَطْءِ اسْتِدْخَالُ الْمَنِيِّ وَطَرِيقُ نَفْيِهِ فِي الزِّنَا اللِّعَانُ الْمَسْبُوقُ بِالْقَذْفِ فَيَلْزَمَانِهِ
ــ
[حاشية العبادي]
الْإِمَامُ وَجْهَانِ قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، وَالظَّاهِرُ مِنْهُمَا الْمَنْعُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَقَّ يَنْتَقِلُ إلَى سَيِّدِهِ. اهـ. وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ أَنَّ الْإِمَامَ لَا يَسْتَوْفِي إلَّا بَعْدَ طَلَبِ الْمُسْتَحِقِّ أَوْ نَائِبِهِ وَفِيهِ أَنَّ هَذَا إذَا كَانَ ثَمَّ مُسْتَحِقٌّ، أَوْ نَائِبٌ (قَوْلُهُ: عُزِّرَ) هَذَا وَاضِحٌ فِي الْأُولَى بِالنِّسْبَةِ لَهَا لَا بِالنِّسْبَةِ لِفُلَانٍ أَيْضًا
(قَوْلُهُ: وَقَدْ صَدَّقَهَا فِي قَوْلِهَا) سَوَاءٌ أَقَرَّتْ بِهِ مَعَ مُعَيَّنٍ أَمْ لَا فِيمَا يَظْهَرُ حَجَرٌ (قَوْلُهُ: وَتَحْتَ شَيْءٍ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ، أَوْ مَرَّةً تَحْتَ شِعَارٍ فِي هَيْئَةٍ مُنْكَرَةٍ اهـ وَعِبَارَةُ الْإِرْشَادِ تَحْتَ شِعَارٍ. اهـ. قِيلَ وَالشِّعَارُ مَا وَلِيَ الْجَسَدَ مِنْ الثِّيَابِ وَمِنْ لَازِمِ الِاجْتِمَاعِ تَحْتَهُ عَادَةً كَوْنُهُمَا عَلَى هَيْئَةِ مُنْكَرَةٍ فَلَمْ يَحْتَجْ كَأَصْلِهِ إلَى التَّقْيِيدِ بِهَا الْوَاقِعِ فِي كَلَامِ غَيْرِهِمَا اهـ وَالْمُصَنِّفُ عَبَّرَ بِشَيْءٍ، وَهُوَ أَعَمُّ مِنْ الشِّعَارِ وَلَمْ يُقَيِّدْ بِالْهَيْئَةِ الْمُنْكَرَةِ فَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَا يَلِي الْجَسَدَ وَالْهَيْئَةَ الْمُنْكَرَةَ وَغَيْرَهُمَا فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: كَشِعَارٍ) ، وَلَوْ مَرَّةً حَجَرٌ (قَوْلُهُ مَعْطُوفٌ. . إلَخْ) لَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ مُتَعَلِّقُ الْمَعْطُوفِ عَلَى اسْتَفَاضَ أَيْ: رَأَى وَقَوْلُهُ: لَا عَلَى مُخَيِّلَةٍ. . إلَخْ إذْ عَطْفُهُ عَلَى مُخَيِّلَةٍ، أَوْ خَلْوَةٍ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَكْتَفِي بِهِ إلَّا مَعَ اسْتِفَاضَةٍ
(قَوْلُهُ: وَيُبَاحُ لِلزَّوْجِ. . إلَخْ) عَبَّرَ الْإِرْشَادُ أَوَّلًا بِقَوْلِهِ وَلِزَوْجٍ قَذْفٌ وَهُنَا بِقَوْلِهِ وَلِكُلٍّ نَفْيُ وَلَدٍ وَوَجَبَ إنْ تَبَيَّنَ. اهـ. أَيْ: لِكُلٍّ مِنْ الزَّوْجِ وَالْمُطَلِّقِ وَالْوَاطِئِ بِشُبْهَةٍ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ أَصْلِهِ مِنْ اخْتِصَاصِ ذَلِكَ بِالزَّوْجِ حَجَرٌ (قَوْلُهُ: مَعَ إمْكَانِ كَوْنِهِ مِنْهُ) ، أَمَّا إذَا لَمْ يُمْكِنُ فَهُوَ غَنِيٌّ عَنْ النَّفْيِ بِرّ (قَوْلُهُ: فِي الزِّنَا) خَرَجَ غَيْرُهُ كَوَطْءِ الشُّبْهَةِ فَإِنَّهُ وَإِنْ كَانَ طَرِيقُ نَفْيِهِ فِيهِ اللِّعَانَ لَكِنْ لَا الْمَسْبُوقَ بِالْقَذْفِ إذْ لَا قَذْفَ فِيهِ
[حاشية الشربيني]
قَوْلُهُ بِالرَّأْيِ) مِثْلُ الرُّؤْيَةِ إخْبَارُ عَدَدِ التَّوَاتُرِ لِأَنَّهُ يُفِيدُ الْعِلْمَ فَالْبَاءُ بِمَعْنَى الْكَافِ وَسَيَأْتِي قَوْلُ الشَّارِحِ وَلَوْ تَرَكَهُ. . إلَخْ (قَوْلُهُ شَاعَ) مَصْدَرُهُ الشُّيُوعُ وَالشِّيَاعُ بِكَسْرِ الشِّينِ كَمَا فِي ع ش وَبِفَتْحِهَا كَمَا فِي الْكَرْخِيِّ نَقْلًا عَنْ الْمَحَلِّيِّ
(قَوْلُهُ: بَلْ يَلْزَمُهُ نَفْيُهُ) أَيْ لَا خُصُوصُ الْقَذْفِ بَلْ يَكْفِي رَمْيُهَا بِالْعُلُوقِ مِنْ غَيْرِهِ كَمَا قَالَهُ س ل عَنْ الشِّهَابِ عَمِيرَةَ (قَوْلُهُ مَعَ إمْكَانِ كَوْنِهِ مِنْهُ) أَيْ وَأَلْحَقَ بِهِ ظَاهِرًا وَإِلَّا كَأَنْ أَتَتْ بِهِ خِفْيَةً بِأَنْ لَمْ يُشْتَهَرْ وِلَادَتُهَا وَأَمْكَنَ تَرْبِيَتُهُ عَلَى أَنَّهُ لَقِيطٌ مَثَلًا بِحَيْثُ لَا يَلْحَقُ بِهِ فَلَا حَاجَةَ لِنَفْيِهِ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ بِزِيَادَةِ إيضَاحٍ وَسَيَأْتِي قَرِيبًا (قَوْلُهُ: وَوَلَدَتْهُ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ. . إلَخْ) لَعَلَّ هَذَا فِي الْوَلَدِ التَّامِّ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا تَقَدَّمَ فِي الطَّلَاقِ وَالرَّجْعَةِ. اهـ. سم عَلَى حَجَرٍ وَعِبَارَةُ ق ل بِأَنْ وَلَدَتْهُ وَهُوَ تَامٌّ وَإِلَّا فَيُعْتَبَرُ مَا تَقَدَّمَ فِي الرَّجْعَةِ. اهـ. أَيْ: مِنْ مِائَةٍ وَعِشْرِينَ يَوْمًا فِي مُصَوَّرٍ وَثَمَانِينَ فِي الْمُضْغَةِ (قَوْلُهُ أَيْضًا وَوَلَدَتْهُ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ) أَيْ: أَتَمَّتْ وِلَادَتَهُ لِدُونِهَا أَوْ ابْتَدَأَتْ وِلَادَتَهُ لِدُونِهَا وَلَوْ تَمَّتْ مَعَ تَمَامِهَا؛ لِأَنَّ مَحَلَّ كَوْنِ السِّتَّةِ مِنْ الْوَطْءِ أَقَلَّ الْمُدَّةِ إذَا لَمْ يُحْسَبْ مِنْهَا لَحْظَةُ الْوَضْعِ (قَوْلُهُ أَوْ لِأَكْثَرِ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ مِنْهُ) أَيْ: مِنْ الْوَطْءِ اعْلَمْ أَنَّهُمْ صَرَّحُوا بِأَنَّ أَكْثَرَ مُدَّةِ الْحَمْلِ أَرْبَعُ سِنِينَ مَحْسُوبٌ مِنْهَا لَحْظَةُ الْوَطْءِ فَإِنْ كَانَ الْمَعْنَى لِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ ابْتِدَاءِ الْوَطْءِ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ وَإِنْ كَانَ مِنْ تَمَامِهِ فَلَا حَاجَةَ لِلْأَكْثَرِ بَلْ إنْ وَلَدَتْهُ لِأَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ تَمَامِهِ كَفَى فِي تَيَقُّنِ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُ فَلْيُتَأَمَّلْ. اهـ. شَيْخُنَا ذ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (قَوْلُهُ: وَطَرِيقُ نَفْيِهِ فِي الزِّنَا اللِّعَانُ. . إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَظَاهِرٌ أَنَّ وَطْءَ الشُّبْهَةِ كَالزِّنَا فِي لُزُومِ النَّفْيِ وَحُرْمَتِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute