للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الشَّافِعِيِّ أَنَّهَا لَا تُلَاعِنُ إذْ لَا ضَرُورَةَ بِهَا إلَى اللِّعَانِ بِخِلَافِ الْأَخْرَسِ لِضَرُورَتِهِ لِنَفْيِ الْوَلَدِ وَدَفْعِ الْحَدِّ ثُمَّ قَالَ وَالْأَشْبَهُ بِأُصُولِنَا أَنَّهَا تُلَاعِنُ كَمَا لَوْ اُدُّعِيَ عَلَيْهَا بَيْعٌ أَوْ شِرَاءٌ وَالتَّصْرِيحُ بِالْوُجُوبِ مِنْ زِيَادَةِ النَّظْمِ

(وَالْأَوْلَى) أَيْ: وَالْمُسْتَحَبُّ (تَغْلِيظُهُ) أَيْ: اللِّعَانِ بِالزَّمَانِ وَالْمَكَانِ وَالْجَمْعِ وَلَا يَجِبُ كَتَغْلِيظِ الْيَمِينِ بِتَعْدِيدِ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى، سَوَاءٌ كَانَ (لِذِي) أَيْ لِصَاحِبٍ (اعْتِقَادٍ) كَذِمِّيٍّ وَمَجُوسِيٍّ (أَوْ لَا) بِأَنْ لَا يَنْتَحِلَ دَيْنًا كَزِنْدِيقٍ وَدَهْرِيٍّ لِيَنَالَهُ عُقُوبَةُ الْيَمِينِ الْفَاجِرَةِ بِصِفَةِ التَّغْلِيظِ كَذَا ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ وَالْأَصَحُّ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ قَالَ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ وَالنَّصُّ أَنَّهُ لَا يُغَلَّظُ عَلَى مَنْ لَا يَنْتَحِلُ دِينًا لِأَنَّهُ لَا يُعَظِّمُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ، فَلَا يَتَحَرَّزُ بِخِلَافِ أَصْلِ الْيَمِينِ لِتَوَقُّفِ أَحْكَامِ اللِّعَانِ عَلَيْهَا وَاسْتَحْسَنُوا أَنْ يُقَالَ لَهُ قُلْ بِاَللَّهِ الَّذِي خَلَقَك وَرَزَقَك فَقَدْ قِيلَ إنَّ الْمُعَطِّلَ، وَإِنْ غَلَا فِي الْإِنْكَارِ بِلِسَانِهِ فَإِذَا رَجَعَ إلَى نَفْسِهِ وَجَدَهَا مُذْعِنَةً لِخَالِقٍ مُدَبِّرٍ إذَا عَرَفَ ذَلِكَ فَالتَّغْلِيظُ بِالزَّمَانِ (بِعَصْرِ جُمُعَةٍ) أَيْ: بَعْدَ صَلَاةِ عَصْرِهَا إنْ لَمْ يَكُنْ طَلَبٌ حَاثٌّ وَإِلَّا فَبَعْدَ عَصْرِ أَيِّ يَوْمٍ كَانَ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ الْفَاجِرَةَ بَعْدَ الْعَصْرِ أَغْلَظُ عُقُوبَةً لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمْ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إلَيْهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ رَجُلٌ حَلَفَ يَمِينًا عَلَى مَالِ مُسْلِمٍ فَاقْتَطَعَهُ وَرَجُلٌ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ لَقَدْ أَعْطَى بِسِلْعَتِهِ أَكْثَرَ مِمَّا أَعْطَى وَرَجُلٌ مَنَعَ فَضْلَ الْمَاءِ» وَبَعْدَ عَصْرِ الْجُمُعَةِ أَشَدُّ؛ لِأَنَّ سَاعَةَ الْإِجَابَةِ فِيهَا عِنْدَ بَعْضِهِمْ وَهُمَا يَدْعُوَانِ فِي الْخَامِسَةِ بِاللَّعْنِ وَالْغَضَبِ

(وَ) التَّغْلِيظُ بِالْمَكَانِ بِأَشْرَفِ مَكَان فِي الْبَلَدِ فَفِي غَيْرِ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَالْمَقْدِسِ (بِالْمَقْصُورَةِ) أَيْ عِنْدَ مَقْصُورَةِ الْجَامِعِ يَعْنِي الْمِنْبَرَ، وَفِي صُعُودِهِ الْخِلَافُ الْآتِي فِي مِنْبَرِ الْمَدِينَةِ (وَ) فِي مَكَّةَ (بِمَقَامِ مَكَّةَ الْمَعْمُورَةِ) أَيْ: عِنْدَهُ كَذَا ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ وَعِبَارَةُ الشَّيْخَيْنِ كَغَيْرِهِمَا بَيْنَ الرُّكْنِ الْأَسْوَدِ وَالْمَقَامِ وَقَدْ يُقَالُ: بَيْنَ الْبَيْتِ وَالْمَقَامِ قَالَا وَهُمَا مُتَقَارِبَانِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَمَا قَالُوهُ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ أَشْرَفُ بِقَاعِ مَكَّةَ مَرْدُودٌ إذْ لَا شَيْءَ فِيهَا أَشْرَفُ مِنْ الْبَيْتِ فَالْوَجْهُ مَا قَالَهُ الْقَفَّالُ إنَّهُ يَكُونُ فِي الْحِجْرِ لِأَنَّهُ مِنْ الْبَيْتِ وَكَانَ الْقِيَاسُ يَقْتَضِي التَّحْلِيفَ فِي الْبَيْتِ لَكِنْ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ تُصَانُ الْكَعْبَةُ عَنْ ذَلِكَ وَمُرَادُهُ بِقَوْلِهِ لِأَنَّهُ مِنْ الْبَيْتِ أَنَّ بَعْضَهُ مِنْهُ (وَ) فِي الْمَدِينَةِ (بَيْنَ قَبْرِ الْمُصْطَفَى) - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (وَالْمِنْبَرِ) كَذَا ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ أَيْضًا وَعَنْ الشَّافِعِيِّ عِبَارَتَانِ إحْدَاهُمَا عِنْدَ الْمِنْبَرِ وَالْأُخْرَى عَلَيْهِ ذَكَرَهُمَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ ثُمَّ قَالَ وَلِلْأَصْحَابِ فِي صُعُودِهِ أَوْجُهٌ أَصَحُّهَا يَصْعَدُهُ وَالثَّانِي لَا.

وَالثَّالِثُ إنْ كَثُرَ الْقَوْمُ صَعِدَ لِيَرَوْهُ وَإِلَّا فَعِنْدَهُ وَالرَّابِعُ يَتَخَيَّرُ الْحَاكِمُ بَيْنَهُمَا (وَ) فِي الْمَقْدِسِ عِنْدَ (صَخْرَةِ الْمَقْدِسِ) لِأَنَّهَا مِنْ الْجَنَّةِ كَمَا رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ (لِلْمُطَهِّرِ كَنِيسَةٌ وَبِيعَةٌ لِذِي الذِّمَمْ) أَيْ: لِلْمُسْلِمِ الطَّاهِرِ مَا مَرَّ وَلِلذِّمِّيِّ مِنْ الْيَهُودِ الْكَنِيسَةُ وَمِنْ النَّصَارَى الْبِيعَةُ لِأَنَّهُمْ يُعَظِّمُونَهُمَا كَتَعْظِيمِنَا الْمَسَاجِدَ (وَلِلْمَجُوسِ بَيْتُ نَارٍ) لِأَنَّهُمْ يُعَظِّمُونَهُ فَيَحْضُرُهُ الْحَاكِمُ رِعَايَةً لِاعْتِقَادِهِمْ لِشُبْهَةِ الْكِتَابِ فَقَوْلُهُ: كَنِيسَةٌ وَبِيعَةٌ وَبَيْتُ نَارٍ مَرْفُوعَاتٌ وَيَجُوزُ جَرُّهَا عَطْفًا عَلَى الْمَجْرُورَاتِ بِالْبَاءِ أَيْ: وَالتَّغْلِيظِ لِذِي الذِّمَمِ بِكَنِيسَةٍ وَبِيعَةٍ وَلِلْمَجُوسِ بِبَيْتِ نَارٍ (لَا) بَيْتِ (صَنَمْ) لِلِعَانِ عَبَدَتِهِ فَإِذَا وَقَعَ أَمَانٌ، أَوْ هُدْنَةٌ وَتَرَافَعُوا إلَيْنَا لَا يُلَاعِنُ الْحَاكِمُ بَيْنَهُمْ فِيهِ إذْ لَا حُرْمَةَ لَهُ وَاعْتِقَادُهُمْ فِيهِ غَيْرُ مَرْعِيٍّ فَيُلَاعِنُ بَيْنَهُمْ فِي مَجْلِسِ حُكْمِهِ (وَ) التَّغْلِيظُ (لِلَّتِي حَاضَتْ) أَوْ نَفِسَتْ وَلِلْجُنُبِ (بِبَابِ الْمَسْجِدِ) لِتَحْرِيمِ مُكْثِهِمَا فِيهِ نَعَمْ إنْ لَمْ يَكُنْ الطَّلَبُ حَثِيثًا، أَوْ رَأَى الْحَاكِمُ تَأْخِيرَ اللِّعَانِ إلَى زَوَالِ ذَلِكَ جَازَ قَالَهُ الْمُتَوَلِّي وَمَحَلُّ ذَلِكَ فِي الْمُسْلِمِ، أَمَّا الذِّمِّيُّ إذَا أُرِيدَ لِعَانُهُ فِي الْمَسْجِدِ فَيُلَاعِنُ فِيهِ مَعَ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَالْجَنَابَةِ عَلَى الْأَصَحِّ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ لِأَنَّهُ لَا يُؤَاخَذُ بِتَفَاصِيلِ الْأَحْكَامِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِحُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى لِأَنَّهُ لَا يَعْتَقِدُ حُرْمَتُهَا، وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ مُسْلِمًا وَالْمَرْأَةُ ذِمِّيَّةً لَاعَنَ كُلٌّ مِنْهُمَا حَيْثُ يُعَظِّمُ (وَوُعِظَا وَخُوِّفَا بِالصَّمَدِ) أَيْ: وَالْأَوْلَى لِلْحَاكِمِ أَنْ يَعِظَهُمَا وَيُخَوِّفَهُمَا بِاَللَّهِ تَعَالَى وَيُذَكِّرَهُمَا بِأَنَّ عَذَابَ الدُّنْيَا أَهْوَنُ مِنْ عَذَابِ الْآخِرَةِ وَيَقْرَأُ عَلَيْهِمَا {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلا} [آل عمران: ٧٧] الْآيَةَ وَأَنْ يَقُولَ لَهُمَا مَا «قَالَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْمُتَلَاعِنَيْنِ وَهُوَ حِسَابُكُمَا عَلَى اللَّهِ وَاَللَّهُ يَعْلَمُ أَنَّ أَحَدَكُمَا لَكَاذِبٌ هَلْ مِنْكُمَا تَائِبٌ» كَمَا رَوَاهُ الشَّيْخَانِ (وَعِنْدَ مَرَّةٍ لَهُنَّ خَاتِمِهْ) بِإِمَالَةِ الْمِيمِ أَحْسَنُ مِنْ فَتْحِهَا هُنَا أَيْ: وَعِنْدَ الْمَرَّةِ

ــ

[حاشية العبادي]

الْحَدِّ عَلَيْهَا بِلِعَانِهِ وَإِسْقَاطِهِ عَنْهَا بِلِعَانِهِ فِيهِ نَظَرٌ

(قَوْلُهُ إذْ لَا ضَرُورَةَ بِهَا. . إلَخْ) كَيْفَ يَنْفِي الضَّرُورَةَ مَعَ إيجَابِ الْحَدِّ بِرّ فَإِنْ قِيلَ يَصِحُّ أَنْ يُحْمَلَ نَفْيُ الضَّرُورَةِ عَلَى مَا لَوْ لَاعَنَ لِنَفْيِ وَلَدٍ وَرَمَاهَا بِإِصَابَةِ غَيْرِهِ بِشُبْهَةٍ إذْ لَا يَلْزَمُهَا حَدٌّ بِهَذَا اللِّعَانِ قُلْت لَكِنْ هَذَا لَا يَصْلُحُ مَحَلَّ خِلَافٍ

(قَوْلُهُ: وَفِي صُعُودِهِ الْخِلَافُ. . إلَخْ) قَضِيَّتُهُ الصُّعُودُ (قَوْلُهُ مَرْدُودٌ) لَعَلَّ مُرَادَهُمْ أَنَّهُ أَشْرَفُ بَعْدَ الْبَيْتِ الَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُصَانَ (قَوْلُهُ: أَنَّ بَعْضَهُ مِنْهُ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَلَعَلَّ عُدُولَهُمْ عَنْ الْحِجْرِ صِيَانَةً لِلْبَيْتِ أَيْضًا. اهـ. (قَوْلُهُ: فَيَحْضُرُهُ الْحَاكِمُ) وَيَحْضُرُ الْحَاكِمُ وَالْجَمْعُ الْآتِي بِمَحَالِّهِمْ الْمَذْكُورَةِ لِمَا مَرَّ إلَّا مَا بِهِ صُوَرٌ مُعَظِّمَةٌ لِحُرْمَةِ دُخُولِهِ مُطْلَقًا كَغَيْرِهِ بِلَا إذْنِهِمْ ج (قَوْلُهُ: إذْ لَا حُرْمَةَ لَهُ) ؛ وَلِأَنَّ دُخُولَهُ مَعْصِيَةٌ بِخِلَافِ دُخُولِ الْبِيَعِ وَالْكَنَائِسِ شَرْحٌ رَوْضُ وَقَوْلُهُ:؛ وَلِأَنَّ دُخُولَهُ مَعْصِيَةٌ، وَلَوْ بِإِذْنِهِمْ حَجَرٌ

(فَرْعٌ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَالتَّغْلِيظُ فِي حَقِّ الْكُفَّارِ بِالزَّمَانِ مُعْتَبَرٌ بِأَشْرَفِ الْأَوْقَاتِ عِنْدَهُمْ كَمَا ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ. اهـ. (قَوْلُهُ: فَيُلَاعِنُ فِيهِ مَعَ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ فِي الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ إذَا أُمِنَ تَلْوِيثُ الْمَسْجِدِ بِهِمَا. اهـ. (قَوْلُهُ: حَيْثُ يُعَظِّمُ) قَالَ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ فَإِنْ رَضِيَ زَوْجُهَا بِالْمَسْجِدِ أَيْ: بِلِعَانِهَا فِيهِ وَقَدْ طَلَبَتْهُ جَازَ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ تَطْلُبْهُ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ فِي اللِّعَانِ لَهَا، أَوْ لَمْ يَرْضَ هُوَ؛ لِأَنَّ التَّغْلِيظَ عَلَيْهَا حَقُّهُ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَعِنْدَ مَرَّةٍ لَهُنَّ خَاتِمَةٌ لَهُنَّ) أَيْ: لِمَرَّاتِ اللِّعَانِ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ خَاتِمَةٌ

ــ

[حاشية الشربيني]

وَلَوْ بِقَوْلِ عَدْلٍ ع ش (قَوْلُهُ: لِضَرُورَتِهِ) وَلِأَنَّ الْمُغَلِّبَ فِي اللِّعَانِ عَلَى الْأَصَحِّ جَانِبُ الْيَمِينِ ق ل

(قَوْلُهُ: وَدَهْرِيٍّ)

<<  <  ج: ص:  >  >>