للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ يُوَكِّلَ (وَآبَا) أَيْ وَرَجَعَ الزَّوْجُ إلَيْهَا بِنَفْسِهِ أَوْ وَكِيلِهِ وَتَسَلَّمَهَا (أَوْ أَمْكَنَ الْإِيَابُ) أَيْ رُجُوعُهُ إلَيْهَا وَلَمْ يَرْجِعْ (بَعْدَ الْعِلْمِ) مِنْهُ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ بِطَاعَتِهَا (عَادَتْ) نَفَقَتُهَا إذْ بِذَلِكَ يَحْصُلُ التَّمْكِينُ قَالَ الْمُتَوَلِّي كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ مَوْضِعَهُ كَتَبَ الْحَاكِمُ إلَى حُكَّامِ الْبِلَادِ الَّتِي تَرِدُهَا الْقَوَافِلُ مِنْ بَلَدِهِ فِي الْعَادَةِ لِيَعْرِفَ فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ فَرَضَ نَفَقَتَهَا فِي مَالِهِ الْحَاضِرِ وَيَأْخُذُ مِنْهَا كَفِيلًا لِاحْتِمَالِ مَوْتِهِ أَوْ طَلَاقِهِ (وَ) بِعَوْدِهَا (مِنْ رِدَّتِهَا بِالسِّلْمِ) بِكَسْرِ السِّين أَيْ الْإِسْلَامُ عَادَتْ نَفَقَتُهَا وَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ غَائِبًا وَلَا يَحْتَاجُ إلَى حُكْمِ الْحَاكِمِ وَإِعْلَامِهِ بِهِ؛ لِأَنَّ نَفَقَةَ الْمُرْتَدَّةِ سَقَطَتْ لِرِدَّتِهَا فَإِذَا عَادَتْ إلَى الْإِسْلَامِ ارْتَفَعَ الْمُسْقِطُ فَعَمِلَ الْمُوجِبُ عَمَلَهُ بِخِلَافِ النَّاشِزَةِ فَإِنَّ نَفَقَتَهَا سَقَطَتْ لِخُرُوجِهَا عَنْ يَدِ الزَّوْجِ وَطَاعَتِهِ فَلَا تَعُودُ إلَّا إذَا عَادَتْ إلَى قَبْضَتِهِ وَلَا يَحْصُلُ ذَلِكَ فِي غَيْبَتِهِ إلَّا بِمَا مَرَّ.

(أَوْ أَمْسَكَتْ) بِمَعْنَى صَامَتْ أَيْ يَسْتَمِرُّ وُجُوبُ نَفَقَتِهَا إلَى أَنْ بَانَتْ كَمَا مَرَّ أَوْ صَامَتْ (أَوْ صَلَّتْ) الْعِبَادَةَ (الْمُتَّصِفَهْ بِالنَّفْلِ) مِنْ صَوْمٍ أَوْ صَلَاةٍ مَعَ مَنْعِهِ لَهَا كَمَا سَيَأْتِي لِامْتِنَاعِهَا مِنْ التَّمْكِينِ وَلَا يَجُوزُ لَهَا صَوْمُ نَفْلٍ وَزَوْجُهَا حَاضِرٌ إلَّا بِإِذْنِهِ نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْأَصْحَابِ فِي بَابِهِ وَبِهِ جَزَمَ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ مُحْتَجًّا بِخَبَرِ «لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ أَنْ تَصُومَ وَزَوْجُهَا شَاهِدٌ إلَّا بِإِذْنِهِ» قَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ فَإِنْ قِيلَ يَنْبَغِي جَوَازُهُ فَإِنْ أَرَادَ التَّمَتُّعَ تَمَتَّعَ وَفَسَدَ الصَّوْمُ فَالْجَوَابُ أَنَّ صَوْمَهَا يَمْنَعُهُ التَّمَتُّعَ عَادَةً؛ لِأَنَّهُ يَهَابُ انْتِهَاك حُرْمَةِ الصَّوْمِ بِالْإِفْسَادِ اهـ.

وَهَلْ يَلْحَقُ بِهِ فِي ذَلِكَ صَلَاةُ التَّطَوُّعِ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَوْجَهُ لَا لِقِصَرِ زَمَنِهَا (لَا) إنْ صَامَتْ أَوْ صَلَّتْ (رَاتِبَةً) فَلَا تَسْقُطُ نَفَقَتُهَا لِتَأَكُّدِ أَمْرِ الرَّاتِبَةِ بِخِلَافِ النَّفْلِ الْمُطْلَقِ فَصَوْمُ الرَّاتِبَةِ (كَعَرَفَةِ وَيَوْمِ عَاشُورَا) أَيْ صَوْمُهُمَا بِخِلَافِ صَوْمِ الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ فَإِنَّهُ كَالنَّفْلِ الْمُطْلَقِ، وَصَلَاةُ الرَّاتِبَةِ كَصَلَاةِ رَوَاتِبِ الْفَرَائِضِ وَصَلَاةِ الْعِيدَيْنِ وَالْكُسُوفَيْنِ فِي مَنْزِلِهَا (وَنَذْرًا) أَيْ أَوْ إلَى أَنْ صَامَتْ أَوْ صَلَّتْ نَذْرًا

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: بَعْدَ الْعِلْمِ) لَعَلَّ قِيَاسَ هَذَا أَنَّهُ لَا بُدَّ مَعَ حُضُورِ الزَّوْجِ مِنْ عِلْمِهِ بِعَوْدِهَا لِلطَّاعَةِ.

(قَوْلُهُ مَعَ مَنْعِهِ لَهَا) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَمْنَعُ مَنْ لَا يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا كَمُتَحَيِّرَةٍ وَمَنْ لَا تَحْتَمِلُ الْوَطْءَ شَرْحُ الرَّوْضِ وَكَتَبَ أَيْضًا إذَا لَمْ يَكُنْ بِهِ مَانِعٌ مِنْ التَّمَتُّعِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ غَائِبًا أَوْ بِهِ مَانِعٌ كَإِحْرَامٍ أَوْ تَلَبُّسٍ بِصَوْمِ فَرْضٍ حَجَرٌ وم ر وَكَتَبَ أَيْضًا كَذَا فِي الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ شُرُوعَهَا بِغَيْرِ إذْنٍ مِنْهُ وَلَا مَنْعٍ لَا يُسْقِطُ نَفَقَتَهَا كَمَا يَأْتِي وَإِنْ دَلَّ الْحَدِيثُ عَلَى حُرْمَةِ شُرُوعِهَا بِغَيْرِ إذْنٍ إذَا كَانَ حَاضِرًا م ر وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْجُمْهُورِ الْمَنْعُ مِنْ النَّفْلِ الْمُطْلَقِ مُطْلَقًا م ر وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ لَهُ مَنْعُهَا مِنْهُ إذَا أَرَادَ التَّمَتُّعَ قَالَ وَهُوَ حَسَنٌ مُتَعَيِّنٌ شَرْحُ رَوْضٍ (قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ لَهَا صَوْمُ نَفْلٍ. . . إلَخْ) كَالصَّرِيحِ فِي حُرْمَةِ شُرُوعِهَا بِلَا إذْنٍ (فَرْعٌ)

وَلَوْ تَزَوَّجَهَا صَائِمَةً فَلَهَا الْإِتْمَامُ فَإِنْ زُفَّتْ إلَيْهِ كَذَلِكَ فَهَلْ تَسْقُطُ نَفَقَتُهَا رَجَّحَ الْأَذْرَعِيُّ السُّقُوطَ وَشَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ عَدَمَ السُّقُوطِ بَلْ نَقَلَ التَّرْجِيحَ نَقْلَ الْمَذْهَبِ فَقَالَ: إنَّهُ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ: فَلَا تَسْقُطُ نَفَقَتُهَا) أَيْ وَإِنْ مَنَعَهَا كَمَا يُفِيدُهُ كَوْنُ الْمُخْرَجِ مِنْهُ

ــ

[حاشية الشربيني]

غَيْرِ جِهَةِ الْحَاكِمِ وَلَوْ بِإِخْبَارِ مَنْ تُقْبَلُ رِوَايَتَهُ اهـ. م ر (قَوْلُهُ: وَأَمْكَنَ الْإِيَابُ) فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ بِأَنْ مَنَعَهُ مِنْ السَّيْرِ أَوْ التَّوْكِيلِ عُذْرٌ فَلَا يُفْرَضُ عَلَيْهِ شَيْءٌ لِانْتِفَاءِ تَقْصِيرِهِ م ر (قَوْلُهُ: عَادَتْ نَفَقَتُهَا) أَيْ مِنْ حِينِ رُجُوعِهِ إنْ رَجَعَ وَبَعْدَ مُضِيِّ زَمَنِ إمْكَانِ رُجُوعِهِ إنْ لَمْ يَرْجِعْ لِغَيْرِ عُذْرٍ (قَوْلُهُ: وَيَأْخُذُ مِنْهَا كَفِيلًا) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَأْخُذُ الْكَفِيلَ قَبْلَ الدَّفْعِ وَهُوَ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّهُ ضَمَانُ مَا لَمْ يَجِبْ فَإِنْ قِيلَ إنَّهُ ضَمَانُ دَرْكٍ فَفِيهِ أَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ الْقَبْضِ إلَّا أَنْ يَكُونَ هَذَا مُسْتَثْنًى. اهـ. ع ش وَلَوْ مَنَعَهُ عُذْرٌ مِنْ الْحُضُورِ لَمْ يَفْرِضْ الْقَاضِي عَلَيْهِ شَيْئًا لِعَدَمِ تَقْصِيرِهِ حَتَّى لَوْ فُرِضَ عَلَى ظَنِّ عَدَمِ الْعُذْرِ ثُمَّ تَبَيَّنَ عُذْرٌ تَبَيَّنَ بُطْلَانُ الْفَرْضِ. اهـ. ق ل وع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: عَادَتْ نَفَقَتُهَا إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ النُّشُوزَ بِالْخُرُوجِ مِنْ الْمَسْكَنِ يُقَالُ لَهُ نُشُوزٌ جَلِيٌّ أَيْ ظَاهِرٌ وَبِغَيْرِهِ يُقَالُ لَهُ نُشُوزٌ خَفِيٌّ وَحُكْمُ الْأَوَّلِ مِنْ حَيْثُ عَوْدُ الْمُؤَنِ أَنْ تَرْفَعَ لِلْحَاكِمِ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فَإِنْ عُدِمَ الْحَاكِمُ أَشْهَدَتْ عَلَى عَوْدِهَا لِلطَّاعَةِ، وَحُكْمُ الثَّانِي أَنْ تَرْفَعَ لِلْحَاكِمِ أَوْ تُرْسِلَ لِلزَّوْجِ تُعْلِمُهُ بِالْعَوْدِ لِلطَّاعَةِ فَإِنْ تَعَذَّرَ كُلٌّ مِنْ الرَّفْعِ وَالْإِرْسَالِ أَشْهَدَتْ عَلَى الْعَوْدِ وَمَحَلُّ الِاكْتِفَاءِ بِالْإِشْهَادِ هُنَا وَفِي الْأَوَّلِ حَيْثُ كَانَ مَظِنَّةً لِبُلُوغِ الْخَبَرِ بِحَيْثُ يَبْعُدُ عَدَمُ وُصُولِ الْخَبَرِ لِلزَّوْجِ بَعْدَ الْإِشْهَادِ. اهـ. م ر وَحَجَرٌ ع ش وَرَشِيدِيٌّ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا الذَّهَبِيِّ عَلَى شَرْحِ الْمَحَلِّيِّ، وَقَدْ تَقَدَّمَ مَا نَقَلَهُ م ر عَنْ الْأَذْرَعِيِّ عَنْ الْإِمَامِ وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْعَوْدِ إلَى الْإِسْلَامِ وَنَحْوِهِ مِنْ إخْبَارِ الزَّوْجِ أَوْ الْإِشْهَادِ فَتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: مَعَ مَنْعِهِ) أَيْ وَحُضُورِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ غَائِبًا أَيْ إنْ لَمْ يُضْعِفْهَا الصَّوْمُ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ أَوْ كَانَ بِهِ مَانِعٌ كَإِحْرَامٍ أَوْ تَلَبُّسٍ بِصَوْمِ فَرْضٍ وَقَيَّدَ الْمَاوَرْدِيُّ مَنْعَهَا مِنْ النَّفْلِ بِمَا إذَا أَرَادَ التَّمَتُّعَ بِهَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ حَسَنٌ مُتَعَيِّنٌ. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ وَلَمْ يَرْتَضِ ز ي وم ر مَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَطْرَأُ لَهُ إرَادَةُ التَّمَتُّعِ. اهـ. ق ل (قَوْلُهُ: إلَّا بِإِذْنٍ) يَظْهَرُ أَنَّ مِثْلَ الْإِذْنِ عِلْمُ رِضَاهُ (قَوْلُهُ: رَوَاتِبِ الْفَرَائِضِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>