للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَيُلَاحِظُهَا دَفْعًا لِعَارِ النَّسَبِ وَتُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تُهْمَةٌ فَلَا إجْبَارَ؛ لِأَنَّهَا صَاحِبَةُ اخْتِيَارٍ وَمُمَارَسَةٍ وَبَعِيدَةٌ عَنْ الْخَدِيعَةِ لَكِنَّ الْأَوْلَى أَنْ لَا تُفَارِقَ أَهْلَهَا (قُلْتُ فَإِنْ تُتَّهَمْ الْبِكْرُ حُبِيَ) أَيْ أَعْطَى (وِلَايَةَ الْإِسْكَانِ) عَلَيْهَا الثَّابِتَةَ لِلْأَبَوَيْنِ وَالْجَدِّ (بَاقِي الْعَصَبِ) كَمَا فِي الثَّيِّبِ وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ مَفْهُومَةٌ بِالْأَوْلَى مِمَّا قَبْلَهَا لِأَنَّ الْبِكْرَ أَوْلَى مِنْ الثَّيِّبِ بِالِاحْتِيَاطِ (وَقَوْلُهُمْ) أَيْ الْعَصَبَةُ أَيْ قَوْلُ كُلٍّ مِنْهُمْ إنَّ ثَمَّ رِيبَةٌ، وَقَدْ أَنْكَرْتُهَا (كَافٍ) بِلَا بَيِّنَةٍ فَإِنَّ طَلَبَهَا يَجُرُّ إلَى نَوْعِ افْتِضَاحٍ.

(وَأَمَّا أَمْرَدُ مُنْقَدِحُ التُّهْمَةِ) بِأَنْ خِيفَ عَلَيْهِ فِتْنَةٌ (لَوْ يَنْفَرِدُ) عَنْ أَبَوَيْهِ (فَامْنَعْهُ مِنْ فِرَاقِهِ لِلْأُمِّ وَالْأَبِ وَالْجَدِّ وَنَحْوِ الْعَمِّ) مِنْ الْعَصَبَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا زَالَتْ مُرُودَتُهُ أَوْ لَمْ تَنْقَدِحْ فِيهِ تُهْمَةٌ وَبَلَغَ رَشِيدًا فِيهِمَا لِاسْتِقْلَالِهِ مَعَ انْتِفَاءِ التُّهْمَةِ لَكِنَّ الْأَوْلَى أَنْ لَا يُفَارِقَهُمْ لِيَخْدُمَهُمْ وَيَبَرَّهُمْ فَإِنْ بَلَغَ عَاقِلًا غَيْرَ رَشِيدٍ فَأَطْلَقَ جَمَاعَةٌ أَنَّهُ كَالصَّبِيِّ فَتُدَامُ حَضَانَتُهُ وَقَالَ ابْنُ كَجٍّ إنْ كَانَ عَدَمُ رُشْدِهِ لِعَدَمِ صَلَاحِ مَالِهِ فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ أَوْ لِعَدَمِ صَلَاحِ دِينِهِ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَسْكُنُ حَيْثُ شَاءَ قَالَ الشَّيْخَانِ وَهُوَ تَفْصِيلٌ حَسَنٌ وَاسْتَشْكَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِأَنَّ الْعَارَ اللَّاحِقَ بِسَبَبِ سَفَهِ الدِّينِ أَشَدُّ وَاعْتِنَاءُ الشَّارِعِ بِدَفْعِهِ أَتَمُّ فَالْمَنْعُ لِأَجْلِهِ مِنْ الِانْفِرَادِ أَوْلَى مِنْ الْمَنْعِ بِسَفَهِ الْمَالِ انْتَهَى فَإِنْ قُلْت سَفَهُ الْمَالِ أَقْوَى لِإِعَادَةِ الْحَجْرِيَّةِ دُونَ سَفَهِ الدِّينِ قُلْت قَدْ يُجَابُ بِأَنَّ ذَاكَ بَعْدَ فَكِّ الْحَجْرِ وَكَلَامُنَا هُنَا فِيمَا قَبْلَهُ إذْ الْفَرْضُ أَنَّهُ بَلَغَ غَيْرَ رَشِيدٍ وَآخِرُ زِيَادَةِ النَّظْمِ قَوْلُهُ وَنَحْوُ الْعَمِّ.

وَإِذَا اجْتَمَعَ عَدَدٌ مِنْ مُسْتَحِقِّي الْحَضَانَةِ فَإِنْ تَرَاضَوْا بِوَاحِدٍ فَذَاكَ أَوْ تَدَافَعُوهَا فَسَيَأْتِي أَوْ طَلَبَهَا كُلٌّ مِنْهُمْ وَهُوَ بِالصِّفَةِ الْمُعْتَبَرَةِ (تُقَدَّمُ الْأُمُّ) لِقُرْبِهَا وَوُفُورِ شَفَقَتِهَا (فَأُمَّهَاتُ لِلْأُمِّ بِالْإِنَاثِ مُدْلِيَاتُ) لِمُشَارَكَتِهِنَّ إيَّاهَا فِي الْإِرْث وَالْوِلَادَةِ (قُرْبَى فَقُرْبَى) أَيْ تُقَدَّمُ مِنْهُنَّ الْقُرْبَى فَالْقُرْبَى وَخَرَجَ بِالْمُدْلِيَاتِ بِالْإِنَاثِ سَاقِطَةُ الْإِرْثِ وَهِيَ الْمُدْلِيَةُ بِذَكَرٍ بَيْنَ أُنْثَيَيْنِ كَأُمِّ أَبِ الْأُمِّ؛ لِأَنَّهَا تُدْلِي بِمَنْ لَا حَقَّ لَهُ فِي الْحَضَانَةِ بِحَالٍ فَكَانَتْ كَالْأَجْنَبِيَّةِ بِخِلَافِ أُمِّ الْأُمِّ إذَا كَانَتْ الْأُمُّ فَاسِقَةً أَوْ مُزَوَّجَةً لِاسْتِحْقَاقِهَا الْحَضَانَةَ فِي الْجُمْلَةِ (فَأَبٌ فَأُمَّهَاتْ أَبٍ كَذَا) أَيْ مُدْلِيَاتٌ بِالْإِنَاثِ الْقُرْبَى فَالْقُرْبَى بِخِلَافِ الْمُدْلِيَةِ بِذَكَرٍ بَيْنَ أُنْثَيَيْنِ، وَقُدِّمَ الْأَبُ عَلَى أُمَّهَاتِهِ لِإِدْلَائِهِنَّ بِهِ وَقُدِّمَ عَلَيْهِ الْأُمُّ وَأُمَّهَاتُهَا لِاخْتِصَاصِهِنَّ بِالْوِلَادَةِ الْمُحَقَّقَةِ وَلِأَنَّهُنَّ أَلْيَقُ بِالْحَضَانَةِ مِنْهُ كَمَا مَرَّ وَلِأَنَّهُ لَا يُسْتَغْنَى فِي الْحَضَانَةِ عَنْ النِّسَاءِ غَالِبًا وَإِنَّمَا قُدِّمْنَ عَلَى أُمَّهَاتِهِ لِلْوِلَادَةِ الْمُحَقَّقَةِ وَلِقُوَّتِهِنَّ فِي الْإِرْثِ إذْ لَا يُحْجَبْنَ بِالْأَبِ بِخِلَافِ أُمَّهَاتِهِ (فَأَبُ ذَا) أَيْ الْأَبِ

(فَوَالِدَاتْ أَبٍ) لَذَا أَيْ أَبِي الْأَبِ (عَلَى تَرْتِيبِ مَا قُلْنَاهُ) مِنْ تَقْدِيمِ الْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ مِنْ الْآبَاءِ وَالْقُرْبَى فَالْقُرْبَى مِنْ أُمَّهَاتِهِمْ الْمُدْلِيَاتِ بِالْإِنَاثِ وَمِنْ تَقْدِيمِ كُلِّ أَبٍ عَلَى أُمَّهَاتِهِ (ثُمَّ مَوْلُودُ أَصْلَيْنِ) أَيْ، ثُمَّ بَعْدَ أُمَّهَاتِ الْأَبِ وَإِنْ عَلَا يُقَدَّمُ وَلَدُ الْأَبَوَيْنِ أَخًا كَانَ أَوْ أُخْتًا لِوُفُورِ شَفَقَتِهِ مَعَ زِيَادَةِ قَرَابَتِهِ (فَوَالِدٍ) بِالْجَرِّ أَيْ، ثُمَّ بَعْدَ وَلَدِ الْأَبَوَيْنِ يُقَدَّمُ وَلَدُ الْوَالِدِ أَيْ الْأَبُ أَخًا أَوْ أُخْتًا لِقُوَّةِ إرْثِهِ وَلِأَنَّ الْأَخَ عَصَبَةٌ وَالْأُخْتُ قَدْ تَكُونُ كَذَلِكَ (فَأُمٌّ) أَيْ: ثُمَّ بَعْدَ وَلَدِ الْأَبِ وَلَدُ الْأُمِّ أَخًا أَوْ أُخْتًا لِقُوَّةِ قَرَابَتِهِ بِالْإِرْثِ (يَتْلُوهُ خَالَاتٌ كَذَا) أَيْ لِأَبَوَيْنِ ثُمَّ لِأَبٍ

ــ

[حاشية العبادي]

(قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ تُهْمَةٌ فَلَا إجْبَارَ) يَنْبَغِي اخْتِصَاصُ ذَلِكَ بِالرَّشِيدَةِ فَإِنْ كَانَتْ قَدْ بَلَغَتْ سَفِيهَةً فَيَجِيءُ فِيهَا مَا سَيَأْتِي فِي الْأَمْرَدِ بِالْأَوْلَى بِرّ (قَوْلُهُ قُلْت. . . إلَخْ) هَذَا يُفِيدُ أَنَّ قَوْلَهُ إسْكَانُ بِكْرٍ. . . إلَخْ مَخْصُوصٌ بِغَيْرِ التُّهْمَةِ فَهُوَ مُخَالِفٌ لِقَوْلِ الْإِرْشَادِ لَا عَفِيفَةٍ وَلَوْ بِكْرًا فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: فَإِنْ تُتَّهَمْ. . . إلَخْ) مِثْلُهُ فِيمَا يَظْهَرُ حَالَةَ عَدَمِ الِاتِّهَامِ السَّابِقَةِ عَلَى مَا ذَهَبَ إلَيْهِ ابْنُ كَجٍّ مِنْ الْإِجْبَارِ وَيُحْتَمَلُ اخْتِصَاصُ ذَلِكَ بِالْأَبِ وَالْجَدِّ فَقَطْ كَمَا اقْتَضَاهُ صَنِيعُ الْمَتْنِ السَّابِقُ، ثُمَّ رَأَيْت فِي شَرْحِ الْجَوْجَرِيِّ أَنَّهُ عَلَى الْقَوْلِ بِإِجْبَارِ الْبِكْرِ لَا يَخْتَصُّ الْحُكْمُ بِالْأَبِ وَالْجَدِّ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا (قَوْلُهُ لِلْأَبَوَيْنِ) أَيْ الْأَبِ وَالْأُمِّ (قَوْلُهُ مَفْهُومَةٌ بِالْأَوْلَى) فَعُلِمَ أَنَّهَا تُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ بِالْأَوْلَى لِمَا مِنْ إجْبَارِ الثَّيِّبِ (قَوْلُهُ: وَقَوْلُهُمْ كَافٍ بِلَا بَيِّنَةٍ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْيَمِينِ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا وَكَتَبَ أَيْضًا وَيُصَدَّقُ الْوَلِيُّ بِيَمِينِهِ فِي دَعْوَى الرِّيبَةِ.

(قَوْلُهُ: وَهُوَ تَفْصِيلٌ حَسَنٌ) جَزَمَ بِهِ الرَّوْضُ (قَوْلُهُ: قُلْت قَدْ يُجَابُ. . . إلَخْ) هَذَا الْجَوَابُ لَا يَمْنَعُ دَلَالَةَ التَّفْرِقَةِ بَعْدَ فَكِّ الْحَجْرِ عَلَى أَنَّ نَفَقَةَ الْمَالِ أَقْوَى فَتَأَمَّلْهُ.

(قَوْلُهُ: لِاسْتِحْقَاقِهَا) أَيْ الْأُمِّ الْحَضَانَةَ فِي الْجُمْلَةِ أَيْ فَأُمُّ الْأُمِّ مُدْلِيَةٌ بِمَنْ لَهُ حَقٌّ فِي الْجُمْلَةِ فَلَا يُشْكِلُ عَلَى التَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ: يُقَدَّمُ وَلَدُ الْأَبَوَيْنِ أَخًا كَانَ) صَرِيحُ هَذَا كَمَا تَرَى أَنَّ الْأَخَ الشَّقِيق يُقَدَّمُ عَلَى الْأُخْتِ لِلْأَبِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْأُخْتُ لِلْأَبِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْأَخِ الشَّقِيقِ نَبَّهَ عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا وَسَيَأْتِي تَصْرِيحُ الشَّارِحِ بِمَا صَرَّحَ بِهِ هَذَا الْكَلَامُ وَمَا كَتَبَهُ شَيْخُنَا عَلَيْهِ فِي آخِرِ الصَّفْحَةِ

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ: وِلَايَةَ الْإِسْكَانِ الثَّابِتَةَ إلَخْ) صَرِيحٌ فِي ثُبُوتِ وِلَايَةِ الْإِجْبَارِ لِلْأَبِ وَالْجَدِّ فِيمَا سَبَقَ وَهِيَ طَرِيقَةُ الْغَزَالِيِّ.

(قَوْلُهُ: بِأَنَّ الْعَارَ إلَخْ) لَمْ يَنْظُرُوا فِي هَذَا الْبَابِ إلَّا لِلْعَارِ اللَّاحِقِ بِسَبَبِ الْعِرْضِ بِدَلِيلِ أَنَّ الْبِكْرَ لَا تُجْبَرُ إنْ لَمْ تَكُنْ تُهْمَةٌ وَلَوْ كَانَتْ غَيْرَ مُصْلِحَةٍ لِدِينِهَا وَفَرْضُ الْكَلَامِ فِيمَنْ بَلَغَ غَيْرَ رَشِيدٍ وَلَمْ يَنْقَدِحْ فِيهِ تُهْمَةٌ وَلَعَلَّ سِرَّ ذَلِكَ أَنَّ تَضَرُّرَ الْأَبَوَيْنِ وَالْعَصَبَاتِ بِفَسَادِ الْمَالِ أَكْثَرُ مِنْهُ بِفَسَادِ الدِّينِ فَرُوعِيَ دَفْعُ ضَرَرِهِمْ بِإِثْبَاتِ الْإِسْكَانِ لَهُمْ وَلَا يُنَافِي هَذَا أَنَّ اعْتِنَاءَ الشَّارِعِ بِدَفْعِ سَفَهِ الدِّينِ أَتَمُّ بِوَضْعِهِ الْحُدُودَ لِتَضْيِيعِهِ دُونَ تَضْيِيعِ الْمَالِ فَتَأَمَّلْهُ.

(قَوْلُهُ: كَأُمِّ أَبِي الْأَبِ) هَذِهِ الْعِبَارَةُ تَشْمَلُ الَّتِي مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ وَاَلَّتِي مِنْ جِهَةِ الْأَبِ وَهُوَ كَذَلِكَ. اهـ. عَمِيرَةُ عَلَى الْمَحَلِّيِّ (قَوْلُهُ ثُمَّ مَوْلُودُ الْأَصْلَيْنِ) قَالَ ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَتُقَدَّمُ بِنْتُ أُنْثَى كُلِّ جِهَةٍ عَلَى بِنْتِ ذَكَرِهَا (قَوْلُهُ أَيْضًا ثُمَّ مَوْلُودُ أَصْلَيْنِ) مَا سَبَقَ كَانَ فِيهِ التَّقْدِيمُ بِالْقُرْبِ وَهُنَا التَّقْدِيمُ بِالْقُوَّةِ وَعُلِمَ أَنَّ الْجَدَّ هُنَا مُقَدَّمٌ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>