للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عَبْدًا اشْتَرَاهُ فِي يَدِ الْبَائِعِ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَقَدْ حَدَثَ مِنْهُ رِدَّةٌ فَإِنْ قَصَدَ قَتْلَهُ عَنْهَا وَقَعَ عَنْهَا وَانْفَسَخَ الْبَيْعُ وَإِلَّا جُعِلَ قَابِضًا لِلْمَبِيعِ وَتَقَرَّرَ عَلَيْهِ الثَّمَنُ كَمَا حَكَاهُ الرَّافِعِيُّ قُبَيْلَ الدِّيَاتِ عَنْ فَتَاوَى الْبَغَوِيّ (وَ) مِثْلُ (الْمُحْصَنُ الزَّانِي) فَاعْصِمْهُ (عَلَى الْأَنْدَادِ) أَيْ أَمْثَالِهِ مِنْ الزُّنَاةِ الْمُحْصَنِينَ وَعَلَى تَارِكِ الصَّلَاةِ بَعْدَ أَمْرِهِ بِهَا لِلتَّكَافُؤِ (وَ) عَلَى (أَهْلِ ذِمَّةٍ وَذِي ارْتِدَادِ) إذْ لَا تَسَلُّطَ لِلْكَافِرِ عَلَى الْمُسْلِمِ وَلَا حَقَّ لَهُ فِي الْوَاجِبِ عَلَيْهِ وَقَضِيَّةُ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الزَّانِي الْمُحْصَنُ ذِمِّيًّا كِتَابِيًّا، وَالْقَاتِلُ لَهُ ذِمِّيٌّ لَيْسَ زَانِيًا مُحْصَنًا وَلَا وَجَبَ قَتْلُهُ بِقَطْعِ طَرِيقٍ وَنَحْوِهِ لَا يُقْتَلُ بِهِ وَهُوَ مَا اعْتَمَدَهُ الْبُلْقِينِيُّ قَالَ:، وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْقَاتِلُ كِتَابِيًّا، أَوْ مَجُوسِيًّا وَخَرَجَ بِالْأَنْدَادِ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِمْ غَيْرُهُمْ كَأَنْ قَتَلَ مُسْلِمٌ لَيْسَ بِزَانٍ مُحْصَنٍ زَانِيًا مُحْصَنًا فَلَا يَلْزَمْهُ بِقَتْلِهِ شَيْءٌ لِاسْتِيفَائِهِ حَدَّ اللَّهِ تَعَالَى سَوَاءٌ قَتَلَهُ قَبْلَ أَمْرِ الْإِمَامِ بِقَتْلِهِ أَمْ لَا وَسَوَاءٌ ثَبَتَ زِنَاهُ بِالْبَيِّنَةِ أَمْ بِالْإِقْرَارِ وَوَقَعَ فِي تَصْحِيحِ التَّنْبِيهِ لِلنَّوَوِيِّ أَنَّ ذَلِكَ فِيمَا إذَا ثَبَتَ زِنَاهُ بِالْبَيِّنَةِ فَإِنْ ثَبَتَ بِالْإِقْرَارِ قُتِلَ بِهِ (وَذَا) أَيْ الْمُرْتَدُّ أَعْصَمَهُ (عَلَى شَبِيهِهِ) أَيْ: عَلَى الْمُرْتَدِّ فَيَجِبُ بِقَتْلِهِ لَهُ الْكَفَّارَةُ، وَالضَّمَانُ وَإِنْ أَسْلَمَ الْقَاتِلُ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَتَلَهُ مُسْلِمٌ، أَوْ ذِمِّيٌّ؛ لِأَنَّهُ مُبَاحُ الدَّمِ فَكَانَ كَالْحَرْبِيِّ.

وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّ الْمُرْتَدَّ يَضْمَنُ فِيمَا ذُكِرَ بِالدِّيَةِ كَالْقَوَدِ وَكَلَامُ الرَّافِعِيِّ يَقْتَضِي خِلَافَهُ حَيْثُ جَعَلَ فِي وُجُوبِهَا الْخِلَافَ فِيمَا لَوْ قَتَلَهُ ذِمِّيٌّ، وَالْأَصَحُّ الْمَنْعُ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَإِذَا أَوْجَبْنَاهَا فَهِيَ دِيَةُ مَجُوسِيٍّ (بِمَدْخَلٍ فِي تَلَفِ)

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: مِنْ الزُّنَاةِ إلَخْ) بَيَانِيَّةٌ. (قَوْلُهُ: بَعْدَ أَمْرِهِ بِهَا) أَيْ: بِحَيْثُ اسْتَحَقَّ الْقَتْلَ وَكَتَبَ أَيْضًا يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ أَيْضًا: إنَّ تَارِكَ الصَّلَاةِ بَعْدَ أَمْرِهِ بِهَا مَعْصُومٌ عَلَى الزَّانِي الْمُحْصِنِ. وَعَلَى أَهْلِ ذِمَّةٍ، وَذِي ارْتِدَادٍ، وَعَلَى تَارِكِ الصَّلَاةِ بَعْدَ أَمْرِهِ بِهَا. (قَوْلُهُ: وَوَقَعَ فِي تَصْحِيحِ التَّنْبِيهِ إلَخْ) قَالَ الشَّارِحُ عَقِبَ نَقْلِهِ مَا فِي تَصْحِيحِ التَّنْبِيهِ: قَالَ شَيْخُنَا الْإِمَامُ الْبُلْقِينِيُّ وَلَا اعْتِمَادَ عَلَيْهِ، وَالْإِطْلَاقُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ نَعَمْ لَوْ قَتَلَهُ بَعْدَ رُجُوعِهِ عَنْ الْإِقْرَارِ لَمْ يُقْتَلْ بِهِ كَمَا نُقِلَ فِي الرَّوْضَةِ تَصْحِيحُهُ عَنْ ابْنِ كَجٍّ قَالَ شَيْخُنَا الْإِمَامُ الْبُلْقِينِيُّ: الْأَصَحُّ أَنَّهُ يُقْتَلُ بِهِ وَفِي نَصِّ الشَّافِعِيِّ فِيمَنْ قَتَلَهُ بَعْدَ أَمْرِ الْإِمَامِ مَا يُشْعِرُ بِهِ قُلْت: بَلْ صَرِيحٌ فِيهِ قَالَ شَيْخُنَا الْمَذْكُورُ، أَمَّا لَوْ قَتَلَهُ بَعْدَ رُجُوعِ الشُّهُودِ قُتِلَ بِهِ جَزْمًا إلَّا إذَا ظُنَّ بَقَاءُ شَهَادَتِهِمْ فَهُوَ كَظَنِّ بَقَاءِ الرِّدَّةِ، قَالَ: فَلَوْ قَتَلَهُ بَعْدَ أَمْرِ الْحَاكِمِ بِقَتْلِهِ ثُمَّ رَجَعَ الشُّهُودُ، وَقَالُوا تَعَمَّدْنَا، فَالْأَقْوَى الْأَقْيَسُ أَنَّهُ يُقْتَلُ بِهِ دُونَ الشُّهُودِ وَلَمْ يَذْكُرُوهُ. اهـ. وَقَوْلُهُ: فَهُوَ كَظَنِّ بَقَاءِ الرِّدَّةِ أَيْ: فَيُقْتَلُ أَيْضًا لَكِنْ عَلَى خِلَافٍ فِيهِ، وَقَوْلُهُ: فَالْأَقْوَى الْأَقْيَسُ أَنَّهُ يُقْتَلُ، وَإِنَّمَا يُتَّجَهُ هَذَا إذَا كَانَ الْقَتْلُ قَبْلَ الْحُكْمِ بِشَهَادَتِهِمْ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مُبَاشِرٌ، وَهُمْ مُتَسَبِّبُونَ، أَمَّا إذَا كَانَ بَعْدَهُ فَلَا أَثَرَ لِرُجُوعِهِمْ بِالنِّسْبَةِ لَهُ لِعُذْرِهِ وَعَدَمِ تَعَدِّيهِ، وَإِنْ أَثَّرَ فِي وُجُوبِ الْقَوَدِ عَلَيْهِمْ لِتَعَدِّيهِمْ. اهـ.

(قَوْلُهُ: فَيَجِبُ بِقَتْلِهِ الْكَفَّارَةُ) الْمُعْتَمَدُ عَدَمُ وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ م ر (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَوْ قَتَلَهُ مُسْلِمٌ) لَوْ زَانِيًا مُحْصَنًا، وَلَوْ قَتَلَ مُرْتَدٌّ ذِمِّيًّا وَجَبَ الْقِصَاصُ فِي الْأَظْهَرِ بِرّ. (قَوْلُهُ: كَالْقَوَدِ) وَالْقَوَدُ يَسْتَوْفِيهِ الْإِمَامُ، أَوْ نَائِبُهُ، وَقِيلَ: قَرِيبُهُ الْوَارِثُ لَوْلَا الرِّدَّةُ بِرّ.

(قَوْلُهُ: بِمَا لَهُ مَدْخَلٌ فِيهِ) الْمُوَافِقُ لِهَذَا التَّقْدِيرِ جَعْلُ الْمَتْنِ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ: بِذِي مَدْخَلٍ، وَكَتَبَ أَيْضًا قَضِيَّتُهُ أَنَّ مَالَهُ مَدْخَلٌ فِيهِ غَيْرَ الْمُعَقِّبِ، وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ هُوَ هُوَ. فَلَوْ قَالَ: بَدَلَ هَذَا مَدْخَلِيَّتُهُ فِي التَّلَفِ كَانَ وَاضِحًا. (قَوْلُهُ: تَلَفُهُ) يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى إتْلَافِهِ، وَعَلَى هَذَا فَالْهَاءُ رَاجِعَةٌ إمَّا لِلْمَنْعُوتِ أَيْ: إتْلَافُ الْمَنْعُوتِ الْمَعْصُومِ، وَإِمَّا لِلْمَعْصُومِ، وَالْمَعْنَى مَا ذُكِرَ أَيْضًا، وَأَنْ يَكُونَ عَلَى ظَاهِرِهِ وَعَلَى هَذَا فَالْأَظْهَرُ أَنَّ الْهَاءَ لِلْمَعْصُومِ، وَيُمْكِنُ جَعْلُهَا لِلْمَنْعُوتِ أَيْ: تَلِفَ الْمَنْعُوتُ بِمَعْنَى التَّلَفِ الْحَاصِلِ بِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ.

ــ

[حاشية الشربيني]

شَرْحِ الْمِنْهَاجِ هَذَا الِاحْتِمَالَ بِأَنَّ دَمَهُ لَمَّا كَانَ هَدَرًا لَمْ يُؤَثِّرْ فِيهِ الصَّارِفُ قَالَ ع ش وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ اهـ.

وَمِنْهُ يُعْلَمُ ضَعْفُ مَا نُقِلَ عَنْ فَتَاوَى الْبَغَوِيّ (قَوْلُهُ: مِنْ الزُّنَاةِ الْمُحْصَنِينَ) بِخِلَافِ مَا لَوْ قَتَلَهُ مُحْصَنٌ غَيْرُ زَانٍ، أَوْ زَانٍ غَيْرُ مُحْصَنٍ فَلَا يُقْتَلُ بِهِ ق ل (قَوْلُهُ: وَذِي ارْتِدَادٍ) فَيُقَدَّمُ قَتْلُهُ قِصَاصًا عَلَى قَتْلِهِ بِالرِّدَّةِ؛ لِأَنَّهُ حَقُّ آدَمِيٍّ فَلَوْ عَفَا عَنْهُ الْمَقْتُولُ قَبْلَ مَوْتِهِ قُتِلَ بِالرِّدَّةِ وَلَا أَرْشَ وَلَا دِيَةَ لِلْعَافِي؛ لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ شَيْءٌ مِنْهُمَا فِي مَالِ الْمُرْتَدِّ عَلَى الرَّاجِحِ الْمُعْتَمَدِ إلَّا إنْ عَفَا بَعْدَ إسْلَامِهِ اهـ.

ق ل عَلَى الْجَلَالِ فِي قَتْلِ الْمُرْتَدِّ لِلذِّمِّيِّ، وَالْمُعَاهَدِ اللَّذَيْنِ هُمَا أَوْلَى بِالضَّمَانِ مِنْ الزَّانِي الْمُحْصَنِ لِإِهْدَارِهِ بِغَيْرِ الْقِصَاصِ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِقَوْلِ شَرْحِ الْإِرْشَادِ أَنَّهُ عَفَا وَلِيُّ الزَّانِي الْمُحْصَنِ وَتَارِكُ الصَّلَاةِ عَنْ قَتْلِ الْمُرْتَدِّ قُتِلَ بِالرِّدَّةِ وَأُخِذَتْ الدِّيَةُ مِنْ تَرِكَتِهِ وَمِثْلُهُ ع ش عَلَى م ر أَخْذًا مِنْ كَلَامِ م ر (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ هَذَا التَّعْلِيلِ إلَخْ) اسْتَشْكَلَهُ سم بِأَنَّ الذِّمِّيَّ لَا حَقَّ لَهُ فِي الْوَاجِبِ عَلَى الذِّمِّيِّ وَأَجَابَ ع ش بِأَنَّ الذِّمِّيَّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَقٌّ لَكِنَّ الزَّانِيَ دُونَهُ (قَوْلُهُ: لِاسْتِيفَائِهِ حَدَّ اللَّهِ) أَيْ فِي الْوَاقِعِ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْهُ بَلْ وَإِنْ قَصَدَ خِلَافَهُ نَظَرًا إلَى أَنَّ شَأْنَ الْمُسْلِمِ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ اسْتِيفَائِهِ اهـ.

ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: أَمْ بِالْإِقْرَارِ) وَإِنْ رَجَعَ عَنْهُ وَحَكَمَ الْحَاكِمُ بِصِحَّةِ رُجُوعِهِ وَعَلِمَ الْقَاتِلُ بِذَلِكَ لِسُقُوطِ حُرْمَتِهِ اهـ.

ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَتَلَهُ مُسْلِمٌ) أَيْ لَوْ زَانِيًا مُحْصَنًا وَتَارِكُ صَلَاةٍ وَقَاطِعُ طَرِيقٍ تَحَتَّمَ قَتْلُهُ؛ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ وَلَوْ مُهْدَرًا لَا يُقْتَلُ بِكَافِرٍ اهـ.

ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: يَقْتَضِي خِلَافَهُ) مُعْتَمَدٌ وَهُوَ فِي شَرْحِ م ر عَلَى الْمِنْهَاجِ وَفِي حَاشِيَةِ الْمَنْهَجِ

<<  <  ج: ص:  >  >>