أَيْ: مُعْقِبِ التَّلَفِ بِمَا لَهُ مَدْخَلٌ فِيهِ كَقَطْعِ يَدٍ وَشَقِّ بَطْنٍ يُوجِبُ الْمَذْكُورَ (لَا) بِمَا لَا مَدْخَلَ بِهِ فِيهِ مِثْلُ (صَفْعَةٍ لَمْ تَثْقُلْ) أَيْ خَفِيفَةٍ فَلَا يَجِبُ بِالتَّلَفِ عِنْدَهَا شَيْءٌ لِلْعِلْمِ الْعَادِيِّ أَنَّ مِثْلَهَا لَا يَكُونُ مُهْلِكًا وَأَنَّ التَّلَفَ عِنْدَهَا اتِّفَاقِيٌّ وَقَوْلُهُ: (يُقْصَدُ فِي الْعَادَةِ بِالْمَنْعُوتِ) أَيْ: الْمَذْكُورِ (تَلَفُهُ) تَفْسِيرٌ لِمَدْخَلٍ فِي تَلَفٍ أَيْ: بِمَا لَهُ مَدْخَلٌ فِي التَّلَفِ بِحَيْثُ يُقْصَدُ فِي الْعَادَةِ بِهِ تَلَفُ الْمَعْصُومِ (بِالظُّلْمِ لِلتَّفْوِيتِ) أَيْ مُعْقِبُ التَّلَفِ عَلَى وَجْهِ الظُّلْمِ لِتَفْوِيتِ الْمَعْصُومِ يُوجِبُ الْمَذْكُورَ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ ظُلْمًا كَالْقَتْلِ قَوَدًا، أَوْ دَفْعًا لِصَائِلٍ، أَوْ بَاغٍ، أَوْ كَانَ ظُلْمًا لَا لِلتَّفْوِيتِ بَلْ لِغَيْرِهِ كَالْعُدُولِ عَنْ الطَّرِيقِ الْمُسْتَحَقِّ فِي التَّلَفِ كَمَا لَوْ اسْتَحَقَّ حَزَّ رَقَبَتِهِ قَوَدًا فَقَدَّهُ نِصْفَيْنِ فَلَا كَفَّارَةَ وَلَا ضَمَانَ (مُبَاشِرًا) أَيْ: مُعْقِبُ التَّلَفِ يُوجِبُ الْمَذْكُورَ سَوَاءٌ كَانَ مُبَاشَرَةً (أَوْ سَبَبًا، أَوْ شَرْطَا) فَالْمُبَاشَرَةُ وَتُسَمَّى عِلَّةً: مَا يُؤَثِّرُ فِي التَّلَفِ وَيُحَصِّلُهُ كَالْحَزِّ، وَالْجَرْحِ، وَالسَّبَبُ مَا يُؤَثِّرُ فِيهِ وَلَا يُحَصِّلُهُ كَشَهَادَةِ الزُّورِ، وَالْإِكْرَاهِ، وَالشَّرْطُ مَا لَا يُؤَثِّرُ فِيهِ وَلَا يُحَصِّلُهُ بَلْ يَحْصُلُ التَّلَفُ عِنْدَهُ بِغَيْرِهِ وَيَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ تَأْثِيرُ ذَلِكَ الْغَيْرِ فِي التَّلَفِ كَحَفْرِ الْبِئْرِ فَإِنَّهُ لَا يُؤَثِّرُ فِي التَّلَفِ وَلَا يُحَصِّلُهُ وَإِنَّمَا الْمُؤَثِّرُ التَّخَطِّي فِي صَوْبِ الْبِئْرِ، وَالْمُحَصِّلُ لِلتَّلَفِ التَّرَدِّي فِيهَا وَمُصَادَمَتُهَا لَكِنْ لَوْلَا الْحَفْرُ لَمَا حَصَلَ التَّلَفُ وَلِهَذَا سُمِّيَ شَرْطًا فَالسَّبَبُ يُشَارِكُ الْمُبَاشَرَةَ فِي تَوَلُّدِ الزُّهُوقِ وَيُفَارِقُهَا فِي أَنَّهُ بِوَاسِطَةٍ وَيُشْبِهُ الشَّرْطَ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَا يُوَلِّدُ نَفْسَ الزُّهُوقِ
، ثُمَّ ذَكَرَ لِلشَّرْطِ أَمْثِلَةً فَقَالَ: (كَقَاعِدٍ يَعْثُرُ مَنْ تَخَطَّى بِهِ وَإِهْدَارُ دَمٍ لَا يَلْتَبِسْ مِنْ ذِي الْقُعُودِ) أَيْ: كَأَنْ قَعَدَ فِي شَارِعٍ ضَيِّقٍ فَتَعَثَّرَ بِهِ مَاشٍ فَمَاتَا فَإِنَّهُ يُضْمَنُ الْمَاشِي وَيُهْدَرُ الْقَاعِدُ وَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ وَإِنْ انْحَرَفَ عَنْ الْمَاشِي فَأَصَابَهُ فِي انْحِرَافِهِ؛ لِأَنَّ الْقُعُودَ لَيْسَ مِنْ مَرَافِقِ الشَّارِعِ الضَّيِّقِ فَهُوَ مُتَعَدٍّ وَمِثْلُهُ النَّائِمُ أَمَّا لَوْ كَانَ ذَلِكَ فِي شَارِعٍ وَاسِعٍ فَيُضْمَنُ الْقَاعِدُ وَيُهْدَرُ الْمَاشِي وَقَوْلُهُ: مِنْ ذِي، مُتَعَلِّقٌ بِإِهْدَارٍ أَيْ: وَإِهْدَارُ الدَّمِ مِنْ الْقَاعِدِ لَا يَلْتَبِسُ عَلَى فَقِيهٍ (وَ) لَوْ تَعَثَّرَ مَاشٍ (بِقَائِمٍ) فِي شَارِعٍ (عُكِسْ) أَيْ الْحُكْمُ السَّابِقُ فَيُهْدَرُ الْمَاشِي وَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ وَيُضْمَنُ الْقَائِمُ؛ لِأَنَّ الْقِيَامَ مِنْ مَرَافِقِ الشَّارِعِ كَالْمَشْيِ لَكِنَّ التَّلَفَ حَصَلَ بِحَرَكَةِ الْمَاشِي فَخُصَّ بِالضَّمَانِ سَوَاءٌ اسْتَمَرَّ الْقَائِمُ بِمَكَانِهِ أَمْ انْحَرَفَ عَنْ الْمَاشِي فَأَصَابَهُ فِي انْحِرَافِهِ، أَوْ انْحَرَفَ إلَيْهِ فَأَصَابَهُ بَعْدَ تَمَامِ انْحِرَافِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ انْحَرَفَ إلَيْهِ لَمَّا قَرُبَ مِنْهُ فِي انْحِرَافِهِ فَإِنَّهُمَا كَمَاشِيَيْنِ اصْطَدَمَا وَسَيَأْتِي حُكْمُهُ (وَالرَّشِّ) أَيْ: وَكَرَشِّ مَاءٍ فِي شَارِعٍ فَتَلِفَ بِهِ شَيْءٌ فَإِنَّهُ يُضْمَنُ؛ لِأَنَّ الِارْتِفَاقَ بِذَلِكَ مَشْرُوطٌ بِسَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ (إلَّا) أَنْ يَكُونَ الرَّشُّ (لِعُمُومِ مَصْلَحَهْ كَغَبَرَةٍ) أَيْ: دَفَعَهَا النَّاسُ فَلَا ضَمَانَ إلَّا أَنْ يُجَاوِزَ الْعَادَةَ، وَالتَّمْثِيلُ بِالْغَبَرَةِ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: تَفْسِيرٌ لِمَدْخَلٍ فِي تَلَفٍ) لَا يُنَافِيهِ إعْرَابُهُ صِفَةً لِمَدْخَلِ. (قَوْلُهُ: بِالظُّلْمِ) أَيْ: مَعَ الظُّلْمِ قِيلَ: يُغْنِي عَنْ اشْتِرَاطِ الْعِصْمَةِ. اهـ. وَيُجَابُ بِمَنْعِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا لَمَّا قُيِّدَتْ بِالْإِيمَانِ، أَوْ الْأَمَانِ صَارَ الْحَاصِلُ وَالْمَآلُ اشْتِرَاطُ الْإِيمَانِ، أَوْ الْأَمَانِ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا يُغْنِي عَنْ قَيْدِ الظُّلْمِ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: مُبَاشِرًا) يَنْبَغِي ضَبْطُهُ بِصِيغَةِ اسْمِ الْمَفْعُولِ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ بِمَعْنَى الْمَصْدَرِ، وَقَدْ أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى تَأْوِيلِ مُبَاشِرٍ بِمَعْنَى الْمَصْدَرِ فَلْيُتَأَمَّلْ، وَيُمْكِنُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ أَصْلُهُ مُبَاشِرٌ لَكِنْ رُخِّمَ فِي غَيْرِ النِّدَاءِ لِلضَّرُورَةِ
(قَوْلُهُ: كَقَاعِدٍ) أَيْ: كَعُقُودِ قَاعِدٍ إذْ الشَّرْطُ الْقُعُودُ لَا الْقَاعِدُ وَقَوْلُهُ: يَعْثُرُ أَيْ: مِنْ شَأْنِهِ ذَلِكَ لِضِيقِ الْمَحَلِّ (قَوْلُهُ: وَإِنْ انْحَرَفَ عَنْ الْمَاشِي) ، وَكَذَا إنْ انْحَرَفَ إلَيْهِ بِالْأَوْلَى نَعَمْ إنْ أَصَابَهُ هُنَا فِي الِانْحِرَافِ اُتُّجِهَ أَنَّهُمَا كَمَاشِيَيْنِ اصْطَدَمَا. (قَوْلُهُ: فَأَصَابَهُ فِي انْحِرَافِهِ) مِثْلُهُ بَعْدَ تَمَامِ الِانْحِرَافِ فِيمَا يَظْهَرُ بِرّ. (قَوْلُهُ: فِي شَارِعٍ وَاسِعٍ) بِأَنْ لَا يَتَضَرَّرَ الْمَارُّ بِالْقُعُودِ وَالنَّوْمِ فِيهِ. (قَوْلُهُ: فَيَضْمَنُ الْقَاعِدُ) أَيْ: وَالنَّائِمُ. (قَوْلُهُ: فِي شَارِعٍ) أَيْ: وَلَوْ ضَيِّقًا (قَوْلُهُ: وَالرَّشُّ) لَوْ أَمَرَ شَخْصٌ آخَرَ بِالرَّشِّ بِأُجْرَةٍ، أَوْ دُونَهَا فَهَلْ الضَّمَانُ عَلَى الْآمِرِ، أَوْ الْمَأْمُورِ؟ . فِيهِ نَظَرٌ، وَعَلَى الثَّانِي يُفَارِقُ مَا يَأْتِي فِي وَضْعِ نَحْوِ الْمِيزَابِ وَالْجَنَاحِ وَالْبِنَاءِ مَائِلًا بِأَنَّهُ ثَمَّ تَصَرُّفٌ فِي مِلْكِ الْآمِرِ، فَتَعَلَّقَ الضَّمَانُ بِهِ دُونَ الْمَأْمُورِ بِخِلَافِهِ هُنَا. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَضْمَنُ) أَيْ: مَعَ جَوَازِ الرَّشِّ إلَّا عَلَى وَجْهٍ يَضُرُّ فَيَحْرُمُ. (قَوْلُهُ: إلَّا لِعُمُومِ مَصْلَحَةٍ كَغَيْرِهِ) فَلَا ضَمَانَ إلَّا أَنْ يُجَاوِزَ الْعَادَةَ قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: نَعَمْ إنْ مَشَى عَلَى مَوْضِعِ الرَّشِّ قَصْدًا فَلَا ضَمَانَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ أَصْلُهُ. اهـ. وَعِبَارَةُ الْعُبَابِ (فَرْعٌ)
مَنْ رَشَّ الْمَاءَ فِي طَرِيقٍ لِمَصْلَحَةِ نَفْسِهِ، أَوْ لِمَصْلَحَةٍ عَامَّةٍ كَتَسْكِينِ الْغُبَارِ، وَجَاوَزَ الْعَادَةَ ضَمِنَ مَا تَلِفَ بِهِ إنْ لَمْ يَمْشِ عَلَيْهِ قَصْدًا. اهـ. نَعَمْ إنْ عَمَّ الرَّشُّ بِطَرِيقٍ، وَلَمْ يَجِدْ طَرِيقًا آخَرَ لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ فِي سُلُوكِهِ، وَتَحَفَّظَ فِي مَشْيِهِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَسْقُطَ الضَّمَانُ بِالْمَشْيِ عَلَيْهِ قَصْدًا لِاضْطِرَارِهِ لِذَلِكَ، وَفِي مَنْعِهِ مِنْ الْمَشْيِ عَلَيْهِ إلَى أَنْ يَجِفَّ غَايَةُ الْمَشَقَّةِ، أَوْ الضَّرَرِ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: فَلَا ضَمَانَ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ الْإِمَامُ
ــ
[حاشية الشربيني]
فِي بَابِ الدِّيَاتِ الْمُهْدَرُ كَزَانٍ مُحْصَنٍ وَتَارِكٍ لِلصَّلَاةِ بَعْدَ أَمْرِ الْإِمَامِ لَا دِيَةَ فِيهِمَا وَإِنْ وَجَبَ الْقِصَاصُ عَلَى الْمُكَافِئِ كَمَا فِي قَتْلِ الْمُرْتَدِّ لِمِثْلِهِ وَمِثْلُهُمَا قَاطِعُ الطَّرِيقِ، وَالصَّائِلُ فَلَا دِيَةَ فِيهِمَا بِرْمَاوِيٌّ، وَقِ ل وَهُوَ ظَاهِرُ شَرْحِ م ر لَكِنْ قَيَّدَ الرَّشِيدِيُّ عَدَمَ وُجُوبِ الدِّيَةِ فِي قَتْلِ الزَّانِي الْمُحْصَنِ وَتَارِكِ الصَّلَاةِ وَقَاطِعِ الطَّرِيقِ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْقَاتِلُ مِثْلَهُمْ
(قَوْلُهُ: كَأَنْ قَعَدَ فِي شَارِعٍ ضَيِّقٍ) أَيْ لَا فِي مُنْعَطَفٍ مِنْهُ وَلَا لِنَفْعٍ عَامٍّ، أَوْ دَفْعِ ضَرَرٍ كَذَلِكَ اهـ.
ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: أَمَّا لَوْ كَانَ ذَلِكَ فِي شَارِعٍ وَاسِعٍ إلَخْ) أَيْ وَكَانَ لِغَيْرِ غَرَضٍ فَاسِدٍ كَمَا فِي التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: وَبِقَائِمٍ) عَكْسُ إنْ لَمْ يَكُنْ قِيَامٌ لِغَرَضٍ فَاسِدٍ، وَالْإِهْدَارُ الْقَائِمُ اهـ.
ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: فَيُهْدَرُ الْمَاشِي)