مَثَّلَ كَالرَّافِعِيِّ لِلْجَوْفِ الْمَذْكُورِ بِقَوْلِهِ: (كَدَاخِلِ الشَّرَجِ) بِفَتْحِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ، وَالرَّاءِ وَبِالْجِيمِ وَهُوَ الْعَصَبَةُ الَّتِي بَيْنَ الدُّبُرِ، وَالْأُنْثَيَيْنِ (فِي الْعِجَانِ) بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَبِالْجِيمِ وَهُوَ مَا بَيْنَ الدُّبُرِ، وَالْأُنْثَيَيْنِ لِعِظَمِ الْخَطَرِ فِيهِ وَظَاهِرُ ذَلِكَ أَنَّهُ يُكْتَفَى بِالْوُصُولِ إلَى دَاخِلِ الشَّرَجِ وَإِنْ لَمْ يَصِلْ إلَى الْجَوْفِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَفِيهِ نَظَرٌ عِبَارَةُ الشَّافِعِيِّ فِي الْأُمِّ وَكَذَا لَوْ طَعَنَهُ فِي الشَّرَجِ فَخَرَقَهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَصِلُ إلَى الْجَوْفِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ كَلَامَ الشَّافِعِيِّ لَا يُخَالِفُ كَلَامَ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ دَاخِلِ الشَّرَجِ جَوْفُهُ (كَالثُّلْثِ) خَبَرُ قَوْلِهِ طَبَقَةٌ وَيُقَدَّرُ مِثْلُهُ فِيمَا عُطِفَ عَلَيْهِ كَمَا تَقَرَّرَ
، ثُمَّ بَيَّنَ مَا بَدَلُهُ كَرُبْعِ بَدَلِ النَّفْسِ بِقَوْلِهِ: (وَالْفَرْدُ) أَيْ: الْوَاحِدُ (مِنْ الْأَجْفَانِ) الْأَرْبَعَةِ (كَالرُّبْعِ) أَيْ: كَرُبْعِ نَفْسِ صَاحِبِهِ وَلَوْ كَانَ لِأَعْمَى فَفِي قَطْعِهِ، أَوْ إشْلَالِهِ رُبْعُ الدِّيَةِ وَفِي الْأَرْبَعَةِ الدِّيَةُ؛ لِأَنَّ فِيهَا جَمَالًا وَمَنْفَعَةً وَفِي جِفْنَيْنِ نِصْفُ الدِّيَةِ؛ لِأَنَّ كُلَّ مُتَعَدِّدٍ مِنْ الْأَعْضَاءِ يَجِبُ فِي جِنْسِهِ الدِّيَةُ تُوَزَّعُ الدِّيَةُ عَلَى عَدَدِ ذَلِكَ الْجِنْسِ كَالْيَدَيْنِ، وَالرِّجْلَيْنِ، وَالْأَصَابِعِ
، ثُمَّ أَخَذَ فِي بَيَانِ مَا بَدَلُهُ كَنِصْفِ عُشْرِ بَدَلِ النَّفْسِ فَقَالَ: (وَالرَّأْسُ، أَوْ الْوَجْهُ فَمَا يُوضِحْ وَيَنْقُلْ عَظْمَهُ وَهَشَمَا) أَيْ: فَإِيضَاحُ عَظْمِهِ وَنَقْلُهُ وَهَشْمُهُ كَنِصْفِ عُشْرِ نَفْسِ صَاحِبِهِ فَفِي كُلٍّ مِنْهَا نِصْفُ عُشْرِ دِيَتِهِ لِمَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ «فِي الْمُوضِحَةِ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ» مَعَ مَا رُوِيَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْجَبَ فِي الْهَاشِمَةِ أَيْ مَعَ الْإِيضَاحِ عَشْرًا مِنْ الْإِبِلِ» وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ، وَالْبَيْهَقِيُّ مَوْقُوفًا عَلَى زَيْدٍ مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ فِي خَبَرِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ «وَفِي الْمُنَقِّلَةِ أَيْ: مَعَ الْمُوضِحَةِ، وَالْهَاشِمَةِ خَمْسَةَ عَشَرَ مِنْ الْإِبِلِ» ، وَالْمُرَادُ هُنَا بِالرَّأْسِ مَا يَعُمُّ الْعَظْمَ النَّاتِئَ خَلْفَ الْأُذُنِ وَيُسَمَّى الْخُشَّاءَ بِضَمِّ الْمُعْجَمَةِ الْأُولَى وَإِدْغَامِ الثَّانِيَةِ فِي مِثْلِهَا، وَالْمَدِّ، وَالْخُشَشَا بِفَكِّ الْإِدْغَامِ وَبِالْوَجْهِ مَا يَعُمُّ اللَّحْيَيْنِ وَلَوْ مِنْ تَحْتِ الْمُقْبِلِ مِنْهُمَا وَخَرَجَ بِعَظْمِ الرَّأْسِ، وَالْوَجْهِ عَظْمُ سَائِرِ الْبَدَنِ فَلَا تَقْرِيرَ فِيهِ؛ لِأَنَّ أَدِلَّةَ ذَلِكَ لَا تَشْمَلُهُ لِاخْتِصَاصِ أَسْمَاءِ الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ بِجِرَاحَةِ الرَّأْسِ، وَالْوَجْهِ وَلَيْسَ غَيْرُهُمَا فِي مَعْنَاهُمَا لِزِيَادَةِ الْخَطَرِ، وَالْقُبْحِ فِيهِمَا،
وَجُمْلَةُ شِجَاجِهِمَا عَشْرٌ حَارِصَةٌ وَهِيَ مَا تَشُقُّ الْجِلْدَ قَلِيلًا وَدَامِيَةٌ تُدْمِيهِ مِنْ غَيْرِ سَيَلَانِ دَمٍ وَقِيلَ مَعَهُ وَبَاضِعَةٌ تَقْطَعُ اللَّحْمَ وَمُتَلَاحِمَةٌ تُعَوِّضُ فِيهِ وَسِمْحَاقٌ تَبْلُغُ الْجِلْدَةَ الَّتِي بَيْنَ اللَّحْمِ، وَالْعَظْمِ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ بِاسْمِ تِلْكَ الْجِلْدَةِ فَإِنَّهَا تُسَمَّى سِمْحَاقًا وَكَذَا كُلُّ جِلْدَةٍ رَقِيقَةٍ، وَمُوضِحَةٌ، وَهَاشِمَةٌ، وَمِنْقَلَةٌ وَتَقَدَّمَ بَيَانُ الثَّلَاثَةِ وَحُكْمُهَا وَمَأْمُومَةٌ تَبْلُغُ خَرِيطَةَ الدِّمَاغِ وَدَامِغَةٌ تَخْرِقُهَا وَفِي كُلِّ مِنْهُمَا ثُلُثُ الدِّيَةِ كَمَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ: وَوَاصِلٌ بِأَيِّ جَوْفٍ فَلَوْ أَوْضَحَ وَاحِدٌ وَهَشَمَ آخَرُ وَنَقَلَ ثَالِثُ وَأَمَّ رَابِعٌ فَعَلَى كُلٍّ مِنْ الثَّلَاثَةِ نِصْفُ عُشْرِ دِيَةِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَعَلَى الرَّابِعِ تَمَامُ الثُّلُثِ وَفِي بَقِيَّةِ الشِّجَاجِ الْحُكُومَةُ عَلَى مَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ
وَعَطَفَ عَلَى الرَّأْسِ قَوْلَهُ (وَأُنْمُلٌ فَرْدٌ) أَيْ: وَأُنْمُلَةٌ وَاحِدَةٌ (مِنْ الْإِبْهَامِ مِنْ يَدٍ وَرِجْلٍ) كَنِصْفِ عُشْرِ نَفْسِ صَاحِبِهَا فَفِيهَا نِصْفُ عُشْرِ دِيَتِهِ؛ لِأَنَّ وَاجِبَ الْإِبْهَامِ الَّتِي هِيَ أُنْمُلَتَانِ عُشْرُ الدِّيَةِ لِمَا رَوَاهُ النَّسَائِيّ وَغَيْرُهُ فِي خَبَرِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ «وَفِي كُلِّ أُصْبُعٍ مِنْ أَصَابِعِ الْيَدِ، وَالرِّجْلِ عَشْرٌ مِنْ الْإِبِلِ» فَيَكُونُ وَاجِبُ الْإِبْهَامِ نِصْفَ الْعُشْرِ (وَكَذَا ظَاهِرُ سِنْ) لِشَخْصٍ (مُثْغِرٍ) أَيْ: سَقَطَتْ رَوَاضِعُهُ، ثُمَّ نَبَتَتْ (أَوْ) لَمْ يَتَّغِرْ لَكِنْ (بَانَ) أَيْ: ظَهَرَ (أَنَّهُ فَسَدْ) بِالْجِنَايَةِ (مَنْبَتُهَا) أَيْ: السِّنِّ بِأَنْ لَمْ تَعُدْ بَعْدَ مُضِيِّ زَمَنٍ يُتَوَقَّعُ عَوْدُهَا فِيهِ (عَنْ) عَدْلَيْنِ (عَارِفَيْنِ) بِذَلِكَ فَفِيهَا نِصْفُ عُشْرِ دِيَةِ نَفْسِ صَاحِبِهَا لِخَبَرِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ «وَفِي السِّنِّ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ» سَوَاءٌ كَانَتْ صَغِيرَةً، أَمْ كَبِيرَةً ثَابِتَةً، أَوْ مُتَحَرِّكَةً نَعَمْ إنْ بَطَلَ نَفْعُهَا فَفِيهَا حُكُومَةٌ فَلَوْ قَلَعَ الْأَسْنَانَ كُلَّهَا وَعِدَّتُهَا فِي الْغَالِبِ ثِنْتَانِ وَثَلَاثُونَ أَرْبَعُ ثَنَايَا وَهِيَ الْوَاقِعَةُ فِي مُقْدِمِ الْفَمِ ثِنْتَانِ مِنْ أَعْلَى وَثِنْتَانِ مِنْ أَسْفَلَ ثُمَّ أَرْبَعُ رَبَاعِيَاتٍ، ثُمَّ أَرْبَعُ ضَوَاحِكَ، ثُمَّ أَرْبَعَةُ أَنْيَابٍ وَأَرْبَعَةُ نَوَاجِذَ وَاثْنَا عَشَرَ ضِرْسًا وَتُسَمَّى الطَّوَاحِينُ لَزِمَهُ مِائَةٌ وَسِتُّونَ بَعِيرًا قَالَهُ الشَّيْخَانِ تَبَعًا لِلرُّويَانِيِّ وَاسْتُشْكِلَ بِأَنَّ قَضِيَّتَهُ أَنَّ النَّوَاجِذَ فِي الْأَثْنَاءِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هِيَ آخِرُ الْأَضْرَاسِ وَرُدَّ بِمَنْعِ أَنَّ قَضِيَّتَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُمْ عَبَّرُوا فِي الْأَوَّلِ، ثُمَّ عَطَفُوا النَّوَاجِذَ، وَالْأَضْرَاسَ بِالْوَاوِ وَهِيَ لَا تَقْتَضِي تَرْتِيبًا قَالَ الْجَوْهَرِيُّ وَيُسَمَّى
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: خَبَرُ قَوْلِهِ: فَمَا يُوضِحُ) يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ أَيْ: فَوَاجِبُ مَا يُوضِحُ فَتَأَمَّلْهُ (قَوْلُهُ: وَالْجُمْلَةُ خَبَرُ قَوْلِهِ: وَالرَّأْسُ، وَالْوَجْهُ) قَدْ يُشْكِلُ الْفَاءُ حِينَئِذٍ إذْ لَا تَدْخُلُ فِي خَبَرِ مِثْلِ هَذَا الْمُبْتَدَإِ إلَّا أَنْ يُبْنَى ذَلِكَ عَلَى قَوْلِ الْأَخْفَشِ، أَوْ تُقَدَّرُ زِيَادَةُ الْفَاءِ وَيُمْكِنُ تَقْدِيرُ، أَمَّا مَعَ الْمُبْتَدَإِ فَتَكُونُ الْجُمْلَةُ الْمُصَدَّرَةُ بِالْفَاءِ جَوَابًا لَهَا أَيْ:، وَأَمَّا الرَّأْسُ، وَالْوَجْهُ فَمَا يُوضِحُ إلَخْ كَمَا قِيلَ: فِي قَوْله تَعَالَى {وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ} [المدثر: ٣] أَنَّ التَّقْدِيرَ وَ، أَمَّا رَبَّك فَكَبِّرْ
[حاشية الشربيني]
قَوْلُهُ: فِي الْعِجَانِ) أَيْ الشَّرْجِ الْكَائِنِ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَا بَيْنَ الدُّبُرِ إلَخْ) وَهَذَا أَوْسَعُ مِنْ الشَّرَجِ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى غَيْرِ الشَّرَجِ مِنْ لَحْمٍ وَجِلْدٍ وَغَيْرِهِمَا وَانْظُرْ حَوَاشِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ هُنَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute