النَّاجِذُ ضِرْسُ الْحِلْمِ أَيْ الْعَقْلِ؛ لِأَنَّهُ يَنْبُتُ بَعْدَ الْبُلُوغِ وَكَمَالِ الْعَقْلِ وَأَمَّا خَبَرُ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ضَحِكَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ»
فَالْمُرَادُ كَمَا فِي الْمُهِمَّاتِ ضَوَاحِكُهُ؛ لِأَنَّ ضَحِكَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ تَبَسُّمًا وَلَوْ زَادَتْ الْأَسْنَانُ عَلَى ثِنْتَيْنِ وَثَلَاثِينَ فَهَلْ يَجِبُ لِلزَّائِدِ الْأَرْشُ، أَوْ الْحُكُومَةُ وَجْهَانِ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا بِلَا تَرْجِيحٍ صَحَّحَ مِنْهُمَا الْقَمُولِيُّ الْأَوَّلَ وَصَاحِبُ الْأَنْوَارِ الثَّانِي وَخَرَجَ بِظَاهِرِ السِّنِّ الْمُسْتَتِرُ مِنْهَا بِاللَّحْمِ وَهُوَ السِّنْخُ فَهُوَ كَالْكَفِّ مَعَ الْأَصَابِعِ فَإِذَا قَلَعَهُ مَعَ السِّنِّ انْدَرَجَتْ حُكُومَتُهُ فِي دِيَتِهَا كَمَا سَيَأْتِي وَإِنْ قَلَعَهَا آخِرًا فَعَلَيْهِ حُكُومَةٌ، أَوْ عَادَ الْأَوَّلُ وَقَلَعَهُ وَلَوْ قَبْلَ الِانْدِمَالِ فَكَذَلِكَ وَبَيَانُ فَسَادِ مَنْبَتِهَا مَا إذَا لَمْ يَفْسُدْ وَهُوَ ظَاهِرٌ، أَوْ شَكَّ فِي فَسَادِهِ بِأَنْ مَاتَ قَبْلَ الْبَيَانِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ، وَالظَّاهِرُ عَوْدُهَا لَوْ عَاشَ نَعَمْ تَجِبُ الْحُكُومَةُ كَمَا تَجِبُ بِتَقْدِيرِ الْعَوْدِ وَإِنْ لَمْ يَبْقَ شَيْنٌ بِأَنْ تُقَدَّرَ الْجِنَايَةُ فِي حَالِ كَوْنِهَا دَامِيَةً كَمَا سَيَأْتِي وَمَحَلُّ كَلَامِهِ فِي الْأَصْلِيَّةِ لِمَا سَيَأْتِي أَنَّ فِي الزَّائِدِ حُكُومَةٌ وَقَوْلُهُ: مِنْ زِيَادَتِهِ عَنْ عَارِفِينَ صِلَةٌ بِأَنَّ قَوْلَهُ: مُتَّغِرٌ هُوَ بِتَشْدِيدِ التَّاءِ الْمُثَنَّاةِ، أَوْ الْمُثَلَّثَةِ وَكَسْرِ الْغَيْنِ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: إذَا سَقَطَتْ رَوَاضِعُ الصَّغِيرِ قِيلَ ثُغِرَ فَهُوَ مَثْغُورٌ أَيْ: بِالْمُثَلَّثَةِ فَإِذَا نَبَتَتْ بَعْدُ قِيلَ اتَّغَرَ بِتَشْدِيدِ الْمُثَنَّاةِ، أَوْ الْمُثَلَّثَةِ، وَأَصْلُهُ اثْتَغَرَ فَقُلِبَتْ التَّاءُ تَاءً، أَوْ عَكْسُهُ، ثُمَّ أُدْغِمَتْ وَذَكَرَ نَحْوَهُ جَمَاعَةٌ وَقَالَ الْبَارِزِيُّ فِيمَا إذَا سَقَطَتْ: يُقَالُ أَثْغَرَ بِمُثَلَّثَةٍ سَاكِنَةٍ (كَالْقَوَدْ) فَإِنَّهُ إنَّمَا يَجِبُ فِي سِنٍّ مُتَّغِرٍ، أَوْ غَيْرِهِ لَكِنْ بَانَ فَسَادُ مَنْبَتِهَا وَظَاهِرٌ أَنَّهُ إنَّمَا يَجِبُ فِي قَلْعِهَا لَا فِي كَسْرِهَا لِعَدَمِ الْوُثُوقِ بِالْمُمَاثَلَةِ فِيهِ فَإِنْ أَمْكَنَ بِأَنْ تُنْشَرَ بِمِنْشَارٍ وَجَبَ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَجَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ لِخَبَرِ الرَّبِيعِ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ وَجَعَلُوهُ مُسْتَثْنًى مِنْ عَدَمِ وُجُوبِ الْقَوَدِ فِي الْعِظَامِ وَقَوْلُهُ: (كَنِصْفِ عُشْرِهَا) أَيْ: النَّفْسِ خَبَرُ قَوْلِهِ: فَمَا يُوضِحُ كَمَا تَقَرَّرَ، وَالْجُمْلَةُ خَبَرُ قَوْلِهِ، وَالرَّأْسُ، أَوْ الْوَجْهُ وَيُقَدَّرُ قَوْلُهُ: كَنِصْفِ عُشْرِهَا فِي الْمَعْطُوفِ عَلَى قَوْلِهِ فَمَا يُوضِحُ
(وَإِنْ عَادَتْ) سِنُّ الْمُتَّغِرِ عَلَى خِلَافِ الْعَادَةِ فَإِنَّ فِيهَا نِصْفَ عُشْرِ الدِّيَةِ وَلَا تَسْقُطُ بِالْعَوْدِ وَلَا يُسْتَرَدُّ بَعْدَ أَخْذِهِ مِنْ الْجَانِي؛ لِأَنَّهُ نِعْمَةٌ جَدِيدَةٌ (كَمَا) لَوْ (أَجَافَ، أَوْ أَوْضَحَ، ثُمَّ الْتَحَمَا) أَيْ اللَّحْمُ فَإِنَّهُ لَا يَسْقُطُ بِهِ مَا وَجَبَ
(وَكَالْيَدِ الضُّعْفَى بِقَطْعِ النَّافِعَهْ تَقْوَى) بِأَنْ تَكُونَ عَلَى سَاعِدِهِ يَدَانِ قَوِيَّةٌ وَضَعِيفَةٌ فَقَطَعَ الْجَانِي الْقَوِيَّةَ فَبَطَشَتْ بِسَبَبِ قَطْعِهَا الضَّعِيفَةُ فَإِنَّهُ لَا يَسْقُطُ بِهِ مَا وَجَبَ (وَفَلْقَةِ) أَيْ: وَكَفِلْقَةِ (اللِّسَانِ الرَّاجِعَهْ) بَعْدَ قَطْعِهَا فَإِنَّهُ لَا يَسْقُطُ بِرُجُوعِهَا مَا وَجَبَ (وَأُذُنٌ) تُقْطَعُ، ثُمَّ (تُلْصَقُ بِالْمَكَانِ) أَيْ مَكَانِهَا فِي حَرَارَةِ الدَّمِ فَتَلْتَصِقُ فَإِنَّهُ لَا يَسْقُطُ بِذَلِكَ مَا وَجَبَ وَلَوْ قَطَعَهَا قَاطِعٌ فَلَا قَوَدَ وَلَا دِيَةَ (وَقُطِعَتْ) وُجُوبًا لِئَلَّا تَفْسُدَ الصَّلَاةُ (لِلدَّمِ) الَّذِي ظَهَرَ بِمَحَلِّ الْقَطْعِ وَثَبَتَ لَهُ حُكْمُ النَّجَاسَةِ فَلَا يَزُولُ بِالِاسْتِبْطَانِ وَيَجِيءُ فِيهِ مَا فِي نَظِيرِهِ فِيمَنْ جَبَرَ عَظْمَهُ بِعَظْمٍ نَجِسٍ قَالَ الشَّيْخَانِ: وَلَوْ قَطَعَ بَعْضَ الْأُذُنِ وَلَمْ يُبِنْهُ وَجَبَ الْقَوَدُ عَلَى الْأَصَحِّ فَلَوْ أَلْصَقَهُ فَالْتَصَقَ سَقَطَ الْوَاجِبُ رَجَعَ الْأَمْرُ إلَى الْحُكُومَةِ عَلَى الْأَصَحِّ كَالْإِفْضَاءِ إذَا انْدَمَلَ وَلَا يَجِبُ قَطْعُ الْمُلْصِقِ قَالَا كَذَا أَطْلَقُوهُ وَفِيهِ نَظَرٌ إنْ عَلَّلْنَا بِظُهُورِ الدَّمِ وَلَوْ جَاءَ آخَرُ وَقَطَعَهَا بَعْدَ الِالْتِصَاقِ لَزِمَهُ الْقَوَدُ، أَوْ الدِّيَةُ الْكَامِلَةُ وَلَوْ قَطَعَ الْأُذُنَ وَبَقِيَ مِنْهَا جِلْدَةٌ مُعَلَّقَةٌ وَجَبَ الْقَوَدُ، أَوْ الدِّيَةُ كَمَا لَوْ أَبَانَهَا فَلَوْ أَلْصَقَهَا فَالْتَصَقَتْ لَمْ يَجِبْ قَطْعُهَا وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمَا تَصْحِيحُ سُقُوطِ الْوَاجِبِ (لَا الْمَعَانِي) عَطْفٌ عَلَى مَا أَجَافَ أَيْ: كَالْإِيجَافِ لَا كَالْمَعَانِي كَالْعَقْلِ، وَالسَّمْعِ، وَالْبَصَرِ، وَالشَّمِّ، وَالذَّوْقِ، وَالْبَطْشِ، وَالْمَشْيِ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: فِي الْمَعْطُوفِ عَلَى قَوْلِهِ: فَمَا يُوضِحُ) عَطَفَهُ عَلَى قَوْلِهِ: فَمَا يُوضِحُ يُوجِبُ أَنَّ جُمْلَتَهُ خَبَرٌ عَنْ قَوْلِهِ: وَالرَّأْسُ، أَوْ الْوَجْهُ أَنْ يُقَالَ: يُقَدَّرُ قَوْلُهُ: كَنِصْفِ عُشْرِهَا فِيمَا ذُكِرَ بَعْدَ قَوْلِهِ: فَمَا يُوضِحُ وَتُجْعَلُ جُمْلَتُهُ حِينَئِذٍ مَعْطُوفَةً عَلَى جُمْلَةِ، وَالرَّأْسُ، أَوْ الْوَجْهُ، فَلْيُتَأَمَّلْ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ فِي الْمَعْطُوفِ عَلَى قَوْلِهِ: فَمَا يُوضِحُ لَا يُوَافِقُ قَوْلَهُ السَّابِقَ وَعَطَفَ عَلَى الرَّأْسِ قَوْلَهُ وَأُنْمُلُ فَرْدٍ
(قَوْلُهُ: فَلَا يَزُولُ) أَيْ حُكْمُ النَّجَاسَةِ
[حاشية الشربيني]
قَوْلُهُ: صَحَّحَ مِنْهُمَا الْقَمُولِيُّ الْأَوَّلَ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ م ر (قَوْلُهُ: وَصَاحِبُ الْأَنْوَارِ الثَّانِي) قَالَ م ر وَهُوَ بَعِيدٌ؛ لِأَنَّهَا إذَا انْقَسَمَتْ عَلَى خَمْسَةٍ وَثَلَاثِينَ مَثَلًا فَأَيُّ ثَلَاثَةٍ يُحْكَمُ عَلَيْهَا بِالزِّيَادَةِ حَتَّى تُفْرَدَ بِحُكُومَاتٍ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَفِيهِ نَظَرٌ إنْ عَلَّلْنَا إلَخْ) لَعَلَّهُ عَفَا عَنْهُ هُنَا لِمَا فِي إبَانَةِ الْكُلِّ، أَوْ الْبَعْضِ الْمُبَانِ مِنْ الضَّرَرِ قِيَاسًا عَلَى مَسْأَلَةِ جَبْرِ الْعَظْمِ فَلْيُتَأَمَّلْ وَمِثْلُهُ يُقَالُ فِيمَا يَأْتِي قَرِيبًا، ثُمَّ رَأَيْت فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ مَا نَصُّهُ وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ إزَالَةُ مُعَلَّقَةٍ بِجِلْدَةٍ اتَّصَلَتْ مَعَ وُجُودِ ذَلِكَ أَيْ ظُهُورِ الدَّمِ فِي مَحَلِّ الْقَطْعِ الَّذِي يَثْبُتُ لَهُ حُكْمُ النَّجَاسَةِ فَلَا يَزُولُ بِالِاسْتِبْطَانِ كَالدَّمِ الْمُتَّصِلِ بِالْمُبَانِ؛ لِأَنَّ الدَّمَ الْمُتَّصِلَ بِالْمُبَانِ قَدْ خَرَجَ عَنْ الْبَدَنِ بِالْكُلِّيَّةِ فَصَارَ كَالْأَجْنَبِيِّ وَعَادَ إلَيْهِ بِلَا حَاجَةٍ مَعَ أَنَّهُ أَيَدُومُ؟ وَلِهَذَا لَمْ يُعْفَ عَنْهُ وَإِنْ قَلَّ بِخِلَافِ الْمُتَّصِلِ مِنْهُ هُنَا وَأَيْضًا فَهَذَا لَهُ اتِّصَالٌ بِالْبَدَنِ فَإِلْصَاقُهُ لِبَقِيَّتِهِ فِي حُكْمِ الْمُدَاوَاةِ وَوَصْلِهِ بِعَظْمٍ نَجِسٍ لَا يَقُومُ غَيْرُهُ مَقَامَهُ بِخِلَافِ الْمُبَانِ فَانْدَفَعَ اسْتِشْكَالُ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ ذَلِكَ وَأَخَذَ الْإِسْعَادُ بِقَضِيَّتِهِ اهـ.
وَمِنْهُ يُعْلَمُ وَجْهُ مَا لَوْ قَطَعَ الْبَعْضَ وَلَمْ يُبِنْهُ بِالْأَوْلَى فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ جَاءَ آخَرُ إلَخْ) الظَّاهِرُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute