للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَعَلَى الصَّبِيِّ نِصْفُ الدِّيَةِ مُغَلَّظَةً (وَ) لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُتَّصِفًا (بِظَنِّ الصَّيْدِ) أَيْ: بِظَنِّهِ الْمَرْمِيَّ إلَيْهِ صَيْدًا، وَالْآخَرُ يَعْلَمُهُ آدَمِيًّا فَيَجِبُ الْقَوَدُ عَلَى الْعَالِمِ وَإِنْ كَانَ شَرِيكَ مُخْطِئٍ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ الْمَأْمُورَ فَهُوَ الْمُبَاشِرُ، أَوْ الْآمِرُ فَهَذَا الْخَطَأُ نَتِيجَةَ إكْرَاهِهِ فَجُعِلَ عَمْدًا فِي حَقِّهِ، وَالْمَأْمُورُ كَالْآلَةِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ آثِمٍ لِظَنِّهِ الْحِلَّ وَعَلَى عَاقِلَةِ الظَّانِّ نِصْفُ الدِّيَةِ مُخَفَّفَةً (لَا) إنْ أَمَرَ (بِقَتْلِهِ لِنَفْسِهِ) بِأَنْ قَالَ لَهُ غَيْرُهُ اُقْتُلْ نَفْسَك وَإِلَّا قَتَلْتُك فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَلَا قَوَدَ عَلَى الْمُكْرِهِ وَلَا دِيَةَ؛ لِأَنَّ مَا جَرَى لَيْسَ بِإِكْرَاهٍ حَقِيقَةً إذْ الْمُكْرَهُ مَنْ تَخَلَّصَ بِمَا أُمِرَ بِهِ عَمَّا هُوَ أَشَدُّ عَلَيْهِ وَهُنَا اتَّحَدَ الْمَأْمُورُ بِهِ، وَالْمَخُوفُ بِهِ فَكَأَنَّهُ اخْتَارَهُ قَالَ فِي شَرْحِ الصَّغِيرِ: وَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ: لَوْ هَدَّدَهُ بِقَتْلٍ يَتَضَمَّنُ تَعْذِيبًا شَدِيدًا لَوْ لَمْ يَقْتُلْ نَفْسَهُ فَهُوَ إكْرَاهٌ أَمَّا لَوْ قَالَ: اقْطَعْ يَدَك، أَوْ رِجْلَك وَإِلَّا قَتَلْتُك فَقَطَعَهَا فَهُوَ إكْرَاهٌ فَيَجِبُ الْقَوَدُ وَزَادَ قَوْلُهُ: (إنْ عَقَلَا) أَيْ: الْمُكْرِهُ الْمَأْمُورَ بِقَتْلِ نَفْسِهِ لِيَخْرُجَ مَا لَوْ كَانَ مَجْنُونًا، أَوْ صَغِيرًا لَا يُمَيِّزُ فَيَجِبُ الْقَوَدُ عَلَى آمِرِهِ وَهَذَا مَفْهُومٌ مِنْ مَسْأَلَةِ الْحَثِّ الْآتِيَةِ وَلَوْ قَالَ اُقْتُلْنِي وَإِلَّا قَتَلْتُك فَقَتَلَهُ لَا قَوَدَ عَلَيْهِ وَلَا دِيَةَ وَكَذَا لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ اُقْتُلْنِي نَعَمْ إنْ كَانَ الْآذِنُ رَقِيقًا لَمْ يَسْقُطْ ضَمَانُ الْمَالِ وَفِي الْقَوَدِ إذَا كَانَ الْمَأْذُونُ لَهُ رَقِيقًا أَيْضًا أَصَحُّهُمَا كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: سُقُوطُهُ بِهِ وَجَزَمَ الْقَاضِي؛ لِأَنَّهُ يَسْقُطُ بِالشُّبْهَةِ

(وَحَثِّ) أَيْ: وَكَحَثٍّ (ذِي ضَرَاوَةٍ طَبْعًا) كَصَبِيٍّ غَيْرِ مُمَيِّزٍ وَمَجْنُونٍ وَأَعْجَمِيٍّ يَرَى وُجُوبَ طَاعَةِ آمِرِهِ عَلَى قَتْلِ شَخْصٍ فَقَتَلَهُ بِمَا يَقْتُلُ غَالِبًا فَإِنَّهُ يُوجِبُ الْقَوَدَ عَلَى الْحَاثِّ دُونَ الضَّارِي فَلَا قَوَدَ عَلَيْهِ

(وَلَا أَرْشَ) يَتَعَلَّقُ (بِعُنُقِهِ) أَيْ: بِرَقَبَتِهِ إنْ كَانَ مَمْلُوكًا (وَمَا تَمَوَّلَا) أَيْ: وَلَا بِمَالِهِ إنْ كَانَ حُرًّا؛ لِأَنَّهُ كَالْآلَةِ مِنْ سَبُعٍ ضَارٍ، أَوْ غَيْرِهِ وَخَرَجَ بِالْحَثِّ مَا لَوْ رَبَطَ بِدِهْلِيزِ دَارِهِ كَلْبًا عَقُورًا وَدَعَا إلَيْهَا ضَيْفًا فَافْتَرَسَهُ الْكَلْبُ فَلَا قَوَدَ وَلَا مَالَ بِخِلَافِ مَا لَوْ غَطَّى بِئْرًا فِي دِهْلِيزٍ فَوَقَعَ بِهَا مَنْ دَعَاهُ عَلَى مَا سَيَأْتِي؛ لِأَنَّ لِلْكَلْبِ اخْتِيَارًا؛ وَلِأَنَّهُ ظَاهِرٌ يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ، ثُمَّ لَفْظُ الْحَثِّ لَا يَكَادُ يُسْتَعْمَلُ فِي حَيَوَانٍ غَيْرِ إنْسَانٍ وَإِنَّمَا يُسْتَعْمَلُ فِيهِ لَفْظُ الْإِغْرَاءِ، وَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ إذَا جَمَعَ شَخْصًا مَعَ سَبُعٍ فِي مَضِيقٍ فَافْتَرَسَهُ لَزِمَهُ الْقَوَدُ فَلَوْ أَغْرَاهُ مَعَ ذَلِكَ عَلَيْهِ لَزِمَهُ الْقَوَدُ بِالْأَوْلَى بِخِلَافِ مَا لَوْ أَغْرَاهُ فِي وَاسِعٍ إلَّا إذَا كَانَ ضَارِيًا شَدِيدَ الْعَدْوِ بِحَيْثُ لَا يَتَأَتَّى الْهَرَبُ مِنْهُ فَإِنْ تَأَتَّى فَلَمْ يَفْعَلْ فَهُوَ كَتَرْكِ السِّبَاحَةِ وَلَوْ أَمَرَ إنْسَانًا بِقَتْلِ نَفْسِهِ فَفَعَلَ فَإِنْ كَانَ صَغِيرًا، أَوْ مَجْنُونًا ضَمِنَهُ، أَوْ أَعْجَمِيًّا يَعْتَقِدُ وُجُوبَ طَاعَةِ آمِرِهِ فَإِنَّمَا يَضْمَنُهُ إذَا أَمَرَهُ بِمَا لَا يَظُنُّهُ قَاتِلًا كَبَطِّ جُرْحٍ وَفَتْحِ عِرْقٍ بِمَقْتَلٍ بِخِلَافِ قَتْلِ نَفْسِهِ فَإِنَّهُ لَا يُظَنُّ طَاعَتُهُ فِيهِ بِخِلَافِ مَنْ لَا يُمَيِّزُ

(وَسَتْرِ بِئْرِ الدَّرْبِ) أَيْ: وَكَسِتْرِهِ بِئْرًا فِي دَرْبِ دَارِهِ أَيْ: مَمَرِّهَا وَدَعَا إلَيْهَا شَخْصًا وَكَانَ الْغَالِبُ أَنَّهُ يَمُرُّ بِمَوْضِعِ الْبِئْرِ فَوَقَعَ فِيهَا وَمَاتَ فَإِنَّهُ يُوجِبُ الْقَوَدَ؛ لِأَنَّهُ تَغْرِيرٌ مُفْضٍ إلَى الْهَلَاكِ غَالِبًا فِي شَخْصٍ مُعَيَّنٍ فَأَشْبَهَ الْإِكْرَاهَ وَمَحَلُّهُ فِي غَيْرِ الْمُمَيِّزِ كَنَظِيرِهِ فِي قَوْلِهِ: (وَ) كَإِضَافَةِ (الْمُضِيفِ بِمَا يُسَمُّ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ أَيْ بِمَسْمُومٍ بِسُمِّ الْقَتْلِ (غَيْرُ ذِي تَكْلِيفِ) كَصَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ فَمَاتَ بِتَنَاوُلِهِ لَهُ فَإِنَّهُ يُوجِبُ الْقَوَدَ عَلَى الْمُضِيفِ؛ لِأَنَّهُ كَالْإِلْجَاءِ إلَى الْأَكْلِ سَوَاءٌ قَالَ لَهُ هُوَ مَسْمُومٌ، أَمْ لَا أَمَّا الْمُكَلَّفُ فَإِنْ عَلِمَ حَالَ مَا تَنَاوَلَهُ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ) أَيْ: الْعَالِمُ (قَوْلُهُ: فَهُوَ الْمُبَاشِرُ) وَأَيْضًا قَدْ صَدَرَ مِنْهُ تَقْصِيرٌ عَظِيمٌ حَيْثُ لَمْ يُبَيِّنْ لِلْمُكْرِهِ الْحَالَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ بَيَّنَ لَهُ ذَلِكَ رُبَّمَا انْكَفَّ فَهُوَ مُبَاشِرٌ لِلْإِتْلَافِ وَمُقَصِّرٌ بِتَرْكِ الْإِعْلَامِ وَمِنْ ثَمَّ بَحَثَ الْجَوْجَرِيُّ اخْتِصَاصَهُ بِالدِّيَةِ إذَا آلَ الْأَمْرُ إلَى الْمَالِ وَ، أَمَّا الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ فَقَدْ اُسْتُشْكِلَ إيجَابُ الْقِصَاصِ عَلَى الْمُكْرَهِ فِيهَا وَجُعِلَ الْمُكْرَهُ بِالْفَتْحِ كَالْآلَةِ مَعَ جَعْلِهِمْ إيجَابَ الْقِصَاصِ عَلَى مَنْ أَكْرَهَ صَبِيًّا مُفَرَّعًا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ عَمْدَهُ عَمْدٌ فَقَدْ اعْتَبَرُوا الصَّبِيَّ شَرِيكًا وَلَمْ يَعْتَبِرُوا الْبَالِغَ الْمُكْرَهَ بِالْفَتْحِ شَرِيكًا وَفَرَّقَ الْجَوْجَرِيُّ بِأَنَّ الْبَالِغَ، وَالصَّبِيَّ قَصَدَا الْفِعْلَ الْمُمْتَنِعَ فَتَثْبُتُ الشَّرِكَةُ بِخِلَافِ الْمُخْطِئِ فَإِنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ الْمُمْتَنِعَ بَلْ لَوْ عَلِمَ الْحَالَ لَرُبَّمَا لَمْ يَفْعَلْ وَصَبَرَ فَكَانَ آلَةً لَا شَرِيكًا اهـ.

وَهُوَ فَرْقٌ حَسَنٌ إلَّا أَنَّ قَضِيَّتَهُ عَدَمُ وُجُوبِ شَيْءٍ مِنْ الْمَالِ عَلَيْهِ مَعَ أَنَّهُ يَجِبُ نِصْفُ الدِّيَةِ عَلَى عَاقِلَتِهِ بِرّ (قَوْلُهُ: وَعَلَى عَاقِلَةِ الظَّانِّ إلَخْ) هُوَ مَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَنَّهُ الْأَوْجَهُ وَأَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الْأَنْوَارِ وَاَلَّذِي فِي الرَّوْضِ أَنَّهُ لَا دِيَةَ عَلَى الْجَاهِلِ وَلَا عَلَى عَاقِلَتِهِ إذْ هُوَ كَالْآلَةِ (قَوْلُهُ: وَلَا دِيَةَ) جَزَمَ فِي الرَّوْضِ تَبَعًا لِأَصْلِهِ بِوُجُوبِ نِصْفِ الدِّيَةِ وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الشَّارِحِ عَلَيْهِ بِأَنْ يُرِيدَ وَلَا دِيَةَ كَامِلَةٌ

(قَوْلُهُ: طَبْعًا) كَأَنَّهُ احْتِرَازٌ عَنْ نَحْوِ الْبَالِغِ الْعَاقِلِ الَّذِي تَعْرِضُ لَهُ الضَّرَاوَةُ لِعَارِضِ غَضَبٍ وَنَحْوِهِ

(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ لِلْكَلْبِ إلَخْ) قَضِيَّةُ مَا هُوَ الْأَصْلُ، وَالْمُتَبَادِرُ أَنَّ كِلَا عِلَّةِ الضَّمَانِ بَيْنَ كَوْنِ الْكَلْبِ ظَاهِرًا، أَوْ مَسْتُورًا (قَوْلُهُ: ضَمِنَهُ) أَيْ: وَلَوْ بِالْقِصَاصِ وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ وَإِنْ أَمَرَ أَحَدُ هَؤُلَاءِ بِقَتْلِ نَفْسِهِ اُقْتُصَّ مِنْهُ إلَخْ

(قَوْلُهُ: وَمَحَلُّهُ فِي غَيْرِ الْمُمَيِّزِ) عِبَارَةُ الْإِرْشَادِ وَمُضِيفُ غَيْرِ مُمَيِّزٍ بِسُمٍّ، وَمُغَطِّي بِئْرٍ لَا مُمَيَّزٍ، بَلْ دِيَةٌ أَيْ: لِشِبْهِ الْعَمْدِ اهـ.

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ: غَيْرِ مُمَيِّزٍ وَمَجْنُونٍ) أَيْ غَيْرِ مُمَيِّزٍ أَيْضًا أَمَّا الْمُمَيِّزَانِ فَيَضْمَنَانِ الدِّيَةَ حَالَّةً مُغَلَّظَةً فِي مَالِهِمَا؛ لِأَنَّ عَمْدَهُمَا عَمْدٌ اهـ.

شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ

(قَوْلُهُ: أَيْ بِرَقَبَتِهِ) أَيْ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ، أَوْ الْأَعْجَمِيِّ وَإِلَّا تَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهِ كَمَا فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ وَمَتْنِ الْعُبَابِ سم عَلَى التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: مَا لَوْ رَبَطَ بِدِهْلِيزِهِ إلَخْ) حَاصِلُ مَا قَالَهُ حَجَرٌ فِي حَوَاشِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ أَخْذًا مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّ الضَّارِيَ وَهُوَ مَا عُهِدَ مِنْهُ الْإِتْلَافُ إنْ كَانَ تَحْتَ يَدِهِ وَلَمْ يُحْكِمْ رَبْطَهُ ضَمِنَ مُتْلَفَهُ بِالْمَالِ إلَّا إنْ أَغْرَاهُ فَالْقَوَدُ وَكَذَا إنْ أَحْكَمَهُ لَكِنْ قَصَّرَ بِعَدَمِ الْإِعْلَامِ إذَا أَمْكَنَ خَفَاؤُهُ عَلَى الدَّاخِلِ وَلَوْ لِدَهْشَةٍ، وَالْمُرَادُ

<<  <  ج: ص:  >  >>