كَانَ لِسَيِّدِهِ الْقِصَاصُ
وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْفَرْعَ يَرِثُ الْقِصَاصَ ثُمَّ يَسْقُطُ وَقَالَ الْإِمَامُ: أَنَّهُ الْوَجْهُ، وَالْقِيَاسُ كَمَا قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: يَقْتَضِي عَدَمَ إرْثِهِ؛ لِأَنَّ الْمُسْقِطَ قَارَنَ سَبَبَ الْمِلْكِ وَجَزَمَ بِذَلِكَ قَبْلَ صَدَقَةِ الْمَوَاشِي فَقَالَ إنَّهُ لَا يَجِبُ شَيْءٌ أَصْلًا (وَفِي سِوَى النَّفْسِ بِنِسْبَةِ الْبَدَلْ عَنْهُ إلَى النَّفْسِ) أَيْ: وَمَا سِوَى الشَّرْطِ يُوجِبُ الْقَوَدَ عَلَى مُلْتَزِمِ الْأَحْكَامِ إنْ لَمْ يَفْضُلْ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ فِي النَّفْسِ وَمَا دُونَهَا بِمَا مَرَّ وَلَا فِيمَا دُونَهَا أَيْضًا بِنِسْبَةِ بَدَلِ مَا دُونَ نَفْسِهِ إلَى بَدَلِ نَفْسِهِ عَلَى نِسْبَةِ بَدَلِ مَا دُونَ نَفْسِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ إلَى بَدَلِ نَفْسِهِ فَتُقْطَعُ يَدُ الرَّجُلِ بِيَدِ الْمَرْأَةِ وَيَدُ عَبْدٍ قِيمَتُهُ أَلْفٌ بِيَدِ عَبْدٍ قِيمَتُهُ مِائَةٌ وَإِنْ زَادَ بَدَلُ الْجَانِي إذْ نِسْبَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا إلَى بَدَلِ النَّفْسِ النِّصْفُ وَلَا تُقْطَعُ يَدٌ سَلِيمَةٌ بِشَلَّاءَ وَإِنْ رَضِيَ الْجَانِي؛ لِأَنَّ نِسْبَةَ بَدَلِ السَّلِيمَةِ إلَى بَدَلِ النَّفْسِ النِّصْفُ وَنِسْبَةُ بَدَلِ الشَّلَّاءِ إلَى بَدَلِ النَّفْسِ دُونَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ وَاجِبَهَا الْحُكُومَةُ فَلَوْ قَطَعَهَا بِغَيْرِ إذْنِ الْجَانِي لَمْ يَقَعْ قَوَدٌ بَلْ عَلَيْهِ دِيَتُهَا وَلَهُ حُكُومَةٌ فَلَوْ سَرَى فَعَلَيْهِ قَوَدُ النَّفْسِ وَإِنْ قَطَعَهَا بِإِذْنِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إنْ أَطْلَقَ الْإِذْنَ وَيُجْعَلُ مُسْتَوْفِيًا لِحَقِّهِ وَإِنْ قَالَ: اقْطَعْهَا قَوَدًا، أَوْ عِوَضًا عَنْ يَدِك فَفَعَلَ فَقِيلَ كَذَلِكَ وَقِيلَ عَلَيْهِ دِيَتُهَا وَلَهُ حُكُومَةٌ وَقَطَعَ بِهِ الْبَغَوِيّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْذُلْهَا مَجَّانًا كَذَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ فِيهَا كَأَصْلِهَا فِي بَذْلِ الْيَسَارِ عَنْ الْيَمِينِ تَرْجِيحُ الثَّانِي حَيْثُ قَالَ: لَوْ تَرَاضَيَا بِأَخْذِ الْيَسَارِ بَدَلَ الْيَمِينِ لَمْ يَكُنْ بَدَلًا لَكِنْ يَسْقُطُ قِصَاصُهَا لِشُبْهَةِ الْبَذْلِ وَتَجِبُ دِيَتُهَا وَيَسْقُطُ قِصَاصُ الْيَمِينِ عَلَى الْأَصَحِّ قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الْأُولَى، وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِي كَوْنِهِ مُسْتَوْفِيًا لِحَقِّهِ وَلَا يَبْعُدُ تَنْزِيلُ الْإِذْنِ الْمُطْلَقِ عَلَى الْإِذْنِ عَنْ جِهَةِ الْقِصَاصِ انْتَهَى وَتُقْطَعُ الشَّلَّاءُ بِالسَّلِيمَةِ إنْ رَضِيَ بِهَا الْمُسْتَحِقُّ وَحَكَمَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ بِانْقِطَاعِ الدَّمِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ النَّظْمِ وَأَصْلِهِ أَنَّهُ لَا يُقْطَعُ سُلَيْمٌ بِأَشَلَّ مِنْ أَنْفٍ وَأُذُنٍ كَمَا فِي نَظَائِرِهِمَا، وَالْأَصَحُّ فِي التَّنْبِيهِ وَأَصْلِ الرَّوْضَةِ خِلَافُهُ لِبَقَاءِ الْجَمَالِ، وَالْمَنْفَعَةِ وَنَازَعَ فِيهِ الْبُلْقِينِيُّ وَقَالَ: إنَّهُ غَيْرُ مُعْتَمَدٍ انْتَهَى.
وَمَحَلُّ ذَلِكَ فِي الْأَشَلِّ بِغَيْرِ جِنَايَةٍ بِنَاءً عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ أَنَّ الْوَاجِبَ عَلَى مَنْ أَشَلَّ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ الدِّيَةُ لَا الْحُكُومَةُ (بِلَا خُلْفِ الْمَحَلْ وَلَا) خَلَفِ (حُكُومَةٍ) فَلَوْ اخْتَلَفَ الْمَحَلُّ، أَوْ اتَّحَدَ وَاخْتَلَفَتْ الْحُكُومَةُ فَلَا قَوَدَ فَلَا تُقْطَعُ يُمْنَى بِيُسْرَى وَلَا شَفَةٌ سُفْلَى بِعُلْيَا وَلَا عَكْسُهُ وَلَا أُصْبُعٌ زَائِدَةٌ بِمِثْلِهَا إذَا اخْتَلَفَ مَحَلُّهُمَا كَأَنْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا بِجَنْبِ الْخِنْصَرِ، وَالْأُخْرَى بِجَنْبِ الْإِبْهَامِ، أَوْ اتَّحَدَ وَزَادَتْ حُكُومَةُ أُصْبُعِ الْجَانِي كَمَا لَوْ كَانَ لَهَا ثَلَاثَةُ مَفَاصِلَ وَلِزَائِدَةِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ مَفْصِلَانِ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ تَفَاوُتُ حَجْمٍ وَقُوَّةٍ وَطُولٍ وَسِمَنٍ؛ لِأَنَّ الْمُمَاثَلَةَ فِي ذَلِكَ لَا تَكَادُ تَتَّفِقُ
ــ
[حاشية العبادي]
بِإِسْلَامٍ وَأَصَالَةٍ وَسِيَادَةٍ وَحُرِّيَّةٍ اهـ.
(قَوْلُهُ: يَقْتَضِي عَدَمَ إرْثِهِ إلَخْ) قَالَ ابْنُ النَّقِيبِ فِي شَرْحِ التَّنْبِيهِ لَكِنْ لَوْ صَبَرَ إلَى هَذَا لَوَجَبَ الْقِصَاصُ عَلَى الْأَبِ فَإِنَّ الِابْنَ إذَا لَمْ يَرِثْهُ خَرَجَ عَنْ أَنْ يَكُونَ وَارِثًا فَيَرِثُهُ غَيْرُهُ فَيَسْتَوْفِيهِ وَهَذَا مَعَ أَنَّ الِابْنَ بِصِفَةِ الْوَرَثَةِ مُسْتَنْكَرٌ، وَإِنْ اُغْتُفِرَ مِثْلُ ذَلِكَ فِي مِلْكِ الِابْنِ لِمَا لَمْ يُتَصَوَّرْ الْعِتْقُ إلَّا فِي مِلْكِ قَدْرِ الْمِلْكِ لِيَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ الْعِتْقُ وَحَكَى الْإِمَامُ عَنْ شَيْخِهِ بَعْدَ تَقْرِيرِهِ هَذِهِ الْمُبَاحَثَةَ أَنَّهُ كَانَ يَمِيلُ إلَى أَنَّ مَنْ قَتَلَ مَنْ يَرِثُهُ الِابْنُ لَمْ يَجِبْ الْقِصَاصُ لِامْتِنَاعِ الْوِرَاثَةِ مَعَ اسْتِجْمَاعِ الِابْنِ شَرَائِطَ الْوَرَثَةِ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا فِيمَا دُونَهَا إلَخْ) قَالَ الْجَوْجَرِيُّ: ظَاهِرُ الْكَلَامِ اعْتِبَارُ التَّسَاوِي وَقْتَ الْجِنَايَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُونَا كَذَلِكَ وَقْتَ الْقِصَاصِ فَلَوْ قَطَعَ الصَّحِيحُ يَدًا شَلَّاءَ ثُمَّ شُلَّتْ يَدُ الْقَاطِعِ لَمْ يَجِبْ الْقِصَاصُ وَهُوَ رَأْيُ الْقَفَّالِ وَالْإِمَامِ كَمَا لَوْ قَطَعَ الْحُرُّ الذِّمِّيُّ يَدَ عَبْدٍ ثُمَّ نَقَضَ الْعَهْدَ وَسُبِيَ وَاسْتُرِقَّ، وَقَالَ الْبَغَوِيّ: يَجِبُ كَمَا لَوْ قَطَعَ يَدًا نَاقِصَةَ أُصْبُعٍ ثُمَّ سَقَطَتْ تِلْكَ الْأُصْبُعُ مِنْ الْجَانِي فُرِّقَ بِأَنَّ الْقِصَاصَ هُنَاكَ سَقَطَ لِعَدَمِ الْكَفَاءَةِ، وَالْكَفَاءَةُ تُرَاعَى حَالَ الْجِنَايَةِ، وَالِامْتِنَاعُ هُنَا لِزِيَادَةِ خِسِّيَّةٍ فِي يَدِ الْقَاطِعِ، وَالِاعْتِبَارُ فِيهَا بِحَالَةِ الِاسْتِيفَاءِ فَإِذَا زَالَتْ قُطِعَ اهـ.
بِرّ (قَوْلُهُ: بِنِسْبَةٍ إلَخْ) لَعَلَّهُ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ بِزِيَادَةِ نِسْبَةٍ (قَوْلُهُ: بَلْ عَلَيْهِ دِيَتُهَا) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا قِصَاصَ وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُمْكِنٍ إذْ لَا نَظِيرَ لَهَا فِي الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ نَظِيرَهَا فِيهِ هُوَ الشَّلَّاءُ الَّتِي قَطَعَهَا الْجَانِي أَوَّلًا (قَوْلُهُ: وَلَا يَبْعُدُ تَنْزِيلُ إلَخْ) فَيَكُونُ كَمَا لَوْ قَالَ اقْطَعْهَا قَوَدًا فَيَجْرِي فِيهِ الْخِلَافُ (تَنْبِيهٌ)
وَيُسْتَثْنَى مِنْ امْتِنَاعِ جَمِيعِ مَا مَرَّ مَا إذَا اسْتَحَقَّتْ النَّفْسُ الْإِزْهَاقَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَلَهُ أَخْذُ الْكَامِلَةِ بِالنَّاقِصَةِ كَالصَّحِيحَةِ بِالشَّلَّاءِ وَكَامِلَةِ الْأَصَابِعِ بِفَاقِدَتِهَا؛ لِأَنَّ الْمُمَاثَلَةَ الْآنَ غَيْرُ مَرْعِيَّةٍ كَمَا يَأْتِي حَجَرٌ د (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ ذَلِكَ إلَخْ) وَمَحَلُّهُ فِي الْمُسْتَحْشِفَةِ بِغَيْرِ جِنَايَةٍ لِقَوْلِهِمْ: تُقْطَعُ الْقَوِيَّةُ بِالضَّعِيفَةِ مَا لَمْ يَكُنْ ضَعْفُهَا بِجِنَايَةٍ وَإِنْ أَوْجَبَتْ حُكُومَةً فَكَيْفَ، وَالْأَحْشَافُ أَيْ: الْأَيْبَاسُ فِيهِ الدِّيَةُ؟ وَلَا يُنَافِي مَا ذَكَرَاهُ بَعْدُ أَنَّ فِي قَطْعِ الْمُسْتَحْشِفَةِ الْحُكُومَةَ كَالشَّلَّاءِ؛ لِأَنَّهُ لَا تَلَازُمَ بَيْنَ جَرَيَانِ الْقِصَاصِ وَوُجُوبِ الدِّيَةِ أَلَا تَرَى أَنَّ مُوضِحَةَ غَيْرِ الرَّأْسِ، وَالْوَجْهِ فِيهِ الْقِصَاصُ مِنْ دُونِ الدِّيَةِ، وَكَذَا الْأُصْبُعُ الزَّائِدَةُ إلَخْ حَجَرٌ د (قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى الصَّحِيحِ إلَخْ) أَيْ لِزِيَادَةِ نِسْبَةِ
ــ
[حاشية الشربيني]
إنْ لَمْ يَفْصُلْ) أَيْ: عِنْدَ رَمْيٍ، أَوْ إصَابَةٍ كَمَا مَرَّ وَيُعْتَبَرُ مِثْلُهُ فِي قَوْلِهِ وَلَا فِيمَا دُونَهَا اهـ.
شَرْحُ الْإِرْشَادِ (قَوْلُهُ: تَرْجِيحُ الثَّانِي) مُعْتَمَدٌ م ر (قَوْلُهُ: لَوْ تَرَاضَيَا إلَخْ) سَوَاءٌ ظَنَّ الْقَاطِعُ إجْزَاءَهَا، أَوْ عَلِمَ أَنَّهَا لَا تُجْزِئُ شَرْعًا وَلَكِنْ جَعَلَ قَصْدَهَا عِوَضًا اهـ.
سم عَلَى الْمَنْهَجِ عَنْ اهـ.
ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: وَيَسْقُطُ قِصَاصُ الْيَمِينِ) وَتَجِبُ دِيَتُهَا اهـ.
ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَبْعُدُ إلَخْ) هَذَا هُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ الشَّيْخِ عَمِيرَةَ عَلَى الْمُحَلَّى الْحَاصِلُ أَنَّ الْمُخْرِجَ إنْ قَصَدَ الْإِبَاحَةَ هُدِرَتْ يَدُهُ وَإِلَّا فَهِيَ مَضْمُونَةٌ بِالدِّيَةِ، وَالْيَمِينِ قِصَاصُهَا بَاقٍ إلَّا إذَا أُخِذَ الْيَسَارُ عِوَضًا (قَوْلُهُ:، وَالْأَصَحُّ فِي التَّنْبِيهِ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: لِبَقَاءِ الْجَمَالِ، وَالْمَنْفَعَةِ) بِخِلَافِ غَيْرِهِمَا إذَا شُلَّ شَرْحُ الْإِرْشَادِ (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ ذَلِكَ) أَيْ: قَطْعُ الصَّحِيحِ مِنْهُمَا بِالْأَشَلِّ (قَوْلُهُ: مِنْ ذَلِكَ) أَيْ: الْأَنْفِ