للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْجَرَهُ مَاءً مُتَنَجِّسًا أُوجِرَ مَاءً طَاهِرًا وَلَمَّا كَانَ مَا ذَكَرَهُ قَدْ يُوهِمُ أَنَّ الْمَسْمُومَ، وَالْمُثْلَةَ كَذَلِكَ اسْتَدْرَكَهُمَا بِقَوْلِهِ: (نَعَمْ بِمَسْمُومٍ) مِنْ سَيْفٍ، أَوْ طَعَامٍ، أَوْ غَيْرِهِمَا (وَمِثْلِهِ حُتِفْ) أَيْ: أُمِيتَ بِمَعْنَى يُقْتَصُّ بِهِمَا إذَا كَانَتْ الْجِنَايَةُ بِهِمَا وَلَوْ تَرَكَ قَوْلَهُ مِنْ زِيَادَتِهِ حَتْفٌ كَانَ أَوْلَى لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ ذَلِكَ مُخْتَصٌّ بِمَا إذَا كَانَتْ الْجِنَايَةُ قَتْلًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ يَجْرِي فِي قَطْعِ الطَّرَفِ أَيْضًا نَظَرًا لِلْمُمَاثَلَةِ أَمَّا إذَا لَمْ تَكُنْ الْجِنَايَةُ بِهِمَا فَلَا يُقْتَصُّ بِهِمَا مُطْلَقًا فَلَوْ اُقْتُصَّ بِمَسْمُومٍ فِي طَرَفٍ فَمَاتَ الْمُقْتَصُّ مِنْهُ فَلَا قَوَدَ؛ لِأَنَّهُ مَاتَ بِمُسْتَحَقٍّ وَغَيْرِهِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ نِصْفُ الدِّيَةِ فَلَوْ كَانَ السُّمُّ مُوحِيًا وَجَبَ عَلَيْهِ الْقَوَدُ؛ لِأَنَّهُ مَاتَ بِهِ دُونَ الْجُرْحِ وَعَلَى التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ يُحْمَلُ إطْلَاقُ مَنْ قَالَ: لَا يَجُوزُ الْقِصَاصُ بِمَسْمُومٍ وَلَمَّا كَانَ قَوْلُ الْحَاوِي وَبِمَسْمُومٍ وَمِثْلِهِ قَدْ يُوهِمُ عَطْفَهُ عَلَى الْمَنْفِيِّ قَبْلَهُ عَدَلَ عَنْهُ النَّاظِمُ إلَى قَوْلِهِ نَعَمْ إلَى آخِرِهِ لَكِنْ فِي اسْتِعْمَالِهِ الْحَتْفَ فِي الْإِمَاتَةِ بِمَا ذُكِرَ وَبِنَاءِ الْفِعْلِ مِنْهُ نَظَرٌ فَفِي الصِّحَاحِ الْحَتْفُ الْمَوْتُ يُقَالُ: مَاتَ فُلَانٌ حَتْفَ أَنْفِهِ إذَا مَاتَ بِغَيْرِ قَتْلٍ وَلَا ضَرْبٍ وَلَا يُبْنَى مِنْهُ فِعْلٌ قَالَ فِي الْقَامُوسِ: وَخُصَّ الْأَنْفُ؛ لِأَنَّهُ أُرِيدَ أَنَّ الرُّوحَ تَخْرُجُ مِنْهُ بِتَتَابُعِ النَّفْسِ، أَوْ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَتَخَيَّلُونَ خُرُوجَهَا مِنْهُ

، ثُمَّ مَثَّلَ النَّاظِمُ لِلْمِفْصَلِ بِقَوْلِهِ: (كَمَنْكِبٍ وَفَخِذٍ) أَيْ كَالْقَطْعِ مِنْ أَصْلِهِمَا إذَا فَعَلَ الْجَانِي ذَلِكَ بِغَيْرِهِ (إنْ لَمْ يُجِفْ) أَيْ: إنْ أَمْكَنَ الْقَطْعُ مِنْهُمَا بِلَا إجَافَةٍ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ بِدُونِهَا فَلَا قَوَدَ وَإِنْ أَجَافَ الْجَانِي؛ لِأَنَّ الْجَوَائِفَ لَا تَنْضَبِطُ وَلِذَلِكَ لَا يَجْرِي فِيهَا الْقَوَدُ نَعَمْ إنْ مَاتَ بِالْقَطْعِ قُطِعَ الْجَانِي وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِلَا إجَافَةٍ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ وَلَوْ مَاتَ بِجِنَايَةٍ لَا تُوجِبُ قَوَدًا لَوْ وُقِفَتْ كَجَائِفَةٍ وَكَسْرِ عَظْمٍ فُعِلَ بِهِ مِثْلُ فِعْلِهِ كَمَا اقْتَضَاهُ قَوْلُهُ: قَبْلُ، أَوْ مِثْلُ فِعْلِهِ وَصَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي تَصْحِيحِ التَّنْبِيهِ وَعَزَاهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ لِتَرْجِيحِ الْأَكْثَرِينَ وَقَالَ الرَّافِعِيُّ: إنَّهُ الْأَظْهَرُ عِنْدَ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَغَيْرِهِ مِنْ الْعِرَاقِيِّينَ وَالرُّويَانِيِّ وَقِيلَ يَتَعَيَّنُ السَّيْفُ وَعَزَاهُ الرَّافِعِيُّ لِتَرْجِيحِ الْبَغَوِيّ فَقَطْ وَوَقَعَ فِي الْمُحَرَّرِ أَنَّهُ رَجَّحَهُ كَثِيرُونَ وَكَأَنَّهُ لِمَا مَرَّ عَنْهُ سَبْقُ قَلَمٍ مَشَى عَلَيْهِ الْمِنْهَاجُ (وَسِعَةِ الْإِيضَاحِ) عَطْفٌ عَلَى قَطْعِ سَاعِدٍ أَيْ: وَكَسِعَةِ الْمُوضِحَةِ مُرَاعًى فِيهَا الْمُمَاثَلَةُ بِالْمَحَلِّ وَبِالْمِسَاحَةِ طُولًا وَعَرْضًا لَا بِالْجُزْئِيَّةِ فَلَوْ أَوْضَحَ مِنْ إنْسَانٍ جَمِيعَ رَأْسِهِ وَكَانَ رَأْسُ الشَّاجِّ أَكْبَرَ لَمْ يُشَجَّ مِنْ رَأْسِهِ إلَّا بِقَدْرِ مِسَاحَةِ مُوضِحَةِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، وَالِاخْتِيَارُ فِي مَوْضِعِهِ إلَى الْجَانِي إذْ كُلُّ رَأْسِهِ مَحَلُّ الْجِنَايَةِ وَلَوْ أَرَادَ الِاسْتِيفَاءَ فِي مَحَلَّيْنِ كَمُقَدَّمِ رَأْسِهِ وَمُؤَخَّرِهِ مُنِعَ وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَسْتَوْفِيَ الْبَعْضَ وَيَأْخُذَ لِلْبَاقِي قِسْطًا مِنْ الْأَرْشِ مُنِعَ إذْ الْبَعْضُ الْمُسْتَوْفَى يُقَابَلُ بِالْأَرْشِ التَّامِّ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى تَمَامِ الِاسْتِيفَاءِ وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يُوضِحَ فَلْيُعَلِّمْ عَلَى الْمَحَلِّ بِسَوَادٍ، أَوْ حُمْرَةٍ، أَوْ نَحْوِهِمَا وَيَضْبِطُ الْجَانِي لِئَلَّا يَضْطَرِبَ وَيُوضِحُ بِحَدِيدَةٍ حَادَّةٍ كَالْمُوسَى لَا بِسَيْفٍ وَحَجَرٍ وَإِنْ أَوْضَحَ بِهِمَا إذْ لَا تُؤْمَنُ الزِّيَادَةُ

(وَلْتُكَمَّلْ نَاصِيَةُ الْجَانِي بِأَجْنَابٍ) مِنْ الرَّأْسِ (تَلِي) نَاصِيَتَهُ إذَا كَانَتْ نَاصِيَتُهُ أَصْغَرَ مِنْ نَاصِيَةِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ الَّتِي اسْتَوْعَبَهَا الْجَانِي بِالْإِيضَاحِ؛ لِأَنَّ الرَّأْسَ كُلَّهُ عُضْوٌ وَاحِدٌ، وَالنَّاصِيَةُ وَلَا يَتَعَيَّنُ كُلُّ الْجَوَانِبِ بَلْ يَكْفِي جَانِبٌ وَاحِدٌ (وَ) لِتُكْمَلْ (رَأْسُهُ) إذَا كَانَ أَصْغَرَ مِنْ رَأْسِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ الَّذِي اسْتَوْعَبَهُ الْجَانِي بِالْإِيضَاحِ (بِحِصَّةِ) الْبَاقِي مِنْ (الْأَرْشِ) أَيْ: أَرْشِ مُوضِحَةِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ إذَا وُزِّعَ عَلَى جَمِيعِهَا فَإِنْ كَانَ الْبَاقِي قَدْرَ الثُّلُثِ فَالْحِصَّةُ ثُلُثُ أَرْشِ الْمُوضِحَةِ وَإِنَّمَا لَمْ يَكْتَفِ بِرَأْسِهِ كَالْيَدِ الصَّغِيرَةِ عَنْ الْكَبِيرَةِ؛ لِأَنَّ مَا بِهِ التَّفَاوُتُ بَيْنَ الْيَدَيْنِ لَيْسَ بِيَدٍ وَمَا بِهِ التَّفَاوُتُ بَيْنَ الْمُوضِحَتَيْنِ مُوضِحَةٌ فَلَا يُجْعَلُ تَابِعًا؛ وَلِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ ثَمَّ اسْمُ الْيَدِ وَهُنَا الْمِسَاحَةُ (وَلَا تُجِزْ بِوَجْهٍ وَقَفَا أَنْ يُكْمَلَا) أَيْ: وَلَا تُجِزْ أَنْت إكْمَالَ الْمُوضِحَةِ مِنْ الْجَانِي بِالنُّزُولِ إلَى وَجْهِهِ وَقَفَاهُ؛ لِأَنَّهُمَا عُضْوَانِ آخَرَانِ وَذِكْرُ الْوَجْهِ مِنْ زِيَادَةِ النَّظْمِ، ثُمَّ مَحَلُّ الْقَوَدِ فِي مُوضِحَةِ الرَّأْسِ إذَا لَمْ يَخْتَصَّ رَأْسُ الْجَانِي بِالشَّعْرِ وَإِلَّا فَلَا قَوَدَ؛ لِأَنَّ فِيهِ إتْلَافَ شَعْرٍ لَمْ يُتْلِفْهُ الْجَانِي نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا عَنْ نَصِّ الْأُمِّ لَكِنْ ذَكَرَ الْمَاوَرْدِيُّ خِلَافَهُ فَيُحْلَقُ مَحَلُّ الشَّجَّةِ، ثُمَّ يُقْتَصُّ مِنْهُ كَمَا يُفْعَلُ بِهِ ذَلِكَ إذَا كَانَ بِرَأْسَيْهِمَا شَعْرٌ وَهُوَ ظَاهِرُ نَصِّ الْمُخْتَصَرِ.

وَحَمَلَ ابْنُ الرِّفْعَةِ النَّصَّ الْأَوَّلَ عَلَى

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ حَتْفٌ) كَأَنْ قَطَعَ أُذُنَيْهِ وَفَقَأَ عَيْنَيْهِ وَجَدَعَ أَنْفِهِ فَمَاتَ فَيُفْعَلُ بِهِ مِثْلُهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَالنَّهْيُ عَنْ الْمُثْلَةِ مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ هَذَا حَجَرٌ (قَوْلُهُ: بَلْ يَجْرِي فِي قَطْعِ الطَّرَفِ أَيْضًا) كَانَ مُرَادُهُ الْقَطْعَ الَّذِي سَرَى لِلنَّفْسِ بِدَلِيلِ فَلَوْ اقْتَصَّ بِمَسْمُومٍ إلَخْ قَالَ النَّاشِرِيُّ: وَالْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِي الْقَتْلِ بِمَسْمُومٍ، أَمَّا الْقَطْعُ بِهِ فَلَا يَجُوزُ قَطْعًا فَإِنْ قُطِعَ بِهِ فَسَرَى فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا قَوَدَ لِلسِّرَايَةِ لِتَوَلُّدِهَا مِنْ مَضْمُونٍ وَغَيْرِهِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّ الدِّيَةَ عَلَى الْقَاتِلِ لَا عَلَى عَاقِلَتِهِ اهـ.

وَكَتَبَ أَيْضًا لَا يُقْتَصُّ بِالْمَسْمُومِ فِي الْقَطْعِ الَّذِي لَمْ يَسْرِ لِلنَّفْسِ فَإِنْ فَعَلَ فَسَرَى لِلنَّفْسِ لَزِمَهُ نِصْفُ الدِّيَةِ لَا الْقَوَدُ لِتَوَلُّدِ السِّرَايَةِ مِنْ مَضْمُونٍ وَغَيْرِهِ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ كَانَ مَا فِي الْآلَةِ مِنْ السُّمِّ مُوجِبًا لَزِمَهُ الْقَوَدُ اهـ.

ح ج د ش (قَوْلُهُ: عَدَلَ عَنْهُ النَّاظِمُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْإِرْشَادِ وَسم ظَاهِرُ غَيْرِ مَهْرٍ اهـ.

(قَوْلُهُ: فُعِلَ بِهِ مِثْلُ فِعْلِهِ) نَعَمْ يَمْنَعُ مِنْ الْإِجَافَةِ كُلُّ مَا لَا قَوَدَ فِيهِ إنْ كَانَ قَصْدُهُ الْعَفْوَ فَإِنْ خَالَفَ عُزِّرَ وَإِنْ عَفَا لِتَعَدِّيهِ أَيْ بِخِلَافِ مَا فِيهِ قَوَدٌ كَقَطْعِ الْيَدِ فَلَهُ فِعْلُهُ وَإِنْ كَانَ قَصْدُهُ الْعَفْوَ

(قَوْلُهُ: لَا إنْ فَاتَ مِنْهُ صِفَةٌ) قَالَ النَّاشِرِيُّ: (تَنْبِيهٌ)

سَوَاءٌ

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ إلَخْ) أَيْ لِمَا مَرَّ عَنْ الرَّافِعِيِّ مِنْ عَزْوِ الْأَوَّلِ لِتَرْجِيحِ الْبَغَوِيّ فَقَطْ كَأَنَّ مَا وَقَعَ فِي الْمُحَرَّرِ سَبْقُ قَلَمٍ وَقَوْلُهُ: مَشَى عَلَيْهِ أَيْ عَلَى مَا سَبَقَ إلَيْهِ قَلَمُهُ وَهُوَ الثَّانِي الضَّعِيفُ (قَوْلُهُ: مُقَابَلٌ بِالْأَرْشِ) إذْ أَرْشُ الْمُوضِحَةِ لَا يَخْتَصُّ بِالْكَبِيرَةِ (قَوْلُهُ: مَعَ قُدْرَتِهِ إلَخْ) احْتَرَزَ بِهِ عَمَّا يَأْتِي فِيمَا إذَا كَانَ رَأْسُ الْجَانِي أَصْغَرَ مِنْ رَأْسِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ

(قَوْلُهُ: وَحَمَلَ ابْنُ الرِّفْعَةِ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ اهـ.

سم عَلَى الْمَنْهَجِ نَقْلًا عَنْ م ر اهـ.

ع ش

<<  <  ج: ص:  >  >>