مَا إذَا كَانَ عَدَمُ الشَّعْرِ بِرَأْسِ الْمَشْجُوجِ لِفَسَادِ مَنْبِتِهِ، وَالثَّانِي عَلَى مَا إذَا كَانَ لِحَلْقٍ وَنَحْوِهِ (وَمَنْ جَنَى إنْ فَاتَ مِنْهُ) أَيْ: مِنْ عُضْوِهِ دُونَ عُضْوِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ (جِرْمُ) يُتِمُّهُ بِأَرْشِهِ فَلَوْ قَطَعَ نَاقِصُ أُصْبُعٍ يَدًا كَامِلَةً قُطِعَ وَلَزِمَهُ أَرْشُ أُصْبُعٍ؛ لِأَنَّهُ قَدْ قَطَعَ فِي ضِمْنِ جِنَايَتِهِ أُصْبُعًا لَمْ يُسْتَوْفَ قَوَدُهَا (لَا) إنْ فَاتَ مِنْهُ (صِفَةٌ) فَلَا يُتِمُّهَا بِأَرْشِهَا فَلَوْ قَطَعَ ذُو يَدٍ شَلَّاءَ يَدًا سَلِيمَةً فَلَيْسَ لِصَاحِبِهَا مَعَ قَطْعِ الشَّلَّاءِ أَرْشُ الشَّلَلِ بَلْ يَقْنَعُ بِقَطْعِهَا بِلَا أَرْشٍ، أَوْ يَأْخُذُ أَرْشَ الْيَدِ بِلَا قَطْعٍ؛ لِأَنَّ نَقْصَ الصِّفَةِ لَا يُقَابَلُ بِمَالٍ بِخِلَافِ نَقْصِ الْجُرْمِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ أَتْلَفَ عَلَيْهِ الْغَاصِبُ صَاعًا جَيِّدًا فَأَخَذَ عَنْهُ صَاعًا رَدِيئًا لَا يَأْخُذُ مَعَهُ الْأَرْشَ بَلْ يَقْنَعُ بِهِ، أَوْ يَأْخُذُ بَدَلَ الْمَغْصُوبِ جَيِّدًا وَلَوْ أَتْلَفَ عَلَيْهِ صَاعَيْنِ وَوَجَدَ لَهُ صَاعًا كَانَ لَهُ أَخْذُهُ وَطَلَبُ الْبَدَلِ لِلْآخَرِ فَقَوْلُهُ: (بِأَرْشِهِ يُتَمُّ) جَوَابُ الشَّرْطِ، وَالْجُمْلَةُ الشَّرْطِيَّةُ خَبَرُ قَوْلِهِ مَنْ جَنَى وَلَوْ كَانَ بِيَدِهِ أُصْبُعَانِ شَلَّاوَانِ وَيَدُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ سَلِيمَةٌ فَإِنْ شَاءَ قَنَعَ بِقَطْعِ يَدِ الْجَانِي وَإِنْ شَاءَ لَقَطَ الثَّلَاثَ السَّلِيمَةَ قِصَاصًا وَلَهُ مَعَهَا حُكُومَةُ مَنَابِتِهَا وَدِيَةُ الْأُصْبُعَيْنِ وَلَا تَنْدَرِجُ الْحُكُومَةُ فِي الْقِصَاصِ لِعَدَمِ التَّجَانُسِ وَتَنْدَرِجُ حُكُومَةُ مَنْبِتِ الْأُصْبُعَيْنِ فِي دِيَتِهِمَا لِلتَّجَانُسِ
وَلَوْ كَانَ بِيَدِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أُصْبُعَانِ شَلَّاوَانِ وَيَدُ الْجَانِي سَلِيمَةٌ لَمْ يَجُزْ الْقِصَاصُ مِنْ الْكُوعِ وَجَازَ فِي الثَّلَاثِ السَّلِيمَةِ أَنْ يَلْقُطَ أَمْثَالَهَا مَعَ حُكُومَةِ مَنَابِتِهَا وَمَعَ حُكُومَةِ الشَّلَّاوَيْنِ وَلَا يَنْدَرِجُ فِيهَا حُكُومَةُ مَنَابِتِهِمَا؛ لِأَنَّ الْحُكُومَةَ ضَعِيفَةٌ غَيْرُ مُقَدَّرَةٍ فَلَا يَلِيقُ بِهَا الِاسْتِتْبَاعُ بِخِلَافِ الدِّيَةِ وَإِذَا ثَبَتَ تَتْمِيمُ نَقْصِ جُرْمِ الْجَانِي بِأَرْشِهِ لَا يَتَمَكَّنُ مُعْتَدِلُ الْيَدِ مِنْ قَطْعِ يَدِ الْجَانِي الزَّائِدَةُ بِأُصْبُعٍ أَصْلِيَّةٍ؛ لِأَنَّ نَقْصَ الْجُرْمِ لَمَّا اقْتَضَى زِيَادَةً عَلَى الْقَطْعِ اقْتَضَتْ زِيَادَتُهُ مَنْعَ قَطْعِهِ (فَعَادِلٌ) أَيْ: فَمُعْتَدِلُ (أَصَابِعُ الْكَفِّ) إذَا قَعَطَهَا مَنْ لَهُ سِتُّ أَصَابِعَ مُتَسَاوِيَةٍ فِي الْقُوَّةِ، وَالْعَمَلِ بِحَيْثُ أَخْبَرَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ بِأَصَالَتِهَا (لَقَطْ خَمْسًا مِنْ) الْأَصَابِعِ (السِّتِّ الْأَصِيلَاتِ فَقَطْ) وَلَاءً مِنْ أَيْ: جِهَةٍ شَاءَ قَالَ الرَّافِعِيُّ كَذَا أَطْلَقَ يَعْنِي الْإِمَامَ وَهُوَ قَرِيبٌ إنْ لَمْ تَكُنْ السِّتُّ عَلَى تَقْطِيعِ الْخَمْسِ الْمَعْهُودَةِ وَهَيْئَتِهَا وَإِلَّا فَصُورَةُ الْإِبْهَامِ مِنْهَا مُبَايِنٌ لِصُوَرِ بَاقِيهَا فَإِنْ كَانَتْ الْمُشْبِهَةُ لِلْإِبْهَامِ عَلَى طَرَفٍ فَيَنْبَغِي أَنْ يَلْقُطَ مِنْ جَانِبِهِ وَإِنْ وَقَعَتْ ثَانِيَةٌ وَاَلَّتِي عَلَى طَرَفٍ كَالْمُلْحَقَةِ بِهَا فَيَنْبَغِي أَنْ يَلْقُطَ مِنْ الْجَانِبِ الْآخَرِ (مَعَ سُدُسِ الَّذِي يَدِي عَنْ الْيَدِ) أَيْ مَعَ أَخْذِ سُدُسِ دِيَةِ الْيَدِ؛ لِأَنَّهُ قَطَعَ يَدًا كَامِلَةً وَلَمْ يَقْطَعْ كَامِلَةً وَلَمْ يَقْطَعْ مِنْهُ إلَّا خَمْسَةَ أَسْدَاسِ يَدٍ فَيَبْقَى سُدُسُ دِيَةِ الْيَدِ (بِحَطِّ شَيْءٍ مِنْهُ وَلْيَجْتَهِدْ) أَيْ: مَعَ حَطِّ شَيْءٍ مِنْ السُّدُسِ بِاجْتِهَادِ الْحَاكِمِ؛ لِأَنَّ الْخَمْسَ الْمَلْقُوطَةَ وَإِنْ كَانَتْ خَمْسَةَ أَسْدَاسِ يَدِ الْجَانِي فَهِيَ فِي الصُّورَةِ كَالْخَمْسِ الْمُعْتَدِلَةِ وَلَهُ أَيْضًا حُكُومَةُ خَمْسَةِ أَسْدَاسِ الْكَفِّ الَّتِي تُقَابِلُ الْخَمْسَ الْمَلْقُوطَةَ وَلَوْ بَادَرَ وَقَطَعَ السِّتَّ عُزِّرَ قَالَ الْبَغَوِيّ: وَلَا غُرْمَ قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَلَا يَبْعُدُ لُزُومُ شَيْءٍ لِزِيَادَةِ الصُّورَةِ وَهُوَ قَدْرُ مَا حُطَّ مِنْ سُدُسِ الدِّيَةِ فِيمَا ذُكِرَ وَمَا بَحَثَهُ جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي فِي تَعْلِيقِهِ وَهُوَ حَسَنٌ وَلَوْ قَطَعَ ذُو السِّتِّ أُصْبُعًا مِنْ الْمُعْتَدِلِ قُطِعَتْ أُصْبُعُهُ وَأُخِذَ مِنْ التَّفَاوُتِ بَيْنَ خُمُسِ الدِّيَةِ وَسُدُسِهَا وَهُوَ ثُلُثُ عُشْرٍ؛ لِأَنَّ أُصْبُعَ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ خُمُسُ أَصَابِعِهِ وَأُصْبُعُ الْجَانِي سُدُسُ أَصَابِعِهِ، وَالتَّفَاوُتُ بَيْنَهُمَا مَا قُلْنَا قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَقِيَاسُ مَا مَرَّ حَطُّ شَيْءٍ مِنْ التَّفَاوُتِ وَمَا بَحَثَهُ جَزَمَ بِهِ الْإِمَامُ
وَلَوْ قَطَعَ الْمُعْتَدِلُ يَدَ السِّتِّ قُطِعَتْ يَدُهُ وَأُخِذَ شَيْءٌ لِلزِّيَادَةِ، أَوْ أُصْبُعًا مِنْهَا فَلَا قَوَدَ بَلْ عَلَيْهِ سُدُسُ دِيَةِ يَدٍ، أَوْ أُصْبُعَيْنِ أَخْذُ أُصْبُعٍ
ــ
[حاشية العبادي]
كَانَ زَوَالُ الصِّفَةِ بِآفَةٍ أَوْ بِجِنَايَةٍ وَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ مَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ: وَاجِبُ جِنَايَةِ غَيْرٍ، قَالَ ابْنُ الْخَيَّاطِ:، وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا فَرْقَ وَفِيهِ بَعْضُ تَخَيُّلٍ؛ لِأَنَّ مَسْأَلَتَنَا يُمْكِنُنَا أَنْ نَقُولَ لَهُ: إمَّا أَنْ تَأْخُذَ الدِّيَةَ وَإِمَّا أَنْ تَقْنَعَ وَلَا يُمْكِنُنَا التَّخْيِيرُ فِي تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ إلَّا أَنَّ هَذَا التَّخَيُّلَ يَخْدِشُهُ مَا إذَا كَانَ يَحْرُمُ إلَّا أَنَّهُ يُحْتَمَلُ فِي الصِّفَاتِ مَا لَا يُحْتَمَلُ فِي الْأَجْزَاءِ اهـ.
مَا فِي النَّاشِرِيِّ وَقَوْلُهُ: مَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ: وَاجِبُ جِنَايَةِ غَيْرٍ أَيْ: وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ: السَّابِقِ وَوَاجِبُ الْجِنَايَةِ الْمُبْتَدَأَةِ الْجِنَايَةُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَقَالَ الشَّارِحُ فِي شَرْحِ ذَلِكَ: أَيْ: وَحُطَّ عَنْ دِيَةِ غَيْرِ الْجُرْمِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْحَاوِي أَنَّ مِنْ دِيَةِ الْمَعْنَى وَاجِبُ جِنَايَةٍ أُخْرَى سَابِقَةٍ سَوَاءٌ وَجَبَتْ دِيَةٌ، أَوْ حُكُومَةٌ فَلَوْ أَبْطَلَ بَطْشَ يَدٍ نَاقِصَةِ الْبَطْشِ بِجِنَايَةٍ حُطَّ مِنْ دِيَتِهِ وَاجِبُ النَّقْصِ لِئَلَّا يَتَضَاعَفَ الْغُرْمُ فِيمَا نَقَصَ بِالْجِنَايَةِ الْأُولَى وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ جِنَايَةٍ كَكَوْنِهِ أَرَتَّ، أَوْ أَلْثَغَ خِلْقَةً، أَوْ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ فَلَا حَطَّ بَلْ تَجِبُ الدِّيَةُ بِكَمَالِهَا لِعُسْرِ تَتَبُّعِ مِقْدَارِ الْمَعَانِي وَانْتِفَاءِ مُضَاعَفَةِ الْغُرْمِ اهـ.
فَهَذَا مَعَ إطْلَاقِ مَا هُنَا يَتَحَصَّلُ مِنْهُمَا أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي فَوَاتِ الصِّفَةِ عِنْدَ الِاخْتِصَاصِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ بِجِنَايَةٍ، أَوْ لَا بِخِلَافِهِ عِنْدَ أَخْذِ الْمَالِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا، وَالْفَرْقُ مَا أَشَارَ إلَيْهِ النَّاشِرِيُّ بِقَوْلِهِ: وَفِيهِ بَعْضُ تَخَيُّلٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَإِذَا ثَبَتَ إلَخْ) تَمْهِيدٌ لِتَفْرِيعٍ مُعَادِلٍ إلَخْ وَتَوْجِيهٌ لِلتَّفْرِيعِ (قَوْلُهُ: فَعَادِلُ) الظَّاهِرُ أَنَّ عَادِلًا هُنَا صِفَةٌ مُشَبَّهَةٌ فَعَادِلُ أَصَابِعِ الْكَفِّ نَظِيرُ زَيْدٌ حَسَنُ وَجْهِ الْأَبِ فَيَجُوزُ فِي أَصَابِعِ الرَّفْعُ، وَالنَّصْبُ، وَالْجَرُّ وَإِنْ لَمْ يُنَاسِبْ الْجَرُّ هُنَا فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: كَذَا أَطْلَقَ) كَأَنَّ الْإِشَارَةَ إلَى قَوْلِهِ: مِنْ أَيِّ جِهَةٍ شَاءَ (قَوْلُهُ: وَهُوَ ثُلُثُ عُشْرٍ) وَهُوَ بَعِيرٌ وَثُلُثَانِ؛ لِأَنَّ خُمُسَهَا عَشَرَةٌ وَسُدُسُهَا ثَمَانِيَةٌ وَثُلُثٌ، وَالتَّفَاوُتُ بَيْنَهُمَا مَا قُلْنَا شَرْحُ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: وَقِيَاسُ مَا مَرَّ إلَخْ) أَيْ بِالِاجْتِهَادِ (قَوْلُهُ: وَأُخِذَ شَيْءٌ) لَعَلَّ ذَلِكَ الشَّيْءَ سُدُسُ دِيَتِهَا مَعَ حَطِّ شَيْءٍ مِنْهُ بِالِاجْتِهَادِ
[حاشية الشربيني]
قَوْلُهُ: وَهُوَ قَرِيبٌ إنْ لَمْ تَكُنْ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ الْإِرْشَادِ، وَالْكَلَامُ فِيمَا إذَا كَانَتْ السِّتُّ عَلَى غَيْرِ تَقْطِيعِ الْخَمْسِ الْمَعْهُودَةِ وَهَيْئَتِهَا كَمَا أَفْهَمَتْهُ الْعِلَّةُ وَإِلَّا فَصُورَةُ الْإِبْهَامِ مِنْهَا تُبَايِنُ صُوَرَ بَاقِيهَا فَالْخَارِجُ عَلَى الْمُعْتَادِ يَكُونُ زَائِدًا فَلَا يُلْتَقَطُ اهـ.
وَمُرَادُهُ بِالْعِلَّةِ مَا ذَكَرَهُ تَعْلِيلًا لِأَصَالَتِهَا بِقَوْلِهِ لِاسْتِوَائِهَا قُوَّةً وَعَمَلًا (قَوْلُهُ: وَقِيَاسُ مَا مَرَّ إلَخْ) أَيْ: لِلتَّسَاوِي فِي الصُّورَةِ كَمَا مَرَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute