للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَنَّهُ أَكْرَهَهَا عَلَى الْمُجَامَعَةِ (بِأَرْبَعَهْ) مِنْ الرِّجَالِ يَشْهَدُونَ عَلَيْهِ (بِأَنَّهُ أَكْرَهَ فِي) أَيْ: أَكْرَهَهَا عَلَى (الْمُجَامَعَهْ، وَتَطْلُبُ الْمَهْرَ، فَيَشْهَدُ أَرْبَعُ) مِنْ النِّسَاءِ، أَوْ اثْنَانِ مِنْ الرِّجَالِ أَنَّهَا (بِكْرٌ يَجِبْ) لَهَا عَلَيْهِ (مَهْرٌ) لِثُبُوتِهِ مَعَ الشُّبْهَةِ (وَحَدٌّ انْدَفَعْ) عَنْ الْمُجَامِعِ، وَالشُّهُودِ لِلشُّبْهَةِ

(أَوْ يَعْتَرِفْ) أَيْ: يُحَدُّ الزَّانِي إنْ شَهِدَ عَلَيْهِ بِالزِّنَا أَرْبَعَةٌ كَمَا مَرَّ، أَوْ يَعْتَرِفُ بِهِ وَ (لَوْ) كَانَ اعْتِرَافُهُ بِهِ (مَرَّةً) ؛ لِأَنَّهُ «- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَجَمَ مَاعِزًا وَالْغَامِدِيَّةَ بِإِقْرَارِهِمَا» رَوَاهُمَا مُسْلِمٌ، وَرَوَى هُوَ، وَالْبُخَارِيُّ خَبَرَ «، وَاغْدُ يَا أُنَيْسٌ إلَى امْرَأَةِ هَذَا، فَإِنْ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا» عَلَّقَ الرَّجْمَ عَلَى مُجَرَّدِ الِاعْتِرَافِ، وَإِنَّمَا كَرَّرَهُ عَلَى مَاعِزٍ فِي خَبَرِهِ لِأَنَّهُ شَكَّ فِي عَقْلِهِ، وَلِهَذَا قَالَ: «أَبِكَ جُنُونٌ» ، وَالْأَقْوَى فِي الرَّوْضَةِ هُنَا اعْتِبَارُ التَّفْصِيلِ فِي الْإِقْرَارِ بِهِ كَالشَّهَادَةِ، وَصَحَّحَهُ فِيهَا كَأَصْلِهَا فِي بَابِ السَّرِقَةِ، وَيُنْدَبُ لِمَنْ ارْتَكَبَ كَبِيرَةً تُوجِبُ حَدَّ اللَّهِ تَعَالَى أَنْ لَا يُقِرَّ بِهَا لِخَبَرِ «مَنْ أَتَى مِنْ هَذِهِ الْقَاذُورَاتِ شَيْئًا فَلْيَسْتَتِرْ بِسِتْرِ اللَّهِ فَإِنَّ مَنْ أَبْدَى لَنَا صَفْحَتَهُ أَقَمْنَا عَلَيْهِ الْحَدَّ» رَوَاهُ الْحَاكِمُ، وَالْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَتَلَ، أَوْ قَذَفَ فَإِنَّهُ يُنْدَبُ لَهُ، بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُقِرَّ بِهِ لِيُسْتَوْفَى مِنْهُ لِمَا فِي حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ مِنْ التَّضْيِيقِ (وَإِنْ هَرَبْ) مَنْ لَزِمَهُ الْحَدُّ، فَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ لِوُجُودِ مُثْبِتِهِ مِنْ بَيِّنَةٍ، أَوْ اعْتِرَافٍ لَكِنْ يُخَلَّى الْمُعْتَرِفُ فِي الْحَالِ، وَلَا يُتْبَعُ لِمَا فِي خَبَرِ مَاعِزٍ «هَلَّا تَرَكْتُمُوهُ» ، وَلِأَنَّهُ رُبَّمَا قَصَدَ الرُّجُوعَ فَيُعْرِضُ عَنْهُ احْتِيَاطًا، فَإِنْ رَجَعَ فَذَاكَ، وَإِلَّا حُدَّ فَلَوْ اُتُّبِعَ فَحُدَّ، فَلَا ضَمَانَ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُوجِبْ عَلَيْهِمْ فِي قِصَّةِ مَاعِزٍ شَيْئًا (وَ) إنْ (مَنَعَ الْحَدَّ، وَتَرْكَهُ طَلَبْ) أَيْ: أَوْ طَلَبَ تَرْكَهُ، فَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ لِعَدَمِ تَصْرِيحِهِ بِالرُّجُوعِ نَعَمْ يُخَلَّى الْمُعْتَرِفُ فِي الْحَالِ، فَإِنْ رَجَعَ، وَإِلَّا حُدَّ (لَا إنْ يَعُدْ) أَيْ: يَرْجِعُ الْمُعْتَرِفُ عَنْ اعْتِرَافِهِ، فَلَا يُحَدُّ لِتَعْرِيضِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِمَاعِزٍ بِالرُّجُوعِ بِقَوْلِهِ: «لَعَلَّك قَبَّلْت لَعَلَّك لَمَسْت» بِخِلَافِ مَنْ لَزِمَهُ الْحَدُّ بِالْبَيِّنَةِ لَا يُقْبَلُ رُجُوعُهُ فَلَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِزِنَاهُ بَيْنَ اعْتِرَافِهِ، وَرُجُوعِهِ فَهَلْ يُحَدُّ، وَجْهَانِ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا بِلَا تَرْجِيحِ أَحَدِهِمَا نَعَمْ لِبَقَاءِ حُجَّةِ الْبَيِّنَةِ كَمَا لَوْ شَهِدَ ثَمَانِيَةٌ فَرَدَّ أَرْبَعَةٌ، وَثَانِيهِمَا لَا إذْ لَا أَثَرَ لِلْبَيِّنَةِ مَعَ الِاعْتِرَافِ، وَقَدْ بَطَلَ، وَنَقَلَهُمَا الْمَاوَرْدِيُّ فِي ذَلِكَ، وَفِي عَكْسِهِ، وَقَالَ: الْأَصَحُّ عِنْدِي اعْتِبَارُ أَسْبَقِهِمَا.

(فَرْعٌ) لَوْ أَسْلَمَ الذِّمِّيُّ فَالنَّصُّ سُقُوطُ الْحَدِّ عَنْهُ، وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ كَفَّارَةُ ظِهَارٍ، أَوْ يَمِينٍ، أَوْ قَتْلٍ فَالْأَصَحُّ بَقَاؤُهَا كَالدَّيْنِ ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ آخِرَ السِّيَرِ

(يَرْجُمُهُ) أَيْ: مَنْ أَوْلَجَ كَمَا مَرَّ يَرْجُمُهُ (الْإِمَامُ) ، وَلَوْ بِنَائِبِهِ؛ لِأَنَّهُ فِي عَهْدِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَهْدِ الْخُلَفَاءِ بَعْدَهُ لَمْ يَقُمْ إلَّا بِإِذْنِهِمْ، أَمَّا الْمُولَجُ فِيهِ فَإِنَّمَا يُرْجَمُ إذَا أُولِجَ فِي قُبُلِهِ، فَإِنْ أُولِجَ فِي دُبُرِهِ فَلَا، بَلْ يُجْلَدُ، وَيُغَرَّبُ، وَلَوْ مُحْصَنًا رَجُلًا، أَوْ امْرَأَةً قَالَهُ فِي الرَّوْضَةِ، وَأَصْلِهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ إدْخَالُ

ــ

[حاشية العبادي]

قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: قَالَ الْقَاضِي وَتَبْطُلُ حَصَانَتُهَا بِلَا خِلَافٍ. اهـ.

(قَوْلُهُ: بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ) لَعَلَّ هَذَا الْإِضْرَابَ إبْطَالِيٌّ لَا انْتِقَالِيٌّ إذْ لَا يُتَصَوَّرُ اجْتِمَاعُ النَّدْبِ وَالْوُجُوبِ، وَحِينَئِذٍ، فَمَا فَائِدَةُ ذِكْرِهِ ثُمَّ إبْطَالِهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْمُبَالَغَةُ فِي رَدِّهِ (قَوْلُهُ: لَكِنْ يُخَلَّى) أَيْ: وُجُوبًا حَجَرٌ (قَوْلُهُ: نَعَمْ يُخَلَّى) أَيْ: وُجُوبًا حَجَرٌ (قَوْلُهُ: إذْ لَا أَثَرَ لِلْبَيِّنَةِ إلَخْ.) الْأَرْجَحُ اعْتِبَارُ الْبَيِّنَةِ فِي ذَلِكَ، وَفِي عَكْسِهِ لِأَنَّهَا أَقْوَى فِي حُقُوقِ اللَّهِ بِخِلَافِ حُقُوقِ الْآدَمِيِّ، فَإِنَّ الْإِقْرَارَ فِيهَا أَقْوَى مِنْ الْبَيِّنَةِ م ر (قَوْلُهُ: فَالنَّصُّ سُقُوطُ الْحَدِّ عَنْهُ) الْمُعْتَمَدُ عَدَمُ السُّقُوطِ، وَهَذَا النَّصُّ مُفَرَّعٌ عَلَى مَرْجُوحٍ، وَهُوَ سُقُوطُ الْحَدِّ بِالتَّوْبَةِ م ر

ــ

[حاشية الشربيني]

سَبَبِهِ، وَهُوَ الْوَطْءُ، وَلَمْ يَثْبُتْ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ شَهِدَ رَجُلٌ، وَامْرَأَتَانِ بِهَاشِمَةٍ قَبْلَهَا إيضَاحٌ لَمْ يَثْبُتْ أَرْشُ الْهَاشِمَةِ؛ لِأَنَّ الْإِيضَاحَ الَّذِي هُوَ طَرِيقُهَا لَا يَثْبُتُ بِذَلِكَ. اهـ. ع ش عَلَى م ر، وَقَوْلُهُ: مِنْ أَنَّهُ لَوْ شَهِدَ إلَخْ. أَيْ: شَهِدَا بِهِمَا مَعًا، وَهُمَا مِنْ شَخْصٍ وَاحِدٍ فِي مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ، وَإِلَّا بِأَنْ كَانَا مِنْ شَخْصَيْنِ، أَوْ فِي مَرَّتَيْنِ مِنْ شَخْصٍ ثَبَتَ أَرْشُ الْهَاشِمَةِ بِذَلِكَ. اهـ.

ق ل

(قَوْلُهُ: عَلَّقَ الرَّجْمَ إلَخْ.) ، فَلَا يَلْزَمُ تَكْرَارُ الِاعْتِرَافِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ أَبُو حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ شَكَّ فِي عَقْلِهِ) هَذَا لَا يُنَافِي أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَرَّضَ لَهُ بِالرُّجُوعِ بِقَوْلِهِ: لَعَلَّك قَبَّلْت إلَخْ.؛ لِأَنَّ التَّعْرِيضَ يَحْصُلُ بِمَرَّةٍ قَالَ فِي الْأَنْوَارِ: وَلَوْ أَقَرَّ فَلَهُ أَنْ يُعَرِّضَ بِالرُّجُوعِ، وَلَا يُسْتَحَبُّ. اهـ. لَكِنْ قَالَ فِي التُّحْفَةِ: فِي بَابِ السَّرِقَةِ أَشَارَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ إلَى نَقْلِ الْإِجْمَاعِ عَلَى نَدْبِهِ. اهـ.، وَاعْتَمَدَ زي مَا فِي الْأَنْوَارِ (قَوْلُهُ: وَالْأَقْوَى) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: اعْتِبَارُ التَّفْصِيلِ) كَأَنْ يَقُولَ أَدْخَلْت حَشَفَتِي فَرْجَ فُلَانَةَ عَلَى وَجْهِ الزِّنَا، وَلَا بُدَّ أَنْ يَذْكُرَ الْإِحْصَانَ، أَوْ عَدَمَهُ. اهـ. حَاشِيَةُ الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ: أَيْ: يَرْجِعُ) ، وَيُقْبَلُ الرُّجُوعُ فِي غَيْرِ الزِّنَا مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ كَالشُّرْبِ، وَالسَّرِقَةِ مِنْ حَيْثُ سُقُوطُ الْحَدِّ، وَالْقَطْعِ، وَلَا يُقْبَلُ الرُّجُوعُ عَنْ الْإِقْرَارِ بِالْبُلُوغِ، أَوْ الْإِحْصَانِ. اهـ. م ر، وق ل (قَوْلُهُ: وَجْهَانِ إلَخْ.) الْمُعْتَبَرُ الْبَيِّنَةُ سَوَاءٌ سَبَقَتْ، أَوْ تَأَخَّرَتْ مَا لَمْ يُحْكَمْ بِالْإِقْرَارِ، وَحْدَهُ أَيْ: يُسْنَدُ الْحُكْمُ إلَيْهِ، وَحْدَهُ. اهـ. م ر سم عَلَى التُّحْفَةِ، وَكَتَبَ أَيْضًا الْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ أَسْنَدَ الْحُكْمَ إلَى الْبَيِّنَةِ، أَوْ الْإِقْرَارِ اُعْتُبِرَ، وَإِلَّا اُعْتُبِرَتْ الْبَيِّنَةُ لِأَنَّهَا فِي حُقُوقِ اللَّهِ أَقْوَى مِنْ الْإِقْرَارِ، وَالْإِقْرَارُ فِي حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ أَقْوَى مِنْهَا. اهـ. م ر سم عَلَى التُّحْفَةِ، وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر عَمَلٌ بِالْبَيِّنَةِ لَا بِالْإِقْرَارِ سَوَاءٌ تَقَدَّمَتْ عَلَيْهِ أَمْ تَأَخَّرَتْ خِلَافًا لِلْمَاوَرْدِيِّ فِي اعْتِبَارِ أَسْبَقِهِمَا لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ فِي حُقُوقِ اللَّهِ إلَخْ. اهـ

(قَوْلُهُ:

<<  <  ج: ص:  >  >>