تَخْرِيجُهُ عَلَى الْخِلَافِ فِي الْإِخْرَاجِ مِنْ بَيْتٍ إلَى صَحْنِ الدَّارِ قَالَ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ، وَلَوْ وُضِعَ الْمَيِّتُ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ، وَجُمِعَتْ الْحِجَارَةُ حَوْلَهُ فَكَالدَّفْنِ خُصُوصًا حَيْثُ لَا يُمْكِنُ الْحَفْرُ قَالَ النَّوَوِيُّ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُقْطَعَ إذَا لَمْ يَتَعَذَّرْ الْحَفْرُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِدَفْنٍ قَالَ الْبَغَوِيّ، وَلَوْ كَانَ فِي الْبَحْرِ فَطُرِحَ فِي الْمَاءِ لَا يُقْطَعُ سَارِقُ كَفَنِهِ؛ لِأَنَّهُ ظَاهِرٌ، فَإِنْ غَيَّبَهُ الْمَاءُ فَغَاصَ رَجُلٌ فَأَخَذَهُ لَمْ يُقْطَعْ أَيْضًا؛ لِأَنَّ إلْقَاءَهُ فِي الْمَاءِ لَا يُعَدُّ إحْرَازًا كَمَا لَوْ تَرَكَهُ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ، وَغَيَّبَتْهُ الرِّيحُ بِالتُّرَابِ قَالَ الرَّافِعِيُّ، وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ (وَالْوَارِثُ خَصْمُ) السَّارِقِ فِي هَذَا (الْأَمْرِ) أَيْ: أَخْذِ الْكَفَنِ إنْ كَفَّنَ الْمَيِّتَ مِنْ مَالِهِ لِبَقَائِهِ عَلَى مِلْكِهِ (وَالْأَجْنَبِيُّ) هُوَ (الْخَصْمُ) فِيهِ (إنْ يُكَفِّنْ مِنْ مَالِهِ) لِذَلِكَ، وَهُوَ عَارِيَّةٌ لَا رُجُوعَ فِيهَا كَإِعَارَةِ الْأَرْضِ لِلدَّفْنِ، وَالْخَصْمُ فِيهِ إذَا كَفَّنَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ الْإِمَامُ، وَلَوْ أَكَلَ السَّبْعُ الْمَيِّتَ، وَبَقِيَ الْكَفَنُ رُدَّ إلَى مَالِكِهِ
(فَرْعٌ) قَالَ الرَّافِعِيُّ لَوْ سُرِقَ الْكَفَنُ، وَضَاعَ كَفَنٌ ثَانِيًا مِنْ التَّرِكَةِ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرِكَةٌ فَكَمَنْ مَاتَ، وَلَا تَرِكَةَ لَهُ قَالَ النَّوَوِيُّ كَذَا جَزَمَ بِهِ الْمُتَوَلِّي، وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إذَا كُفِّنَ، وَقُسِمَتْ التَّرِكَةُ، ثُمَّ سُرِقَ لَا يَلْزَمُهُمْ تَكْفِينُهُ ثَانِيًا بَلْ يُسْتَحَبُّ قَالَ، وَهَذَا أَقْوَى
(وَلَوْ) أَخْرَجَ النِّصَابَ (بِنَحْوِ مِحْجَنِ) كَكُلَّابٍ بِطَرَفِ حَبْلٍ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ، وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ الْحِرْزَ إذْ النَّظَرُ لِلْإِخْرَاجِ لَا لِكَيْفِيَّتِهِ، وَلَفْظَةُ نَحْوِ زَادَهَا النَّاظِمُ، وَالْمِحْجَنُ عَصًا مَحْنِيَّةُ الرَّأْسِ (وَ) لَوْ أَخْرَجَهُ (دَفَعَاتٍ) فَإِنَّهُ يُقْطَعُ؛ لِأَنَّهُ أَخْرَجَ نِصَابًا مِنْ حِرْزٍ هَتَكَهُ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ أَخْرَجَهُ دَفْعَةً وَاحِدَةً (لَا إذَا تَخَلَّلَا) بَيْنَهَا (عِلْمٌ مِنْ الْمَالِكِ) بِالْهَتْكِ (ثُمَّ أَهْمَلَا) إعَادَةَ الْحِرْزِ، فَلَا يُقْطَعُ؛ لِأَنَّ الْمَالِكَ مُضَيِّعٌ لِمَالِهِ كَذَا قَطَعَ بِهِ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ، وَتَبِعَهُمَا النَّاظِمُ بِزِيَادَتِهِ، ثُمَّ أَهْمَلَا، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُقْطَعُ إبْقَاءً لِلْحِرْزِ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ، وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ أَنَّهُ يُقْطَعُ إذَا لَمْ يَتَخَلَّلْ عِلْمُ الْمَالِكِ، وَإِنْ اشْتَهَرَ هَتْكُ الْحِرْزِ، أَوْ تَخَلَّلَ، وَأَعَادَ الْحِرْزَ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يُقْطَعُ فِي الْأَخِيرَةِ، وَالْمَأْخُوذُ بَعْدَ الْإِعَادَةِ سَرِقَةٌ أُخْرَى فَكَلَامُ الْحَاوِي أَحْسَنُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ أَرَادَ مَعَ عِلْمِ الْمَالِكِ إعَادَتَهُ الْحِرْزَ فَيُوَافِقُ الْأَصَحَّ (كَنَقْبِهِ) الْحِرْزِ (فِي لَيْلَةٍ، وَنَقْلِهِ) الْمَالَ (فِيمَا سِوَاهَا عَنْ مَكَان أَهْلِهِ) فَإِنَّهُ يُقْطَعُ كَمَا لَوْ نَقَبَ أَوَّلَ اللَّيْلِ، وَأَخْرَجَ آخِرَهُ إلَّا إذَا تَخَلَّلَ عِلْمُ الْمَالِكِ بِالنَّقْبِ، وَأَهْمَلَ الْإِعَادَةَ، فَلَا قَطْعَ لَانْتِهَاكِ الْحِرْزِ فَزِيَادَةُ الْإِهْمَالِ بِالنِّسْبَةِ إلَى هَذِهِ حَسَنَةٌ، وَإِنَّمَا قُطِعَ فِي نَظِيرِهَا مِنْ تِلْكَ عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّهُ هُنَاكَ تَمَّمَ السَّرِقَةَ، وَهُنَا ابْتَدَأَهَا، وَفِي مَعْنَى عِلْمِ الْمَالِكِ بِذَلِكَ فِيهَا ظُهُورُهُ لِلطَّارِقِينَ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخَانِ (قُلْتُ) مَحَلُّ الْقَطْعِ فِيهَا (إذَا أَخْرَجَهُ النَّقَّابُ) ، فَإِنْ أَخْرَجَهُ غَيْرُهُ، فَلَا قَطْعَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ لَمْ يَسْرِقْ، وَالثَّانِي أَخَذَ مِنْ غَيْرِ حِرْزٍ، وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ بِالنَّظَرِ لِقَوْلِ الْحَاوِي كَالنَّقْبِ، وَالْإِخْرَاجِ، وَإِلَّا فَتَعْبِيرُ النَّظْمِ بِمَا مَرَّ مُغْنٍ عَنْهَا
(أَوْ قَلَّ) أَيْ: وَكَأَنْ قَلَّ الْمَسْرُوقُ عَنْ نِصَابٍ كَثَوْبٍ لَا يُسَاوِي نِصَابًا (وَالْجَيْبُ بِهِ) أَيْ: فِيهِ (نِصَابُ) أَيْ: تَمَامُهُ، وَجَهِلَهُ السَّارِقُ (أَوْ) كَثُرَ بِأَنْ بَلَغَ نِصَابًا كَدِينَارٍ (ظَنَّهُ فَلْسًا) فَإِنَّهُ يُقْطَعُ إذْ لَا أَثَرَ لِجَهْلِهِ، وَظَنِّهِ (كَفِي كُنْدُوجِ يُنْقَبُ فَانْصِبْ) مِمَّا فِيهِ مِنْ بُرٍّ، أَوْ غَيْرِهِ نِصَابٌ (عَلَى التَّدْرِيجِ)
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: لَا يَلْزَمُهُمْ) وَيَنْبَغِي أَنَّ هَذَا إذَا كُفِّنَ أَوَّلًا بِمَا يَجِبُ لَهُ، وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَثْوَابٍ، فَإِنْ كُفِّنَ بِأَقَلَّ اسْتَحَقَّ مَا بَقِيَ، وَإِنْ قُسِمَتْ التَّرِكَةُ
[حاشية الشربيني]
الْكَفَنُ الشَّرْعِيُّ: وَحْدَهُ فَمُحْرَزٌ كَمَا فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ وشَرْحُ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: قَالَ النَّوَوِيُّ إلَخْ.) اعْتَمَدَهُ م ر (قَوْلُهُ: وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ) قَدْ يُقَالُ: إنَّ وَضْعَهُ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ لَا يُعَدُّ إحْرَازًا (قَوْلُهُ: لِبَقَائِهِ عَلَى مِلْكِهِ) أَيْ: مِلْكِ الْوَارِثِ، وَإِنْ قَدِمَ بِهِ الْمَيِّتُ، وَلِذَا لَا يُقْطَعُ بَعْضُ الْوَرَثَةِ، أَوْ، وَلَدُهُ لَوْ سَرَقَهُ. اهـ. خَطِيبٌ عَلَى الْمِنْهَاجِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ عَارِيَّةٌ) أَيْ: لِلْمَيِّتِ إذْ لَا يُمْكِنُ تَمْلِيكُهُ، وَفِي م ر أَنَّهُ كَالْعَارِيَّةِ (قَوْلُهُ: فَكَمَنْ مَاتَ إلَخْ.) فَيُؤْخَذُ لَهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، ثُمَّ عَلَى مَيَاسِيرِ الْمُسْلِمِينَ ع ش عَلَى م ر (قَوْلِهِ: لَا يَلْزَمُهُمْ، بَلْ يُنْدَبُ) ، وَمَحَلُّهُ إذَا كَانَ كُفِّنَ أَوَّلًا فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ، وَإِلَّا لَزِمَهُمْ تَكْفِينُهُ مِنْ تَرِكَتِهِ بِمَا بَقِيَ مِنْهَا. اهـ.
شَرْحُ م ر عَلَى الْمِنْهَاجِ
(قَوْلُهُ: تَمَّمَ السَّرِقَةَ) أَيْ: فَوَقَعَ الْأَخْذُ الثَّانِي تَابِعًا فَلَمْ يَقْطَعْهُ عَنْ مَتْبُوعِهِ إلَّا قَاطِعٌ قَوِيٌّ، وَهُوَ الْعِلْمُ، وَالْإِعَادَةُ السَّابِقَانِ دُونَ أَحَدِهِمَا، وَدُونَ مُجَرَّدِ الظُّهُورِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُؤَكِّدُ الْهَتْكَ الْوَاقِعَ، فَلَا يَصْلُحُ قَاطِعًا لَهُ، وَهُنَا مُبْتَدِي سَرِقَةٍ مُسْتَقِلَّةٍ لَمْ يَسْبِقْهَا هَتْكُ الْحِرْزِ بِأَخْذِ شَيْءٍ مِنْهُ لَكِنَّهَا مُتَرَتِّبَةٌ عَلَى فِعْلِهِ الْمُرَكَّبِ مِنْ جُزْأَيْنِ مَقْصُودَيْنِ لَا تَبَعِيَّةَ بَيْنَهُمَا نَقْبٌ سَابِقٌ، وَإِخْرَاجٌ لَاحِقٌ، وَإِنَّمَا يَتَرَكَّبُ مِنْهُمَا إنْ لَمْ يَقَعْ بَيْنَهُمَا فَاصِلٌ أَجْنَبِيٌّ عَنْهُمَا، وَإِنْ ضَعُفَ فَكَفَى تَخَلُّلُ عِلْمِ الْمَالِكِ، أَوْ الْإِعَادَةُ بِالْأُولَى، أَوْ الظُّهُورُ. اهـ. شَرْحُ م ر عَلَى الْمِنْهَاجِ تَبَعًا لِلتُّحْفَةِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ هُنَاكَ تَمَّمَ السَّرِقَةَ إلَخْ.) هَذَا فَرْقٌ صُورِيٌّ لَوْلَا مَا انْطَوَى عَلَيْهِ مِمَّا قَرَّرْته. اهـ. تُحْفَةٌ (قَوْلُهُ: فَتَعْبِيرُ النَّظْمِ إلَخْ.) بِنَاءً عَلَى أَنَّ ضَمِيرَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute