للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إحْدَاهُمَا فَقَطْ، فَإِنْ عَادَ فَالْأُخْرَى، وَلَا يُقْطَعَانِ بِسَرِقَةٍ وَاحِدَةٍ بِخِلَافِ الْأُصْبُعِ الزَّائِدَةِ فَإِنَّهُ لَا يَقَعُ عَلَيْهَا اسْمُ يَدٍ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَهَذَا أَحْسَنُ وَالنَّوَوِيُّ إنَّهُ الصَّحِيحُ الْمَنْصُوصُ، وَجَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ فِي صِفَةِ الْوُضُوءِ، وَقَوْلُ الْغَزَالِيِّ قَالَ الْأَصْحَابُ: يُقْطَعَانِ جَمِيعًا غَيْرُ مُوَافَقٍ عَلَيْهِ، بَلْ أَنْكَرُوهُ، وَرَدُّوهُ فَالصَّوَابُ الِاكْتِفَاءُ بِإِحْدَاهُمَا، وَالْكَفُّ مُذَكَّرٌ فِي لُغَةٍ جَرَى عَلَيْهَا النَّاظِمُ، وَالْمَشْهُورُ تَأْنِيثُهَا، وَعَلَيْهَا جَرَى فِي نُسْخَةٍ بِقَوْلِهِ:

وَرُبَّةُ النَّقْصِ وَلَوْ كَفَّانِ ... وَفَرْدَةٌ وَالْأَصْلُ لِلْإِمْكَانِ

(بِرَدِّهِ) أَيْ: يُقْطَعُ السَّارِقُ مَعَ وُجُوبِ رَدِّهِ (الْمَالَ) الْمَسْرُوقَ إنْ بَقِيَ. (وَ) مَعَ (غُرْمِ) بَدَلِ (مَا فَرَطْ) أَيْ: مَا تَلِفَ مِنْهُ لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد «عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تُؤَدِّيَهُ» ، وَلِأَنَّ الْقَطْعَ لِلَّهِ تَعَالَى، وَالضَّمَانَ لِلْآدَمِيِّ، فَلَا يَمْنَعُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ (فَإِنْ يَعُدْ، أَوْ فُقِدَتْ لَا إنْ سَقَطْ. بِآفَةٍ مِنْ بَعْدِ رِجْلٍ يُسْرَى) أَيْ: فَإِنْ عَادَ لِلسَّرِقَةِ ثَانِيًا بَعْدَ قَطْعِ يُمْنَاهُ، أَوْ لَمْ يَعُدْ لَكِنْ كَانَتْ يُمْنَاهُ مَفْقُودَةً قُطِعَتْ رِجْلُهُ الْيُسْرَى مِنْ الْكَعْبِ بِخِلَافِ مَا إذَا سَقَطَتْ بَعْدَ السَّرِقَةِ بِآفَةٍ، أَوْ قَوَدٍ، أَوْ غَيْرِهِمَا، فَلَا قَطْعَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْقَطْعَ تَعَلَّقَ بِعَيْنِهَا، وَقَدْ فَاتَتْ، وَمِثْلُهُ لَوْ شُلَّتْ، وَتَعَذَّرَ قَطْعُهَا قَالَهُ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْقَاضِي، وَأَفْهَمَ كَلَامُ النَّظْمِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ تُقْطَعْ يُمْنَاهُ حَتَّى سَرَقَ مِرَارًا اكْتَفَى بِقَطْعِهَا، وَهُوَ كَذَلِكَ لِاتِّحَادِ السَّبَبِ كَمَا لَوْ زَنَى مِرَارًا اكْتَفَى بِحَدٍّ وَاحِدٍ، وَإِنَّمَا تَعَدَّدَتْ الْكَفَّارَةُ فِيمَا لَوْ لَبِسَ، أَوْ تَطَيَّبَ فِي الْإِحْرَامِ فِي مَجَالِسَ مَعَ اتِّحَادِ السَّبَبِ؛ لِأَنَّ فِيهَا حَقًّا لِآدَمِيٍّ؛ لِأَنَّهَا تُصْرَفُ إلَيْهِ فَلَمْ تَتَدَاخَلْ بِخِلَافِ الْحَدِّ (ثُمَّ) إنْ عَادَ ثَالِثًا بَعْدَ قَطْعِ الرِّجْلِ الْيُسْرَى قُطِعَتْ (الْيَدُ الْيَسَارُ، ثُمَّ) إنْ عَادَ رَابِعًا بَعْدَ قَطْعِ الْيَدِ الْيَسَارِ قُطِعَتْ رِجْلُهُ (الْأُخْرَى) أَيْ: الْيَمِينُ، وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ مَا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «السَّارِقُ إنْ سَرَقَ فَاقْطَعُوا يَدَهُ، ثُمَّ إنْ سَرَقَ فَاقْطَعُوا رِجْلَهُ، ثُمَّ إنْ سَرَقَ فَاقْطَعُوا يَدَهُ، ثُمَّ إنْ سَرَقَ فَاقْطَعُوا رِجْلَهُ» ، وَقُدِّمَتْ الْيَدُ؛ لِأَنَّهَا الْآخِذَةُ، وَإِنَّمَا قُطِعَ مِنْ خِلَافٍ لِئَلَّا يَفُوتَ جِنْسُ الْمَنْفَعَةِ عَلَيْهِ، فَتَضْعُفُ حَرَكَتُهُ كَمَا فِي قَطْعِ الطَّرِيقِ.

(بِالْغَمْسِ) أَيْ: مَعَ غَمْسِ مَحَلِّ الْقَطْعِ (فِي الزَّيْتِ) ، أَوْ الدُّهْنِ (الَّذِي قَدْ أُغْلِي) لِتَنْسَدَّ أَفْوَاهُ الْعُرُوقِ، وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ هَذَا فِي الْحَضَرِيِّ، أَمَّا الْبَدْوِيُّ فَيُحْسَمُ بِالنَّارِ؛ لِأَنَّهُ عَادَتُهُمْ.

، وَقَالَ فِي قَاطِعِ الطَّرِيقِ، وَإِذَا قُطِعَ حُسِمَ بِالزَّيْتِ الْمَغْلِيِّ، وَبِالنَّارِ بِحَسَبِ الْعُرْفِ فِيهِمَا انْتَهَى فَدَلَّ عَلَى اعْتِبَارِ عَادَةِ أَهْلِ تِلْكَ النَّاحِيَةِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ تَتِمَّةً لِلْحَدِّ، بَلْ حَقٌّ لِلْمَقْطُوعِ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ دَفْعُ الْهَلَاكِ عَنْهُ بِنَزْفِ الدَّمِ، فَلَا يَفْعَلُ إلَّا بِإِذْنِهِ، وَيَفْعَلُ (نَدْبًا) لَا وُجُوبًا؛ لِأَنَّ فِيهِ مَزِيدَ أَلَمٍ، وَيُنْدَبُ لِلْإِمَامِ أَنْ يَأْمُرَ بِهِ عَقِبَ الْقَطْعِ «، وَالسُّنَّةُ أَنْ تُعَلَّقَ الْمَقْطُوعَةُ فِي عُنُقِهِ سَاعَةً لِلزَّجْرِ، وَالتَّنْكِيلِ، وَقَدْ أَمَرَ بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَحَسَّنَهُ (مَعَ الْمُنْفَقِ) بِفَتْحِ الْفَاءِ (فِي ذَا الْفِعْلِ) أَيْ: مَعَ مُؤْنَةِ الْغَمْسِ كَثَمَنِ الدُّهْنِ، وَأُجْرَةِ الصَّانِعِ فَإِنَّهَا عَلَى الْمَقْطُوعِ كَأُجْرَةِ الْجَلَّادِ قَالَهُ الْإِمَامُ، وَاقْتَصَرَ الرَّافِعِيُّ عَلَى حِكَايَتِهِ، وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ الْمَعْرُوفُ فِي الطَّرِيقَيْنِ أَنَّهَا فِي بَيْتِ الْمَالِ، وَإِنْ قُلْنَا حَقٌّ لِلْمَقْطُوعِ، وَحَكَاهُ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ، وَغَيْرِهِمْ، وَذَكَرَ نَحْوَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَعَلَى الْأَوَّلِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، وَغَيْرُهُ مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يُنَصِّبْ الْإِمَامُ مَنْ يُقِيمُ الْحُدُودَ، وَيَرْزُقُهُ مِنْ الْمَصَالِحِ، وَإِلَّا، فَلَا مُؤْنَةَ عَلَى الْمَقْطُوعِ (ثُمَّ لْيُعَزَّرْ) أَيْ: ثُمَّ إنْ عَادَ خَامِسًا عُزِّرَ، وَلَا يُقْتَلُ، وَمَا رُوِيَ مِنْ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَتَلَهُ مَنْسُوخٌ، أَوْ مُؤَوَّلٌ بِقَتْلِهِ لِاسْتِحْلَالٍ، أَوْ نَحْوِهِ، بَلْ ضَعَّفَهُ الدَّارَقُطْنِيّ، وَغَيْرُهُ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ إنَّهُ مُنْكَرٌ لَا أَصْلَ لَهُ

(وَ) يُقْطَعُ مَا ذُكِرَ (مِنْ الذِّمِّيِّ أَيْضًا لِمُسْلِمٍ) أَيْ: لِسَرِقَةِ مَالِهِ (وَهُوَ) أَيْ: قَطْعُ الذِّمِّيِّ حِينَئِذٍ (مِنْ الْقَهْرِيِّ) أَيْ: مِنْ الْأُمُورِ الْقَهْرِيَّةِ، فَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى رِضَاهُ (كَانَ لِبَعْضِ الْمُسْلِمَاتِ، وَاقِعَا زِنًا) أَيْ: كَأَنْ، وَاقَعَ الذِّمِّيُّ مُسْلِمَةً عَلَى، وَجْهِ الزِّنَا فَإِنَّهُ يُحَدُّ قَهْرًا (وَ) يُقْطَعُ، وَيُحَدُّ هُوَ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْله بِالْغَمْسِ) إنْ جُعِلَ مُتَعَلِّقًا بِقَوْلِهِ السَّابِقِ تُقْطَعُ يُمْنَاهُ أَشْكَلَ بِأَنْ يَرُدَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِهِ كَمَا أَفَادَهُ كَلَامُ الشَّارِحِ، وَالْبَاءُ فِيهِمَا لِلْمَعِيَّةِ، وَلَا يَتَعَلَّقُ حَرْفَا جَرٍّ بِمَعْنًى وَاحِدٍ بِعَامِلٍ وَاحِدٍ إلَّا أَنْ يُقَدَّرَ حَرْفُ الْعَطْفِ هُنَا أَيْ: وَبِالْغَمْسِ، فَيَكُونُ عَطْفًا عَلَى يَرُدُّهُ أَيْ: مَعَ رَدِّهِ، وَمَعَ الْغَمْسِ، وَيُمْكِنُ أَيْضًا تَقْدِيرُ حَرْفِ الْعَطْفِ فِي قَوْلِهِ: مَعَ الْمُنْفِقِ (قَوْلُهُ: مَعَ الْمُنْفِقِ إلَخْ.) اُنْظُرْ مِنْ أَيْنَ يُسْتَفَادُ مِنْ الْمَتْنِ أَنَّهُ عَلَى الْمَقْطُوعِ، وَمَا طَرِيقُ اسْتِفَادَةِ ذَلِكَ، وَانْظُرْ بِمَ يَتَعَلَّقُ مَعَ الْمُنْفِقِ

ــ

[حاشية الشربيني]

التَّمَيُّزِ، وَقَدْ جَعَلَهُ الشَّارِحُ مِنْ صُوَرِ عَدَمِ الْإِمْكَانِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَفَرْدَةٌ) أَيْ: مُفْرَدَةٌ عَنْ الْأَصَابِعِ (قَوْلُهُ: فَاقْطَعُوا يَدَهُ) ، وَقُطِعَتْ الْيَمِينُ أَوَّلًا لِقِرَاءَةِ فَاقْطَعُوا أَيْمَانَهُمَا، وَقَطْعُ الْبَاقِي مِنْ خِلَافٍ لِمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ: وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إلَخْ.) ضَعِيفٌ. اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ فِيهِ مَزِيدَ أَلَمٍ) أَيْ: وَالْمُدَاوَاةُ بِمِثْلِ هَذَا لَا تَجِبُ بِحَالٍ. اهـ. رَوْضَةٌ (قَوْلُهُ: وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ إلَخْ.) الَّذِي فِي الْمِنْهَاجِ، وَشَرْحِ م ر أَنَّ الْمُؤْنَةَ عَلَى الْمَقْطُوعِ إنْ قُلْنَا إنَّهُ حَقٌّ لَهُ، وَكَذَا إنْ قُلْنَا إنَّهُ مِنْ تَتِمَّةِ الْحَدِّ مَا لَمْ يَجْعَلْهُ الْإِمَامُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ. اهـ. فَإِنَّهُ يَكُونُ مِنْ سَهْمِ الْمَصَالِحِ (قَوْلُهُ: الطَّرِيقَيْنِ) اُنْظُرْ الْمُرَادَ بِهِمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>