للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ صَحَّ إعْرَاضُهُ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ بِرَشِيدٍ، وَيُجَابُ بِأَنَّهُ رَشِيدٌ حُكْمًا وَقَوْلُهُ رَشِيدٌ يُغْنِي عَنْ كُلِّفَ وَمَا ذُكِرَ مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ إعْرَاضِ السَّفِيهِ نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ عَنْ الْإِمَامِ فَقَالَا: قَالَ الْإِمَامُ: فِيهِ تَرَدُّدٌ، وَلَعَلَّ الظَّاهِرَ الْمَنْعُ.

قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَهَذَا إنَّمَا فَرَّعَهُ الْإِمَامُ عَلَى أَنَّهُ يَمْلِكُ بِمُجَرَّدِ الِاغْتِنَامِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْبَسِيطِ فَقَالَ وَالسَّفِيهُ يَلْزَمُ حَقَّهُ عَلَى قَوْلِنَا يَمْلِكُ وَلَا يَسْقُطُ بِالْإِعْرَاضِ إلَّا عَلَى قَوْلِنَا إنَّهُ لَا يَمْلِكُ وَسَيَأْتِي أَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ إلَّا بِالِاخْتِيَارِ فَيَكُونُ الْأَصَحُّ صِحَّةَ إعْرَاضِهِ، وَكَذَا قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ الرَّاجِحُ صِحَّةُ إعْرَاضِهِ وَعَطَفَ النَّاظِمُ عَلَى مَا قُدْرَتُهُ مِنْ غَانِمٍ قَوْلَهُ (أَوْ سَيِّدٌ) لِغَانِمٍ (أَوْ وَارِثٌ) لَهُ أَوْ لِلسَّيِّدِ إنْ مَاتَ قَبْلَ تَمَلُّكِهِ، وَإِعْرَاضِهِ فَيَصِحُّ إعْرَاضُ كُلٍّ مِنْهُمَا وَقَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ (تَعَفُّفًا) فِعْلٌ إنْ فُتِحَ ثَالِثُهُ، وَمَصْدَرٌ مَنْصُوبٌ بِأَنَّهُ مَفْعُولٌ لَهُ إنْ ضُمَّ وَخَرَجَ بِهِ الْمُكْرَهُ فَلَا يَصِحُّ إعْرَاضُهُ وَمَحَلُّ صِحَّةِ الْإِعْرَاضِ (مِنْ قَبْلِ قَسْمٍ) لِمَا غَنِمَ (وَاخْتِيَارٍ) لِلتَّمَلُّكِ فَلَا يَصِحُّ بَعْدَهُمَا (قُلْتُ فِي ذَلِكَ مَأْخَذٌ) أَيْ: مُؤَاخَذَةٌ (عَلَى الْمُصَنِّفِ) لِلْحَاوِي (إذْ لَيْسَ لِلْقَسْمِ مِنْ اعْتِبَارِ) بِزِيَادَةِ مِنْ (فِي ذَاكَ) أَيْ: التَّمَلُّكِ (إلَّا مَعَ الِاخْتِيَارِ) لَهُ (فَبِاخْتِيَارٍ اغْنَ) أَنْتَ (عَنْ قَسْمٍ) فَعُلِمَ أَنَّ الْقِسْمَةَ إنَّمَا تَكْفِي إذَا كَانَ مَعَهَا اخْتِيَارٌ حَتَّى لَوْ أَفْرَزَ الْإِمَامُ لِكُلٍّ حِصَّتَهُ لَمْ يَمْلِكْهَا إلَّا بِاخْتِيَارِهِ وَإِنَّمَا امْتَنَعَ بَعْدَهُ الْإِعْرَاضُ لِاسْتِقْرَارِ مِلْكِهِ كَسَائِرِ الْأَمْلَاكِ وَكَمَا أَنَّ مَنْ اخْتَارَ فِي الْعُقُودِ أَحَدَ الطَّرَفَيْنِ لَا يَعْدِلُ إلَى الْآخَرِ

(وَلَوْ أَفْلَسَ) الْغَانِمُ وَحُجِرَ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ إعْرَاضُهُ؛ لِأَنَّ اخْتِيَارَ التَّمَلُّكِ كَالِاكْتِسَابِ وَالْمُفْلِسُ لَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ (أَوْ) وُجِدَ (بَعْضٌ) أَيْ: أَصْلٌ أَوْ فَرْعٌ رُقَّ بِالْأَسْرِ أَوْ بِالْإِرْقَاقِ بَعْدَهُ (وَلِهَذَا) أَيْ: لِلْغَانِمِ (فِيهِ) أَيْ: فِيمَا غَنِمَ فَإِنَّهُ يَصِحُّ إعْرَاضُهُ وَيَسْتَمِرُّ رِقُّ بَعْضِهِ (أَوْ أُفْرِزَ مِنْهُ) أَيْ: مِمَّا غَنِمَ (الْخُمْسَ) وَلَوْ مَعَ إفْرَازِ الْأَخْمَاسِ الْأَرْبَعَةِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ إعْرَاضُهُ لِعَدَمِ حُصُولِ الْمِلْكِ بِذَلِكَ كَمَا مَرَّ (لَا كُلَّ ذَوِي قُرْبَى) أَيْ: لَا يَصِحُّ إعْرَاضُهُمْ فَإِنَّ سَهْمَهُمْ مِنْحَةٌ أَثْبَتَهَا اللَّهُ تَعَالَى لَهُمْ بِلَا تَعَبٍ وَشُهُودِ وَقْعَةٍ كَالْإِرْثِ فَلَيْسُوا كَالْغَانِمِ الَّذِي يَقْصِدُ بِشُهُودِهِ مَحْضَ الْجِهَادِ لِإِعْلَاءِ كَلِمَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ كَأَصْلِهِ تَبَعًا لِلْوَجِيزِ أَنَّهُ يَصِحُّ إعْرَاضُ بَعْضِهِمْ وَجَرَى عَلَيْهِ بَعْضُ شُرَّاحِ الْحَاوِي وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ النَّشَائِيُّ وَغَيْرُهُ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى الْمَانِعَ مِنْ الْإِعْرَاضِ شَامِلٌ لِلْكُلِّ وَلِلْبَعْضِ وَأَنَّهُ يَصِحُّ إعْرَاضُ كُلِّ الْغَانِمِينَ وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى الْمُسَوِّغَ شَامِلٌ لِلْكُلِّ، وَلِلْبَعْضِ وَيُصْرَفُ حَقُّهُمْ مَصْرِفَ الْخُمُسِ وَأَمَّا أَصْحَابُ الْأَخْمَاسِ الْأَرْبَعَةِ الْبَاقِيَةِ مِنْ الْخُمُسِ فَلَا يُتَصَوَّرُ إعْرَاضُهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ غَيْرُ مُعَيَّنِينَ (وَلَا السَّالِبُ) أَيْ: لَا يَصِحُّ إعْرَاضُهُ عَنْ السَّلَبِ؛ لِأَنَّهُ مُتَعَيِّنٌ لَهُ بِالنَّصِّ كَالْوَارِثِ.

وَقَوْلُهُ: (بِالْفَقْدِ سُوِي) خَبَرُ مُعْرِضٍ كَمَا تَقَرَّرَ أَيْ: مُسْتَوٍ مَعَ فَقْدِهِ بِمَعْنَى مُسَاوٍ لَهُ مِنْ قَوْله تَعَالَى {لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الأَرْضُ} [النساء: ٤٢] أَيْ: يَوَدُّوا تَسْوِيَتَهُمْ مَعَهَا بِأَنْ يَكُونَا سَوَاءً (وَلَيْسَ) لِلْغَانِمِ (مِلْكٌ قَبْلَهُ) أَيْ: قَبْلَ اخْتِيَارِ التَّمَلُّكِ بِدَلِيلِ صِحَّةِ إعْرَاضِهِ كَمَا مَرَّ وَإِنَّمَا لَهُ حَقُّ التَّمَلُّكِ وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِمْ مَلَكَ إنْ يَتَمَلَّكْ؛ وَلِأَنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَخُصَّ كُلَّ طَائِفَةٍ بِنَوْعٍ مِنْ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: وَلَا يَسْقُطُ بِالْإِعْرَاضِ إلَخْ) لَا يُقَالُ لَا وَجْهَ لِعَدَمِ صِحَّةِ إعْرَاضِهِ عَلَى قَوْلِنَا يَمْلِكُ إلَّا إلْغَاءَ عِبَارَتِهِ شَرْعًا فِي الْحُقُوقِ الْمَالِيَّةِ فَكَمَا لَمْ يَصِحَّ إسْقَاطُهُ مِلْكَهُ نَظَرًا لِذَلِكَ فَلَا يَصِحُّ إسْقَاطُهُ حَقَّ تَمَلُّكِهِ نَظَرًا لَهُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ يَرُدُّ هَذَا أَنَّ الْكَامِلَ يَسْقُطُ حَقُّهُ بِإِعْرَاضِهِ حَيْثُ لَمْ يَمْلِكْ وَلَا يَسْقُطُ بِهِ بَعْدَ الْمِلْكِ بِالِاخْتِيَارِ كَمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ: فَيَكُونُ الْأَصَحُّ إلَخْ) نُوقِشَ فِي هَذَا بِأَنَّ عِبَارَةَ السَّفِيهِ مُلْغَاةٌ بِالنَّظَرِ لِإِسْقَاطِ حُقُوقِهِ الْمَالِيَّةِ بِخِلَافِ الْمُفْلِسِ فَإِنَّ عِبَارَتَهُ صَحِيحَةٌ (قَوْلُهُ: أَوْ وَارِثٍ لَهُ) أَيْ: لِغَانِمٍ (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِهِ الْمُكْرَهُ) إذْ التَّعَفُّفُ يُبْنَى عَلَى الِاخْتِيَارِ وَلَا يُتَصَوَّرُ بِدُونِهِ (قَوْلُهُ: وَالْمُفْلِسُ لَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ لَزِمَهُ الِاكْتِسَابُ كَأَنْ عَصَى بِسَبَبِ الدِّينِ لَمْ يَصِحَّ إعْرَاضُهُ فَلْيُرَاجَعْ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ مَعَ إفْرَازِ الْأَخْمَاسِ الْأَرْبَعَةِ) قَدْ تُسْتَشْكَلُ هَذِهِ الْمُبَالَغَةُ بِأَنَّهَا تَقْتَضِي تَصَوُّرَ إفْرَازِ الْخُمُسِ بِدُونِ إفْرَازِ الْأَخْمَاسِ الْأَرْبَعَةِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ إفْرَازِ الْخُمُسِ إفْرَازُ الْأَرْبَعَةِ إذْ لَا مَعْنَى لِإِفْرَازِهَا إلَّا تَمَيُّزُهَا عَنْ الْخُمُسِ وَيُجَابُ بِمَنْعِ اللُّزُومِ إذْ قَدْ يُفْرِزُ الْخُمُسَ وَتَبْقَى الْأَخْمَاسُ الْأَرْبَعَةُ مُخْتَلِطَةً بِمَا يَخْرُجُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ كَالسَّلَبِ وَالْمُؤَنِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم (قَوْلُهُ: وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ إلَخْ) قَدْ يُجَابُ بِأَنَّ قَوْلَهُ لَا كُلِّ ذَوِي الْقُرْبَى سَلَبٌ كُلِّيٌّ لَا رَفْعٌ لِلْإِيجَابِ الْكُلِّيِّ فَهُوَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} [الحديد: ٢٣] فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ كَذَلِكَ) اعْتَمَدَ الْجَوْجَرِيُّ الْأَوَّلَ وَرُدَّ هَذَا بِأَنَّ إعْرَاضَ الْجَمِيعِ يُلْزِمُهُ إسْقَاطَ السَّهْمِ وَلَا كَذَلِكَ إعْرَاضُ الْبَعْضِ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا وَالْوَجْهُ خِلَافُ مَا قَالَهُ الْجَوْجَرِيُّ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ مُتَعَيِّنٌ لَهُ بِالنَّصِّ) قَضِيَّةُ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّ سَلَبَ الشَّخْصِ الْوَاحِدِ إذَا اسْتَحَقَّهُ أَشْخَاصٌ لَا يَصِحُّ إعْرَاضُ بَعْضِهِمْ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا سَلَفَ فِي بَعْضِ ذَوِي الْقُرْبَى يَأْتِي نَظِيرُهُ هُنَا بِرّ

(قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لِلْغَانِمِ مِلْكٌ قَبْلَهُ) الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا شَامِلٌ لِلْمُسْلِمِ إذَا قَهَرَ حَرْبِيًّا بِرّ

ــ

[حاشية الشربيني]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

<<  <  ج: ص:  >  >>