وَنَحْوِهِمَا، أَوْ إيلَادَ أَمَةِ الْغَيْرِ بِنِكَاحٍ أَوْ شُبْهَةٍ وَلَا يُنَافِيهِ تَرْجِيحُ النُّفُوذِ هُنَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ الِاتِّحَادِ فِي جَرَيَانِ الْخِلَافِ الِاتِّحَادُ فِي التَّرْجِيحِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ أَمَةِ الْمَغْنَمِ وَأَمَةِ الْغَيْرِ ظَاهِرٌ
(وَالْعِرَاقُ) عِبَارَةُ الْأَصْحَابِ وَسَوَادُ الْعِرَاقِ وَهُوَ مِنْ عَبَّادَانَ إلَى حَدِيثَةِ الْمَوْصِلِ طُولًا، وَمِنْ الْقَادِسِيَّةِ إلَى حُلْوَانَ عَرْضًا وَالْبَصْرَةُ وَإِنْ دَخَلَتْ فِيهِ لَيْسَ لَهَا حُكْمُهُ إلَّا فِي مَوْضِعِ غَرْبِيِّ دِجْلَتِهَا يُسَمَّى نَهْرُ الصَّرَاةِ، وَمَوْضِعِ شَرْقِيِّهَا يُسَمَّى الْفُرَاتُ (قَدْ أُوجِرَ بَعْدَ وَقْفِهِ) فَإِنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَتَحَهُ عَنْوَةً وَقَسَمَهُ بَيْنَ الْغَانِمِينَ، ثُمَّ اسْتَطَابَ قُلُوبَهُمْ عَنْهُ وَاسْتَرَدَّهُ وَوَقَفَهُ عَلَيْنَا؛ لِأَنَّهُ خَافَ تَعَطُّلَ الْجِهَادِ بِاشْتِغَالِهِمْ بِعِمَارَتِهِ لَوْ تَرَكَهُ بِأَيْدِيهِمْ؛ وَلِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَحْسِنْ قَطْعَ مَنْ بَعْدَهُمْ عَنْ رَقَبَتِهِ وَمَنْفَعَتِهِ، ثُمَّ أَجَرَهُ لِأَهْلِهِ (إلَى الْأَبَدْ) بِالْخَرَاجِ الْمَضْرُوبِ عَلَيْهِ أُجْرَةً مُنَجَّمَةً تُؤَدَّى كُلَّ سَنَةٍ عَلَى خِلَافِ سَائِرِ الْإِجَارَاتِ.
(لِلِاحْتِيَاجِ) إلَى التَّأْبِيدِ وَهُوَ مَصْلَحَةٌ كُلِّيَّةٌ فَلَيْسَ لِأَهْلِهِ إجَارَتُهُ مُؤَبَّدًا كَسَائِرِ الْإِجَارَاتِ وَمَا يُؤْخَذُ مِنْ خَرَاجِهِ يَصْرِفُهُ الْإِمَامُ فِي مَصَالِحِنَا الْأَهَمِّ فَالْأَهَمِّ لِلْفُقَرَاءِ أَوْ الْأَغْنِيَاءِ مِنْ أَهْلِ الْفَيْءِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدْرُهُ فِي كُلِّ سَنَةٍ مَا فَرَضَهُ عُثْمَانُ بْنُ حُنَيْفٍ لَمَّا بَعَثَهُ عُمَرُ مَاسِحًا وَهُوَ فِي كُلِّ سَنَةٍ عَلَى جَرِيبِ الشَّعِيرِ دِرْهَمَانِ، وَجَرِيبِ الْحِنْطَةِ أَرْبَعَةٌ، وَجَرِيبِ الشَّجَرِ وَقَصَبِ السُّكَّرِ سِتَّةٌ وَجَرِيبِ النَّخْلِ ثَمَانِيَةٌ وَجَرِيبِ الْكَرْمِ عَشَرَةٌ، وَجَرِيبِ الزَّيْتُونِ اثْنَا عَشَرَ وَالْجَرِيبُ عَشْرُ قَصَبَاتٍ كُلُّ قَصَبَةٍ سِتَّةُ أَذْرُعٍ بِالْهَاشِمِيِّ كُلُّ ذِرَاعٍ سِتُّ قَبَضَاتٍ كُلُّ قَبْضَةٍ أَرْبَعُ أَصَابِعَ فَالْجَرِيبُ سَاحَةٌ مُرَبَّعَةٌ مِنْ الْأَرْضِ بَيْنَ كُلِّ جَانِبَيْنِ مِنْهَا سِتُّونَ ذِرَاعًا هَاشِمِيًّا وَلَيْسَ لِمَنْ بِيَدِهِ الْأَرْضُ تَنَاوُلُ ثَمَرِ شَجَرِهَا بَلْ يَصْرِفُهُ الْإِمَامُ وَثَمَنَهُ لِلْمَصَالِحِ، وَلِلْإِمَامِ أَنْ يَقِفَ أَرْضَ الْغَنِيمَةِ كَمَا فَعَلَ عُمَرُ بِطَرِيقِهِ السَّابِقِ، وَكَذَا سَائِرُ عَقَارَاتِهَا وَمَنْقُولَاتِهَا (قُلْتُ) كَالشَّيْخَيْنِ (هَذَا) أَيْ: وَقْفُ مَا ذُكِرَ (فِيمَا) أُعِدَّ (لِلزَّرْعِ وَالْغَرْسِ) فَالدُّورُ وَالْمَسَاكِنُ لَيْسَتْ وَقْفًا إذْ لَمْ يُنْكِرْ بَيْعَهَا؛ وَلِأَنَّ وَقْفَهَا يُفْضِي إلَى خَرَابِهَا نَعَمْ الْمَوْجُودُ مِنْهَا حَالَ الْفَتْحِ وَقْفٌ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ نَقَلَهُ الْبُلْقِينِيُّ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ وَقَطَعَ بِهِ، وَقَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ (فَلَا تَعْمِيمَا) تَكْمِلَةٌ وَتَأْكِيدٌ
(وَمَكَّةُ) بِالصَّرْفِ لِلْوَزْنِ (مِلْكٌ) لِأَهْلِهَا لَا وَقْفٌ وَلَمْ يَزَلْ النَّاسُ يَتَبَايَعُونَهَا وَفُتِحَتْ صُلْحًا لَا عَنْوَةً لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَوْ قَاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الأَدْبَارَ} [الفتح: ٢٢] الْآيَةَ يَعْنِي أَهْلَ مَكَّةَ وَلِقَوْلِهِ {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ} [الفتح: ٢٤] «؛ وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَقْتُلْ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: ثُمَّ اسْتَطَابَ قُلُوبَهُمْ عَنْهُ إلَخْ) هَذَا الْكَلَامُ يَقْتَضِي أَنَّ الْمَوْقُوفَ الْأَخْمَاسُ الْأَرْبَعَةُ دُونَ الْخُمُسِ الْآخَرِ لَكِنْ ذَكَرَ بَعْضُهُمْ خِلَافَهُ فَرَاجِعْهُ وَكَتَبَ أَيْضًا عِبَارَةَ الْمِنْهَاجِ مَعَ شَرْحِ الشِّهَابِ، ثُمَّ بَعْدَ مِلْكِهِمْ لَهُ بِالْقِسْمَةِ وَاسْتِمَالَةِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قُلُوبَهُمْ بَذَلُوهُ لَهُ أَيْ: الْغَانِمُونَ وَذَوُو الْقُرْبَى وَأَمَّا أَهْلُ أَخْمَاسِ الْخُمُسِ الْأَرْبَعَةِ فَالْإِمَامُ لَا يَحْتَاجُ فِي وَقْفِ حِصَّتِهِمْ إلَى بَذْلٍ؛ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يَعْمَلَ فِي ذَلِكَ بِمَا فِيهِ الْمَصْلَحَةُ لِأَهْلِهِ. اهـ. فَلْيَنْظُرْ هَلْ كَانَ ذَوُو الْقُرْبَى مُنْحَصِرِينَ حَتَّى يَأْتِيَ بَذْلُهُمْ وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ لِأَهْلِهِ أَنَّ الْحَقَّ فِي وَقْفِ حِصَّةِ ذَوِي الْقُرْبَى لَهُمْ فَلَا حَقَّ لِغَيْرِهِمْ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَجَرِيبِ الشَّجَرِ) مَا الْمُرَادُ بِهِ (قَوْلُهُ: وَقَصَبِ السُّكَّرِ) هُوَ مَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا لَكِنْ الَّذِي صَرَّحَ بِهِ جَمْعٌ مُتَقَدِّمُونَ أَنَّهُ تَصْحِيفٌ، وَأَنَّ صَوَابَهُ بِالْمُعْجَمَةِ، وَهِيَ الرَّطْبَةُ حَجَرٌ (قَوْلُهُ: وَجَرِيبِ النَّخْلِ) هُوَ وَالْكَرْمُ وَالزَّيْتُونُ مِنْ الشَّجَرِ فَهَلْ الْمُرَادُ بِهِ مَا عَدَا هَذِهِ
(قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لِمَنْ بِيَدِهِ الْأَرْضُ تَنَاوُلُ ثَمَرِ شَجَرِهَا) أَيْ: الَّذِي دَخَلَ فِي الْوَقْفِ، أَمَّا الْحَادِثُ بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ مِلْكٌ لِأَهْلِهِ وَاعْلَمْ أَنَّ غَرَضَ الشَّيْخِ مِنْ هَذَا الْكَلَامِ أَنَّ الْإِجَارَةَ لَا تُفِيدُ اسْتِحْقَاقَ الثَّمَرَةِ؛ لِأَنَّهَا عَيْنٌ وَبِذَلِكَ صَرَّحَ الْجَوْجَرِيُّ وَحِينَئِذٍ فَلْيُتَأَمَّلْ قَوْلُهُمْ عَلَى جَرِيبِ الشَّعِيرِ كَذَا إلَخْ فَإِنَّهُ إذَا كَانَ الثِّمَارُ لَيْسَتْ لِلْمُسْتَأْجَرَيْنِ فَمَا وَجْهُ الِاخْتِلَافِ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الْمُرَادَ الصَّالِحَ لِغَرْسِ النَّخْلِ مِثْلٌ لِزَرْعِ الشَّعِيرِ مِثْلًا لِغَرْسِ الْعِنَبِ مِثْلًا وَهُوَ بَعِيدٌ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ عُمَرَ أَجَّرَهُمْ الْأَرْضَ عَلَى أَنْ يَكُونَ عَلَى جَرِيبِ الشَّعِيرِ كَذَا إلَخْ وَجَازَ مِثْلُهُ لِلضَّرُورَةِ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا الشِّهَابِ وَقَوْلُهُ: فَمَا وَجْهُ الِاخْتِلَافِ أَيْ: اخْتِلَافِ الْأُجْرَةِ (قَوْلُهُ: ثَمَرِ شَجَرِهَا) أَيْ: غَيْرِ الْمُحْدَثِ (قَوْلُهُ: إذْ لَمْ يُنْكِرْ بَيْعَهَا) نَعَمْ بَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ امْتِنَاعَ بَيْعِهَا إنْ كَانَتْ آلَتُهَا مِنْ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ الْمَوْقُوفَةِ وَهُوَ مَحْمَلُ النَّصِّ عَلَى أَنَّ الْمَوْجُودَ مِنْهَا حَالَ الْفَتْحِ وَقْفٌ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ حَجَرٌ وَلَا يَخْفَى مَا فِي الْحَمْلِ الْمَذْكُورِ مِنْ قَوْلِهِ حَالَ الْفَتْحِ (قَوْلُهُ: نَعَمُ الْمَوْجُودُ إلَخْ) هَذَا مِنْ الشَّارِحِ يَقْتَضِي أَنَّ مَوْضِعَ كَلَامِ الْأَصْحَابِ يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى الطَّارِئِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ مَسْأَلَةُ الدُّورِ وَالْمَسَاكِنِ فِيهَا وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا أَنَّهَا لَيْسَتْ مَوْقُوفَةً، وَالثَّانِي يَقُولُ بَلْ وُقِفَتْ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ وَالنِّزَاعِ إنَّمَا
ــ
[حاشية الشربيني]
ابْنُ الْعِمَادِ: وَنَقَلَهُ م ر فِي حَاشِيَةِ شَرْحِ الرَّوْضِ وَأَظْهَرُ الْقَوْلَيْنِ هُنَا فَقَطْ إنْ أُرِيدَ بِالنَّظَائِرِ إيلَادُ أَمَةِ الْغَيْرِ بِنِكَاحٍ أَوْ شُبْهَةٍ فَإِنَّ الْأَصَحَّ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا مَلَكَهَا لَا يَنْفُذُ الِاسْتِيلَادُ لِعَدَمِ الْمِلْكِ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ ابْنُ الْعِمَادِ أَيْضًا فِيمَا نَقَلَهُ م ر عَنْهُ فِي حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَبِهِ تَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ وَلَا يُنَافِيهِ إلَخْ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوْ إيلَادُ أَمَةِ الْغَيْرِ إلَخْ فَقَطْ دُونَ مَا قَبْلَهُ فَتَدَبَّرْ
(قَوْلُهُ: لَيْسَ لَهَا حُكْمُهُ) ؛ لِأَنَّهَا كَانَتْ سَبْخَةً أَحْيَاهَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي الْعَاصِ، وَعُتْبَةُ بْنُ غَزْوَانٍ فِي زَمَنِ عُمَرَ سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ بَعْدَ فَتْحِ الْعِرَاقِ. اهـ.
م ر وَنَازَعَ سم فِي عَدَمِ شُمُولِ الْوَقْفِ لِلْمَوَاتِ وَقَدْ يُدْفَعُ بِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِيهِ (قَوْلُهُ: عَلَى خِلَافِ سَائِرِ الْإِجَارَاتِ) فَإِنَّهَا لَا تَجُوزُ إلَى الْأَبَدِ (قَوْلُهُ: وَقَدْرُهُ) أَيْ: قَدْرُ الْأُجْرَةِ الَّتِي أَجَّرَ بِهَا عُثْمَانُ بْنُ حُنَيْفٍ وَهَذَا لَا يُنَافِي أَنْ يُؤَجِّرَهُ مَنْ هُوَ مَعَهُ بِأَزْيَدَ (قَوْلُهُ: ثَمَرِ شَجَرِهَا) أَيْ: الَّذِي كَانَ مَوْجُودًا قَبْلَ إجَارَةِ الْأَرْضِ إذْ الْحَادِثُ بَعْدَ ذَلِكَ مِلْكٌ لَمُحْدِثِهِ