للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فِي الْعَامِ مَرَّةً) وَاحِدَةً (وَإِنْ تَكَرَّرَا) جَلَبَهُ فِي الْعَامِ كَمَا فِي الْجِزْيَةِ هَذَا إذَا شَرَطَ عَلَيْهِ ذَلِكَ فَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي الدُّخُولِ وَأَطْلَقَ فَقِيلَ كَذَلِكَ حَمْلًا لِلْمُطْلَقِ عَلَى الْمَعْهُودِ الْمَنْقُولِ عَنْ عُمَرَ، وَالْأَصَحُّ الْمَنْعُ لِعَدَمِ الِالْتِزَامِ (وَفَوْقَهُ وَنِصْفَهُ) بِالنَّصْبِ وَبِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى مَحَلِّ عُشْرٍ أَوْ لَفْظِهِ أَيْ: وَلِلْإِمَامِ أَنْ يَأْخُذَ فَوْقَ الْعُشْرِ إنْ رَضِيَ بِهِ الْكَافِرُ كَمَا فِي زِيَادَةِ الْجِزْيَةِ عَلَى دِينَارٍ وَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ نِصْفَ الْعُشْرِ (عَمَّا يَرَى لَنَا إلَيْهِ حَاجَةً) كَالْغَلَّةِ لِيُكْثِرَ جَالِبُهَا (أَوْ أَهْمَلَهْ) أَيْ: وَلَهُ أَنْ يُهْمِلَ الْأَخْذَ أَصْلًا إنْ رَأَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ قَدْ تَدْعُو إلَيْهِ لِاتِّسَاعِ الْمَكَاسِبِ وَغَيْرِهِ، وَقَضِيَّةُ تَقْيِيدِهِ بِالْمُحَارِبِ أَنَّ الذِّمِّيَّ لَا يُؤْخَذُ مِنْ تِجَارَتِهِ شَيْءٌ فِي غَيْرِ الْحِجَازِ لَكِنْ قَالَ الشَّيْخَانِ عَنْ الْبَيَانِ إلَّا أَنْ يَشْرِطَ عَلَيْهِ الْإِمَامُ مَعَ الْجِزْيَةِ شَيْئًا مِنْ تِجَارَتِهِ بِرِضَاهُ وَبِهِ جَزَمَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ

(وَأَنْ يُقِرَّ بِالْخَرَاجِ الْمِلْكَ لَهُ) أَيْ: وَلِلْإِمَامِ أَنْ يُقِرَّ مِلْكَ الْكَافِرِ فِي يَدِهِ بِخَرَاجٍ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّ الْخَرَاجَ كَالْعُشْرِ الْمَأْخُوذِ مِنْ التِّجَارَةِ يَكُونُ زَائِدًا عَلَى الْجِزْيَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ الْجِزْيَةُ لَكِنَّهَا جُعِلَتْ عَلَى الْمِلْكِ فَيُقِرُّهُ الْإِمَامُ بِخَرَاجٍ عَلَى مِلْكِهِ أَيْ: عَلَى أَرْضِهِ كَقَفِيزٍ مِنْ كُلِّ جَرِيبٍ مِنْهَا يُؤَدِّيهِ إلَيْنَا كُلَّ عَامٍ سَوَاءٌ زَرَعَهَا أَمْ لَا وَلَهُ بَيْعُهَا وَهِبَتُهَا وَإِجَارَتُهَا مَعَ بَقَاءِ الْخَرَاجِ عَلَيْهِ وَيَسْتَمِرُّ ذَلِكَ (إلَى الْهُدَى) أَيْ: إلَى إسْلَامِهِ فَيَسْقُطُ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ جِزْيَةٌ مَصْرِفُهُ مَصْرِفَ الْفَيْءِ وَيُشْتَرَطُ بُلُوغُهُ دِينَارًا عَنْ كُلِّ حَالِمٍ عِنْدَ التَّوْزِيعِ عَلَى عَدَدِ رُءُوسِهِمْ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْ أَرَاضِيِ مَنْ لَا جِزْيَةَ عَلَيْهِ كَصَبِيٍّ وَامْرَأَةٍ هَذَا إذَا صَالَحْنَاهُ عَلَى أَنَّ الْمِلْكَ لَهُ (لَا إنْ مَلَكْنَاهُ) بِأَنْ فَتَحْنَاهُ عَنْوَةً أَوْ صُلْحًا عَلَى أَنَّهُ لَنَا (وَرَدْ) أَيْ: وَرَدَّهُ الْإِمَامُ عَلَيْهِ (بِهِ) أَيْ: بِالْخَرَاجِ فَلَا يَسْقُطُ بِإِسْلَامِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ إجَارَةٌ وَالْمَأْخُوذَ أُجْرَةٌ كَمَا قَالَ.

(قُلْتُ ذَا أَجْرٌ فَلَا نَرْعَى الْعَدَدْ) فِيهِ بَلْ يَجُوزُ نَقْصُهُ عَنْ دِينَارٍ لِكُلِّ رَأْسٍ وَيُؤْخَذُ مِمَّنْ لَا جِزْيَةَ عَلَيْهِ وَيُؤْخَذُ الْجِزْيَةُ مَعَهُ وَالْإِجَارَةُ الْمَذْكُورَةُ مُؤَبَّدَةٌ لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا بَيَانُ الْمُدَّةِ لِلْحَاجَةِ كَأَرْضِ الْعِرَاقِ بِخِلَافِ سَائِرِ الْإِجَارَاتِ

(وَيَأْمَنُ الْمَذْكُورُ) أَيْ: مَنْ عُقِدَ لَهُ الْجِزْيَةُ (فِي) مَالِهِ مِنْ (الْأَمْوَالِ وَالنَّفْسِ وَالزَّوْجَاتِ وَالْأَطْفَال وَخَمْرَةٍ) وَخِنْزِيرٍ وَسَائِرِ مَا يَسْتَحِقُّهُ وَإِنْ لَمْ يَشْرِطْ الْأَمَانَ اعْتِمَادًا عَلَى قَرِينَةِ الْحَالِ؛ لِأَنَّ صَاحِبَهَا لَا يَأْمَنُ إذَا لَمْ يَأْمَنْ عَلَيْهَا فَبَذْلُهُ الْجِزْيَةَ إنَّمَا هُوَ لِعِصْمَتِهَا فَيَحْرُمُ إتْلَافُهَا وَعَلَى مَنْ أَتْلَفَ شَيْئًا مِنْهَا غَيْرَ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ وَنَحْوِهِمَا الضَّمَانُ وَسَيَأْتِي أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ إتْلَافُ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ إذَا أَظْهَرَهُمَا (وَإِنْ جَرَتْ شَرْطِيَّهْ فَنَاقِصِي قُرْبَاهُ وَالصِّهْرِيَّهْ) أَيْ: وَإِنْ جَرَى مَعَهُ شَرْطُ الْأَمَانِ لِلنَّاقِصِينَ مِنْ أَقَارِبِهِ وَأَصْهَارِهِ وَهُمْ الصِّبْيَانُ وَالْمَجَانِينُ وَالنِّسَاءُ، وَالْخَنَاثَى، وَالْأَرِقَّاءُ فَيَأْمَنُ فِيهِمْ سَوَاءٌ الْمَحَارِمُ، وَغَيْرُهُمْ بِخِلَافِ غَيْرِ النَّاقِصِ مِمَّنْ ذُكِرَ، وَبِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَجْرِ شَرْطٌ (وَاسْتُؤْنِفَ الْعَقْدُ) أَيْ: عَقْدُ الْجِزْيَةِ (لِكُلِّ مَنْ كَمَلَ) مِنْ النَّاقِصِينَ بِأَنْ بَلَغَ الصَّبِيُّ وَأَفَاقَ الْمَجْنُونُ وَظَهَرَتْ ذُكُورَةُ الْخُنْثَى وَعَتَقَ الرَّقِيقُ وَلَا يَكْتَفِي بِعَقْدِ مَتْبُوعِهِ لِانْقِطَاعِ التَّبَعِيَّةِ بِالْكَمَالِ وَلِوُجُوبِ جِزْيَةٍ أُخْرَى فَلَا بُدَّ لَهَا مِنْ عَقْدٍ آخَرَ

(وَعَنْ بِنَاءِ مُسْلِمٍ جَارٍ) أَيْ: مُجَاوِرٍ لِلذِّمِّيِّ (نَزَلْ) بِنَاءُ الذِّمِّيِّ

ــ

[حاشية العبادي]

الَّذِي فِي الرَّوْضِ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْ تِجَارَةِ ذِمِّيٍّ وَلَا ذِمِّيَّةٍ اتَّجَرَتْ إلَّا أَنْ يَشْرِطَ مَعَ الْجِزْيَةِ. قَالَ فِي شَرْحِهِ سَوَاءٌ أَكَانَا بِالْحِجَازِ أَمْ بِغَيْرِهِ. اهـ.

(قَوْلُهُ: وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي جَوَازِ الْأَخْذِ مِنْ أَنْ يَشْرِطَ مَعَ الْجِزْيَةِ) وَكَتَبَ أَيْضًا نَقَلَ فِي الْخَادِمِ عَنْ صَاحِبِ الذَّخَائِرِ أَنَّ هَذَا خَاصٌّ بِالرَّجُلِ فَلَوْ دَخَلَتْ الْمَرْأَةُ دَارَ الْإِسْلَامِ بِتِجَارَةٍ لَا يُؤْخَذُ مِنْهَا لِأَنَّ لَهَا الْإِقَامَةَ بِدَارِ الْإِسْلَامِ أَبَدًا قَالَ نَعَمْ لَوْ دَخَلَتْ الْحِجَازَ جَازَ الْأَخْذُ مِنْهَا لِأَنَّهَا مَمْنُوعَةٌ مِنْهُ وَفِي نُكَتِ الْعِرَاقِيِّ أَنَّ الْحَرْبِيَّ لَا يُمَكَّنُ مِنْ دُخُولِ الْحِجَازِ بِتِجَارَةٍ وَأَنَّ الْبُلْقِينِيَّ نَقَلَ ذَلِكَ عَنْ النَّصِّ وَأَنَّهُ يَعْنِي الْبُلْقِينِيَّ قَالَ إنَّ الْأَصْحَابَ جَرَوْا عَلَى ذَلِكَ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ فِيمَا سَبَقَ جَوَازُ دُخُولِهِ إذَا لَمْ يَقُمْ مُدَّةَ الْإِقَامَةِ وَهِيَ أَرْبَعَةُ أَيَّامٍ صِحَاحٍ (قَوْلُهُ: فِي الْعَامِ مَرَّةً) اُنْظُرْ لَوْ تَفَاوَتَ الْقَدْرُ فِي الْمَرَّاتِ وَتَنَازَعَا فِي الْمَرَّةِ الْمَأْخُوذِ مِنْهَا وَيُتَّجَهُ أَنَّ الْخِبْرَةَ لِلْإِمَامِ بِالْمَصْلَحَةِ (قَوْلُهُ: هَذَا إذَا شَرَطَ عَلَيْهِ إلَخْ) الْمُتَبَادَرُ أَنَّ الْمُرَادَ شَرْطٌ فِي الْإِذْنِ لَا فِي الْعَقْدِ بِدَلِيلِ مُقَابَلَتِهِ بِقَوْلِهِ فَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي الدُّخُولِ وَأَطْلَقَ

(قَوْلُهُ: بَلْ يَجُوزُ نَقْصُهُ إلَخْ) أَيْ: لَكِنْ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ أُجْرَةَ الْمِثْلِ فَأَكْثَرَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ

(قَوْلُهُ: وَظَهَرَتْ ذُكُورَةُ الْخُنْثَى) لَوْ كَانَ الْعَقْدُ عَلَى الْأَوْصَافِ دُونَ الْأَعْيَانِ كَعَقَدْت لِذُكُورِكُمْ عَلَى كَذَا، ثُمَّ ظَهَرَتْ ذُكُورَةُ بَعْضِ خَنَاثَاهُمْ لَمْ يَبْعُدْ عَدَمُ الِاحْتِيَاجِ إلَى اسْتِئْنَافِ الْعَقْدِ لَهُ لِتَنَاوُلِ الْعَقْدِ لَهُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَقَدْ تَبَيَّنَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَلِوُجُوبِ جِزْيَةٍ أُخْرَى) كَأَنَّ الْمُرَادَ غَيْرُ جِزْيَةِ الْمَتْبُوعِ

(قَوْلُهُ: وَعَنْ بِنَاءِ مُسْلِمٍ جَارٍ نَزَلَ) عِبَارَةُ الْعُبَابِ وَأَنْ لَا يُسَاوِيَ بِنَاؤُهُمْ بِنَاءَ جِيرَانِهِمْ مِنَّا وَهُمْ أَهْلُ الْمَحَلَّةِ فَإِنْ سَاوَوْهُمْ فِيهِ هُدِمَ الْقَدْرُ الْمَمْنُوعُ وَإِنْ رَضِيَ الْجَارُ بِإِبْقَائِهِ فَإِنْ أَسْلَمَ قَبْلَ الْهَدْمِ اتَّجَهَ تَقْرِيرُهُ كَعَالٍ اشْتَرَاهُ أَوْ بَنَاهُ قَبْلَ مِلْكِنَا بِلَادِهِمْ أَوْ بِبِلَادٍ فُتِحَتْ صُلْحًا لِتَكُونَ لَنَا أَوْ سَكَنَهُ بِإِعَارَةٍ أَوْ إجَارَةٍ لَكِنْ لَا يُطْلِقُهُ بِلَا سُتْرَةٍ إلَخْ. اهـ.

وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُتَّجَهَ أَنَّهُ إنْ كَانَ حَكَمَ حَاكِمٌ بِالْهَدْمِ أَوْ الْإِبْقَاءِ اُتُّبِعَ وَإِلَّا فَاَلَّذِي أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ فِيمَا إذَا أَسْلَمَ قَبْلَ الْهَدْمِ وَفِيمَا إذَا بَاعَهُ لِمُسْلِمٍ قَبْلَ الْهَدْمِ هُوَ التَّقْرِيرُ لَكِنْ الَّذِي كَتَبَهُ بِخَطِّهِ بِهَامِشِ الْأَنْوَارِ، وَالتَّقْرِيرُ فِي الْأُولَى دُونَ الثَّانِيَةِ، وَفَرَّقَ بِالتَّرْغِيبِ فِي الْإِسْلَامِ وَبِأَنَّهُ جَازَ أَنْ يَحْدُثَ لَهُ بِالْإِسْلَامِ حُرْمَةٌ كَمَا حَدَثَ لَهُ بِعَقْدِ الذِّمَّةِ حُرْمَةٌ وَلَا يُقَالُ إنَّ الْعِلَّةَ كَوْنُهُ كَافِرًا وَقَدْ زَالَ؛ لِأَنَّهُ يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّهُ يُقَرَّرُ إذَا مَلَكَهُ مِنْ مُسْلِمٍ مَعَ بَقَاءِ كُفْرِهِ

ــ

[حاشية الشربيني]

رَافِعِيٌّ. اهـ.

م ر فِي حَاشِيَةِ شَرْحِ الرَّوْضِ

(قَوْلُهُ: فَنَاقِصِي) جَوَابُ الشَّرْطِ أَيْ: لَا يَأْمَنُ فِي هَؤُلَاءِ إلَّا بِالشَّرْطِ لِبُعْدِهِمْ مِنْهُ بِخِلَافِ زَوْجَاتِهِ وَأَطْفَالِهِ فِيمَا مَرَّ لِقُرْبِهِمْ

(قَوْلُهُ: جَارٍ) وَهُوَ أَرْبَعُونَ دَارًا مِنْ كُلِّ جِهَةٍ نَقَلَهُ م ر فِي حَاشِيَةِ شَرْحِ الرَّوْضِ عَنْ الطِّرَازِ الْمُذَهَّبِ

<<  <  ج: ص:  >  >>