للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِالْمَأْخُوذِ وَفِي الثَّانِيَةِ بِالزَّائِدِ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ شِرَاءُ شِقْصٍ لِقِلَّةِ الْمَأْخُوذِ أَوْ الزَّائِدِ فَقِيلَ يَتَصَدَّقُ بِهِ كَمَا فِي جُبْرَانِ الزَّكَاةِ وَقِيلَ يَشْتَرِي بِهِ لَحْمًا وَيَتَصَدَّقُ بِهِ، أَمَّا إذَا وَجَدَ كَرِيمَةً فَيَشْتَرِيهَا فَإِنْ فَضَلَ مَعَهُ شَيْءٌ اشْتَرَى بِهِ شِقْصًا مَعَهَا، ثُمَّ مَحَلُّ شِرَائِهِ الشِّقْصَ إذَا لَمْ يَجِدْ دُونَ الْمِثْلِ فَإِنْ وَجَدَهُ تَعَيَّنَ شِرَاؤُهُ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَفِي تَمْكِينِهِ مِنْ شِرَائِهِ بَدَلُ الْعَيْنِ إذَا أَتْلَفَهَا أَوْ بَاعَهَا تَعَدِّيًا وَقْفَةٌ؛ لِأَنَّهَا خَرَجَتْ عَنْ مِلْكِهِ وَصَارَتْ بِيَدِهِ أَمَانَةً فَلَا بُعْدَ أَنْ يُقَالَ إذَا خَانَ بِإِتْلَافٍ أَوْ بَيْعٍ يَأْخُذُ الْحَاكِمُ الْقِيمَةَ مِنْهُ وَيَشْتَرِي بَدَلَهَا

(وَالْأَفْضَلُ) لِلتَّضْحِيَةِ (سَبْعُ غَنَمِ) ؛ لِأَنَّ لَحْمَهَا أَطْيَبُ وَالدَّمَ الْمُرَاقَ بِذَبْحِهَا أَكْثَرُ، وَالْقُرْبَةَ تَزِيدُ بِحَسْبِهِ (فَوَاحِدٌ مِنْ إبِلٍ فَمِنْ بَقَرْ) فَمِنْ ضَأْنٍ فَمِنْ مَعْزٍ فَشِرْكٌ مِنْ بَدَنَةٍ فَمِنْ بَقَرَةٍ اعْتِبَارًا بِكَثْرَةِ اللَّحْمِ غَالِبًا وَفِي الصَّحِيحَيْنِ فِي الرَّوَاحِ إلَى الْجُمُعَةِ تَقْدِيمُ الْبَدَنَةِ، ثُمَّ الْبَقَرَةِ، ثُمَّ الْكَبْشِ

(وَالْأَكْمَلُ) لِلتَّضْحِيَةِ كَمَا فِي شَرْحَيْ الْمُهَذَّبِ وَمُسْلِمٍ (الْأَبْيَضُ) ، ثُمَّ الْأَصْفَرُ، ثُمَّ الْأَعْفَرُ الَّذِي لَا يَصْفُو بَيَاضُهُ، ثُمَّ الْأَبْلَقُ، ثُمَّ الْأَسْوَدُ قِيلَ لِلتَّعَبُّدِ وَقِيلَ لِحُسْنِ الْمَنْظَرِ، وَقِيلَ لِطِيبِ اللَّحْمِ وَرَوَى أَحْمَدُ وَالْحَاكِمُ خَبَرَ «لَدَمُ عَفْرَاءَ أَحَبُّ إلَى اللَّهِ مِنْ دَمِ سَوْدَاوَيْنِ» ، وَجَعَلَ الْمَاوَرْدِيُّ قَبْلَ الْأَبْلَقِ الْأَحْمَرَ وَالْأَكْمَلَ مِنْ كُلٍّ مِنْهَا (الْأَسْمَنُ) حَتَّى أَنَّ وَاحِدَةً سَمِينَةً أَفْضَلُ مِنْ ثِنْتَيْنِ بِثَمَنِهَا لَيْسَتَا سَمِينَتَيْنِ؛ لِأَنَّ لَحْمَ السَّمِينِ أَطْيَبُ وَأَكْثَرُ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَاسْتِكْثَارُ الْقِيمَةِ فِي الْأُضْحِيَّةِ أَوْلَى مِنْ الْعَدَدِ بِخِلَافِ الْعِتْقِ فَلَوْ تَعَارَضَ أَسْوَدُ سَمِينٌ وَأَبْيَضُ هَزِيلٌ فَالظَّاهِرُ تَقْدِيمُ -

ــ

[حاشية العبادي]

أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ لَحْمُ جِنْسِ الْمَنْذُورَةِ، ثُمَّ إنْ لَمْ يَجِدْ لَحْمًا يَتَصَدَّقُ بِالدَّرَاهِمِ لِلضَّرُورَةِ وَإِنْ أَتْلَفَهَا الْمُضَحِّي لَزِمَهُ الْأَكْثَرُ مِنْ قِيمَتِهَا يَوْمَ الْإِتْلَافِ وَمِنْ قِيمَةِ مِثْلِهَا يَوْمَ النَّحْرِ فَإِنْ زَادَتْ الْقِيمَةُ عَنْ ثَمَنِ مِثْلِ الْمُتْلَفَةِ اشْتَرَى كَرِيمَةً أَوْ مِثْلًا لِلْمُتْلَفَةِ وَأَخَذَ بِالزَّائِدِ أُخْرَى إنْ وَفَّى بِهَا وَإِنْ لَمْ يَفِ بِهَا تَرَتَّبَ الْحُكْمُ عَلَى مَا سَبَقَ فِيمَا إذَا أَتْلَفَهَا أَجْنَبِيٌّ وَاسْتَحَبَّ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرُّويَانِيِّ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِالزَّائِدِ الَّذِي لَا يَفِي بِأُخْرَى وَأَنْ لَا يَأْكُلَ مِنْهُ شَيْئًا وَفِي مَعْنَاهُ الْبَدَلُ الَّذِي يَذْبَحُهُ أَيْ: بَدَلُ الزَّائِدِ وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ التَّصَدُّقُ بِذَلِكَ كَالْأَصْلِ؛ لِأَنَّهُ مَعَ أَنَّهُ مِلْكُهُ قَدْ أَتَى بِبَدَلِ الْوَاجِبِ كَامِلًا. اهـ.

بِإِسْقَاطِ التَّعَالِيلِ وَنَحْوِهَا مِمَّا لَمْ يَتَعَلَّقْ الْغَرَضُ بِنَقْلِهِ وَفِيهِ أُمُورٌ: الْأَوَّلُ: أَنَّ قَوْلَهُ، ثُمَّ سَهْمًا وَهُوَ بِمَعْنَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَالشِّقْصُ قَالَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ كَأَنَّ مُرَادَهُ أَيْ: الرَّوْضِ الشِّقْصُ غَيْرُ الْمُجْزِئِ وَإِلَّا فَكَيْفَ تُقَدَّمُ الشَّاةُ الَّتِي لَا تُجْزِئُ أَيْ: الْمَذْكُورَةُ بِقَوْلِهِ، ثُمَّ دُونَ سِنِّ الْأُضْحِيَّةَ عَلَى الشِّقْصِ الْمُجْزِئِ أَيْ: الْمَذْكُورِ بِقَوْلِهِ، ثُمَّ سَهْمًا. اهـ.

قُلْتُ وَقَدْ يَبْقَى الْكَلَامُ عَلَى ظَاهِرِهِ وَيُوَجَّهُ تَقْدِيمُ الشَّاةِ بِأَنَّ فِيهَا إرَاقَةَ دَمٍ كَامِلٍ، ثُمَّ رَأَيْت الشِّهَابَ ابْنَ حَجَرٍ قَالَ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ مَا نَصُّهُ وَقَدْ يُسْتَشْكَلُ تَأَخُّرُ هَذَا أَيْ: شِرَاءُ السَّهْمِ عَمَّا قَبْلَهُ أَيْ: شِرَاءُ دُونِ الْجَذَعَةِ مَعَ إجْزَائِهِ دُونَهُ وَيُجَابُ بِأَنَّ مَصْلَحَةَ إرَاقَةِ الدَّمِ أَرْجَحُ مِنْ مُرَاعَاةِ الْإِجْزَاءِ؛ لِأَنَّ هَذَا مُتَمِّمٌ لَا مَقْصُودٌ بِالذَّاتِ فَانْدَفَعَ قَوْلُ الشَّارِحِ يَعْنِي الْجَوْجَرِيَّ أَنَّ الثَّانِيَ أَوْلَى. اهـ.

وَكَانَ وَجْهُ كَوْنِهِ مُتَمِّمًا أَنَّ الْأَجْنَبِيَّ ذَبَحَ الْأَصْلَ وَفَرَّقَهُ كَمَا هُوَ فَرْضُ كَلَامِ الْإِرْشَادِ، ثُمَّ رَأَيْتُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا مَا يَقْتَضِي تَصْوِيرَ الشِّقْصِ بِغَيْرِ الْمُجْزِئِ حَيْثُ قَالَا فِي التَّرْتِيبِ الَّذِي نَقَلَاهُ عَنْ صَاحِبِ الْحَاوِي وَاسْتَحْسَنَاهُ مَا نَصُّهُ وَإِنْ أَمْكَنَ دُونَ الْجَذَعَةِ شِرَاءُ سَهْمٍ فِي ضَحِيَّةٍ تَعَيَّنَ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ التَّضْحِيَةَ لَا تَحْصُلُ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا وَفِي الْأَوَّلِ إرَاقَةُ دَمٍ كَامِلٍ. اهـ.

فَتَأَمَّلْ تَعْلِيلَهُ فَإِنَّهُ مُصَرِّحٌ بِذَلِكَ فَلْيُحَرَّرْ، وَالثَّانِي: أَنَّ قَوْلَهُ، ثُمَّ لَحْمًا كَقَوْلِ الشَّيْخَيْنِ فِي التَّرْتِيبِ الَّذِي نَقَلَاهُ عَنْ صَاحِبِ الْحَاوِي وَإِنْ أَمْكَنَ شِرَاءُ سَهْمٍ وَشِرَاءُ لَحْمٍ تَعَيَّنَ الْأَوَّلُ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ إلَّا شِرَاءُ اللَّحْمِ، وَتَفْرِقَةُ الدَّرَاهِمِ تَعَيَّنَ الْأَوَّلُ. اهـ. يَقْتَضِي تَرْجِيحَ الْوَجْهِ الثَّانِي فِي قَوْلِ الشَّرْحِ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ شِرَاءُ شِقْصٍ إلَخْ لَكِنْ ظَاهِرُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي تَقْدِيمِ اللَّحْمِ بَيْنَ مَسْأَلَةِ نَقْصِ الْقِيمَةِ وَزِيَادَتِهَا لَكِنْ الشِّهَابُ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا حَيْثُ مَشَى فِي مَسْأَلَةِ النَّقْصِ عَلَى تَقْدِيمِ شِرَاءِ اللَّحْمِ جَازِمًا بِهِ، وَقَالَ فِي مَسْأَلَةِ الزِّيَادَةِ تَصَدَّقَ بِالدَّرَاهِمِ عَلَى الْأَوْجَهِ لِلضَّرُورَةِ وَقِيلَ يَشْتَرِي بِهِ اللَّحْمَ وَيَتَصَدَّقُ بِهِ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا قَبْلَهُ مِنْ وُجُوبِ تَقْدِيمِ شِرَاءِ اللَّحْمِ بِأَنَّ إرَاقَةَ الدَّمِ حَاصِلَةٌ هُنَا بِخِلَافِهِ ثَمَّ فَإِنَّهَا لَيْسَتْ حَاصِلَةً فَأُنِيطَ الْحُكْمُ بِمَا يَحْكِي بَعْضَهَا حَيْثُ أَمْكَنَ. اهـ.

فَلْيُرَاجَعْ وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ أَفَادَ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَجِدْ لَحْمًا تَصَدَّقَ بِالدَّرَاهِمِ وَذَلِكَ غَيْرُ عَدَمِ إمْكَانِ شِرَائِهِ لِقِلَّةِ الْمَأْخُوذِ أَوْ الزَّائِدِ فَيُزَادُ ذَلِكَ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ وَانْظُرْ ضَابِطَ عَدَمِ الْوِجْدَانِ فَإِنَّهُ قَدْ يَفْقِدُهُ فِي الْحَالِ مَعَ إمْكَانِهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَهُوَ مُتَفَاوِتٌ قُرْبًا وَبُعْدًا وَالرَّابِعُ: أَنَّهُ أَفَادَ أَنَّ الزَّائِدَ فِي مَسْأَلَةِ الزِّيَادَةِ لَا يَجِبُ التَّصَدُّقُ بِهِ وَهَلْ يَجْرِي نَظِيرُهُ فِي مَسْأَلَةِ الْأَجْنَبِيِّ بِأَنْ رَخُصَ الْمِثْلُ عِنْدَ الشِّرَاءِ فَفَضَلَ مِنْ الْقِيمَةِ الْمَأْخُوذَةِ مِنْهُ شَيْءٌ، وَالْخَامِسُ: أَنَّهُ أَفَادَ فِيمَا إذَا زَادَتْ الْقِيمَةُ أَنَّهُ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ شِرَاءِ كَرِيمَةٍ وَبَيْنَ شِرَاءِ الْمِثْلِ وَأَخْذِ أُخْرَى بِالزِّيَادَةِ خِلَافَ الْمَفْهُومِ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ مَعَ فِقْدَانِ ذَاتِ الْكَرَمِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ سم.

(قَوْلُهُ: فَقِيلَ يَتَصَدَّقُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقَوْلُهُ: كَمَا فِي جُبْرَانِ إلَخْ أَيْ: كَحَالَتَيْ الزِّيَادَةِ وَالنَّقْصِ م ر

(قَوْلُهُ: وَالْأَفْضَلُ سَبْعُ غَنْمٍ) وَالسَّبْعُ مِنْ الضَّأْنِ أَفْضَلُ مِنْهَا مِنْ الْمَعْزِ كَمَا فِي الْإِرْشَادِ بَلْ يَنْبَغِي أَنَّ سَبْعًا أَكْثَرُهَا مِنْ الضَّأْنِ أَفْضَلُ مِنْ سَبْعٍ أَكْثَرُهَا مِنْ الْمَعْزِ لَكِنْ لَوْ كَانَ الثَّانِي أَسْمَنَ فَمَحَلُّ نَظَرٍ (قَوْلُهُ: اعْتِبَارًا بِكَثْرَةِ اللَّحْمِ) هَلْ يَشْمَلُ غَيْرَ ضَأْنٍ

(قَوْلُهُ: مِنْ ثِنْتَيْنِ إلَخْ) كَذَا عَبَّرَ الْعِرَاقِيُّ وَقَالَ الشَّارِحُ فِي حَاشِيَتِهِ عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا مِنْ ثِنْتَيْنِ دُونَهَا

ــ

[حاشية الشربيني]

الْقِيمَةِ وَإِلَّا فَالْقِيمَةُ فِي ذِمَّتِهِ لَيْسَتْ مُنْحَصِرَةً فِي شَيْءٍ بِعَيْنِهِ. اهـ.

ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: إلَخْ) رَدَّهُ م ر فَقَالَ: الْأَوْجَهُ تَمْكِينُهُ مِنْ الشِّرَاءِ وَإِنْ كَانَ قَدْ خَانَ بِإِتْلَافٍ وَنَحْوِهِ لِإِثْبَاتِ الشَّارِعِ لَهُ وِلَايَةَ الذَّبْحِ، وَالتَّفْرِقَةَ الْمُسْتَدْعِيَةَ لِبَقَاءِ وِلَايَتِهِ عَلَى الْبَدَلِ أَيْضًا وَالْعَدَالَةُ هُنَا غَيْرُ مُشْتَرَطَةٍ حَتَّى تَنْتَقِلَ الْوِلَايَةُ لِلْحَاكِمِ

<<  <  ج: ص:  >  >>