الْأَسْوَدِ وَالْأَكْمَلِ (الذَّكَرْ) ؛ لِأَنَّ لَحْمَهُ أَطْيَبُ مِنْ لَحْمِ الْأُنْثَى إلَّا أَنْ تَكُونَ الْأُنْثَى لَمْ تَلِدْ فَهِيَ أَفْضَلُ وَعَلَيْهَا حَمَلُوا قَوْلَ الشَّافِعِيِّ الْأُنْثَى أَحَبُّ إلَيَّ فَإِنْ كَانَتْ الْأُنْثَى حَامِلًا لَمْ تَجُزْ؛ لِأَنَّ الْحَمْلَ يُهْزِلُهَا كَذَا نَقَلَهُ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ عَنْ الْأَصْحَابِ، وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ الْمَشْهُورُ أَنَّهَا تُجْزِئُ (وَ) الْأَكْمَلُ (تَرْكُ ذِي تَضْحِيَةٍ) يَعْنِي مُرِيدَهَا (تَقْلِيمَهُ) ظُفْرَهُ (وَحَلْقَهُ) يَعْنِي إزَالَتَهُ شَعْرَهُ (فِي الْعَشَرَةِ الْمَعْلُومَةِ) وَهِيَ عَشَرُ ذِي الْحِجَّةِ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «إذَا رَ أَيْتُمْ هِلَالَ ذِي الْحِجَّةِ وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ فَلْيُمْسِكْ عَنْ شَعْرِهِ وَأَظْفَارِهِ» وَفِي رِوَايَةٍ «فَلَا يَأْخُذَنَّ مِنْ شَعْرِهِ وَأَظْفَارِهِ شَيْئًا حَتَّى يُضَحِّيَ» وَتُكْرَهُ مُخَالَفَةُ ذَلِكَ وَمَنَعَ مِنْ تَحْرِيمِهِ قَوْلُ عَائِشَةَ فِي خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «كُنْت أَفْتِلُ قَلَائِدَ هَدْيِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ يُقَلِّدُهَا هُوَ بِيَدِهِ، ثُمَّ يَبْعَثُ بِهَا فَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ شَيْءٌ أَحَلَّهُ اللَّهُ تَعَالَى حَتَّى يُنْحَرَ الْهَدْيُ» وَالْمَعْنَى فِيهِ شُمُولُ الْمَغْفِرَةِ لِجَمِيعِ أَجْزَائِهِ وَكَالظُّفْرِ وَالشَّعْرِ سَائِرُ أَجْزَاءِ الْبَدَنِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْمَرْوَرُوذِيِّ وَفِي شَرْحِ مُسْلِمٍ عَنْهُ وَعَنْ غَيْرِهِ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ يُسْتَثْنَى مِنْهَا مَا يُزَالُ بِالْخِتَانِ وَالْفَصْدِ وَنَحْوِهِمَا وَأَنَّ مَحَلَّ كَرَاهَةِ ذَلِكَ إذَا لَمْ تَدْعُ إلَيْهِ حَاجَةٌ وَلَا يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِالْعَشَرَةِ وَلَا يُعْتَبَرُ فِيهَا جَمِيعِهَا كَمَا يُوهِمُهُمَا كَلَامُ النَّظْمِ كَأَصْلِهِ بَلْ يَسْتَمِرُّ إلَى التَّضْحِيَةِ وَلَوْ بَعْدَ يَوْمِ النَّحْرِ وَيَنْتَهِي بِهَا وَلَوْ فِي أَوَّلِهِ
(وَ) الْأَكْمَلُ عِنْدَ التَّضْحِيَةِ (الذِّكْرُ) وَهُوَ (مَشْهُورٌ) فِي الْحَاوِي وَغَيْرِهِ وَهُمْ اللَّهُمَّ هَذَا مِنْك وَإِلَيْك فَتَقَبَّلْ مِنِّي أَيْ: اللَّهُمَّ هَذَا عَطِيَّةٌ مِنْك وَتَقْرِيبٌ إلَيْك وَفِي مُسْلِمٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. قَالَ عِنْدَ تَضْحِيَتِهِ بِسْمِ اللَّهِ اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنْ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَمِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ» . قَالَ الشَّيْخَانِ وَلَوْ. قَالَ كَمَا تَقَبَّلْت مِنْ إبْرَاهِيمَ خَلِيلِك وَمُحَمَّدٍ عَبْدِك وَرَسُولِك - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُكْرَهْ وَلَمْ يُسَنَّ وَاخْتَارَ الْمَاوَرْدِيُّ أَنَّهُ يُكَبِّرُ قَبْلَ التَّسْمِيَةِ وَبَعْدَهَا ثَلَاثًا؛ لِأَنَّهَا فِي أَيَّامِ التَّكْبِيرِ، ثُمَّ يَخْتِمُ بِقَوْلِهِ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ (وَضَحَّى أَوْ حَضَرْ) أَوْ لِلتَّنْوِيعِ لَا لِلتَّخْيِيرِ أَيْ: وَالْأَكْمَلُ أَنْ يُضَحِّيَ بِنَفْسِهِ إنْ أَمْكَنَهُ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ؛ وَلِأَنَّهُ قُرْبَةٌ فَسُنَّ مُبَاشَرَتُهَا نَعَمْ الْأَوْلَى لِلْمَرْأَةِ وَالْخُنْثَى أَنْ يُنِيبَا فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ فَلْيَشْهَدْ الذَّبْحَ «لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِفَاطِمَةَ قُومِي إلَى أُضْحِيَّتِكِ فَاشْهَدِيهَا فَإِنَّهُ بِأَوَّلِ قَطْرَةٍ مِنْ دَمِهَا يُغْفَرُ لَك مَا سَلَفَ مِنْ ذُنُوبِك» رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَقَالَ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ (وَ) الْأَكْمَلُ (أَكْلُ لُقْمَةٍ) أَوْ لُقَمٍ مِنْ تَطَوُّعِهِ تَبَرُّكًا. قَالَ تَعَالَى {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ} [الحج: ٢٨] «وَكَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَأْكُلُ مِنْ كَبِدِ أُضْحِيَّتِهِ» رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ (وَ) أَكْلُهُ (مِنْ فَرْضٍ) أَيْ: وَاجِبٍ (حُظِرْ) أَيْ: مَنَعَهُ الشَّرْعُ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ
ــ
[حاشية العبادي]
وَسِيَاقُ كَلَامِهِمَا يَقْتَضِي أَنَّ الْمُرَادَ مِنْهَا دُونَهَا فِي اللَّحْمِ وَالشَّحْمِ وَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ ثَمَنًا، وَيُفْهَمُ مِنْهَا أَيْضًا أَنَّهُ لَوْ ضَحَّى بِثِنْتَيْنِ بِثَمَنِهَا وَهُمَا فَوْقَهَا فِي اللَّحْمِ وَالشَّحْمِ كَانَ أَفْضَلَ وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ يُخَالِفُهُ، وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا يُوَافِقُهُ. اهـ.
قُلْت بَلْ يَنْبَغِي أَنَّ ثِنْتَيْنِ مِثْلَهَا فِي الشَّحْمِ وَاللَّحْمِ أَفْضَلُ لِمُسَاوَاةِ مَجْمُوعِهِمَا لَهَا فِي اللَّحْمِ وَالشَّحْمِ مَعَ زِيَادَةِ تَعَدُّدِ إرَاقَةِ الدَّمِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم وَعَلَيْهَا عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَالذَّكَرُ أَفْضَلُ فَإِنْ كَثُرَ نَزَوَانُهُ فَضَلَتْهُ أُنْثَى لَمْ تَلِدْ قَالَ فِي شَرْحِهِ وَعَلَيْهَا حَمَلَ بَعْضُهُمْ قَوْلَ الشَّافِعِيِّ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْحَمْلَ يُهْزِلُهَا) أَيْ: مِنْ شَأْنِهِ (قَوْلُهُ: ذَلِكَ) وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ إلَخْ؛ لِأَنَّ مَا حَصَلَ بِهَا مِنْ نَقْصِ اللَّحْمِ يَنْجَبِرُ بِالْجَنِينِ فَهُوَ كَالْخَصِيِّ وَرُدَّ بِأَنَّ الْجَنِينَ قَدْ لَا يَبْلُغُ حَدَّ الْأَكْلِ كَالْمُضْغَةِ وَبِأَنَّ زِيَادَةَ اللَّحْمِ لَا تُجْبِرُ عَيْبًا بِدَلِيلِ الْعَرْجَاءِ السَّمِينَةِ. اهـ.
وَفِيهِ تَصْرِيحٌ بِامْتِنَاعِ الْحَامِلِ بِمُضْغَةٍ وَلَعَلَّ الْعَلَقَةَ كَالْمُضْغَةِ وَبِامْتِنَاعِ أَكْلِ الْمُضْغَةِ وَسَيَأْتِي بَيَانُ هَذَا أَوَائِلَ بَابِ الْأَطْعِمَةِ (قَوْلُهُ: وَتُكْرَهُ مُخَالَفَةُ ذَلِكَ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ طَالَ شَعْرُهُ وَظُفْرُهُ وَدَخَلَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ مَثَلًا وَقَدْ يُقَالُ أَدِلَّةُ الْجُمُعَةِ خَاصَّةٌ فَلْتُقَدَّمْ عَلَى مَا هُنَا وِفَاقًا لِمَا ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ التَّضْحِيَةَ وَدَخَلَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ وَقَدْ طَالَ شَعْرُهُ وَظُفْرُهُ اُسْتُحِبَّ إزَالَتُهُ فَلْيُتَأَمَّلْ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ بَيْنَ أَدِلَّةِ الْجُمُعَةِ مَعَ مَا هُنَا عُمُومٌ وَخُصُوصٌ مِنْ وَجْهٍ وَإِذَا خُصَّ عُمُومُ كُلٍّ بِخُصُوصِ الْآخَرِ تَعَارَضَا فِي مُرِيدِ الْأُضْحِيَّةَ بِالنِّسْبَةِ لِيَوْمِ الْجُمُعَةِ وَاحْتِيجَ إلَى التَّرْجِيحِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم (قَوْلُهُ: وَمَنَعَ مِنْ تَحْرِيمِهِ قَوْلُ عَائِشَةَ إلَخْ) لَك أَنْ تَمْنَعَ ذَلِكَ بِأَنَّ الْحَدِيثَ الْأَوَّلَ خَاصٌّ بِنَحْوِ الشَّعْرِ وَالظُّفْرِ، وَحَدِيثَ عَائِشَةَ عَامٌّ وَالْخَاصُّ مُقَدَّمٌ كَمَا تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم (قَوْلُهُ: نَعَمْ الْأَوْلَى لِلْمَرْأَةِ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ التَّنْوِيعَ الْمَذْكُورَ فِي الذَّكَرِ فَكَيْفَ يُسْتَدَلُّ عَلَى شِقِّهِ الثَّانِي بِقَضِيَّةِ فَاطِمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الْمُرَادَ الِاسْتِدْلَال بِمَا يُؤْخَذُ مِنْ تِلْكَ الْقَضِيَّةِ مِنْ حُصُولِ تِلْكَ الْفَائِدَةِ بِالشُّهُودِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ بِأَوَّلِ قَطْرَةٍ إلَخْ) قَدْ يَدُلُّ هَذَا التَّعْلِيلُ عَلَى تَوَقُّفِ الْمَغْفِرَةِ عَلَى الشُّهُودِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَالْأَكْمَلُ أَكْلُ لُقْمَةٍ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إذَا ضَحَّى عَنْ نَفْسِهِ فَلَوْ
[حاشية الشربيني]
بِخِلَافِهِ فِي نَحْوِ وَصِيٍّ خَانَ. اهـ.
(قَوْلُهُ: الْمَشْهُورُ إلَخْ) الَّذِي اعْتَمَدَهُ م ر خِلَافَهُ وَمِثْلُهُ حَجَرٌ وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُمْ يَجُوزُ لَهُ أَكْلُ وَلَدِ الْأُضْحِيَّةِ لِحَمْلِهِ عَلَى مَا لَوْ حَمَلَتْ بِهِ بَعْدَ النَّذْرِ وَوَضَعَتْهُ قَبْلَ الذَّبْحِ قَالَ ع ش بَلْ يَنْبَغِي أَنَّهُ لَوْ نَذَرَ التَّضْحِيَةَ بِهَا حَامِلًا، ثُمَّ حَمَلَتْ أَنَّهَا تُجْزِئُ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّهَا إنْ تَعَيَّبَتْ فَضَحِيَّةٌ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: فِي الْعَشَرَةِ الْمَعْلُومَةِ) وَلَوْ يَوْمَ جُمُعَةٍ إذْ لَا يَخْلُو الْعَشْرُ مِنْ يَوْمِ جُمُعَةٍ، وَقَدْ قَالَ فِي الْحَدِيثِ «فَلْيُمْسِكْ حَتَّى يُضَحِّيَ» (قَوْلُهُ: قَوْلُ عَائِشَةَ إلَخْ) أَيْ: لِأَنَّ الْمُهْدِيَ كَالْمُضَحِّي فِي كَرَاهَةِ مَا ذُكِرَ لَهُ فِي ذَلِكَ الْعَشْرِ كَمَا فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ فَقَاسَ هُنَا الْمُضَحِّيَ عَلَى الْمُهْدِي، وَعِبَارَةُ الْخَطِيبِ عَلَى الْمِنْهَاجِ وَفِي مَعْنَى مُرِيدِ الْأُضْحِيَّةَ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَهْدِيَ شَيْئًا مِنْ النَّعَمِ إلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute