الصَّوْمِ إنْ وُجِدَ مِنْهُمَا حِنْثٌ بِغَيْرِ إذْنِهِ لَهُمَا فِيهِ وَإِنْ حَلَفَا بِإِذْنِهِ؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ فِي الْحَلِفِ لَا يَسْتَلْزِمُ الْإِذْنَ فِي الْحِنْثِ الْمُسْتَلْزِمِ لِلْكَفَّارَةِ فَلَا يَكُونُ الْإِذْنُ فِيهِ إذْنًا فِي التَّكْفِيرِ بِخِلَافِ الْإِذْنِ فِي الْحِنْثِ فَإِنَّهُ إذْنٌ فِي التَّكْفِيرِ كَالْإِذْنِ فِي الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ فَإِنَّهُ إذْنٌ فِي أَفْعَالِهِ. (قُلْتُ كَذَا حَقِيقَتُهُ بِالْوَاوِ) مَعَ التَّصْرِيحِ بِالشَّرْطِ فِي الْأَمَةِ. (وَلَمْ أَجِئْ فِيهِ بِأَوْ كَالْحَاوِي) وَعِبَارَتُهُ إنْ امْتَنَعَ خِدْمَتُهُ أَوْ حَنِثَ لَا بِإِذْنِهِ وَقَضِيَّتُهَا أَنَّ لَهُ الْمَنْعَ بِوُجُودِ أَحَدِهِمَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَأُجِيبَ عَنْهَا بِأَنَّ أَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ وَقَدْ نَظَمَهُ بَعْضُهُمْ بِقَوْلِهِ قُلْت وَإِنْ أُوِّلَتْ أَوْ بِالْوَاوِ أَزَلْت إشْكَالًا بِذَا فِي الْحَاوِي وَيُؤْخَذُ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ الْأَمَةَ الْمُحَرَّمَةَ عَلَى مَالِكِهَا بِنَسَبٍ أَوْ نَحْوِهِ كَالْعَبْدِ فِيمَا ذُكِرَ وَأَنَّ الْإِذْنَ فِي الْحَلِفِ الْمُقْتَضِي لِلْكَفَّارَةِ حَالًا كَالْإِذْنِ فِي الْحِنْثِ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِالْإِذْنِ فِي الْحِنْثِ لَا فِي الْحَلِفِ هُوَ الْمُصَحَّحُ فِي الرَّوْضَةِ كَالشَّرْحَيْنِ وَوَقَعَ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ تَصْحِيحُ عَكْسِهِ قَالَ النَّسَائِيّ: وَهُوَ سَبْقُ قَلَمٍ
(وَجَازَ) لِسَيِّدِ الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ (أَنْ يُطْعِمْ وَيَكْسُو) بِالْجَزْمِ عَلَى لُغَةٍ. (عَنْهُمَا) فِي الْكَفَّارَةِ. (إنْ هَلَكَا) قَبْلَ التَّكْفِيرِ إذْ لَا رِقَّ بَعْدَ الْهَلَاكِ بِخِلَافِ مَا قَبْلَهُ؛ وَلِأَنَّ التَّكْفِيرَ عَنْهُمَا قَبْلَ هَلَاكِهِمَا يَتَضَمَّنُ دُخُولَ الْمَاءِ فِي مِلْكِهِمَا بِخِلَافِهِ بَعْدَهُ إذْ لَيْسَ لِلْمَيِّتِ مِلْكٌ مُحَقَّقٌ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُعْتَقَ عَنْهُمَا لِنَقْصِهِمَا عَنْ أَهْلِيَّةِ الْوَلَاءِ وَالتَّصْرِيحُ بِحُكْمِ الْأَمَةِ مِنْ زِيَادَةِ النَّظْمِ
(وَجَازَ) لِلْحَالِفِ. (أَنْ يُقَدِّمَا عَنْ) بِمَعْنَى عَلَى (حِنْثِهِ) مِنْ خِصَالِ الْكَفَّارَةِ غَيْرَ الصَّوْمِ لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ «وَإِذَا حَلَفْت عَلَى يَمِينٍ فَرَأَيْت غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَكَفِّرْ عَنْ يَمِينِك، ثُمَّ رَأَيْت الَّذِي هُوَ خَيْرٌ» وَلِأَنَّهَا وَجَبَتْ بِسَبَبَيْنِ فَجَازَ تَقْدِيمُهَا عَلَى أَحَدِهِمَا كَتَعْجِيلِ الزَّكَاةِ خَرَجَ مِنْ ذَلِكَ الصَّوْمُ لِمَا سَيَأْتِي فَبَقِيَ مَا عَدَاهُ سَوَاءٌ فِيهِ الْحِنْثُ الْجَائِزُ وَالْمُحَرَّمُ كَالْحِنْثِ بِتَرْكِ وَاجِبٍ أَوْ فِعْلِ حَرَامٍ كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَزْنِي إذْ التَّكْفِيرُ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ إبَاحَةٌ وَلَا تَحْرِيمٌ وَقِيلَ بِالْمَنْعِ فِي الْمُحَرَّمِ؛ لِأَنَّ التَّقْدِيمَ رُخْصَةٌ فَلَا تُبَاحُ بِالْمَعَاصِي وَلَوْ أَعْتَقَ عَبْدًا عَنْ كَفَّارَتِهِ قَبْلَ الْحِنْثِ، ثُمَّ ارْتَدَّ الْعَتِيقُ أَوْ مَاتَ أَوْ تَعَيَّبَ قَبْلَ الْحِنْثِ لَمْ يُجْزِهِ عَنْ الْكَفَّارَةِ كَمَا لَوْ عَجَّلَ الزَّكَاةَ فَارْتَدَّ الْآخِذُ لَهَا قَبْلَ تَمَامِ الْحَوْلِ وَخَرَجَ بِحِنْثِهِ حَلِفُهُ فَلَا يَجُوزُ التَّقْدِيمُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ تَقْدِيمٌ عَلَى السَّبَبَيْنِ. (لَا الشَّرْطِ كَالظِّهَارِ) وَفِي نُسْخَةٍ كَالشَّرْطِ لَا الظِّهَارِ وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ وَهُوَ مَا فِي الْحَاوِي أَيْ: جَازَ أَنْ يُقَدِّمَ الْكَفَّارَةَ عَلَى حِنْثِهِ لَا عَلَى الشَّرْطِ كَمَا لَا تُقَدَّمُ عَلَى الْحَلِفِ فَلَوْ قَالَ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَوَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُك لَمْ يَجُزْ التَّكْفِيرُ قَبْلَ دُخُولِهَا
وَقَوْلُهُ كَالظِّهَارِ أَيْ: كَمَا يَجُوزُ تَقْدِيمُ الْكَفَّارَةِ بِغَيْرِ الصَّوْمِ فِي الظِّهَارِ عَلَى الْعَوْدِ كَأَنْ ظَاهَرَ مُوَقَّتًا أَوْ مِنْ رَجْعِيَّةٍ، ثُمَّ كَفَّرَ، ثُمَّ رَاجَعَهَا أَوْ ظَاهَرَ فَارْتَدَّتْ الزَّوْجَةُ فَكَفَّرَ، ثُمَّ أَسْلَمَتْ أَوْ طَلَّقَ بَعْدَ الظِّهَارِ رَجْعِيًّا، ثُمَّ كَفَّرَ ثُمَّ رَاجَعَ، أَمَّا إذَا كَفَّرَ عَقِبَ الظِّهَارِ عَنْهُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ وَنَحْوِهِ فَهُوَ مُكَفِّرٌ مَعَ الْعَوْدِ لَا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ اشْتِغَالَهُ بِالتَّكْفِيرِ عَوْدٌ وَلَا يَجُوزُ تَقْدِيمُهَا عَلَى الظِّهَارِ وَلَا عَلَى الشَّرْطِ فِيهِ كَمَا مَرَّ فِي الْيَمِينِ فَلَوْ قَالَ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي لَمْ يَجُزْ تَقْدِيمُهَا عَلَى الدُّخُولِ وَقَوْلُهُ. (مَا لَا صَوْمَ) أَيْ: مَا لَيْسَ صَوْمًا مَفْعُولُ قَوْلِهِ يُقَدِّمَ وَخَرَجَ بِهِ الصَّوْمُ فَلَا يُقَدَّمُ عَلَى الْحِنْثِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ فَلَمْ يَجُزْ تَقْدِيمُهُ عَلَى وَقْتِ وُجُوبِهِ بِغَيْرِ حَاجَةٍ كَصَوْمِ رَمَضَانَ؛ وَلِأَنَّ الْعَجْزَ إنَّمَا يَتَحَقَّقُ بَعْدَ الْوُجُوبِ. (وَالصَّلَاةُ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ مَعَ مَا عُطِفَ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: الْآتِي هُنَّ وَيُقَدَّرُ فِي كُلِّ مَسْأَلَةٍ بِحَسْبِ مَا يَقْتَضِيهِ الْمَعْنَى أَيْ وَالصَّلَاةُ. (إنْ تَحَرَّمَا) بِهَا. (وَأُفْسِدَتْ) بَعْدَ التَّحَرُّمِ بِهَا صَلَاةٌ فَلَوْ حَلَفَ لَا يُصَلِّي فَأَحْرَمَ بِالصَّلَاةِ بِشَرْطِهَا حَنِثَ وَإِنْ أَفْسَدَهَا؛ لِأَنَّهُ يُسَمَّى مُصَلِّيًا كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَحُجُّ فَأَحْرَمَ بِهِ، ثُمَّ أَفْسَدَهُ فَالشُّرُوعُ هُوَ الْمُرَادُ كَمَا فِي خَبَرِ إمَامَةِ جِبْرِيلَ حَيْثُ «قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى بِي الظُّهْرَ حِينَ زَالَتْ الشَّمْسُ» وَلَوْ قَالَ لَا أُصَلِّي صَلَاةً تُقَيَّدُ بِالتَّمَامِ وَهُوَ وَاضِحٌ. (وَصَوْمُهُ إنْ أَصْبَحَا صَائِمًا) فَرَضَا أَوْ نَفْلًا. (أَوْ يَنْوِي بِهِ النَّفَلَ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: مَعَ التَّصْرِيحِ بِالشَّرْطِ) أَيْ وُجُودِ الْحِنْثِ بِإِذْنِ السَّيِّدِ. (قَوْلُهُ: بِالْجَزْمِ) أَيْ بِإِنْ
(قَوْلُهُ: إنْ هَلَكَا) أَيْ مَاتَا
(قَوْلُهُ: إنْ تَقَدَّمَا) وَإِنْ كَانَ خِلَافَ الْأَفْضَلِ. (قَوْلُهُ: لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْخَبَرَ لَا يَشْمَلُ الْحِنْثَ الْمُحَرَّمَ. (قَوْلُهُ: فَلَا تُبَاحُ بِالْمَعَاصِي) قَدْ يُقَالُ إنَّمَا يَلْزَمُ إبَاحَتُهُ بِالْمَعْصِيَةِ لَوْ كَانَ الْحِنْثُ سَبَبًا لِلتَّقْدِيمِ بِأَنْ يَقْتَضِيَهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّ الْحِنْثَ لَا يَقْتَضِي التَّقْدِيمَ بَلْ التَّكْفِيرَ فِي نَفْسِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: فَارْتَدَّ الْآخِذُ لَهَا) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: أَوْ مَاتَ أَوْ اسْتَغْنَى. (قَوْلُهُ: كَمَا لَا تُقَدَّمُ عَلَى الْحَلِفِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ التَّقْدِيمَ عَلَى الشَّرْطِ لَيْسَ تَقْدِيمًا عَلَى الْحَلِفِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ لَا يُخَالِفُهُ قَوْلُهُ: فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَخَرَجَ بِالْحِنْثِ الْيَمِينُ فَلَا يَجُوزُ التَّقْدِيمُ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ تَقْدِيمٌ عَلَى السَّبَبَيْنِ وَمِنْهُ لَوْ قَالَ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَوَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُك لَمْ يَجُزْ التَّكْفِيرُ قَبْلَ دُخُولِهَا؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ لَمْ تَنْعَقِدْ بَعْدُ صَرَّحَ بِهِ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ وَكَمَا لَا يَجُوزُ تَقْدِيمُهَا عَلَى السَّبَبَيْنِ لَا يَجُوزُ مُقَارَنَتُهَا لِلْيَمِينِ حَتَّى لَوْ وَكَّلَ مَنْ يُعْتَقُ عَنْهَا مَعَ شُرُوعِهِ فِي الْيَمِينِ لَمْ يَجُزْ بِالِاتِّفَاقِ قَالَهُ الْإِمَامُ. اهـ. وَوَجْهُ عَدَمِ الْمُخَالَفَةِ أَنَّهُ قَدْ يَدَّعِي أَنَّ انْعِقَادَ الْيَمِينِ أَمْرٌ زَائِدٌ عَلَى الْحَلِفِ. (قَوْلُهُ: فَهُوَ مُكَفِّرٌ مَعَ الْعَوْدِ) وَإِنْ أَجْزَأَ ذَلِكَ أَيْضًا. (قَوْلُهُ: فَلَا يُقَدَّمُ عَلَى الْحِنْثِ أَيْضًا) كَمَا لَا يُقَدَّمُ عَلَى الْحَلِفِ. (قَوْلُهُ: لِغَيْرِ حَاجَةٍ) مَفْهُومُهُ أَنَّ الْعِبَادَةَ الْبَدَنِيَّةَ قَدْ تُقَدَّمُ عَلَى وَقْتِ وُجُوبِهَا لِحَاجَةٍ فَلْيُنْظَرْ هَلْ مِنْ صُورَةِ الْجَمْعِ تَقْدِيمًا
[حاشية الشربيني]
التَّحْرِيمِ فَرَاجِعْهُ. (قَوْلُهُ: لَا يَسْتَلْزِمُ) بَلْ يَسْتَلْزِمُ عَدَمَهُ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ مَانِعَةٌ مِنْهُ. (قَوْلُهُ: الْمُقْتَضِي الْكَفَّارَةَ) بِأَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute