للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمِثْلُ ذَلِكَ يَجْرِي فِيمَا لَوْ حَلَفَ لَا يُرَاجِعُ مَنْ طَلَّقَهَا رَجْعِيًّا ثُمَّ وَكَّلَ مَنْ يُرَاجِعُهَا سَوَاءٌ قُلْنَا: الرَّجْعَةُ ابْتِدَاءُ نِكَاحٍ أَمْ اسْتِدَامَةٌ. (لَا بَاقِي تَصَرُّفٍ) مِنْ الْوَكِيلِ. (كَبَيْعٍ) فَلَيْسَ تَصَرُّفَ الْمُوَكِّلِ فَلَوْ حَلَفَ لَا يَبِيعُ أَوْ لَا يَشْتَرِي لَمْ يَحْنَثْ بِبَيْعِ وَكِيلِهِ أَوْ شِرَائِهِ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبِعْ وَلَمْ يَشْتَرِ سَوَاءٌ جَرَتْ عَادَتُهُ بِالتَّوْكِيلِ فِيهِ أَمْ لَا وَسَوَاءٌ لَاقَ بِهِ أَمْ لَا نَعَمْ إنْ نَوَى أَنْ لَا يَفْعَلَ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ وَلَا بِغَيْرِهِ حَنِثَ بِذَلِكَ.

وَعِبَارَةُ النَّظْمِ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِ الْحَاوِي لَا بَيْعِهِ وَشِرَاهُ وَكَافٍ كَبَيْعٍ مَعَ قَوْلِهِ. (مَثَلَا) مِنْ زِيَادَتِهِ مَعَ أَنَّ أَحَدَهُمَا يُغْنِي عَنْ الْآخَرِ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَحْلِقُ رَأْسَهُ فَأَمَرَ غَيْرَهُ فَحَلَقَهُ فَفِي حِنْثِهِ وَجْهَانِ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا هُنَا وَجَزَمَ الرَّافِعِيُّ بِحِنْثِهِ فِي الْحَجِّ مِنْ شَرْحَيْهِ

. (وَفَاسِدُ الْحَجِّ) ابْتِدَاءً. (فَقَطْ) أَيْ: دُونَ فَاسِدِ سَائِرِ الْعِبَادَاتِ كَذَلِكَ وَالْمُعَامَلَاتِ حَجّ؛ لِأَنَّهُ مُنْعَقِدٌ يَجِبُ الْمُضِيُّ فِيهِ كَصَحِيحِهِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ وَصُورَةُ انْعِقَادِهِ فَاسِدًا أَنْ يُحْرِمَ بِالْعُمْرَةِ، ثُمَّ يُفْسِدَهَا، ثُمَّ يُدْخِلَ عَلَيْهَا الْحَجَّ فَإِنَّهُ يَنْعَقِدُ فَاسِدًا عَلَى الْأَصَحِّ وَتَصْوِيرُهُ بِأَنْ يُحْرِمَ بِهِ مُجَامِعًا إنَّمَا يَأْتِي عَلَى وَجْهٍ مَرْجُوحٍ إذْ الْأَصَحُّ فِي الرَّوْضَةِ عَدَمُ انْعِقَادِهِ كَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ وَمَا ذَكَرُوهُ فِي غَيْرِهِ مِنْ عَدَمِ الْحِنْثِ بِالْفَاسِدِ قَالَ الشَّيْخَانِ مَحَلُّهُ إذَا أَطْلَقَ اللَّفْظَ فَلَوْ قَيَّدَهُ بِالْإِضَافَةِ إلَى مَا لَا يَقْبَلُ الصِّحَّةَ كَقَوْلِهِ وَاَللَّهِ لَا أَبِيعُ الْخَمْرَ أَوْ الْمُسْتَوْلَدَةَ أَوْ مِلْكَ غَيْرِي بِغَيْرِ إذْنِهِ، ثُمَّ أَتَى بِصُورَةِ الْعَقْدِ فَإِنْ قَصَدَ بِيَمِينِهِ أَنَّهُ لَا يَأْتِي بِلَفْظِ الْعَقْدِ مُضَافًا إلَى مَا ذَكَرَهُ حَنِثَ وَإِلَّا فَلَا إذْ الْبَيْعُ سَبَبٌ لِلْمِلْكِ وَهُوَ غَيْرُ مُتَصَوَّرٍ فِي ذَلِكَ فَلَغَتْ الْإِضَافَةُ إلَيْهِ. (هُنَّ) خَبَرُ الْمَذْكُورَاتِ كَمَا تَقَدَّمَ

(وَمَنْ يَحْنَثْ بِلُبْسٍ اسْتَدَامَ) أَيْ: مُسْتَدَامٍ بِأَنْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ ثَوْبًا وَهُوَ لَابِسُهُ فَاسْتَدَامَ لُبْسَهُ. (فَلْيُثَنْ كَفَّارَةً) أَيْ: بِكَفَّارَةٍ. (أُخْرَى إذَا آلَى) أَيْ: حَلَفَ ثَانِيًا. (مَا أَلْبَسُ هَذَا الثَّوْبَ فَاسْتَدَامَا) لُبْسَهُ لِلِاسْتِدَامَةِ ثَانِيًا

. (وَمُكْثُهُ) بِمَكَانٍ حَلَفَ وَهُوَ فِيهِ أَنْ لَا يَسْكُنَهُ. (السُّكُونُ) أَيْ: سُكْنَى فَيَحْنَثُ. (لَا) مُكْثُهُ. (لِلنَّقْلِ) لِلْأَمْتِعَةِ أَوْ لِحِفْظِهَا أَوْ لِإِغْلَاقِ الْبَابِ أَوْ لِزَمَانَةٍ أَوْ مَرَضٍ أَوْ مَنْعٍ مِنْ الْخُرُوجِ أَوْ نَحْوِهَا فَلَيْسَ سُكْنَى فَلَا حِنْثَ وَاعْتَبَرَ الْمَاوَرْدِيُّ الْعُذْرَ الشَّرْعِيَّ أَيْضًا فَقَالَ لَا يَحْنَثُ بِالصَّلَاةِ فِيهِ عِنْدَ ضِيقِ الْوَقْتِ وَخَرَجَ بِمُكْثِهِ مُكْثُ عِيَالِهِ فَلَا حِنْثَ بِهِ إذْ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ سُكْنَاهُ فَإِذَا خَرَجَ حَالًا فَلَا حِنْثَ وَمَحَلُّهُ كَمَا قَالَ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَالْجُرْجَانِيُّ وَالْمُتَوَلِّي وَصَاحِبُ الْمُهَذَّبِ وَابْنُ الصَّلَاح إذَا خَرَجَ بِنِيَّةِ التَّحَوُّلِ لِيَقَعَ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ السَّاكِنِ الَّذِي مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَخْرُجَ وَيَعُودَ وَإِلَيْهِ يُومِئُ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي الْأُمِّ وَالْمُخْتَصَرِ وَيَخْرُجُ بِبَدَنِهِ مُتَحَوِّلًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَكُنْت أَقُولُ إطْلَاقُ مَنْ أَطْلَقَ مَحْمُولٌ عَلَى هَذَا وَلَا أَحْسَبُ فِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافًا، ثُمَّ رَأَيْت النَّوَوِيَّ قَدْ قَالَ فِيمَا عَلَّقَهُ عَلَى مَوَاضِعَ مِنْ الْمُهَذَّبِ، ثُمَّ إنَّ الْمُصَنِّفَ شَرَطَ فِي عَدَمِ الْحِنْثِ أَنْ يَخْرُجَ بِنِيَّةِ التَّحَوُّلِ وَقَدْ وَافَقَ عَلَيْهِ بَعْضُ الْأَصْحَابِ وَلَمْ يَشْتَرِطْهُ بَعْضُهُمْ وَاَلَّذِي قَالَهُ الْمُصَنِّفُ أَظْهَرُ

. (وَمَاءُ نَهْرٍ وَالْإِنَا) يُقَالُ. (لِلْكُلِّ) فَلَوْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ مَاءَ هَذَا النَّهْرِ أَوْ مَاءَ هَذَا الْإِنَاءِ لَمْ يَحْنَثْ إلَّا بِشُرْبِ الْجَمِيعِ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ مُعَرَّفٌ بِالْإِضَافَةِ فَيَتَنَاوَلُ الْجَمِيعَ أَوْ لَيَشْرَبَنَّهُ لَمْ يَبَرَّ إلَّا بِشُرْبِ الْجَمِيعِ فَيَحْنَثُ فِي يَمِينِ النَّهْرِ فِي الْحَالِ لِتَعَذُّرِ الْبِرِّ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ

(وَذِكْرُهُ الْأَشْيَاءَ بِالْوَاوِ بِلَا إعَادَةِ) حَرْفِ. (النَّفْيِ كَشَيْءٍ) وَاحِدٍ. (جُعِلَا) حَتَّى إنَّ الْحَالِفَ عَلَيْهَا فِي الْإِثْبَاتِ كَقَوْلِهِ وَاَللَّهِ لَآكُلَنَّ اللَّحْمَ وَالْعِنَبَ لَا يَبَرُّ إلَّا بِأَكْلِهِمَا جَمِيعًا وَفِي النَّفْيِ كَقَوْلِهِ: وَاَللَّهِ لَا آكُلُ اللَّحْمَ وَالْعِنَبَ لَا يَحْنَثُ إلَّا بِأَكْلِهِمَا جَمِيعًا فَإِنْ أَعَادَ حَرْفَ النَّفْيِ كَقَوْلِهِ وَاَللَّهِ لَا آكُلُ اللَّحْمَ وَلَا الْعِنَبَ حَنِثَ بِكُلٍّ مِنْهُمَا فَإِنَّهُمَا يَمِينَانِ فَلَا تَنْحَلُّ إحْدَاهُمَا بِالْحِنْثِ فِي الْأُخْرَى كَمَا لَوْ أَعَادَ الْمَحْلُوفَ بِهِ كَأَنْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا آكُلُ اللَّحْمَ وَاَللَّهِ لَا آكُلُ الْعِنَبَ وَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ كَغَيْرِهِ مِنْ أَنَّ الْإِثْبَاتَ كَالنَّفْيِ الَّذِي لَمْ يُعَدْ مَعَهُ حَرْفٌ كَمَا تَقَرَّرَ هُوَ الظَّاهِرُ كَمَا قَالَهُ الْبَارِزِيُّ وَمَا نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ عَنْ الْمُتَوَلِّي مِنْ أَنَّهُ كَالنَّفْيِ الْمُعَادِ مَعَهُ حَرْفٌ حَتَّى تَتَعَدَّدَ الْيَمِينُ لِوُجُودِ حَرْفِ الْعَطْفِ تَوَقَّفَا فِيهِ، ثُمَّ قَالَا: وَلَوْ أَوْجَبَ حَرْفُ الْعَطْفِ تَعَدُّدَ الْيَمِينِ فِي الْإِثْبَاتِ لَأَوْجَبَهُ فِي النَّفْيِ أَيْ: غَيْرِ الْمُعَادِ مَعَهُ حَرْفُهُ وَقَيَّدَ النَّاظِمُ كَغَيْرِهِ ذِكْرَ الْأَشْيَاءِ بِالْوَاوِ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ بِالْفَاءِ أَوْ بِثُمَّ كَانَ حَالِفًا عَلَى عَدَمِ أَكْلِ الْعِنَبِ بَعْدَ اللَّحْمِ بِلَا مُهْمَلَةٍ فِي الْفَاءِ وَبِمُهْلَةٍ فِي، ثُمَّ فِي قَوْلِهِ وَاَللَّهِ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: وَمِثْلُ ذَلِكَ يَجْرِي فِيمَا لَوْ حَلَفَ إلَخْ) وَكَذَا قَوْلُهُ: فِيمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَرُدُّ زَوْجَتَهُ الْمُطَلَّقَةَ بَائِنًا بِخُلْعٍ أَوْ رَجْعِيًّا وَأَرَادَ الرَّدَّ إلَى نِكَاحِهِ خِلَافًا لِمَنْ أَفْتَى بِخِلَافِهِ. (قَوْلُهُ: وَجَزَمَ الرَّافِعِيُّ إلَخْ) وَجَزَمَ صَاحِبُ الرَّوْضِ بِعَدَمِ الْحِنْثِ هُنَا

(قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا) قَالَ فِي شَرْحِهِ: جَزَمَ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ كَغَيْرِهِ بِأَنَّهُ لَا يَحْنَثُ وَقَالَ الْإِمَامُ الْوَجْهُ عِنْدَنَا أَنَّهُ يَحْنَثُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ تَرْجِيحُ الْأَوَّلِ وَالْقَلْبُ إلَى مَا قَالَهُ الْإِمَامُ أَمْيَلُ قُلْت وَلِي بِهِ أُسْوَةٌ

(قَوْلُهُ: وَاَلَّذِي قَالَهُ الْمُصَنِّفُ أَظْهَرُ) وَمَحَلُّ اعْتِبَارِ نِيَّةِ التَّحَوُّلِ إنْ كَانَ سَاكِنًا فِيهِ قَبْلُ وَإِلَّا كَأَنْ دَخَلَ إلَيْهِ لِيَنْظُرَ هَلْ يَصْلُحُ لِلسُّكْنَى مَثَلًا لَمْ يُعْتَبَرْ

(قَوْلُهُ: حَتَّى يَتَعَدَّدَ) وَظَاهِرٌ أَنَّ مِنْ

ــ

[حاشية الشربيني]

لِحَجَرٍ م ر

(قَوْلُهُ: وَمَا نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ إلَخْ) الْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ وَالْمَنْقُولُ عَنْ الشَّيْخَيْنِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْعَامِلَ فِي الْمَعْطُوفِ مُقَدَّرٌ غَيْرُ الْعَامِلِ فِي الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ لَكِنَّ الصَّحِيحَ عِنْدَ النُّحَاةِ أَنَّ الْعَامِلَ فِي الْمَعْطُوفِ هُوَ الْعَامِلُ فِي الْمَعْطُوفِ

<<  <  ج: ص:  >  >>