للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مِنْ صِحَّةِ نَذْرِهِ بِغَيْرِ إذْنٍ وَيُفَارِقُ الضَّمَانَ بِأَنَّهُ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى وَالضَّمَانُ حَقٌّ آدَمِيٌّ

. (وَالصَّوْمُ يَوْمٌ) فَيُكْتَفَى بِصَوْمِهِ فِي نَذْرِ صَوْمٍ مُطْلَقٍ وَكَذَا فِي نَذْرِ صَوْمِ دَهْرٍ أَوْ حِينٍ

(وَاكْتُفِيَ بِرَكْعَتَيْنِ) مِنْ قِيَامٍ عِنْدَ الْقُدْرَةِ (فِي) نَذْرِ. (الصَّلَاةِ) الْمُطْلَقَةِ فَلَا يُكْتَفَى بِأَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ حَمْلًا لِلْمَنْذُورِ الْمُطْلَقِ عَلَى أَقَلِّ وَاجِبٍ مِنْ جِنْسِهِ بِأَصْلِ الشَّرْعِ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الْوُجُوبِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ هَذَا الْأَصْلِ مَا لَوْ نَذَرَ الْإِعْتَاقَ فَإِنَّهُ يَكْفِيهِ مَعِيبَةٌ وَكَافِرَةٌ وَمَا لَوْ نَذَرَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ فَإِنَّهَا تَجُوزُ بِتَسْلِيمَتَيْنِ عَلَى الْأَصَحِّ فِي الرَّوْضَةِ كَمَا مَرَّ لِغَلَبَةِ وُقُوعِ الصَّلَاةِ مَثْنًى وَزِيَادَةِ فَضْلِهَا وَقَالَ الرَّافِعِيُّ إنْ نَزَّلْنَاهُ عَلَى وَاجِبِ الشَّرْعِ مَنَعْنَاهُ أَوْ جَائِزِهِ فَلَا وَلَوْ نَذَرَ صَلَاتَيْنِ لَمْ يُكْتَفَ بِأَرْبَعِ رَكَعَاتٍ بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْقَفَّالُ

(وَعَلَى مُمَوَّلٍ تَصَدُّقٌ قَدْ نَزَلَا) أَيْ: وَالتَّصَدُّقُ الْمُطْلَقُ يَنْزِلُ عَلَى أَقَلِّ مُتَمَوَّلٍ؛ لِأَنَّهُ أَقَلُّ وَاجِبِ الصَّدَقَةِ فِي الْخُلْطَةِ وَاعْتَرَضَهُ الرَّافِعِيُّ بِأَنَّهُ لَا مَجَالَ لِلتَّنْزِيلِ عَلَى أَقَلِّ وَاجِبِ الصَّدَقَةِ فَإِنَّ الْعِبْرَةَ بِأَقَلِّ وَاجِبٍ مِنْ ذَلِكَ الْجِنْسِ وَأَقَلُّ الصَّدَقَةِ غَيْرُ مَضْبُوطٍ جِنْسًا وَقَدْرًا

. (وَلْيَقْضِ) مَنْ فَاتَهُ صَوْمٌ. (فِي نَذْرِ صِيَامٍ عُيِّنَا) بِتَعْيِينِ زَمَنِهِ. (جَمِيعَ مَا الْوُقُوعُ عَنْهُ) أَيْ: عَنْ نَذْرِهِ. (أَمْكَنَا) لَوْ صَامَهُ. (مِثْلَ) نَذْرِ صَوْمِ. (الْأَثَانِينِ) فَيَقْضِي مَا فَاتَهُ مِنْهُ بِمَرَضٍ أَوْ سَفَرٍ أَوْ غَيْرِهِمَا بِخِلَافِ مَا لَا يُمْكِنُ وُقُوعُهُ عَنْهُ لَوْ صَامَهُ فَلَا يَقْضِي رَمَضَانَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقْبَلُ صَوْمُ غَيْرِهِ وَلَا أَيَّامَ الْعِيدَيْنِ وَالتَّشْرِيقِ وَالْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَقْبَلُ صَوْمًا وَلَوْ لَزِمَهُ مَعَ صَوْمِ الْأَثَانِينَ صَوْمُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ. (لِتَكْفِيرٍ) أَيْ لِكَفَّارَةٍ. (بَدَا بِهِ) أَيْ: بِصَوْمِهَا وَإِلَّا فَلَا يُمْكِنُهُ صَوْمُهَا لِفَوَاتِ التَّتَابُعِ بِتَخَلُّلِ الْأَثَانِينَ وَقَضَى الْأَثَانِينَ الْوَاقِعَةَ فِي الشَّهْرَيْنِ؛ لِأَنَّهَا كَانَتْ تَقَعُ عَنْ النَّذْرِ لَوْلَا الْكَفَّارَةُ سَوَاءٌ تَقَدَّمَ وُجُوبُ الْكَفَّارَةِ عَلَى النَّذْرِ أَمْ تَأَخَّرَ كَمَا رَجَّحَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وِفَاقًا لِلْعِرَاقِيِّينَ وَغَيْرِهِمْ نَظَرًا إلَى وَقْتِ الْأَدَاءِ وَلِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ لَهَا وَقْتٌ وَرَجَّحَ النَّوَوِيُّ أَنَّهُ لَا قَضَاءَ إنْ تَقَدَّمَ وُجُوبُهَا نَظَرًا إلَى وَقْتِ الْوُجُوبِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَالْأَظْهَرُ الْمُعْتَمَدُ فِي الْمَذْهَبِ وُجُوبُ الْقَضَاءِ وَقَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: إنَّهُ الصَّوَابُ لِنَقْلِ الرَّبِيعِ لَهُ عَنْ النَّصِّ، ثُمَّ قَالَ: لَكِنَّهُ يُشْكِلُ بِمَا لَوْ نَذَرَ مَنْ عَلَيْهِ كَفَّارَةُ صَوْمِ الدَّهْرِ فَإِنَّ زَمَنَهَا مُسْتَثْنًى كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ قَالَ وَقِيَاسُ مَا قَالَهُ فِي الْأَثَانِينَ أَنْ يَفْدِيَ عَنْ النَّذْرِ كَمَا لَوْ لَزِمَتْهُ كَفَّارَةٌ بَعْدَ أَنْ نَذَرَ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَهُوَ غَيْرُ وَارِدٍ إذْ لَا يُمْكِنُ الْجَمْعُ فِي صَوْمِ الدَّهْرِ مَعَ تَقَدُّمِ الْكَفَّارَةِ وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ فِي الْأَثَانِينَ بِقَضَائِهَا، وَأَمَّا فِي التَّأَخُّرِ فَيُمْكِنُ الْجَمْعُ فِي الْأَثَانِينَ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ وَيُسْتَثْنَى مِنْ هَذَا الْأَصْلِ) أَيْ الْحَمْلِ عَلَى أَقَلِّ وَاجِبٍ

(قَوْلُهُ: وَعَلَى مُمَوَّلٍ إلَخْ) مِثْلُهُ فِي الرَّوْضِ، ثُمَّ قَالَ فِي آخِرِ الْبَابِ: وَمَنْ نَذَرَ التَّصَدُّقَ بِشَيْءٍ تَصَدَّقَ بِمَا شَاءَ قَالَ فِي شَرْحِهِ: مِنْ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ لِصِدْقِ الشَّيْءِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَا إذَا تَرَكَ بِشَيْءٍ لَا يُجْزِئُهُ إلَّا مُتَمَوَّلٌ كَمَا مَرَّ اهـ وَفِيهِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّ قَوْلَهُ بِشَيْءٍ مِنْ عِبَارَةِ النَّاذِرِ بِأَنْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ التَّصَدُّقُ بِشَيْءٍ وَهَذَا خَارِجٌ بِقَوْلِهِ هُنَا أَيْ وَالتَّصَدُّقُ الْمُطْلَقُ كَمَا يَخْرُجُ بِهِ لِلَّهِ عَلَيَّ التَّصَدُّقُ بِكَذَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (قَوْلُهُ وَاعْتَرَضَهُ الرَّافِعِيُّ إلَخْ) كَأَنَّ حُصُولَ اعْتِرَاضِ الرَّافِعِيِّ أَنَّ الْأَقَلَّ فِيمَا ذُكِرَ قَدْ لَا يَكُونُ مُتَمَوَّلًا كَمَا فِي فِطْرَةِ عَبْدٍ اشْتَرَكَ فِيهِ عَشَرَةُ آلَافِ رَجُلٍ وَنِصَابِ تِجَارَةٍ أَوْ غَيْرِهِ حَصَلَ بِالْخُلْطَةِ مِنْ عَشَرَةِ آلَافِ رَجُلٍ فَلَا يَتَأَتَّى اعْتِبَارُ الْمُتَمَوَّلِ مَعَ التَّنْزِيلِ عَلَى أَقَلِّ وَاجِبٍ فَلْيُتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ لَزِمَهُ كَفَّارَةٌ بَعْدَ أَنْ نَذَرَ) أَيْ فَإِنَّهُ يَفْدِي عَنْ النَّذْرِ. (قَوْلُهُ: قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَهُوَ غَيْرُ وَارِدٍ إلَخْ) إذَا تَأَمَّلْت حَقَّ التَّأَمُّلِ وَجَدْت الْجَوَابَ غَيْرَ دَافِعٍ لِلْإِشْكَالِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ اعْتَرَفَ بِأَنَّ صَوْمَ الْكَفَّارَةِ الْمُتَأَخِّرَ عَنْ صَوْمِ الدَّهْرِ يَفْعَلُهُ وَيُؤْمَرُ بِالْفِدْيَةِ عَنْ صَوْمِ الدَّهْرِ فَنَقُولُ لَهُ هَلَّا قُلْت: بِمِثْلِ ذَلِكَ فِيمَا لَوْ تَقَدَّمَتْ الْكَفَّارَةُ عَلَى صَوْمِ الدَّهْرِ فَإِنْ أَجَابَ بِأَنَّ نَذْرَ الدَّهْرِ لَمَّا تَأَخَّرَ عَنْ الْكَفَّارَةِ صَارَ زَمَنُهَا مُسْتَثْنًى فَلَا يَتَنَاوَلُهُ نَذْرُ الدَّهْرِ قُلْنَا: هَذَا الْمَعْنَى بِعَيْنِهِ مَوْجُودٌ فِي نَذْرِ الْأَثَانِينَ الْمُتَأَخِّرِ عَنْ الْكَفَّارَةِ وَمَعَ ذَلِكَ كَلَّفَهُ الرَّافِعِيُّ بِقَضَاءِ الْأَثَانِينَ فَلْيُكَلِّفْهُ هُنَا بِالْفِدْيَةِ عَنْ صَوْمِ الدَّهْرِ لِتَعَذُّرِ قَضَائِهِ فَلَا مُخَلِّصَ عَنْ الْإِشْكَالِ إلَّا بِمَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا وَلَوْ جَعَلَ الْبُلْقِينِيُّ سَبَبَ اسْتِثْنَاءِ زَمَنِ الْكَفَّارَةِ إذَا تَأَخَّرَ نَذْرُ الدَّهْرِ عَنْهَا تَقَدَّمَ اسْتِحْقَاقُهَا الصَّرْفَ إلَيْهَا

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَكْفِيهِ مَعِيبَةٌ) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ مَعَ أَنَّهَا غَيْرُ أَمَةٍ وَالشَّارِعُ مُتَشَوِّفٌ لِلْعِتْقِ. اهـ. م ر. (قَوْلُهُ: وَيُسْتَثْنَى مِنْ هَذَا الْأَصْلِ إلَخْ) يُسْتَثْنَى مِنْهُ أَيْضًا مَا إذَا نَذَرَ رَكْعَتَيْنِ فَصَلَّى أَرْبَعًا بِنِيَّةِ وَاحِدَةٍ فَإِنَّهُ يَصِحُّ عَنْ النَّذْرِ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يَسْلُكُ بِالنَّذْرِ مَسْلَكَ جَائِزِ الشَّرْعِ وَمِنْهُ عَدَمُ وُجُوبِ التَّعَرُّضِ فِي النِّيَّةِ لِلنَّذْرِ فَلَا مَحْذُورَ وَإِلَّا فَغَيْرُ الْمَنْذُورِ لَا يَصِحُّ جَمْعُهُ مَعَ الْمَنْذُورِ بِنِيَّةٍ نَقَلَهُ شَيْخُنَا الذَّهَبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَنْ النَّوَوِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَقَدْ اسْتَثْنَوْا مَسَائِلَ أُخْرَى قَوِيَ مُدْرَكُ حَمْلِهَا عَلَى جَائِزِ الشَّرْعِ كَمَا فِي حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ

(قَوْلُهُ: وَقَالَ الرَّافِعِيُّ إلَخْ) رُدَّ بِأَنَّ مَنْ قَالَ إنَّ النَّذْرَ الْمُطْلَقَ يَنْزِلُ عَلَى وَاجِبِ الشَّرْعِ لَا يُطْلِقُهُ بَلْ ذَلِكَ إنْ لَمْ يَقْوَ دَلِيلُ حَمْلِهِ عَلَى جَائِزِ الشَّرْعِ وَهُنَا كَذَلِكَ

(قَوْلُهُ: عَلَى أَقَلِّ مُتَمَوَّلٍ) وَيَجِبُ صَرْفُهُ لِحُرٍّ مِسْكِينٍ مَا لَمْ يُعَيِّنْ شَخْصًا أَوْ أَهْلَ بَلَدٍ وَإِلَّا تَعَيَّنَ الصَّرْفُ لَهُ. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ. (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ أَقَلُّ وَاجِبٍ) أَيْ: قَدْ يَكُونُ أَقَلُّ وَاجِبٍ أَقَلَّ مُتَمَوَّلٍ فَيَنْزِلُ عَلَيْهِ مُرَاعَاةً لِصِفَةِ وَاجِبِ الشَّرْعِ وَهُوَ مِقْدَارُ الزَّكَاةِ فَإِنَّهُ مُتَمَوَّلٌ وَإِنْ كَانَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ قَدْ تَجِيءُ حِصَّتُهُ مَا لَا يُتَمَوَّلُ فَانْدَفَعَ مَا لِلْمُحَشِّي هُنَا فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: مِنْ ذَلِكَ الْجِنْسِ) قَدْ يُقَالُ إنَّ ذَلِكَ إنْ ذَكَرَ جِنْسًا مُعَيَّنًا وَهُنَا قَدْ

<<  <  ج: ص:  >  >>