للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يَفُوتَ حَقُّ الْمُدَّعِي (لَا إنْ كَانَ) قِيَامُ الْبَيِّنَةِ (فِي عُقُوبَةِ اللَّهِ عَلَا) وَجَلَّ مِنْ حَدٍّ أَوْ تَعْزِيرٍ فَإِنَّهُ لَا يَحْكُمُ فِيهَا عَلَى الْغَائِبِ وَمَنْ فِي مَعْنَاهُ لِبِنَائِهَا عَلَى الْمُسَاهَلَةِ بِخِلَافِ عُقُوبَةِ الْآدَمِيِّ كَقِصَاصٍ وَحَدِّ قَذْفٍ (بَعْدَ الْيَمِينِ أَنَّ مَا ادَّعَيْتُ فِي ذِمَّتِهِ وَنَحْوَ إبْرَاءٍ نُفِيَ) أَيْ إنَّمَا يَحْكُمُ عَلَى الْغَائِبِ وَمَنْ فِي مَعْنَاهُ بَعْدَ حَلِفِ الْمُدَّعِي يَمِينَ الِاسْتِظْهَارِ بَعْدَ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ وَتَعْدِيلِهَا عَلَى أَنَّ مَا ادَّعَى بِهِ بَاقٍ فِي ذِمَّةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ أَنَّهُ لَمْ يُبَرِّئْهُ مِنْهُ وَلَا مِنْ بَعْضِهِ وَلَا اسْتَوْفَاهُ وَلَا اعْتَاضَ عَنْهُ وَلَا احْتَالَ بِهِ وَلَا أَحَالَ عَلَيْهِ وَلَا سَقَطَ شَيْءٌ مِنْهُ عَنْ ذِمَّتِهِ بِطَرِيقٍ مِنْ الطُّرُقِ احْتِيَاطًا لَهُ، إذْ لَوْ حَضَرَ أَوْ كَمُلَ لَكَانَ لَهُ أَنْ يُحَلِّفَهُ عَلَيْهِ وَيَعْتَبِرَ أَنْ يَقُولَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا وَيَلْزَمُهُ تَسْلِيمُهُ؛ لِأَنَّ الْمَالَ قَدْ يَكُونُ ثَابِتًا فِي ذِمَّتِهِ وَلَا يَلْزَمُهُ تَسْلِيمُهُ لِتَأْجِيلٍ وَنَحْوِهِ.

، وَمَحَلُّ التَّحْلِيفِ فِي الدَّعْوَى عَلَى الْمَيِّتِ أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ وَارِثٌ خَاصٌّ فَإِنْ كَانَ اُعْتُبِرَ طَلَبُهُ لَهُ وَلَا يُشْتَرَطُ التَّعَرُّضُ فِي الْيَمِينِ لِصِدْقِ الشُّهُودِ بِخِلَافِ الْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ لِكَمَالِ الْحُجَّةِ هُنَا، وَيُسْتَثْنَى مِنْ الْيَمِينِ مَا لَوْ كَانَ لِلْغَائِبِ وَكِيلٌ حَاضِرٌ فَفِي الْمَطْلَبِ: الْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا يَمِينَ وَجَزَمَ بِهِ الْبُلْقِينِيُّ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا لَمْ يَطْلُبْهَا الْوَكِيلُ وَمَا لَوْ كَانَتْ الدَّعْوَى عَلَى مُتَعَذِّرٍ أَوْ مُتَوَارٍ فَلَا يَمِينَ لِقُدْرَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى الْحُضُورِ كَمَا جَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْعُدَّةِ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَصَحَّحَ الْبُلْقِينِيُّ أَنْ يَحْلِفَ؛ لِأَنَّ هَذَا احْتِيَاطٌ لِلْقَضَاءِ فَلَا يَمْنَعُ مِنْهُ تَمَرُّدُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (وَمَا ادَّعَاهُ حَاضِرٌ مِنْ الْأَدَا وَعِلْمِهِ بِفِسْقِ مَنْ قَدْ شَهِدَا وَأَنَّهُ لِي قَبْلَ هَذَا اعْتَرَفَا وَمَرَّةً مِنْ قَبْلُ هَذَا حَلَفَا) أَيْ وَيَحْكُمُ عَلَى الْحَاضِرِ بَعْدَ حَلِفِ الْمُدَّعَى عَلَى نَفْيِ مَا ادَّعَاهُ عَلَيْهِ الْحَاضِرُ مِنْ أَدَاءِ الْحَقِّ أَوْ عِلْمِهِ بِفِسْقِ شُهُودِهِ أَوْ اعْتِرَافِهِ لَهُ بِالْحَقِّ قَبْلَ هَذَا أَوْ أَنَّهُ حَلَّفَهُ مَرَّةً أُخْرَى قَبْلُ وَهَذَا إذَا ادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ حَلَّفَهُ عِنْدَ قَاضٍ آخَرَ فَإِنْ ادَّعَى أَنَّهُ حَلَّفَهُ عِنْدَهُ فَإِنْ تَذَكَّرْهُ الْقَاضِي لَمْ يُحَلِّفْهُ وَإِلَّا حَلَّفَهُ فَلَوْ ادَّعَى الْمُدَّعِي أَنَّهُ حَلَّفَهُ عَلَى أَنَّهُ مَا حَلَّفَهُ لَمْ يُسْمَعْ مِنْهُ ذَلِكَ لِئَلَّا يَتَسَلْسَلَ. ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَلَوْ قَالَ أَبْرَأَنِي عَنْ هَذِهِ الدَّعْوَى فَهَلْ يَحْلِفُ الْمُدَّعِي أَنَّهُ لَمْ يُبَرِّئْهُ؟ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ الْمَنْعُ فَإِنَّ الْإِبْرَاءَ عَنْ الدَّعْوَى لَا مَعْنَى لَهُ إلَّا بِتَصَوُّرِ الصُّلْحِ عَلَى الْإِنْكَارِ وَأَنَّهُ بَاطِلٌ

(لَا حَيْثُ) أَيْ يَحْكُمُ عَلَى الْغَائِبِ بَعْدَ يَمِينِ الْمُسْتَحِقِّ لَا حَيْثُ (يَدَّعِي وَكِيلُهُ) أَيْ وَكِيلُ الْمُسْتَحِقِّ (عَلَى مَنْ غَابَ) فَإِنَّهُ يَحْكُمُ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ يَمِينِ الْوَكِيلِ إذْ الْوَكِيلُ لَا يَحْلِفُ بِحَالٍ أَمَّا الْمُسْتَحِقُّ فَيَحْلِفُ إنْ كَانَ حَاضِرًا (أَوْ) حَيْثُ يَدَّعِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (عَلَى الَّذِي تَوَكَّلَا) عَنْ الْغَائِبِ (إبْرَاءَ ذِي الْغَيْبَةِ وَالتَّوْكِيلِ) أَيْ إبْرَاءَ الْغَائِبِ الْمُوَكِّلِ بِأَنْ قَالَ أَبْرَأَنِي مُوَكِّلُك الْغَائِبُ عَمَّا ادَّعَيْتَهُ عَلَيَّ فَإِنَّهُ يَحْكُمُ عَلَيْهِ وَيُوفِي الْحَقَّ بِغَيْرِ يَمِينِ الْوَكِيلِ لِمَا مَرَّ وَلَا يُؤَخِّرُ الْحَقَّ لِحُضُورِ الْمُوَكِّلِ، وَحَلَّفَهُ عَلَى نَفْيِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُؤَدِّي إلَى تَعَذُّرِ اسْتِيفَاءِ الْحُقُوقِ بِالْوُكَلَاءِ، وَيُمْكِنُ ثُبُوتُ الْإِبْرَاءِ بَعْدُ إنْ كَانَ لَهُ حُجَّةٌ فَلَوْ قَالَ لِلْوَكِيلِ: أَنْت تَعْلَمُ أَنَّ مُوَكِّلَكَ أَبْرَأَنِي فَاحْلِفْ أَنَّك لَا تَعْلَمُ ذَلِكَ فَعَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ أَنَّ لَهُ تَحْلِيفَهُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِالْإِبْرَاءِ، وَمِنْ الْأَصْحَابِ مَنْ خَالَفَهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَالْأَوَّلُ هُوَ الصَّحِيحُ فَفِي الْبَحْرِ أَنَّهُ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِهِ خَرَجَ مِنْ الْوَكَالَةِ وَالْخُصُومَةِ وَحَكَاهُ ابْنُ الصَّلَاحِ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَلَك أَنْ تَقُولَ قَضِيَّتُهُ أَنْ يُحَلِّفَ الْقَاضِي وَكِيلَ الْمُدَّعِي عَلَى الْغَائِبِ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِالْإِبْرَاءِ وَسَائِرِ الْأَسْبَابِ نِيَابَةً عَنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَكِنْ فِيمَا يُتَصَوَّرُ مِنْهُ لَوْ حَضَرَ كَمَا نَابَ عَنْهُ فِي تَحْلِيفِهِ مَنْ يَدَّعِي لِنَفْسِهِ (وَلْيَقْضِهِ الْقَاضِي بِلَا كَفِيلِ) أَيْ وَلْيَقْضِ الْقَاضِي وُجُوبًا حَقَّ الْمُدَّعِي بِطَلَبِهِ مِنْ مَالِ الْغَائِبِ (إنْ حَضَرَ الْمَالُ) وَلَا يُطَالِبُهُ بِكَفِيلٍ وَإِنْ احْتَمَلَ أَنْ يَجِيءَ الْغَائِبُ وَيُقِيمَ الْحُجَّةَ عَلَى نَحْوِ الْإِبْرَاءِ؛ لِأَنَّ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ بَعْدَ الْيَمِينِ) الظَّاهِرُ أَنَّهَا وَاجِبَةٌ وَإِنْ كَانَتْ الدَّعْوَى عَلَى وَلِيِّ الطِّفْلِ وَالْمَجْنُونِ سَوَاءٌ طَلَبَهَا أَمْ لَا بِخِلَافِ الْوَارِثِ، فَإِنَّ الْحَقَّ يَتَعَلَّقُ بِالْوَارِثِ بِخِلَافِ الْوَلِيِّ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا وَسَيَأْتِي فِي هَامِشِ الصَّفْحَةِ الْآتِيَةِ عَنْ شَرْحِ الْمَنْهَجِ خِلَافُهُ وَتَقَدَّمَ أَوَّلَ هَذِهِ الصَّفْحَةِ مَا يُفِيدُ انْتِفَاءَ هَذِهِ الْيَمِينِ إذَا كَانَتْ الدَّعْوَى عَلَى وَكِيلِ الْغَائِبِ وَسَيَأْتِي إيضَاحُهُ فِي الصَّفْحَةِ الْآتِيَةِ

(قَوْلُهُ فَفِي الْمَطْلَبِ الْمَشْهُورِ أَنَّهُ لَا يَمِينَ) وَمِثْلُهُ مَا لَوْ كَانَ لِلصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ غَائِبٌ خَاصٌّ عَلَى مَا نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ جَمْعٍ وَأَقَرَّهُ وَلَا يَخْلُو عَنْ نَظَرٍ؛ لِأَنَّ يَمِينَ الِاسْتِظْهَارِ فِيهَا حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى، وَحَقُّ هَذَيْنِ آكَدُ مِنْ حَقِّ غَيْرِهِمَا فَلَا يَسْقُطُ بِعَدَمِ طَلَبِ نَائِبِهِمَا الْمُقَصِّرِ بِذَلِكَ بِخِلَافِ وَكِيلِ الْغَائِبِ حَجَرٌ؛ لِأَنَّ تَفْوِيضَهُ الْأَمْرَ إلَيْهِ يُشْعِرُ بِرِضَاهُ بِنَظَرِهِ وَجَزَمَ الشَّارِحُ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ بِتَوَقُّفِ الْيَمِينِ عَلَى طَلَبِ الْوَلِيِّ (قَوْلُهُ وَصَحَّحَ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّهُ يَحْلِفُ إلَخْ) نَاقَشَهُ الْجَوْجَرِيُّ بِأَنَّ عَدَمَ الِاحْتِيَاطِ تَغْلِيظٌ عَلَيْهِ لِتَقْصِيرِهِ وَذَلِكَ حَسَنٌ هُنَا طَلَبًا لِلِامْتِنَاعِ عَنْ التَّعَزُّزِ وَالتَّوَارِي بِرّ (قَوْلُهُ مَا ادَّعَاهُ عَلَيْهِ الْحَاضِرُ) أَيْ قَبْلَ الْقَضَاءِ (قَوْلُهُ أَوْ اعْتِرَافِهِ) ، عِبَارَةُ الْعِرَاقِيِّ الثَّالِثَةُ أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّهُ اعْتَرَفَ لَهُ بِالْمُدَّعَى بِهِ قَبْلَ ذَلِكَ اهـ.

(قَوْلُهُ فَيَحْلِفُ إنْ كَانَ حَاضِرًا) فَإِنْ كَانَ غَائِبًا لَمْ يُؤَخِّرْ الْحُكْمَ إلَى تَحْلِيفِهِ خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ بِرّ وَكَتَبَ أَيْضًا أَمَّا الْغَائِبُ إلَى مَحَلٍّ قَرِيبٍ وَهُوَ بِوِلَايَةِ الْقَاضِي فَيَلْزَمُهُ الْيَمِينُ فَيَتَوَقَّفُ الْأَمْرُ عَلَى حُضُورِهِ وَحَلِفِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا مَشَقَّةَ عَلَيْهِ فِي الْحُضُورِ حِينَئِذٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ بَعُدَ أَوْ كَانَ بِغَيْرِ وِلَايَةِ الْحَاكِمِ حَجَرٌ (قَوْلُهُ إنْ حَضَرَ الْمَالُ) قَالَ أَبُو زُرْعَةَ فِي تَحْرِيرِهِ فَإِنْ كَانَ أَيْ الْمَالُ الْحَاضِرُ مَرْهُونًا أَوْ عَبْدًا جَانِيًا وَهُنَاكَ فَضْلَةٌ فَهَلْ لِلْقَاضِي أَنْ يُطَالِبَ صَاحِبَ الدَّيْنِ أَنْ يُلْزِمَ الْمُرْتَهِنَ وَالْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ بِأَخْذِ مُسْتَحَقَّيْهِمَا بِطَرِيقِهِ لِيُوَفِّيَ مَا بَقِيَ مِنْ ذَلِكَ لِمُدَّعِي الدَّيْنِ عَلَى الْغَائِبِ أَمْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؟ قَالَ: هَذَا مَوْضِعُ نَظَرٍ وَالْأَرْجَحُ إجَابَةُ صَاحِبِ الدَّيْنِ لِذَلِكَ كَذَا

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ أَنَّهُ يَحْلِفُ) هُوَ الْمَذْهَبُ وَأَفْتَى بِهِ الْوَلَدُ. اهـ. م ر فِي حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ

(قَوْلُهُ إنْ حَضَرَ الْمَالُ) أَيْ كَانَ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ وَلَوْ غَائِبًا. اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ وَحَاشِيَتُهُ (قَوْلُهُ إنْ حَضَرَ الْمَالُ) ، وَلَوْ كَانَ دَيْنًا لِلْغَائِبِ

<<  <  ج: ص:  >  >>