للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْحُكْمَ قَدْ تَمَّ وَالْأَصْلُ عَدَمُ الدَّافِعِ، وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ كَأَصْلِهِ أَنَّهُ لَا يَقْضِيهِ إنْ غَابَ الْمَالُ وَالْمُتَّجَهُ كَمَا قَالَ الشَّيْخُ تَاجُ الدِّينِ السُّبْكِيُّ خِلَافُهُ إنْ كَانَ الْغَائِبُ فِي مَحَلِّ عَمَلِهِ (وَإِنْ غَابَ) الْمَالُ وَسَأَلَ الْمُدَّعِي إنْهَاءَ الْحُكْمِ إلَى قَاضِي مَحَلِّ الْغَائِبِ (فَذَا) أَيْ فَقَاضِي مَحَلِّ الْمُدَّعِي

(شَافَهَ حَيْثُ الْحُكْمُ مِنْهُ نَفَذَا لِحَاكِمٍ بِمَوْضِعٍ قَدْ انْفَرَدْ) أَيْ شَافَهَ بِمَحَلِّ حُكْمِهِ حَاكِمًا آخَرَ قَدْ انْفَرَدَ عَنْهُ بِمَوْضِعٍ أَيْ بِالْحُكْمِ فِيهِ وَذَلِكَ بِأَنْ يَقِفَ فِي مَحَلِّ حُكْمِهِ وَيُنَادِي الْآخَرُ وَهُوَ بِمَحَلِّ حُكْمِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ وَقُلْنَا يَحْكُمُ بِعِلْمِهِ بِأَنِّي حَكَمْت لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ بِكَذَا فَأَوْفِ الْحَقَّ مِنْ مَالِهِ الَّذِي فِي مَحَلِّكَ وَخَرَجَ بِمَحَلِّ حُكْمِهِ مَا لَوْ شَافَهَهُ خَارِجَهُ؛ لِأَنَّ إخْبَارَهُ خَارِجَهُ كَإِخْبَارِهِ بَعْدَ عَزْلِهِ قَالَ الشَّيْخَانِ وَلَوْ شَافَهَ بِمَحَلِّ حُكْمِهِ وَوَالِيًا غَيْرَ قَاضٍ لِيَسْتَوْفِيَ فَلَهُ الِاسْتِيفَاءُ بِمَحَلِّ الْحُكْمِ وَخَارِجَهُ، وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ بِمَوْضِعٍ قَدْ انْفَرَدَ مِنْ زِيَادَتِهِ (أَوْ ثَبَتَ) أَيْ شَافَهَ حَاكِمًا انْفَرَدَ بِمَوْضِعٍ أَوْ ثَبَتَ (اسْتِقْلَالُ ذَيْنِ) أَيْ الْقَاضِيَيْنِ (فِي بَلَدْ) وَاحِدٍ فَعُلِمَ أَنَّهُ يَجُوزُ تَوْلِيَةُ اثْنَيْنِ قَضَاءَ بَلَدٍ بِشَرْطِ أَنْ يَثْبُتَ الِاسْتِقْلَالُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا بِالْحُكْمِ وَلَوْ شَرَطَ عَلَيْهِمَا التَّوَافُقَ فِيهِ لَمْ يَجُزْ (وَنَدْبًا اسْمَيْ الْخَصِيمَيْنِ رَقَمْ) أَيْ شَافَهَ حَاكِمًا كَمَا مَرَّ أَوْ كَتَبَ إلَيْهِ نَدْبًا اسْمَيْ الْخَصْمَيْنِ (وَنِسْبَةً وَحِلْيَةً) وَقَبِيلَةً لِكُلٍّ مِنْهُمَا لِيَسْهُلَ التَّمْيِيزُ فَإِنْ حَصَلَ التَّمْيِيزُ بِبَعْضِ ذَلِكَ اكْتَفَى بِهِ وَأَفَادَ بِقَوْلِهِ نَدْبًا أَنَّ الْكِتَابَةَ غَيْرُ وَاجِبَةٍ حَتَّى لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى إشْهَادِ عَدْلَيْنِ بِحُكْمِهِ كَفَى، وَصُورَةُ الْكِتَابِ بِالْحُكْمِ: حَضَرَ عِنْدِي فُلَانٌ وَادَّعَى عَلَى فُلَانٍ الْغَائِبِ الْمُقِيمِ بِبَلَدِ كَذَا وَأَقَامَ عَلَيْهِ شَاهِدَيْنِ وَهُمَا فُلَانٌ وَفُلَانٌ وَقَدْ عُدِّلَا عِنْدِي وَحَلَّفْت الْمُدَّعِيَ وَحَكَمْت لَهُ بِالْمَالِ وَسَأَلَنِي أَنْ أَكْتُبَ إلَيْكَ فِي ذَلِكَ فَأَجَبْتُهُ وَأَشْهَدْتُ بِهِ فُلَانًا وَفُلَانًا، وَلَا يَجِبُ تَسْمِيَةُ شُهُودِ الْحُكْمِ وَلَا شُهُودِ الْحَقِّ وَلَا ذِكْرُ أَصْلِ الشَّهَادَةِ فِيهِمَا فَيَكْتُبُ حَكَمْتُ بِكَذَا بِحُجَّةٍ أَوْجَبَتْ الْحُكْمَ فَقَدْ يَحْكُمُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ أَوْ بِعِلْمِهِ، وَتَعْبِيرُهُ بِالْخَصْمَيْنِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِالْمَحْكُومِ لَهُ وَعَلَيْهِ إذْ قَدْ لَا يَكُونُ ثَمَّ حُكْمٌ بَلْ مُجَرَّدُ ثُبُوتٍ كَمَا سَيَأْتِي (ثُمَّ خَتَمْ) كِتَابَهُ نَدْبًا حِفْظًا لِمَا فِيهِ وَإِكْرَامًا لِلْمَكْتُوبِ إلَيْهِ، وَيُنْدَبُ أَنْ يَدْفَعَ لِشَاهِدَيْ الْحُكْمِ نُسْخَةً غَيْرَ مَخْتُومَةٍ لِلتَّذَكُّرِ عِنْدَ الْحَاجَةِ وَأَنْ يَذْكُرَ فِي الْكِتَابِ نَقْشَ خَاتَمِهِ الَّذِي يُرِيدُ الْخَتْمَ بِهِ وَأَنْ يُثْبِتَ اسْمَهُ وَاسْمَ الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ فِي بَاطِنِ الْكِتَابِ وَفِي عِنْوَانِهِ (وَيُشْهِدُ) بِحُكْمِهِ وُجُوبًا (اثْنَيْنِ) يَشْهَدَانِ بِهِ عِنْدَ الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ (عَلَى التَّفْصِيلِ) لِمَا أَشْهَدَهُمَا بِهِ وَإِذَا كَتَبَ ثُمَّ أَشْهَدَهُمَا فَيَنْبَغِي أَنْ يَقْرَأَ الْكِتَابَ أَوْ يَقْرَأَ بَيْنَ يَدَيْهِ عَلَيْهِمَا وَيَقُولُ: اشْهَدَا عَلَيَّ بِمَا فِيهِ أَوْ عَلَى حُكْمِي الْمُبَيَّنِ فِيهِ فَلَوْ لَمْ يَقْرَأْ عَلَيْهِمَا وَجَهِلَا مَا فِيهِ وَقَالَ اشْهَدَا عَلَيَّ أَنَّمَا فِيهِ حُكْمِي أَوْ أَنِّي قَضَيْت بِمَضْمُونِهِ لَمْ يَكْفِ، وَتَكْفِي الشَّهَادَةُ بِلَا إشْهَادٍ خِلَافَ مَا تُوهِمُهُ عِبَارَةُ النَّاظِمِ وَأَصْلِهِ فَلَوْ حَكَمَ وَعِنْدَهُ عَدْلَانِ فَلَهُمَا أَنْ يَشْهَدَا بِحُكْمِهِ وَإِنْ لَمْ يُشْهِدْهُمَا (لَا مَنْ أَقَرَّ) بِشَيْءٍ فَإِنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يَشْهَدَ بِإِقْرَارِهِ بِمَا فِي الْكِتَابِ وَإِنْ لَمْ يُفَصِّلْهُ كَأَنْ يَقُولَ اشْهَدَا عَلَيَّ بِمَا فِيهِ وَأَنَا عَالِمٌ بِهِ فَيَشْهَدَا بِإِقْرَارِهِ إذَا حَفِظَا الْكِتَابَ عِنْدَهُمَا؛ لِأَنَّهُ يُقِرُّ عَلَى نَفْسِهِ، وَالْإِقْرَارُ بِالْمَجْهُولِ صَحِيحٌ بِخِلَافِ الْقَاضِي فَإِنَّهُ مُخْبِرٌ عَنْ نَفْسِهِ بِمَا يَضُرُّ غَيْرَهُ.

فَالِاحْتِيَاطُ فِيهِ أَهَمُّ وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ الْغَزَالِيُّ وَجَزَمَ الصَّيْمَرِيُّ بِالْمَنْعِ حَتَّى يَقْرَآهُ وَيُحِيطَا بِمَا فِيهِ، وَذَكَرَ أَنَّهُ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ.

وَاقْتَضَى كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ تَصْحِيحَهُ قَالَا وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الْخِلَافُ فِي أَنَّهُمَا هَلْ يَشْهَدَانِ بِأَنَّهُ أَقَرَّ بِمَضْمُونِ الْكِتَابِ مُفَصَّلًا أَمَّا الشَّهَادَةُ بِأَنَّهُ أَقَرَّ بِمَا فِيهِ مُبْهَمًا فَيَنْبَغِي أَنْ تُقْبَلَ قَطْعًا كَسَائِرِ الْأَقَارِيرِ الْمُبْهَمَةِ، وَخَرَجَ بِالِاثْنَيْنِ أَيْ الرَّجُلَيْنِ الْمُعَبَّرِ بِهِمَا فِي الْحَاوِي النِّسْوَةُ وَلَوْ فِيمَا يُقْبَلْنَ فِيهِ، وَالرَّجُلُ وَلَوْ فِي هِلَالِ رَمَضَانَ، وَالرَّجُلُ وَالْمَرْأَتَانِ وَلَوْ فِي الْمَالِ كَمَا عُلِمَ ذَلِكَ مِمَّا مَرَّ (بَلْ) حُكْمُ الْحَاكِمِ (عَلَى الْمَجْهُولِ يَبْطُلُ) كَأَنْ قَالَ: حَكَمْتُ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ لِعَدَمِ تَعْيِينِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ اسْتَقْصَى الْوَصْفَ وَظَهَرَ اشْتِرَاكٌ عَلَى نُدُورٍ كَمَا

ــ

[حاشية العبادي]

نَقَلَهُ النَّاشِرِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ ذَلِكَ فِي الْمَالِ الْغَائِبِ بِمَحَلِّ وِلَايَتِهِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: يَنْبَغِي جَرَيَانُهُ أَيْضًا فِي الْقَضَاءِ عَلَى الْحَاضِرِ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا مَرْهُونٌ أَوْ جَانٍ وَطَلَبَ الْمُدَّعِي مِنْ الْقَاضِي أَنَّهُ يَلْزَمُهُ بِبَيْعِهِ لِيَسْتَوْفِيَ حَقَّهُ مِنْ الْفَضْلِ فَلْيَتَأَمَّلْ سم (قَوْلُهُ إنْ كَانَ الْغَائِبُ فِي مَحَلِّ عَمَلِهِ) ، عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ إنْ كَانَ الْمَالُ فِي مَحَلِّ عَمَلِهِ (قَوْلُهُ وَإِنْ غَابَ الْمَالُ إلَخْ) قِيَاسُ الْمُتَّجَهِ الْمَذْكُورِ أَنْ يُرَادَ أَنَّهُ غَابَ فِي غَيْرِ مَحَلِّ عَمَلِهِ، وَقَدْ يُقَالُ أَوْ فِي مَحَلِّ عَمَلِهِ، وَغَايَةُ الْأَمْرِ جَوَازُ كُلٍّ مِنْ الْأَمْرَيْنِ الْقَضَاءُ مِنْهُ وَالْمُشَافَهَةُ أَوْ الْمُكَاتَبَةُ

(قَوْلُهُ فَلَهُ الِاسْتِيفَاءُ إلَخْ) ؛ لِأَنَّ سَمَاعَ الْوَالِي مُشَافَهَةً كَشَهَادَةِ الشُّهُودِ عِنْدَ الْقَاضِي بِرّ (قَوْلُهُ وَخَارِجَهُ) هَلْ الْمُرَادُ الْخَارِجُ عَنْ مَحَلِّ حُكْمِ الْمُشَافِهِ لَكِنَّهُ مَحَلُّ حُكْمِهِ هُوَ أَوْ أَعَمُّ؟ فَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ اسْتِقْلَالُ ذَيْنِ) يُصَوَّرُ هَذَا فِي الْغَائِبِ بِمَا لَوْ اتَّسَعَ عَمَلُ قَاضِيَيْنِ وَكُلٌّ مُسْتَقِلٌّ فِيهِ بِالْعَمَلِ وَكَانَ الْغَائِبُ دُونَ مَسَافَةِ الْعَدْوِ فَسَمِعَ الْحَاكِمُ الْبَيِّنَةَ ثُمَّ اجْتَمَعَ بِالْحَاكِمِ الْآخَرِ وَأَخْبَرَهُ بِرّ (قَوْلُهُ أَنْ يُقْبَلَ قَطْعًا) اعْتَرَضَهُ الْإِسْنَوِيُّ بِأَنَّ الْأَقَارِيرَ

ــ

[حاشية الشربيني]

فَيَسْتَوْفِيهِ الْقَاضِي وَيَقْضِيهِ مِنْهُ. اهـ. م ر فِي حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ

(قَوْلُهُ وَقُلْنَا يَحْكُمُ بِعِلْمِهِ) ؛ لِأَنَّ هَذَا فِي مَعْنَى الْحُكْمِ بِالْعِلْمِ؛ لِأَنَّهُ وَقْتُ الْإِخْبَارِ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْإِنْشَاءِ وَإِنْ قَدَرَ بَعْدُ فَحُكْمُهُ مُسْتَنِدٌ لِعِلْمٍ قَبْلُ بِخِلَافِ مَا لَوْ شَافَهَهُ فِي مَحَلِّ حُكْمِهِ فَإِنَّهُ مُسْتَنِدٌ لِلْمُشَافَهَةِ لِوُقُوعِهَا فِي مَوْضِعٍ يَقْدِرُ فِيهِ عَلَى الْإِنْشَاءِ تَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ إخْبَارَهُ إلَخْ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى إنْشَاءِ الْحُكْمِ حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ: وَالِيًا غَيْرَ قَاضٍ) أَيْ إذَا تَوَقَّفَ الِاسْتِيفَاءُ عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ. . اهـ. حَجَرٌ وم ر (قَوْلُهُ لَمْ يَجُزْ) أَيْ إنْ كَانَا مُجْتَهِدَيْنِ كَمَا مَرَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>