للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حَضَرَ الْقَاضِي أَوْ نَائِبُهُ لِلدَّعْوَى عَلَى عَيْنِهِ وَمَا يَتَعَذَّرُ إحْضَارُهُ كَالْعَقَارِ يَحُدُّهُ الْمُدَّعِي وَيُقِيمُ الْبَيِّنَةَ عَلَى تِلْكَ الْحُدُودِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَشْهُورًا فَلَا حَاجَةَ إلَى تَحْدِيدِهِ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ فِي الْغَائِبِ عَنْ الْبَلَدِ وَلَوْ قَالَ الشَّاهِدُ أَعْرِفُهُ بِعَيْنِهِ دُونَ حُدُودِهِ حَضَرَ الْقَاضِي أَوْ نَائِبُهُ لِتُقَامَ الْبَيِّنَةُ عَلَى عَيْنِهِ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ وَاسْتَثْنَى الْغَزَالِيُّ مِنْ وُجُوبِ إحْضَارِ مَا سَهُلَ إحْضَارُهُ مَا لَوْ كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ عَبْدًا يَعْرِفُهُ الْقَاضِي قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَهَذَا إنْ أَرَادَ بِهِ عَبْدًا مَعْرُوفًا بَيْنَ النَّاسِ فَصَحِيحٌ كَمَا فِي الْعَبْدِ الْمَعْرُوفِ الْغَائِبِ عَنْ الْبَلَدِ وَكَذَا إنْ اخْتَصَّ الْقَاضِي بِمَعْرِفَتِهِ وَحَكَمَ بِعِلْمِهِ وَإِلَّا فَالْبَيِّنَةُ لَا تُسْمَعُ بِالصِّفَةِ. اهـ.

وَظَاهِرٌ أَنَّ ذِكْرَ الْعَبْدِ مِثَالٌ فَغَيْرُهُ مِثْلُهُ

ثُمَّ بَيَّنَ النَّاظِمُ بِقَوْلِهِ (تُسْمَعُ دَعْوَى الْعَيْنِ أَوْ قِيمَتُهَا إنْ تَلِفَتْ) أَنَّ الدَّعْوَى تُسْمَعُ مُرَدَّدَةً إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْمُدَّعِي أَنَّ الْعَيْنَ بَاقِيَةٌ لِيُطَالِبَ بِهَا أَوْ تَالِفَةٌ لِيُطَالِبَ بِقِيمَتِهَا كَأَنْ يَقُولَ: غَصَبَ مِنِّي كَذَا قِيمَتُهُ كَذَا فَمُرْهُ بِرَدِّهِ إنْ بَقِيَ وَبِأَدَاءِ قِيمَتِهِ إنْ تَلِفَ أَيْ إنْ كَانَ مُتَقَوِّمًا فَإِنْ كَانَ مِثْلِيًّا طَلَبَ مِثْلَهُ فَيَحْلِفُ الْخَصْمُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ رَدُّهُ وَلَا قِيمَتُهُ أَوْ مِثْلُهُ فَإِنْ رَدَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعِي فَهَلْ يَحْلِفُ عَلَى التَّرَدُّدِ أَوْ عَلَى التَّعْيِينِ؟ وَجْهَانِ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا فِي أَوَائِلِ الدَّعَاوَى أَوْجَهُهُمَا الْأَوَّلُ وَنَظِيرُ ذَلِكَ لَوْ دَفَعَ ثَوْبَهُ لِدَلَّالٍ لِيَبِيعَهُ فَجَحَدَهُ وَشَكَّ هَلْ بَاعَهُ فَيَطْلُبَ ثَمَنَهُ أَوْ أَتْلَفَهُ فَيَطْلُبَ قِيمَتَهُ أَوْ هُوَ بَاقٍ فَيَطْلُبُهُ؟ (وَقِيمَةٌ) لِلْعَيْنِ (تُثْبِتُهَا بِحُجَّةِ الْوَصْفِ) كَأَنْ ادَّعَى أَنَّهُ غَصَبَ مِنْهُ شَاةً بِصِفَةِ كَذَا وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ بِهَا فَتَثْبُتُ بِتِلْكَ الصِّفَةِ لِلْمُدَّعِي بِتِلْكَ الْبَيِّنَةِ (إنْ ادَّعَى) خَصْمُهُ (التَّلَفْ) لَهَا (وَإِنْ يَقُلْ) خَصْمُهُ (مَا) أَيْ لَيْسَ (بِيَدِي مَا قَدْ وَصَفْ) أَيْ الْمُدَّعِي مِنْ الْعَيْنِ وَلَا اشْتَمَلَتْ يَدِي عَلَيْهِ (فَإِنْ أَقَامَ مُدَّعِيهَا بَيِّنَهْ) بِأَنَّهَا بِيَدِهِ أَوْ اشْتَمَلَتْ يَدَهُ عَلَيْهَا (أَوْ) وُجِدَ مِنْهُ (حَلِفٌ رُدَّ عَلَيْهِ) بَعْدَ نُكُولِ خَصْمِهِ (سَجَنَهْ) أَيْ حَبَسَ الْحَاكِمُ خَصْمَهُ لِإِحْضَارِ الْعَيْنِ (وَهُوَ مِنْ الْحَبْسِ إنْ ادَّعَى التَّلَفْ) لَهَا وَلَا بَيِّنَةَ (مُخَلَّصٌ) وَإِنْ كَانَ عَلَى خِلَافِ قَوْلِهِ الْأَوَّلِ لِضَرُورَةِ تَخْلِيدِهِ فِي الْحَبْسِ مَعَ إمْكَانِ صِدْقِهِ، وَتُؤْخَذُ مِنْهُ الْقِيمَةُ (وَانْقَطَعَتْ) عَنْهُ دَعْوَى الْعَيْنِ

ــ

[حاشية العبادي]

وَعَلَيْهِ قَوْلُ الشَّارِحِ مُشَارَكَتُهُ (قَوْلُهُ يَحُدُّهُ الْمُدَّعِي وَيُقِيمُ الْبَيِّنَةَ إلَخْ) فِيهِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّهُ لَا يَجِبُ أَنْ يَبْعَثَ الْقَاضِي مَنْ يَسْمَعُ الْبَيِّنَةَ عَلَى عَيْنِهِ وَلَا أَنْ يَحْضُرَ بِنَفْسِهِ بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ فَمَا يَسْهُلُ إحْضَارُهُ فَلَا بُدَّ مِنْ إحْضَارِهِ وَمَا يَعْسُرُ فَلَا بُدَّ أَنْ يَبْعَثَ إلَيْهِ أَوْ يَحْضُرَ بِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ وَيُقِيمُ الْبَيِّنَةَ عَلَى تِلْكَ الْحُدُودِ) فِي هَذِهِ الشَّهَادَةِ بِالصِّفَةِ فَالْمَنْعُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ فِي الرَّوْضِ وَيَحْكُمُ بِهِ اهـ.

وَيَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ عَلَى مَا إذَا أَفَادَ التَّحْدِيدُ مَعْرِفَةَ الْقَاضِي لَهُ عَلَى مَا سَيَأْتِي نَظِيرُهُ عَنْ ابْنِ الرِّفْعَةِ فِي مَسْأَلَةِ الْعَبْدِ بِرّ (قَوْلُهُ وَاسْتَثْنَى الْغَزَالِيُّ) يَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ نَظِيرُ هَذَا فِيمَا يَعْسُرُ إحْضَارُهُ السَّالِفُ فَيُقَالُ إنْ كَانَ مَعْرُوفًا لِلْقَاضِي أَوْ أَدَّتْ شَهَادَةُ الْبَيِّنَةِ وَوَصْفُهَا إلَى مَعْرِفَةِ الْقَاضِي لَهُ يَسُوغُ لَهُ الْحُكْمُ مِنْ غَيْرِ حُضُورِ الْقَاضِي عِنْدَهُ بِرّ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَالْبَيِّنَةُ لَا تُسْمَعُ بِالصِّفَةِ) أَيْ بِالْأَعْيَانِ الَّتِي بِالْبَلَدِ كَمَا هُوَ صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ بِرّ قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ لَكِنْ أَجَابَ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِأَنَّ الْمَمْنُوعَ إنَّمَا هُوَ الشَّهَادَةُ بِوَصْفٍ لَا يَحْصُلُ لِلْقَاضِي بِهِ مَعْرِفَةُ الْمَوْصُوفِ مَعَهُ دُونَ مَا إذَا حَصَلَتْ بِهِ كَمَا هُنَا اهـ.

ــ

[حاشية الشربيني]

فَإِنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ الْوُصُولُ إلَى التَّعْيِينِ، فَلَا تُمْكِنُ الدَّعْوَى إلَّا بِأَنْ يُصَادِفَ الْمُدَّعِي عَشَرَةَ أَذْرُعٍ فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَيَدَّعِيَهَا وَيُوقِعَ الدَّعْوَى عَلَى عَيْنِهَا.

اهـ مِنْ حَاشِيَةِ شَرْحِ الرَّوْضِ وَلَا يُنَافِي هَذَا مَا مَرَّ عَنْ الرَّوْضَةِ مِنْ سَمَاعِ الدَّعْوَى فِيمَا لَا يَتَمَيَّزُ بِسِمَةٍ كَالْكِرْبَاسِ؛ لِأَنَّهَا سُمِعَتْ هُنَاكَ لِأَجْلِ نَقْلِهَا وَتَعْيِينِهَا لَا لِأَجْلِ الْحُكْمِ كَمَا مَرَّ فِي الشَّرْحِ، وَلَا نَقْلَ هُنَا فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: مَعْرُوفًا بَيْنَ النَّاسِ) قَالَ م ر وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ عَرَفَهُ النَّاسُ وَالْقَاضِي فَلَهُ الْحُكْمُ بِهِ مِنْ غَيْرِ إحْضَارٍ وَإِنْ اخْتَصَّ بِمَعْرِفَتِهِ الْقَاضِي فَلَهُ الْحُكْمُ إنْ حَكَمَ بِعِلْمِهِ لَا لِبَيِّنَةٍ. اهـ. سم وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ إنَّ الشَّهَادَةَ بِالْوَصْفِ إنْ أَدَّتْ إلَى مَعْرِفَةِ الْقَاضِي لَهُ سَاغَ لَهُ الْحُكْمُ بِهَا وَتَكُونُ كَالشَّهَادَةِ عَلَى الْمَعْرُوفِ بَيْنَ النَّاسِ وَأَشَارَ م ر فِي حَاشِيَةِ شَرْحِ الرَّوْضِ إلَى تَصْحِيحِهِ وَلَا مُخَالَفَةَ بَيْنَ هَذَا وَمَا نَقَلَهُ سم عَنْ م ر؛ لِأَنَّ ذَلِكَ فِي مَعْرِفَةٍ لِلْقَاضِي لَمْ تَحْصُلْ لَهُ مِنْ وَصْفِ الشُّهُودِ وَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِيمَا إذَا حَصَلَ لِلْقَاضِي مَعْرِفَةُ الْمَوْصُوفِ مِنْ وَصْفِ الشُّهُودِ بِأَنْ عَهِدَهُ بِتِلْكَ الصِّفَاتِ قَبْلُ وَطَابَقَ وَصْفُ الشُّهُودِ مَا عَرَفَهُ، ثُمَّ ظَاهِرُ كَلَامِ م ر الَّذِي نَقَلَهُ عَنْهُ سم أَنَّ الْمَشْهُورَ بَيْنَ النَّاسِ لَا يَصِحُّ الْحُكْمُ عَلَيْهِ إلَّا إنْ عَرَفَهُ الْقَاضِي وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْهُ مِنْ وَصْفِ الشُّهُودِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ خِلَافُهُ فَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ وَحَكَمَ بِعِلْمِهِ) فَإِنْ حَكَمَ بِالْبَيِّنَةِ، فَلَا م ر سم (قَوْلُهُ: وَحَكَمَ بِعِلْمِهِ) بِأَنْ عَلِمَ صِدْقَ الْمُدَّعِي وَحَكَمَ بِهِ، وَقَوْلُهُ وَإِلَّا أَيْ إلَّا يَحْكُمْ بِعِلْمِهِ بَلْ حَكَمَ بِالْبَيِّنَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>