إلَى بَدَلِ الْبُضْعِ الْمُفَوَّتِ بِالشَّهَادَةِ، إذْ النَّظَرُ فِي الْإِتْلَافِ إلَى الْمُتْلِفِ لَا إلَى مَا قَامَ بِهِ عَلَى الْمُسْتَحَقِّ وَلَا يَغْرَمُ مَعَ ذَلِكَ مُتْعَةً كَمَا أَفْهَمَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى ذِكْرِ الصَّدَاقِ (لَا فِي) صُورَةِ الطَّلَاقِ (الرَّجْعِيّ) فَلَا يَغْرَمُ شَيْئًا مِنْ الْمَهْرِ (إنْ رَدَّ) الزَّوْجُ زَوْجَتَهُ أَيْ رَاجَعَهَا إذْ لَمْ يُفَوِّتْ عَلَيْهِ شَيْئًا فَإِنْ لَمْ يُرَاجِعْهَا حَتَّى انْقَضَتْ عِدَّتُهَا غَرِمَ كَمَا فِي الْبَائِنِ.
قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَهَذَا غَيْرُ مُعْتَمَدٍ وَالْأَصَحُّ الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا يَغْرَمُ شَيْئًا إذَا أَمْكَنَ الزَّوْجَ الرَّجْعَةُ فَتَرَكَهَا بِاخْتِيَارِهِ. اهـ.
وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الِامْتِنَاعَ مِنْ تَدَارُكِ مَا يَعْرِضُ بِجِنَايَةِ الْغَيْرِ لَا يُسْقِطُ الضَّمَانَ كَمَا لَوْ جَرَحَ شَاةَ غَيْرِهِ فَلَمْ يَذْبَحْهَا مَالِكُهَا مَعَ التَّمَكُّنِ مِنْهُ حَتَّى مَاتَتْ (أَوْ مِنْ قِيمَةٍ يُؤَدِّي) أَيْ وَيَغْرَمُ فِي الْحَالِ مِنْ قِيمَةِ الرَّقِيقِ مَا يَذْكُرُ وَذَلِكَ (فِي عِتْقِ مُسْتَوْلَدَةٍ وَ) عِتْقِ (عَبْدِ وَعِتْقِ مَنْ دُبِّرَ أَوْ كُوتِبَ) وَمِثْلُهَا الْوَقْفُ وَتَعْيِينُ شَاةٍ لِلْأُضْحِيَّةِ، وَالْعِبْرَةُ فِي الْقِيمَةِ بِيَوْمِ الشَّهَادَةِ (لَا فِي نَفْسِ تَدْبِيرٍ وَإِيلَادٍ) فَإِنَّهُ لَا يَغْرَمُ بِرُجُوعِهِ (إلَى أَنْ مَاتَ سَيِّدٌ) ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ إنَّمَا يَزُولُ حِينَئِذٍ (وَ) لَا (فِي التَّعْلِيقِ بِصِفَةٍ فِي الْعِتْقِ وَالتَّطْلِيقِ) فَإِنَّهُ لَا يَغْرَمُ بِرُجُوعِهِ (إلَى وُجُودِ ذَلِكَ الْوَصْفِ) الْمُعَلَّق بِهِ؛ لِأَنَّ الْعِتْق وَالطَّلَاق إنَّمَا يُوجَدَانِ حِينَئِذٍ.
قَالَ الشَّيْخَانِ وَلَوْ شَهِدَا بِكِتَابَةِ عَبْدٍ ثُمَّ رَجَعَا وَأَدَّى النُّجُوم وَعَتَقَ ظَاهِرًا فَهَلْ الْمَغْرُوم مَا بَيْن قِيمَته وَالنُّجُوم؛ لِأَنَّهُ الْفَائِت أَوْ كُلّ الْقِيمَة؛ لِأَنَّهُ الْمُؤَدَّى مِنْ كَسْبه وَهُوَ لِلسَّيِّدِ وَجْهَانِ وَلَوْ شَهِدَا بِأَنَّهُ أَعْتَقَهُ بِمَالِ دُون الْقِيمَة فَالْمَنْقُول أَنَّهُ كَمَا لَوْ شَهِدَا بِأَنَّ فُلَانًا طَلْق امْرَأَته بِأَلْفٍ وَمَهْرهَا أَلْفَانِ ثُمَّ رَجَعَا وَقَدْ قَالَ فِيهَا ابْن الْحَدَّاد وَالْبَغَوِيّ عَلَيْهِمَا أَلْف وَقَدْ وَصَلِّ إلَيْهِ مِنْهَا أَلْف وَقَالَ ابْن كَجّ عَلَيْهِمَا مَهْر الْمِثْل بَعْد الدُّخُول وَنِصْفه قَبْله كَمَا لَوْ لَمْ يَذْكُرَا عِوَضًا وَأَمَّا الْأَلْف فَمَحْفُوظ عِنْده لَهَا إنْ قَبَضَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدَّعِيه وَإِلَّا فَيُقِرّ عِنْدهَا حَتَّى يَدَّعِيه وَظَاهِر كَلَام الشَّيْخَيْنِ تَرْجِيح الْأَوَّل وَقَوْل ابْن كَجّ عَلَيْهِمَا نِصْف الْمَهْر قَبْل الدُّخُول جَارٍ عَلَى الْمَرْجُوح مِنْ أَنَّهُمَا إذَا شَهِدَا بِطَلَاقٍ قَبْله ثُمَّ رَجَعَا يَلْزَمهُمَا النِّصْف وَقَوْل النَّظْم (حِصَصْ مَا عَنْ أَقَلِّ حُجَّةٍ تَكْفِي نَقَصْ) مَفْعُول غُرْم وَالْمَعْنَى أَنَّ الشَّاهِد الرَّاجِع يَغْرَم فِيمَا مَرَّ حِصَّة مَا نَقَصَ عَنْ أَقَلِّ حُجَّة تَكْفِي فِي تِلْكَ الْوَاقِعَة لَا حِصَّة مَا نَقَصَ عَنْ الْعَدَد الْوَاقِع فِيهَا فَلَوْ شَهِدَ بِالْعِتْقِ اثْنَانِ وَرَجَعَ أَحَدهمَا غَرِمَ النِّصْف أَوْ شَهِدَ بِهِ أَرْبَعَة وَرَجَعَ ثَلَاثَة غَرِمُوا النِّصْف بِالسَّوِيَّةِ وَإِنْ رَجَعَ مِنْهُمْ اثْنَانِ لَمْ يَغْرَمَا شَيْئًا لِقِيَامِ الْحُجَّة بِمِنْ بَقِيَ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَوْ رَجَعَ الشُّهُود كُلّهمْ غَرِمُوا الْكُلّ بِالسَّوِيَّةِ سَوَاء كَانُوا أَقُلْ الْحُجَّة أُمّ زَادُوا (لَا شَاهِدُ الْإِحْصَانِ) فِي الزِّنَا فَإِنَّهُ لَا يَغْرَم بِرُجُوعِهِ شَيْئًا (فِي الصَّحِيحِ) وَإِنْ تَأَخَّرَتْ شَهَادَته عَنْ شَهَادَة الزِّنَا إذَا لَمْ يَشْهَد بِمَا يُوجِب عُقُوبَة وَإِنَّمَا وَصَفّه بِصِفَةِ كَمَالِ وَمُقَابِل الصَّحِيح الْمَزِيد عَلَى الْحَاوِي أَنَّهُ يَغْرَم لِتُوقَف الرَّجْم عَلَى مَا شَهِدَ بِهِ فَيَغْرَم الثُّلُث وَقِيلَ النِّصْف (وَ) لَا شَاهِد (صِفَةِ الْعَتَاقِ وَ) لَا شَاهِد صِفَة (التَّسْرِيحِ) أَيْ الطَّلَاق فَلَا يَغْرَمَانِ بِرُجُوعِهِمَا شَيْئًا؛ لِأَنَّ شَهَادَتهمَا شَرْط لَا سَبَب وَالْحُكْمُ إنَّمَا يُضَاف إلَى السَّبَب لَا إلَى الشَّرْط عَلَى الْأَصَحّ وَلَوْ أَخَّرَ قَوْله فِي الصَّحِيح عَنْ صِفَة الْعَتَاق وَالطَّلَاق كَانَ أَوْلَى فَإِنَّ الْخِلَافَ جَارٍ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ وَمَا ذَكَره فِيهَا هُوَ مَا صَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ تَبَعًا لِلْبَغَوِيِّ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَالْمَعْرُوفُ فِيهَا الْغُرْمُ فَقَدْ صَحَّحَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْبَنْدَنِيجِيُّ وَالْجُرْجَانِيُّ انْتَهَى وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ إنَّهُ الْأَرْجَحُ وَقَدْ صَحَّحَ الشَّيْخَانِ أَنَّ الْمُزَكِّيَ يَغْرَمُ وَبِهِ جَزَمَ النَّاظِمُ وَأَصْلُهُ فَشُهُودُ الْإِحْصَانِ وَالصِّفَةُ كَذَلِكَ بَلْ أَوْلَى
(وَلَوْ شَهِدَ اثْنَانِ) لِامْرَأَةٍ عَلَى رَجُلٍ (بِعَقْدٍ) أَيْ بِعَقْدِ نِكَاحِهِ عَلَيْهَا بِصَدَاقٍ مَعْلُومٍ (فِي صِفَرْ وَ) شَهِدَ لَهَا (اثْنَانِ أَنَّ الْوَطْءَ
ــ
[حاشية العبادي]
عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ حَالٍ مِنْ مَفْعُولِ غَرِمَ وَهُوَ حِصَصَ الْآتِي فِي الْمَتْنِ وَبِبِدَعٍ خَبَرُ لَيْسَ وَالتَّقْدِيرُ: وَلَيْسَ غُرْمُ رَاجِعٍ حِصَصَ مَا عَنْ أَقَلِّ حُجَّةٍ تَكْفِي نَقْص حَالَ كَوْنِ تِلْكَ الْحِصَصِ كَائِنَةً مِنْ الْفَائِتِ غَيْرَ الصَّدَاقِ وَقِيمَةِ الْعَتِيقِ، وَمِنْ الصَّدَاقِ فِي مَسْأَلَةِ الْفِرَاقِ وَالْقِيمَةِ فِي مَسْأَلَةِ الْعَتَاقِ بِبِدَعٍ بِرّ (قَوْلُهُ مَنْ دُبِّرَ أَوْ كُوتِبَ) شَهِدَ بِعِتْقِهِمْ ثُمَّ رَجَعَ (قَوْلُهُ لَا فِي نَفْسِ إلَخْ) شَهِدَ بِهِمَا ثُمَّ رَجَعَ (قَوْلُهُ بِمَالٍ دُونَ الْقِيمَةِ إلَخْ) الْمُعْتَمَدُ هُنَا لُزُومُ تَمَامِ الْقِيمَةِ كَمَسْأَلَةِ الْكِتَابَةِ السَّابِقَةِ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الطَّلَاقِ، وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ مَا أَخَذَهُ مِنْ الزَّوْجَةِ مِنْ مَالِهَا وَمَا أَخَذَهُ مِنْ الرَّقِيقِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ كَسْبُ عَبْدِهِ وَهُوَ مِلْكُهُ م ر (قَوْلُهُ لَا شَاهِدَ الْإِحْصَانِ) عَبَّرَ الشَّارِحُ هُنَا بِشُهُودِ الْإِحْصَانِ وَفِيمَا يَأْتِي بِشُهُودِ الصِّفَةِ (قَوْلُهُ: بَلْ أَوْلَى) لَكَ مَنْعُ الْمُسَاوَاةِ فَضْلًا عَنْ الْأَوْلَوِيَّةِ فَتَأَمَّلْهُ. وَكَتَبَ أَيْضًا وَيُفَرَّقَ بَيْنَهُ أَيْ الْمُزَكِّي وَبَيْنَ شَاهِدِ الْإِحْصَانِ بِأَنَّ الزِّنَا مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الْإِحْصَانِ صَالِحٌ لِلْإِلْجَاءِ وَإِنْ اخْتَلَفَ الْحَدُّ، وَالشَّهَادَةُ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ التَّزْكِيَةِ غَيْرُ صَالِحَةٍ أَصْلًا فَكَانَ الْمُلْجِئُ هُوَ التَّزْكِيَةُ حَجَرٌ
(قَوْلُهُ بِصَدَاقٍ مَعْلُومٍ) قَدْ يُقَالُ لَا حَاجَةَ لِهَذَا التَّقْيِيدِ
[حاشية الشربيني]
قَوْلُهُ وَالْأَصَحُّ إلَخْ) ضَعِيفٌ. اهـ. م ر (قَوْلُهُ فِي عِتْقِ مُسْتَوْلَدَةٍ إلَخْ) ، وَقِيمَةُ أُمِّ الْوَلَدِ وَالْمُدَبَّرِ تُؤْخَذُ مِنْهُمَا لِلْحَيْلُولَةِ حَتَّى يَسْتَرِدَّاهَا بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ، وَشَرْطُ اسْتِرْدَادِهَا فِي الْمُدَبَّرِ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ الثُّلُثِ فَإِنْ خَرَجَ مِنْهُ بَعْضُهُ اسْتَرَدَّ قَدْرَ مَا خَرَجَ. نَبَّهَ عَلَيْهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ. اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ وَشَرْحُ م ر عَلَى الْمِنْهَاجِ (قَوْلُهُ بِيَوْمِ الشَّهَادَةِ) أَيْ إنْ اتَّصَلَ بِهَا الْحُكْمُ؛ لِأَنَّهُ وَقْتُ نُفُوذِ الْعِتْقِ. اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ وَأَشَارَ م ر إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَالصِّفَةُ كَذَلِكَ بَلْ أَوْلَى)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute