الْمَالِكِ، وَانْتِفَاعُهُمْ إنَّمَا هُوَ بِالْعَمَلِ فِيهِ (وَ) سَأَلَ حَلِفَ (مُدَّعِي بَقَا حَيَاةِ الشَّخْصِ) الَّذِي (قَدْ لُفَّ بِثَوْبٍ) وَلَوْ كَفَنًا (وَامْرُؤٌ نِصْفَيْنِ قَدْ) أَيْ وَقَدْ قَدَّهُ امْرُؤٌ نِصْفَيْنِ وَادَّعَى مَوْتَهُ حِينَ الْقَدِّ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْحَيَاةِ، وَالْوَاجِبُ بِالْحَلِفِ الدِّيَةُ لَا الْقَوَدُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ بَقَا حَيَاةِ إلَى أَنَّ مَحَلَّ تَصْدِيقِ مُدَّعِيهِ إذَا عَهِدَ لِلْمَلْفُوفِ حَيَاةً وَإِلَّا فَالْمُصَدَّقُ الْجَانِي وَبِهِ جَزَمَ الْبُلْقِينِيُّ قَالَ وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ أَنَّهُ يُكْتَفَى فِي تَحْلِيفِ الْوَلِيِّ بِيَمِينٍ وَاحِدَةٍ وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ خَمْسِينَ يَمِينًا (وَ) سَأَلَ حَلِفَ (مُدَّعِي كَمَالَ عُضْوٍ) بَاطِنٍ وَهُوَ مَا (سُتِرَا مُرُوءَةً) حَيْثُ جَنَى عَلَيْهِ جَانٍ وَادَّعَى نَقْصَهُ كَشَلَلٍ وَلَا يَجِبُ فِيهِ الْقَوَدُ أَيْضًا (خِلَافَ) مُدَّعِي كَمَالِ (عُضْوٍ ظَهَرَا) وَهُوَ مَا لَا يَخْرِمُ كَشْفُهُ الْمُرُوءَةَ كَيَدٍ فَلَا يَسْأَلُ الْقَاضِي حَلِفَهُ بَلْ يَسْأَلُهُ الْبَيِّنَةَ إذْ لَا يَعْسُرُ إقَامَتُهَا عَلَى كَمَالِ مِثْلِهِ بِخِلَافِ الْبَاطِنِ هَذَا إذَا أَنْكَرَ أَصْلَ الْكَمَالِ؛ لِأَنَّ
الْأَصْلَ اسْتِمْرَارُهُ فَإِنْ ادَّعَى حُدُوثَ النَّقْصِ فَالْمُصَدَّقُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ (وَ) سَأَلَ (حَلِفَ الْوَارِثِ) أَيْ وَارِثِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِقَطْعِ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ (حَيْثُ يَدَّعِي وَفَاتَهُ بَعْدَ انْدِمَالِ الْأَرْبَعِ) الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ لِيَلْزَمَ الْجَانِيَ دِيَتَانِ وَادَّعَى الْجَانِي وَفَاتَهُ بِالسِّرَايَةِ لِيُلْزِمَهُ دِيَةً وَاحِدَةً؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ السِّرَايَةِ، وَهَذَا فِي مُدَّةٍ تَحْتَمِلُ الِانْدِمَالَ وَلَوْ عَلَى بُعْدٍ فَإِنْ لَمْ تَحْتَمِلْهُ لِقِصَرِهَا كَيَوْمٍ وَيَوْمَيْنِ فَالْمُصَدَّقُ الْجَانِي بِلَا يَمِينٍ، أَوْ قُطِعَ فِيهَا بِالِانْدِمَالِ لِطُولِهَا فَالْمُصَدَّقُ الْوَارِثُ بِلَا يَمِينٍ، ذَكَرَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَالرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُمَا
قَالَ الرَّافِعِيُّ وَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ لَيْسَ لِمُدَّةِ الِانْدِمَالِ ضَبْطٌ فَقَدْ يَبْقَى الْجُرْحُ سِنِينَ فَلَا بُدَّ مِنْ الْيَمِينِ وَهُوَ مَا فِي التَّهْذِيبِ وَغَيْرِهِ وَأَسْقَطَ فِي الرَّوْضَةِ هَذَا الْبَحْثَ وَلَوْ اتَّفَقَا عَلَى قَتْلِهِ لَكِنْ قَالَ الْجَانِي قَتَلْتُهُ قَبْلَ الِانْدِمَالِ فَعَلَيَّ دِيَةٌ وَاحِدَةٌ وَقَالَ الْوَلِيُّ بَعْدَهُ فَعَلَيْكَ ثَلَاثٌ، وَالزَّمَنُ مُحْتَمِلٌ لِلِانْدِمَالِ صُدِّقَ الْوَلِيُّ فِي بَقَاءِ الدِّيَتَيْنِ وَالْجَانِي فِي نَفْيِ الثَّالِثَةِ (وَ) سَأَلَ حَلِفَ (مُدَّعِي حُرِّيَّةِ الَّذِي قَذَفْ) أَيْ قَذَفَهُ (زَيْدٌ) الْحُرُّ وَادَّعَى رِقَّهُ (كَفِي) أَيْ كَمَا يَسْأَلُ حَلِفَ مُدَّعِي حُرِّيَّةِ الْقَتِيلِ فِي صُورَةِ (الْقَتْلِ وَ) الْمَقْطُوعِ (فِي) صُورَةِ (قَطْعِ الطَّرَفِ) وَقَدْ ادَّعَى الْجَانِي رِقَّهُمَا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ وَالْغَالِبَ الْحُرِّيَّةُ سَوَاءٌ ادَّعَاهَا الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ أَمْ وَارِثُهُ (وَإِنْ خُنْثَى بِأُنُوثَةٍ أَقَرْ) أَيْ وَسَأَلَ حَلِفَ مُدَّعٍ أَنَّ الْخُنْثَى الْمُشْكِلَ أَقَرَّ بِأُنُوثَتِهِ حَيْثُ قَطَعَ رَجُلٌ ذَكَرَهُ وَأُنْثَيَيْهِ وَادَّعَى أَنَّهُ أَقَرَّ بِأُنُوثَتِهِ لِيَنْتَفِيَ عَنْهُ الْقَوَدُ فَأَنْكَرَ الْخُنْثَى وَادَّعَى أَنَّهُ ذَكَرٌ لِيُثْبِتَ لَهُ الْقَوَدَ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْقَوَدِ، وَالْمَقْطُوعُ مِنْهُمْ فِي قَوْلِهِ (وَالْعَوْدُ عَنْ إذْنٍ وَمَا الْبَيْعُ صَدَرْ) أَيْ وَسَأَلَ حَلِفَ مُدَّعِي الْعَوْدِ وَهُوَ الْمُرْتَهِنُ عَنْ إذْنِهِ فِي بَيْعِ الْمَرْهُونِ قَبْلَ صُدُورِ الْبَيْعِ حَيْثُ أَذِنَ لِلرَّاهِنِ فِي بَيْعِهِ فَبَاعَهُ ثُمَّ ادَّعَى رُجُوعَهُ عَنْهُ قَبْلَ بَيْعِهِ وَادَّعَى الرَّاهِنُ أَنَّهُ إنَّمَا رَجَعَ عَنْهُ بَعْدَهُ فَالْمُصَدَّقُ الْمُرْتَهِنُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ اسْتِمْرَارُ الرَّهْنِ، وَقَالَ الْبَغَوِيّ: الْمُصَدَّقُ السَّابِقُ مِنْهُمَا وَهُوَ الْأَصَحُّ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الرَّجْعَةِ وَتَقَدَّمَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي الرَّهْنِ أَيْضًا (وَ) سَأَلَ حَلِفَ (مُدَّعِي قَصْدِ الْأَدَا) عَنْ الدَّيْنِ الَّذِي بِهِ رَهْنٌ مَثَلًا وَادَّعَى رَبُّ الدَّيْنِ أَنَّ الْأَدَاءَ كَانَ عَنْ دَيْنٍ آخَرَ لَيْسَ بِهِ رَهْنٌ؛ لِأَنَّ الْمُؤَدِّيَ أَعْرَفُ بِقَصْدِهِ (وَدُونَهُ لِأَيِّ دَيْنٍ شَاءَ يَصْرِفُونَهُ) أَيْ وَإِنْ أَدَّى
ــ
[حاشية العبادي]
رَدَّهَا عَلَيْهِ بِرّ (قَوْلُهُ أَنَّهُ يَكْفِي) وَوَجْهُهُ ظَاهِرٌ، فَإِنَّ الْقَصْدَ إثْبَاتُ الْحَيَاةِ لَا الْقَتْلِ فَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ وَلَا يَجِبُ فِيهِ الْقَوَدُ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَإِذَا صُدِّقَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ وَجَبَ الْقِصَاصُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَنَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ قَضِيَّةِ كَلَامِ الْبَنْدَنِيجِيِّ وَالْأَصْحَابِ ثُمَّ اسْتَشْكَلَهُ بِمَا مَرَّ فِي الْمَلْفُوفِ وَيُفَرَّقَ بِأَنَّ الْجَانِيَ ثَمَّ لَمْ يَعْتَرِفْ بِبَدَلٍ أَصْلًا بِخِلَافِهِ هُنَا اهـ. كَلَامُ شَرْحِ الرَّوْضِ لَكِنْ جَزَمَ الْجَلَالُ الْمَحَلِّيُّ بِعَدَمِ وُجُوبِ الْقِصَاصِ وَجَعَلَهُ أَمْرًا وَاضِحًا حَيْثُ قَالَ: وَمَعْلُومٌ أَنَّ التَّصْدِيقَ بِالْيَمِينِ وَأَنَّهُ لَا قِصَاصَ اهـ.، وَقَدْ كَتَبَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ بِخَطِّهِ بِهَامِشِ شَرْحِ الرَّوْضِ مَا قَالَهُ ع نَقْلًا عَنْهُ فَأَشْعَرَ ذَلِكَ بِارْتِضَائِهِ وَاعْتِمَادِ نَفْيِ
[حاشية الشربيني]
فِي حَوَاشِي الرَّوْضِ: التَّصْوِيرُ بِالْمُبَاشَرَةِ وَقَعَ فِي كَلَامِ الْغَزَالِيِّ وَالْإِمَامِ جَرْيًا عَلَى الْغَالِبِ، فَغَيْرُ الْمُبَاشِرِ كَذَلِكَ
(قَوْلُهُ وَإِلَّا) كَسِقْطٍ لَمْ تُعْلَمْ حَيَاتُهُ (قَوْلُهُ وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ الصَّبَّاغِ) هُوَ الْأَوْجَهُ مِنْ تَرْجِيحِ الْبُلْقِينِيِّ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْحَلِفَ ثَمَّ عَلَى الْقَتْلِ وَهُنَا عَلَى حَيَاةِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ (قَوْلُهُ بَلْ يَسْأَلُهُ الْبَيِّنَةَ) أَيْ فَلَا يُصَدَّقُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ إلَّا بِالْبَيِّنَةِ وَيُصَدَّقُ الْجَانِي بِيَمِينِهِ (قَوْلُهُ هَذَا) أَيْ عَدَمُ تَصْدِيقِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ إلَّا بِالْبَيِّنَةِ إذَا أَنْكَرَ الْجَانِي أَصْلَ السَّلَامَةِ فَيُعْمَلُ بِالْبَيِّنَةِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ اسْتِمْرَارُ السَّلَامَةِ الَّتِي شَهِدَتْ بِهَا إلَى وَقْتِ الْجِنَايَةِ (قَوْلُهُ فَالْمُصَدَّقُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ) أَيْ لِلْأَصْلِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ صُدِّقَ الْوَلِيُّ) أَيْ بِيَمِينِهِ، وَكَذَا الْجَانِي، فَحَلِفُ الْجَانِي أَفَادَ سُقُوطَ الثَّالِثَةِ وَحَلِفُ الْوَلِيِّ أَفَادَ دَفْعَ النَّقْصِ عَنْ دِيَتَيْنِ فَلَا يُوجِبُ زِيَادَةً اهـ.
شَرْحُ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ أَقَرَّ) خَرَجَ مَا لَوْ ادَّعَى الْجَانِي أَنَّهُ أُنْثَى فَإِنَّهُ لَا يُسْمَعُ؛ لِأَنَّ أُنُوثَتَهُ لَا تُعْرَفُ إلَّا مِنْهُ أَوْ بِالْوِلَادَةِ وَلَا يُصَدَّقُ الْخُنْثَى فِي قَوْلِهِ الْآنَ: إنِّي ذَكَرٌ لِاتِّهَامِهِ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْمَقْطُوعَ إنْ كَانَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَيَيْنِ فَقَطْ أَدَّى حُكُومَتَهُمَا وَوَقَفَ الْأَمْرُ فَإِنْ بَانَتْ ذُكُورَتُهُ اقْتَصَّ وَرَدَّ الْحُكُومَتَيْنِ فَإِنْ عَفَا فَدِيَتَانِ، وَتَقَاصَصَ بِمَا عِنْدَهُ مِنْ الْحُكُومَتَيْنِ وَإِنْ كَانَ هُمَا وَالشَّفْرَيْنِ تَأَتَّى هُنَا قَوْلُ الْمَتْنِ السَّابِقُ فِي الْجِنَايَةِ: وَرَجُلٌ الْأَقَلُّ مِنْ حُكُومَةِ شَفْرَيْهِ إلَخْ. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ (قَوْلُهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute