مَعَ أَلَمٍ مِنْ وَقْتِ السِّحْرِ (حَتَّى قَضَى) أَيْ إلَى إنْ مَاتَ فَهُوَ لَوْثٌ فِي حَقِّ الْمُعْتَرِفِ، وَإِنْ قَالَ لَكِنْ مَاتَ بِسَبَبٍ آخَرَ
(وَقَوْلِ رَاوٍ) أَيْ وَكَقَوْلِ مَنْ تُقْبَلُ رِوَايَتُهُ أَنَّ فُلَانًا قَتَلَ فُلَانًا فَهُوَ لَوْثٌ فِي حَقِّ الْمُخْبَرِ عَنْهُ سَوَاءٌ أَتَى الرَّاوِي بِصِيغَةِ الشَّهَادَةِ أَمْ بِصِيغَةِ الْإِخْبَارِ كَمَا أَفَادَهُ تَعْبِيرُهُ بِقَوْلِ رَاوٍ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ الِاكْتِفَاءُ بِرَاوٍ وَاحِدٍ مِنْ الْعَبِيدِ وَالنِّسَاءِ وَفِي الْوَجِيزِ أَنَّهُ الْقِيَاسُ، لَكِنَّ الْمَنْقُولَ خِلَافُهُ، وَعِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ وَشَهَادَةُ الْعَدْلِ لَوْثٌ، وَكَذَا عَبِيدٌ أَوْ نِسَاءٌ
، وَالْمُرَادُ اثْنَانِ فَأَكْثَرُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ التَّهْذِيبِ وَغَيْرُهُ سَوَاءٌ جَاءَا مُتَفَرِّقَيْنِ أَمْ لَا (وَ) كَقَوْلِ (بَنِي) أَيْ أَصْحَابِ (فِسْقٍ) وَلَوْ كُفْرًا (وَصِبْيَةٍ) أَنَّ فُلَانًا قَتَلَ فُلَانًا فَهُوَ لَوْثٌ فِي حَقِّ الْمُخْبَرِ عَنْهُ؛ لِأَنَّ اتِّفَاقَهُمْ عَلَى الْإِخْبَارِ عَنْ الشَّيْءِ يَكُونُ غَالِبًا عَنْ حَقِيقَةٍ، وَمِنْ اللَّوْثِ التَّسَامُعُ بِأَنْ وَقَعَ فِي أَلْسِنَةِ الْعَامِّ وَالْخَاصِّ أَنَّ فُلَانًا قَتَلَ فُلَانًا، وَإِبْهَامُ الْمُخْبِرِ الْقَاتِلَ كَقَوْلِهِ قَتَلَهُ أَحَدُ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ فَإِذَا عَيَّنَ الْوَلِيُّ وَاحِدًا أَقْسَمَ عَلَيْهِ كَمَا فِي التَّفَرُّقِ عَنْ قَتِيلٍ، وَلَيْسَ مِنْهُ قَوْلُ الْجَرِيحِ: جَرَحَنِي فُلَانٌ وَلَا إبْهَامُ الْقَتِيلِ كَقَوْلِهِ قَتَلَ فُلَانًا أَحَدُ هَذَيْنِ الْقَتِيلَيْنِ، وَخَالَفَ إبْهَامُ الْقَاتِلِ بِأَنَّ الْقَاتِلَ يُخْفِي قَتْلَهُ مَا أَمْكَنَهُ فَيَعْسُرُ تَعْيِينُهُ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فَإِنْ اتَّحَدَ وَلِيُّهُمَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ اُتُّجِهَ اللَّوْثُ وَلَوْ عَايَنَ الْقَاضِي لَوْثًا اعْتَمَدَهُ وَلَا يَأْتِي فِيهِ خِلَافُ الْقَضَاءِ بِالْعِلْمِ؛ لِأَنَّهُ يَقْضِي بِالْأَيْمَانِ (وَإِنْ) أَيْ سَأَلَ حَلِفَ مُسْتَحِقِّ بَدَلِ الدَّمِ إنْ ظَهَرَ لَوْثٌ وَإِنْ (لَمْ يَكُنِ) بِالْقَتِيلِ بَعْدَ ظُهُورِ أَثَرِ قَتْلِهِ (آثَارُ تَخْنِيقٍ وَجُرْحٍ) لِاحْتِمَالِ هَلَاكِهِ بِعَصْرِ خُصْيَيْهِ وَقَبْضِ مَجْرَى نَفَسِهِ وَنَحْوِهِمَا فَلَوْ لَمْ يُوجَدْ أَثَرٌ أَصْلًا فَلَا قَسَامَةَ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ مَاتَ فَجْأَةً، وَالْأَصْلُ أَنَّ الْغَيْرَ لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ فَلَا بُدَّ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ قَتِيلٌ لِيَبْحَثَ عَنْ الْقَاتِلِ كَذَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا، وَالْمَذْهَبُ الْمَنْصُوصُ وَقَوْلُ الْجُمْهُورِ ثُبُوتُهَا كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ فِي الْمُهِمَّاتِ ثُمَّ بَسَطَهُ (لَا بِأَنْ تَكَاذَبَ الشُّهُودُ) إمَّا (وَصْفًا) كَأَنْ قَالَ وَاحِدٌ: قَدَّهُ نِصْفَيْنِ وَقَالَ الْآخَرُ: حَزَّ رَقَبَتَهُ (وَ) إمَّا (زَمَنْ) بِالْوَقْفِ بِلُغَةِ رَبِيعَةَ كَأَنْ قَالَ أَحَدُهُمَا: قَتَلَهُ يَوْمَ السَّبْتِ أَوْ غُدْوَةً وَقَالَ الْآخَرُ يَوْمَ الْأَحَدِ أَوْ عَشِيَّةً (وَ) إمَّا (آلَةٍ) كَأَنْ قَالَ أَحَدُهُمَا: قَتَلَهُ بِالسَّيْفِ وَقَالَ الْآخَرُ بِالرُّمْحِ فَإِنَّهُ لَا يَسْأَلُ فِي الثَّلَاثِ حَلِفَ مُسْتَحِقِّ بَدَلِ الدَّمِ لِبُطْلَانِ اللَّوْثِ بِالتَّدَافُعِ بِالتَّكْذِيبِ، وَمِثْلُهَا التَّكَاذُبُ بِالْمَكَانِ، وَقَدْ يُقَالُ لِمَ لَمْ يَحْلِفْ مَعَ مَنْ وَافَقَهُ مِنْهُمَا وَيَأْخُذْ الْبَدَلَ كَنَظِيرِهِ مِنْ السَّرِقَةِ الْآتِي آخِرَ الْبَابِ؟ .
وَيُجَابُ بِأَنَّ بَابَ الْقَسَامَةِ أَمْرُهُ أَعْظَمُ وَلِهَذَا غَلَّظَ فِيهِ بِتَكْرِيرِ الْأَيْمَانِ وَلَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا قَتَلَهُ عَمْدًا كَمَا ادَّعَى الْوَلِيُّ، وَقَالَ الْآخَرُ قَتَلَهُ خَطَأً لَمْ يَثْبُتْ الْقَتْلُ عَلَى الْأَصَحِّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ، بَلْ حُكْمُهُ كَمَا فِي التَّكَاذُبِ بَلْ هُوَ دَاخِلٌ فِيهِ فَكَلَامُ النَّظْمِ وَأَصْلِهِ شَامِلٌ لَهُ وَالْأَصَحُّ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ ثُبُوتُهُ؛ لِأَنَّ التَّكَاذُبَ فِيمَا مَرَّ مَحْسُوسٌ، وَالْعَمْدِيَّةُ وَالْخَطَئِيَّةُ فِي مَحَلِّ الِاشْتِبَاهِ، ثُمَّ يَسْأَلُ الْجَانِي فَإِنْ أَقَرَّ بِعَمْدٍ ثَبَتَ أَوْ بِخَطَأٍ وَصَدَّقَهُ الْوَلِيُّ ثَبَتَ وَإِنْ كَذَّبَهُ أَقْسَمَ الْوَلِيُّ وَحَكَمَ بِمُقْتَضَى الْقَسَامَةِ وَإِنْ امْتَنَعَ حَلَفَ الْجَانِي، وَالدِّيَةُ مُخَفَّفَةٌ فِي مَالِهِ أَوْ نَكَلَ رُدَّتْ عَلَى الْمُدَّعِي فَإِنْ حَلَفَ ثَبَتَ مُوجِبُ الْعَمْدِ أَوْ نَكَلَ فَدِيَةُ الْخَطَأِ فِي مَالِهِ، وَلَوْ اخْتَلَفَا فِعْلًا وَخَبَرًا، فَقَالَ أَحَدُهُمَا قَتَلَهُ، وَقَالَ الْآخَرُ أَقَرَّ بِقَتْلِهِ فَهُوَ لَوْثٌ وَلَا يَثْبُتُ الْقَتْلُ بِقَوْلِهِمَا (أَوْ يَحْلِفَنْ بِغَيْبَتِهِ) أَيْ وَلَا إنْ حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْقَتْلِ عَلَى غَيْبَتِهِ وَقْتَ الْقَتْلِ وَلَا بَيِّنَةَ بِحُضُورِهِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ فَلَا يَسْأَلُ حَلِفَ الْمُسْتَحِقِّ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ (وَنَقَضَ) الْقَاضِي (الْحُكْمَ بِهَا) أَيْ بِالْقَسَامَةِ وَاسْتَرَدَّ الْمَالَ (بِحُجَّتِهْ) أَيْ بِحُجَّةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِغَيْبَتِهِ فِي وَقْتِ الْقَتْلِ وَكَذَا لَوْ أَقَرَّ بِهَا الْمُدَّعِي أَوْ قَامَتْ حُجَّةٌ بِأَنَّ الْقَاتِلَ غَيْرُهُ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا: وَيُعْتَبَرُ فِي بَيِّنَةِ الْغَيْبَةِ أَنْ يَقُولُوا كَانَ غَائِبًا بِمَوْضِعِ كَذَا فَلَوْ اقْتَصَرُوا عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ حَاضِرًا فَهُوَ نَفْيٌ مَحْضٌ فَلَا
ــ
[حاشية العبادي]
لَعَلَّ هَذَا إنَّمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ عَلَى الْأَوَّلِ فَلْيُتَأَمَّلْ الْجَهْلُ هُنَا أَيْ فِي الْمَقِيسِ، وَقَوْلُهُ: بِخِلَافِهِ فِي تِلْكَ أَيْ الْمَقِيسُ عَلَيْهِ غَيْرُ قَاتِلٍ قَيَّدَ بِهِ لِقَوْلِهِ حَتَّى قَضَى (قَوْلُهُ بَيْنَ فِسْقِ صَبِيَّةٍ) وَفُهِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ الصَّبِيَّيْنِ أَوْ الْفَاسِقَيْنِ أَوْ الْكَافِرَيْنِ لَا يَكْفِي وَهُوَ ظَاهِرٌ حَجَرٌ (قَوْلُهُ اتَّجَهَ اللَّوْثُ) هَلْ الْمُرَادُ أَنَّ الْوَلِيَّ يُعَيِّنُ أَحَدَ الْقَبِيلَتَيْنِ أَوْ يَدَّعِي عَلَى الْإِبْهَامِ (قَوْلُهُ فَلَا قَسَامَةَ) ، عِبَارَةُ غَيْرِهِ فَلَا لَوْثَ فَلَا قَسَامَةَ (قَوْلُهُ فَلَوْ اقْتَصَرُوا عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ حَاضِرًا إلَخْ) ، عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ وَلَا تُسْمَعُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ وَفِي نُسْخَةٍ هُنَا وَبِهِ عَبَّرَ الْأَصْلُ وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ وَأَنَّهُ لَمْ يَقْتُلْهُ؛ لِأَنَّهُ نَفْيٌ مَحْضٌ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ فِي الْأُولَى أَخْذًا مِنْ كَلَامِ ابْنِ الرِّفْعَةِ هُوَ وَإِنْ كَانَ نَفْيًا إلَّا أَنَّهُ نَفْيٌ مَحْصُورٌ فَتُسْمَعُ قَالَ: وَلَوْ اقْتَصَرَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى أَنَّهُ كَانَ غَائِبًا فَكَلَامُ الْغَزَالِيِّ يُوهِمُ أَنَّهُ لَا يَكْفِي وَالْمُتَّجَهُ الِاكْتِفَاءُ بِهِ نَظَرًا إلَى اللَّفْظِ وَبِهِ جَزَمَ الطَّبَرِيُّ اهـ. وَقَدْ يُقَالُ قَوْلُهُ لَمْ يُمْكِنْ هُنَاكَ لَيْسَ فِيهِ أَنَّهُ كَانَ غَائِبًا وَقْتَ الْقَتْلِ عَنْ مَكَانِهِ، وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ كَانَ غَائِبًا
[حاشية الشربيني]
مَحْصُورٍ (قَوْلُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ إلَخْ) هُوَ الصَّحِيحُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ. اهـ. م ر فِي حَاشِيَةِ شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ وَالْمَذْهَبُ الْمَنْصُوصُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْأُمِّ: وَسَوَاءٌ فِيمَا تَجِبُ فِيهِ الْقَسَامَةُ كَانَ بِالْمَيِّتِ أَثَرُ سِلَاحٍ أَوْ خَنْقٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute