رُدَّتْ عَلَى الْمُدَّعِي؛ لِأَنَّهُ يَسْتَفِيدُ بِهَا الْقَوَدَ وَإِلَّا فَقَوْلَانِ أَصَحُّهُمَا كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا نَكَلَ عَنْ يَمِينِ الْقَسَامَةِ وَهَذِهِ يَمِينُ الرَّدِّ ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا (وَنُفِيَ) تَوْزِيعُهَا أَيْ الْأَيْمَانِ أَيْ لَا تُوَزَّعُ عَلَى أَبْدَالِ الدَّمِ بَلْ يَحْلِفُ فِي بَدَلِ الْيَدِ خَمْسِينَ يَمِينًا كَمَا يَحْلِفُهَا فِي بَدَلِ الْيَدَيْنِ إذْ لَا تَخْتَلِفُ الْيَمِينُ فِي سَائِرِ الدَّعَاوَى بِقِلَّةِ مَا يَدَّعِي وَكَثْرَتِهِ وَلَا عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ إذَا تَعَدَّدُوا بَلْ يَحْلِفُ كُلٌّ مِنْهُمْ خَمْسِينَ، بِخِلَافِ مَا لَوْ رُدَّتْ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعِينَ فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمْ يَحْلِفُ بِنِسْبَةِ حَقِّهِ كَمَا فِي الِابْتِدَاءِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ يَنْفِي مَا يَنْفِيهِ الْوَاحِدُ لَوْ انْفَرَدَ، وَكُلٌّ مِنْ الْمُدَّعَيْنِ لَا يُثْبِتُ لِنَفْسِهِ مَا يُثْبِتُهُ الْوَاحِدُ لَوْ انْفَرَدَ بَلْ يُثْبِتُ بَعْضَ الْأَرْشِ فَيَحْلِفُ بِقَدْرِ الْحِصَّةِ
(وَأُمْهِلَ الْخَصْمُ) الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِيَأْتِيَ بِدَافِعٍ مِنْ نَحْوِ إبْرَاءٍ أَوْ شِرَاءٍ مِنْ الْمُدَّعِي إذَا ادَّعَاهُ بَعْدَ قِيَامِ الْحُجَّةِ عَلَيْهِ (إلَى ثَلَاثَةٍ) مِنْ الْأَيَّامِ (بِطَلَبٍ) مِنْهُ لِذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا مُدَّةٌ قَرِيبَةٌ لَا يَعْظُمُ الضَّرَرُ فِيهَا، وَمَنْ يُقِيمُ الْبَيِّنَةَ يَحْتَاجُ إلَى مِثْلِهَا لِإِحْضَارِ الْبَيِّنَةِ وَاسْتِثْبَاتِهَا فِيمَا تَحَمَّلَتْهُ فَإِنْ قَالَ لِي بَيِّنَةٌ دَافِعَةٌ اسْتَفْسَرَهُ الْقَاضِي؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَتَوَهَّمُ مَا لَيْسَ بِدَافِعٍ دَافِعًا إلَّا أَنْ يَعْرِفَ مَعْرِفَتَهُ بِذَلِكَ وَلَوْ عَادَ بَعْدَ الثَّلَاثَةِ وَسَأَلَ الْقَاضِي تَحْلِيفَ الْمُدَّعِي عَلَى نَحْوِ الْإِبْرَاءِ أَجَابَهُ إلَيْهِ لِتَيَسُّرِهِ فِي الْحَالِ بِخِلَافِ قَوْلِهِ لِلْوَكِيلِ الْمُدَّعِي أَبْرَأنِي مُوَكِّلُك فَإِنَّهُ يَسْتَوْفِي مِنْهُ الْحَقَّ وَلَا يُؤَخَّرُ إلَى حُضُورِ الْمُوَكِّلِ، وَحَلَّفَهُ لِعِظَمِ الضَّرَرِ بِالتَّأْخِيرِ وَلَوْ عَيَّنَ لِلدَّفْعِ جِهَةً وَلَمْ يَأْتِ بِالْبَيِّنَةِ عَلَيْهَا وَادَّعَى عِنْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ جِهَةً أُخْرَى وَاسْتُمْهِلَ لَمْ يُمْهَلْ، وَإِنْ ادَّعَاهَا قَبْلَ الِانْقِضَاءِ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهَا سُمِعَتْ بَيِّنَتُهُ
(وَإِنْ خَلَا) الْمُدَّعِي (عَنْ حُجَّةٍ يَحْلِفُ مَنْ عَلَيْهِ قَدْ تَوَجَّهَتْ دَعْوَاهُ) وَهُوَ كُلُّ مَنْ لَوْ أَقَرَّ بِمَطْلُوبِهَا أُلْزِمَ بِهِ كَدَعْوَى النَّسَبِ وَالْوَلَاءِ وَالنِّكَاحِ وَالظِّهَارِ وَالْإِيلَاءِ وَالْإِيلَادِ وَالطَّلَاقِ وَالرَّجْعَةِ وَالْعِتْقِ وَالْقَوَدِ وَحَدِّ الْقَذْفِ وَالشَّتْمِ وَالضَّرْبِ الْمُوجِبِينَ لِلتَّعْزِيرِ، وَخَرَجَ بِمَا قَالَهُ حَدُّ اللَّهِ وَتَعْزِيرُهُ فَإِنَّ الدَّعْوَى لَا تُسْمَعُ فِيهِ فَلَا يَأْتِي فِيهِ حَلِفٌ إلَّا إذَا تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ آدَمِيٍّ كَمَا لَوْ قَذَفَهُ شَخْصٌ فَطَلَبَ حَدَّهُ فَقَالَ الْقَاذِفُ حَلِّفُوهُ أَنَّهُ لَمْ يَزْنِ فَإِنَّهُ يُحَلَّفُ عَلَى نَفْيِهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ فَقَوْلُهُ (لَا إنْ كَانَ) أَيْ الْمُدَّعَى بِهِ (حَدْ) بِالْوَقْفِ بِلُغَةِ رَبِيعَةَ أَيْ حَدٌّ (لِلَّهِ) تَعَالَى تَصْرِيحٌ بِالْمَفْهُومِ (وَ) لَا (الْقَاضِي) إذَا اُدُّعِيَ عَلَيْهِ جَوْرٌ فِي حُكْمِهِ وَلَا بَيِّنَةَ فَلَا يَحْلِفُ وَلَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى بِهِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ مَنْصِبَهُ يَأْبَى ذَلِكَ (وَ) كَذَا (لَوْ) كَانَ (مَعْزُولَا) كَمَا
ــ
[حاشية العبادي]
لَا بِالْقَسَامَةِ بِرّ
(قَوْلُهُ، وَلَوْ عَيَّنَ لِلدَّفْعِ جِهَةً وَلَمْ يَأْتِ بِالْبَيِّنَةِ إلَخْ) ، وَلَوْ أَحْضَرَ بَعْدَ الثَّلَاثِ شُهُودَ الدَّفْعِ أَوْ شَاهِدًا وَاحِدًا مُهِلَ ثَلَاثًا أُخْرَى لِلتَّعْدِيلِ أَوْ التَّكْمِيلِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ لَكِنْ ضَعَّفَهُ الْبُلْقِينِيُّ، وَلَوْ عَيَّنَ جِهَةً وَلَمْ يَأْتِ بِبَيِّنَتِهَا ثُمَّ ادَّعَى أُخْرَى عِنْدَ الْقَضَاءِ مُدَّةَ الْمُهْلَةِ وَاسْتُمْهِلَ لَهَا لَمْ يُمْهَلْ أَوْ أَثْنَاءَهَا أُمْهِلَ بَقِيَّتَهَا فَقَطْ حَجَرٌ حِينَئِذٍ لَوْ كَانَتْ بَيِّنَةُ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ فَأَحْضَرَ بَعْدَ الثَّلَاثِ وَاحِدَةً وَأُمْهِلَ ثَلَاثًا لِلتَّكْمِيلِ فَأَحْضَرَ بَعْدَهَا وَاحِدَةً أُمْهِلَ أَيْضًا فَإِنْ أَحْضَرَ بَعْدَ الثَّلَاثِ الثَّانِيَةِ وَاحِدَةً أُمْهِلَ ثَلَاثًا أُخْرَى لِلرَّابِعَةِ م ر
(قَوْلُهُ وَإِنْ خَلَا عَنْ حُجَّةٍ يَحْلِفُ) رَفْعُ الْمُضَارِعِ الْوَاقِعِ خَبَرًا بَعْدَ مَاضٍ حَسَنٌ (قَوْلُهُ: فَإِنَّ الدَّعْوَى لَمْ تُسْمَعْ) لِمَا مَرَّ فِي دَعْوَى الْحِسْبَةِ شَرْحُ رَوْضٍ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى نَفْيِهِ) فَإِنْ حَلَفَ حُدَّ الْقَاذِفُ، وَإِلَّا حَلَفَ الْقَاذِفُ
[حاشية الشربيني]
أَوْ غَيْرِهِ، وَيُفَرَّقَ بَيْنَ الِانْفِرَادِ وَالشَّرِكَةِ وَالْعَمْدِ وَضِدِّهِ بِأَنَّ الْأَوَّلَ لَا يَقْتَضِي جَهْلًا فِي الْمُدَّعَى بِهِ بِخِلَافِ هَذَا. اهـ. شَرْحُ م ر عَلَى الْمِنْهَاجِ أَيْ بَلْ الْأَوَّلُ يَقْتَضِي جَهْلًا فِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَيَلْزَمُهُ أَنَّ الدِّيَةَ عِنْدَ الِانْفِرَادِ عَلَى الْمُسْتَقِيمِ عَلَيْهِ وَعِنْدَ الشَّرِكَةِ عَلَيْهِ وَعَلَى شُرَكَائِهِ فَلَيْسَ هَذَا جَهْلًا بِالْمُدَّعَى بِهِ خِلَافًا لسم عَلَى حَجَرٍ رَاجِعْهُ (قَوْلُهُ: عَلَى إبْدَالِ الدَّمِ) فَلَا تُوَزَّعُ عَلَى الْمِائَةِ مِنْ الْإِبِلِ حَتَّى يَجِبَ فِي الْيَدِ الْوَاحِدَةِ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ يَمِينًا (قَوْلُهُ بَعْدَ قِيَامِ الْحُجَّةِ) وَظَاهِرُهُ وَلَوْ بَعْدَ الْحُكْمِ وَصَحَّحَ فِي الرَّوْضَةِ خِلَافَهُ، وَكَذَا الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَنَقَلَهُ فِي الْكَبِيرِ عَنْ الْبَغَوِيّ وَاخْتَارَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ يُحَلِّفُهُ وَهُوَ مُقْتَضَى الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ وَصَحَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ. اهـ. شَرْحُ م ر عَلَى ج
(قَوْلُهُ يَحْلِفُ مَنْ عَلَيْهِ إلَخْ) (فَائِدَةٌ) لَا يَكُونُ الْيَمِينُ فِي جَانِبِ الْمُدَّعِي فِي غَيْرِ الرَّدِّ إلَّا فِي خَمْسَةِ أَبْوَابٍ: بَابِ الْقَسَامَةِ، وَبَابِ اللِّعَانِ وَبَابِ الْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ، وَبَابِ الْأُمَنَاءِ الْمُدَّعِينَ لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ ائْتَمَنَهُمْ غَيْرِ الْمُرْتَهِنِ وَالْمُسْتَأْجِرِ وَلِلتَّلَفِ مُطْلَقًا، وَيَدْخُلُ فِي هَذَا الْبَابِ مَا يَدَّعِيهِ الْمَالِكُ فِي الزَّكَاةِ؛ لِأَنَّهُ جُعِلَ أَمِينًا فِيمَا خَوَّلَهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَكَذَلِكَ يَدْخُلُ فِيهِ مَا ائْتُمِنَتْ عَلَيْهِ الْمَرْأَةُ مِنْ حَيْضٍ وَوِلَادَةٍ عَلَى مَا هُوَ مُفَصَّلٌ فِي مَوْضِعِهِ، وَالْبَابِ الْخَامِسِ بَابُ التَّحَالُفِ فَإِنَّ الْيَمِينَ جَعَلَتْ فِيهِ الْإِثْبَاتَ فِي جَانِبِ الْمُدَّعِي وَهُوَ خَارِجٌ عَنْ الْأَبْوَابِ السَّابِقَةِ؛ لِأَنَّ يَمِينَ الْمُدَّعِي لَا يَثْبُتُ بِهَا حَقٌّ لَهُ بِخِلَافِ الْأَبْوَابِ السَّابِقَةِ وَلِأَنَّهُ جَامِعٌ بَيْنَ النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ بِخِلَافِهَا. اهـ.
حَاشِيَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ لَا تُسْمَعُ فِي) ؛ لِأَنَّ الدَّعْوَى إنَّمَا تُسْمَعُ فِيمَا لَوْ أَقَرَّ بِهِ ثَبَتَ وَلَمْ يُقْبَلْ رُجُوعُهُ (قَوْلُهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute