للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَصَحَّحَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ فِي الدَّعَاوَى؛ لِأَنَّهُ كَانَ أَمِينَ الشَّرْعِ فَيُصَانُ مَنْصِبُهُ مُطْلَقًا عَنْ التَّحْلِيفِ وَالِابْتِذَالِ بِالْمُنَازَعَاتِ الْبَاطِلَةِ، وَصَحَّحَ فِي الْمِنْهَاجِ أَنَّ الْمَعْزُولَ يَحْلِفُ كَسَائِرِ الْأُمَنَاءِ فِي دَعْوَى الْخِيَانَةِ أَمَّا إذَا اُدُّعِيَ عَلَيْهِ مَا لَا يَتَعَلَّقُ بِالْحُكْمِ كَدَعْوَى الْأَمْوَالِ وَغَيْرِهَا فَيَحْلِفُ لِنَفْيِهِ كَغَيْرِهِ (وَ) لَا (شَاهِدٌ) ادَّعَى عَلَيْهِ فِسْقَهُ أَوْ كَذِبَهُ فِي شَهَادَتِهِ فَلَا يَحْلِفُ لِمَا مَرَّ فِي الْقَاضِي (وَ) لَا (الْمُنْكِرُ التَّوْكِيلَا) إذَا كَانَ عَلَيْهِ حَقٌّ فَطَلَبَهُ بِهِ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ وَكِيلُ الْمُسْتَحِقِّ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ فَأَنْكَرَ وَكَالَتَهُ فَلَا يَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِهَا؛ لِأَنَّهُ لَوْ اعْتَرَفَ بِهَا وَلَمْ يَلْزَمْ التَّسْلِيمُ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَأْمَنُ جُحُودَ الْمُسْتَحِقِّ لِلتَّوْكِيلِ فَلَا مَعْنَى لِتَحْلِيفِهِ (وَقَيِّمٌ وَمَنْ إلَيْهِ أُوصِيَا) أَيْ وَلَا الْقَيِّمُ وَالْوَصِيُّ إذَا اُدُّعِيَ عَلَيْهِمَا بِحَقٍّ عَلَى الْمَيِّتِ فَإِنَّهُمَا لَا يَحْلِفَانِ؛ لِأَنَّ مَقْصُودَ التَّحْلِيفِ الْإِقْرَارُ، وَهُمَا لَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُمَا بِذَلِكَ فَلَا يُفِيدُ تَحْلِيفُهُمَا إلَّا أَنْ يَكُونَا وَارِثَيْنِ فَيَحْلِفَانِ بِحَقِّ الْوِرَاثَةِ وَهَذَا فِيمَا لَا يَتَعَلَّقُ بِتَصَرُّفِهِمَا بِقَرِينَةِ مَا سَيَأْتِي فِي الْوَلِيِّ.

وَكَذَا لَا يَحْلِفُ مَنْ بَاعَ عَبْدًا وَادَّعَى عَلَيْهِ الْعَبْدُ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ قَبْلَ الْبَيْعِ وَأَنْكَرَ الْبَائِعُ، وَلَا السَّفِيهُ إذَا اُدُّعِيَ عَلَيْهِ بِإِتْلَافِ مَالٍ وَأَنْكَرَ؛ لِأَنَّهُمَا لَوْ أَقَرَّا لَمْ يَثْبُتْ بِإِقْرَارِهِمَا شَيْءٌ (وَالْمُدَّعَى) بِهِ (وَكُلُّ جُزْءٍ) مِنْ أَجْزَائِهِ (نُفِيَا) فِي الْإِنْكَارِ وَالْحَلِفِ فَلَوْ اُدُّعِيَ عَلَيْهِ بِعَشَرَةٍ فَقَالَ لَا يَلْزَمُنِي الْعَشَرَةُ لَمْ يَكْفِ حَتَّى يَقُولَ وَلَا بَعْضَهَا؛ لِأَنَّ مُدَّعِيَهَا مُدَّعٍ لَهَا وَلِكُلِّ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَائِهَا فَلَا بُدَّ أَنْ يُطَابِقَ الْجَوَابُ وَالْحَلِفُ دَعْوَاهُ فَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى إنْكَارِ الْعَشَرَةِ كَانَ نَاكِلًا عَمَّا دُونَهَا فَلِلْمُدَّعِي أَنْ يَحْلِفَ عَلَى مَا دُونَهَا بِشَيْءٍ يَسِيرٍ وَيُطَالِبَهُ بِهِ هَذَا إذَا لَمْ يُسْنِدْهُ الْمُدَّعِي إلَى عَقْدٍ وَإِلَّا كَفَى نَفْيُ الْمُدَّعَى بِهِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي نُسْخَةٍ بِقَوْلِهِ (قُلْتُ وَمَا اُدُّعِيَ بِعَقْدٍ أَجْزَا) فِيهِ (نَفْيٌ بِلَا تَعَرُّضٍ لِلْأَجْزَا) فَلَوْ ادَّعَتْ امْرَأَةٌ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ نَكَحَهَا بِخَمْسِينَ كَفَاهُ أَنْ يَقُولَ مَا نَكَحْتهَا بِخَمْسِينَ وَيَحْلِفُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ لِلنِّكَاحِ بِخَمْسِينَ غَيْرُ مُدَّعٍ لَهُ بِمَا دُونَهُ فَإِنْ نَكَلَ لَمْ يُمْكِنْهَا أَنْ تَحْلِفَ أَنَّهُ نَكَحَهَا بِبَعْضِ الْخَمْسِينَ؛ لِأَنَّهُ يُنَاقِضُ مَا ادَّعَتْهُ أَوَّلًا إلَّا إذَا اسْتَأْنَفَتْ الدَّعْوَى عَلَيْهِ بِبَعْضِ الْخَمْسِينَ فَإِنَّهَا تَحْلِفُ لِنُكُولِهِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا

وَإِذَا حَلَفَ مَنْ تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ الدَّعْوَى حَلَفَ (بَتًّا) فِي الْإِثْبَاتِ وَالنَّفْيِ إلَّا فِي نَفْيِ فِعْلِ غَيْرِهِ فَيَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ كَمَا سَيَأْتِي أَمَّا فِي الْإِثْبَاتِ فَلِسُهُولَةِ الْوُقُوفِ عَلَيْهِ وَإِنْ تَعَلَّقَ بِفِعْلِ غَيْرِهِ كَمَا يَشْهَدُ بِهِ وَأَمَّا فِي نَفْيِ فِعْلِهِ فَلِإِحَاطَتِهِ بِحَالِ نَفْسِهِ بِخِلَافِ نَفْيِ فِعْلِ غَيْرِهِ فَإِنَّ غَايَتَهُ أَنْ لَا يَعْلَمَ وُجُودَهُ، وَعَدَمُ الْعِلْمِ لَا يَسْتَلْزِمُ الْعَدَمَ وَلِهَذَا لَا يَشْهَدُ عَلَى النَّفْيِ الْمَحْضِ (كَمَا أَجَابَهُ) هَذَا تَقَدَّمَ فِي اخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ أَيْ حَلَفَ لِلْمُدَّعِي كَمَا أَجَابَهُ فَلَوْ قَالَ فِي جَوَابِ دَعْوَى الْعَشَرَةِ لَا يَلْزَمُنِي الْعَشَرَةُ وَلَا بَعْضُهَا حَلَفَ كَذَلِكَ وَلَوْ قَالَ لَا يَسْتَحِقُّ عَلَيَّ شَيْئًا أَوْ لَا يَلْزَمُنِي تَسْلِيمُ الْعَشَرَةِ وَلَا بَعْضِهَا حَلَفَ كَذَلِكَ، وَلَوْ قَالَ فِي جَوَابِ دَعْوَى قَرْضٍ مَا أَقْرَضْتنِي حَلَفَ كَذَلِكَ وَلَا يُمْكِنُ مِنْ الِاقْتِصَارِ عَلَى النَّفْيِ الْمُطْلَقِ مُرَاعَاةً لِلْمُطَابَقَةِ بَيْنَ الْإِنْكَارِ وَالْحَلِفِ، وَلَوْ حَلَفَ بَعْدَ الْجَوَابِ الْمُطْلَقِ عَلَى نَفْيِ الْجِهَةِ جَازَ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا عَنْ الْبَغَوِيّ مِنْ غَيْرِ إنْكَارٍ ثُمَّ ذَكَرَ لِلْحَلِفِ عَلَى الْبَتِّ مِثَالَيْنِ كَالْمُسْتَثْنَيَيْنِ مِنْ قَاعِدَةِ أَنَّ الْحَلِفَ لِنَفْيِ فِعْلِ الْغَيْرِ يَكُونُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ فَقَالَ (كَالْأَرْشِ) الْمُدَّعَى بِهِ عَلَى السَّيِّدِ (فِي جِنَايَةِ الْعَبْدِ) إذَا أَنْكَرَهَا السَّيِّدُ فَيَحْلِفُ عَلَى الْبَتِّ؛ لِأَنَّ عَبْدَهُ مَالُهُ وَفِعْلُهُ كَفِعْلِهِ وَلِذَلِكَ سُمِعَتْ الدَّعْوَى بِذَلِكَ عَلَيْهِ (وَنَفْيُ مُتْلَفِ) أَيْ وَكَنَفِي إتْلَافِ (بَهِيمَةٍ سَرَّحَهَا) مَالِكُهَا (مُقَصِّرَا) كَأَنْ سَرَّحَهَا لَيْلًا فَادَّعَى عَلَيْهِ بِإِتْلَافِهَا فَأَنْكَرَهُ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى نَفْيِهِ بَتًّا؛ لِأَنَّ ضَمَانَ

ــ

[حاشية العبادي]

لَمْ يَثْبُتْ زِنَا الْمَقْذُوفِ (قَوْلُهُ أَوْ كَذَّبَهُ) قَالَ م ر إذَا كَذَّبَ الشَّاهِدَ عُزِّرَ بِخِلَافِ مَا لَوْ نَسَبَهُ لِنَحْوِ فِسْقٍ اهـ. فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ إذَا ادَّعَى عَلَيْهِمَا بِحَقٍّ) بِأَنْ ادَّعَى أَنَّ لَهُ دَيْنًا عَلَى الْمَيِّتِ أَوْ أَنَّهُ أَوْصَى لَهُ بِشَيْءٍ (قَوْلُهُ وَأَنْكَرَ الْبَائِعُ) لِتَعَلُّقِ الْحَقِّ بِثَالِثٍ (قَوْلُهُ لَمْ يَثْبُتْ بِإِقْرَارِهِمَا شَيْءٌ) وَجْهُهُ فِي الْأُولَى تَعَلُّقُ الْحَقِّ بِثَالِثٍ وَهُوَ الْمُشْتَرِي، نَعَمْ لَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً قُبِلَتْ وَعُمِلَ بِهَا حَجَرٌ وَكَتَبَ أَيْضًا نَعْلَمُ أَنَّ تَقْيِيدَهُ بِإِنْكَارِ الْبَائِعِ لَيْسَ لِأَنَّهُ يَثْبُتُ بِإِقْرَارِهِ شَيْءٌ، بَلْ؛ لِأَنَّ الْإِنْكَارَ هُوَ الَّذِي يُتَوَهَّمُ مَعَهُ التَّحْلِيفُ فَيَحْتَاجُ إلَى نَفْيِهِ (قَوْلُهُ إلَى عَقْدٍ) شَامِلٍ لِنَحْوِ الْبَيْعِ (قَوْلُهُ لِنُكُولِهِ) أَيْ الَّذِي يُوجَدُ بَعْدَ هَذِهِ الدَّعْوَى الْمُسْتَأْنَفَةِ لَا السَّابِقِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ

(قَوْلُهُ وَإِنْ تَعَلَّقَ بِفِعْلِ غَيْرِهِ) مِنْهُ لَوْ اعْتَرَفَ بِالْقَبْضِ ثُمَّ مَاتَ الْمُقْبِضُ فَزَعَمَ الْمُقِرُّ أَنَّ إقْرَارَهُ عَلَى رَسْمِ الْقُبَالَةِ وَطَلَبَ يَمِينَ الْوَارِثِ عَلَى الْإِقْبَاضِ فَيَكُونُ بَتًّا؛ لِأَنَّ الْوَارِثَ يَزْعُمُ الْإِقْبَاضَ وَهُوَ إثْبَاتٌ، هَذَا مَا ظَهَرَ لِي وَبِهِ أَفْتَيْت وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى بُرُلُّسِيٌّ (قَوْلُهُ: عَلَى النَّفْيِ الْمُطْلَقِ) كَلَا تَسْتَحِقُّ عَلَيَّ شَيْئًا

ــ

[حاشية الشربيني]

وَكِيلُ الْمُسْتَحِقِّ) أَيْ فِي قَبْضِهِ مِنْهُ (قَوْلُهُ وَلَا السَّفِيهُ إلَخْ) ، وَكَذَا إذَا ادَّعَتْ الْجَارِيَةُ الْوَطْءَ وَأُمِّيَّةَ الْوَلَدِ لِإِثْبَاتِ النَّسَبِ لَا يَحْلِفُ وَإِذَا ادَّعَى مَنْ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ ظَاهِرًا مُسْقِطًا لَا يَحْلِفُ وَإِذَا عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِفِعْلِهَا فَادَّعَتْهُ وَأَنْكَرَهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَلَا يَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ، نَعَمْ يَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ الْفُرْقَةِ إنْ ادَّعَتْهَا وَإِذَا ادَّعَى عَلَى قَاضٍ أَنَّهُ زَوَّجَهُ امْرَأَةً وَهِيَ مَجْنُونَةٌ وَأَنْكَرَ لَا يَحْلِفُ، وَإِذَا طَالَبَ الْإِمَامُ السَّاعِيَ بِمَا أَخَذَهُ مِنْ الزَّكَاةِ فَقَالَ لَمْ آخُذْ شَيْئًا لَا يَحْلِفُ، وَإِذَا ادَّعَى أَنَّهُ بَلَغَ رَشِيدًا وَأَنَّ أَبَاهُ يَعْلَمُ ذَلِكَ وَرَامَ تَحْلِيفَهُ لَا يَحْلِفُ، وَإِذَا ثَبَتَ لَهُ دَيْنٌ عَلَى عَمْرٍو فَادَّعَى عَلَى شَخْصٍ أَنَّ الْعَيْنَ الَّتِي فِي يَدِهِ لِعَمْرٍو فَأَنْكَرَ وَادَّعَاهَا لِنَفْسِهِ لَا يَحْلِفُ، وَلَوْ ثَبَتَ لَهُ مَالٌ عَلَى غَائِبٍ فَادَّعَى عَلَى شَخْصٍ أَنَّ بِيَدِهِ أَعْيَانًا لِلْغَائِبِ وَطَلَبَ الْوَفَاءَ مِنْ ذَلِكَ سُمِعَتْ دَعْوَاهُ فَإِنْ أَقَرَّ بِهَا وَفَّاهُ الْحَاكِمُ مِنْهَا وَإِنْ أَنْكَرَ لَمْ يَحْلِفْ، وَلَا

<<  <  ج: ص:  >  >>