وَإِذَا أَخَذَ ذُو النِّصْفِ حَقَّهُ وَلَمْ يَتَعَيَّنْ حَقُّ الْآخَرِينَ أَخْرَجَ رُقْعَةً أُخْرَى بِاسْمِ أَحَدِهِمَا، وَيُمْكِنُ أَنْ يَبْدَأَ بِذِي السُّدُسِ، فَإِنْ خَرَجَ بِاسْمِهِ الْجُزْءُ الْأَوَّلُ أَخَذَهُ ثُمَّ يَخْرُجُ بِاسْمِ أَحَدِ الْآخَرَيْنِ، أَوْ الثَّالِثِ أَخَذَهُ وَتَعَيَّنَ الْأَوَّلَانِ لِذِي الثُّلُثِ، وَالْبَاقِي لِذِي النِّصْفِ أَوْ الرَّابِعِ أَخْذُهُ وَتَعَيَّنَ الْأَخِيرَانِ لِذِي الثُّلُثِ، وَالثَّلَاثَةُ الْأُوَلُ لِذِي النِّصْفِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يَبْدَأَ بِذِي الثُّلُثِ فَإِنْ خَرَجَ لَهُ الْأَوَّلُ أَوْ الثَّانِي أَخَذَهُمَا، أَوْ الْخَامِسُ أَوْ السَّادِسُ فَكَذَلِكَ، ثُمَّ يَخْرُجُ بِاسْمِ أَحَدِ الْآخَرَيْنِ، وَإِنْ خَرَجَ لَهُ الثَّالِثُ أَخَذَهُ مَعَ الثَّانِي وَتَعَيَّنَ الْأَوَّلُ لِذِي السُّدُسِ، وَالثَّلَاثَةُ الْأَخِيرَةُ لِذِي النِّصْفِ أَوْ الرَّابِعِ أَخْذُهُ مَعَ الْخَامِسِ، وَتَعَيَّنَ السَّادِسُ لِذِي السُّدُسِ وَالثَّلَاثَةُ الْأُوَلُ لِذِي النِّصْفِ، أَمَّا إذَا كَتَبَ الشُّرَكَاءُ كَمَا هُوَ الْأَوْلَى فَقِيلَ: يَكْتُبُ أَسْمَاءَهُمْ فِي ثَلَاثِ رِقَاعٍ وَيُخْرِجُ رُقْعَةً عَلَى الْجُزْءِ الْأَوَّلِ، فَإِنْ خَرَجَ اسْمُ ذِي السُّدُسِ أَخَذَهُ ثُمَّ يُخْرِجُ رُقْعَةً أُخْرَى عَلَى الثَّانِي، فَإِنْ خَرَجَ اسْمُ ذِي الثُّلُثِ أَخَذَهُ مَعَ الْجَزْءِ الثَّالِثِ وَالْبَاقِي لِذِي النِّصْفِ، أَوْ اسْمُ ذِي النِّصْفِ أَخَذَهُ مَعَ الثَّالِثِ وَالرَّابِعِ، وَتَعَيَّنَ الْبَاقِي لِذِي الثُّلُثِ، وَإِنْ خَرَجَ اسْمُ ذِي النِّصْفِ أَوَّلًا أَخَذَ الثَّلَاثَةَ الْأُوَلَ، ثُمَّ يُخْرِجُ رُقْعَةً أُخْرَى عَلَى الرَّابِعِ، فَإِنْ خَرَجَ اسْمُ ذِي الثَّلْثِ أَخَذَهُ وَالْخَامِسُ وَالْبَاقِي لِذِي السُّدُسِ، أَوْ اسْمُ ذِي السُّدُسِ أَخَذَهُ وَالْبَاقِي لِذِي الثُّلُثِ.
وَإِنْ خَرَجَ اسْمُ ذِي الثُّلُثِ أَوَّلًا فَلَا يَخْفَى الْحُكْمُ وَقِيلَ: يَكْتُبُ أَسْمَاءَهُمْ فِي سِتِّ رِقَاعٍ، اسْمَ ذِي النِّصْفِ فِي ثَلَاثٍ وَذِي الثُّلُثِ فِي ثِنْتَيْنِ وَذِي السُّدُسِ فِي وَاحِدَةٍ، وَيُخْرِجُ عَلَى مَا ذُكِرَ، وَلَيْسَ فِي هَذَا الْإِسْرَاعِ الْخُرُوجُ لِاسْمِ ذِي النِّصْفِ، وَذَلِكَ لَا يُوجِبُ حَيْفًا لِتَسَاوِي السِّهَامِ، فَالْوَجْهُ تَجْوِيزُ كُلٍّ مِنْ الطَّرِيقِينَ، ذَكَرَ ذَلِكَ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا، وَعَلَى كِتَابَةِ الْأَجْزَاءِ فِي الرِّقَاعِ لَا بُدَّ مِنْ إثْبَاتِهَا فِي سِتِّ رِقَاعٍ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ، (مُجَزَّأً) الْمِلْكُ (بِأَصْغَرِ الْحَظِّ) بِأَنْ تُكْتَبَ الشُّرَكَاءُ، وَيَخْرُجُ عَلَى أَجْزَاءٍ يَتَأَدَّى مِنْهَا كُلُّ حَظٍّ صَحِيحًا، فَإِذَا كَانَ فِي الْأَنْصِبَاءِ سُدُسٌ وَثُمُنٌ أُخْرِجَ عَلَى مَخْرَجِهِمَا، وَهُوَ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ سَهْمًا، وَلَا يُخْرَجُ عَلَى مَخْرَجِ الثُّمُنِ وَلَا السُّدُسِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَا يَخْرُجُ مِنْ الْآخَرِ صَحِيحًا، وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُ النَّظْمِ أَنْ يُخْرَجَ عَلَى مَخْرَجِ الثَّمَنِ، فَلَوْ قَالَ كَالْحَاوِي: عَلَى أَجْزَاءٍ يَتَأَدَّى مِنْهَا كُلُّ حَظٍّ لَسَلِمَ مِنْ ذَلِكَ.
(احْتَوَى) مَا ذُكِرَ (عَلَى رِقَاعٍ وَبَنَادِقِ) بِصَرْفِهِ لِلْوَزْنِ، بِأَنْ يُكْتَبَ ذَلِكَ فِي رِقَاعٍ وَتُدْرَجُ فِي بَنَادِقَ مِنْ طِينٍ مُجَفَّفٍ أَوْ شَمْعٍ أَوْ نَحْوِهِ، (سُوَا) أَيْ مُسْتَوِيَةً وَزْنًا وَشَكْلًا، لِئَلَّا تَسْبِقَ الْيَدُ لِإِخْرَاجِ الْكَبِيرَةِ، وَتَرَدَّدَ الْجُوَيْنِيُّ فِي وُجُوبِ التَّسْوِيَةِ وَرَجَّحَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ عَدَمَهُ، (وَيَخْرُجُ الْغَائِبُ) عَنْ الْكِتَابَةِ وَالْإِدْرَاجِ لِبُعْدِهِ عَنْ التُّهْمَةِ، (وَالطِّفْلُ) وَنَحْوُهُ كَالْعَجَمِيِّ (أَتَمْ) أَيْ أَوْلَى بِإِخْرَاجٍ؛ لِأَنَّهُ أَبْعَدُ عَنْهَا، (وَاحِدَةً) أَيْ يُخْرِجُ بُنْدُقَةً وَاحِدَةً (لِمَا أَرَادَ مِنْ قَسَمْ) أَيْ لِمَا عَيَّنَهُ الْقَاسِمُ مِنْ الشُّرَكَاءِ أَوْ الْأَجْزَاءِ، فَالْخِيرَةُ فِي تَعْيِينِ ذَلِكَ إلَيْهِ حَسْمًا لِلنِّزَاعِ.
(وَالْحَقُّ لَمْ يُفَرَّقْ) عَلَى صَاحِبِهِ، فَلَا يُجْعَلُ لِذِي النِّصْفِ مَثَلًا فِي الْمِثَالِ السَّابِقِ الْجُزْءُ الْأَوَّلُ وَالثَّالِثُ وَالْخَامِسُ، بَلْ ثَلَاثَةٌ مُتَّصِلَةٌ كَمَا مَرَّ، (وَ) بَعْدَ إخْرَاجِهِ بُنْدُقَةً وَاحِدَةً لِشَرِيكٍ أَوْ جُزْءٍ يُحْرِجُ، (أُخْرَى) لِلثَّانِي ثُمَّ أُخْرَى لِلثَّالِثِ، إنْ كَانَ بَعْدَهُ أَحَدٌ، وَإِلَّا فَيَتَعَيَّنُ لَهُ الْأَخِيرُ بِلَا قُرْعَةٍ، وَكَذَا كُلُّ مَا تَعَيَّنَ آخِرًا
(فِي) أَيْ: يُجْبَرُ إنْ قَسَمَ بِأَجْزَاءٍ مُتَسَاوِيَةِ الْقِيمَةِ فِي (عَقَارْ) بِقَيْدٍ زَادَهُ بِقَوْلِهِ (فَرْدٍ) ، وَهُوَ مَا يُعَدُّ شَيْئًا وَاحَدَا كَأَرْضٍ وَدَارٍ، فَإِنْ لَمْ يُعَدَّ كَذَلِكَ كَدَارَيْنِ وَحَانُوتَيْنِ لَمْ يُجْبَرْ عَلَى الْقِسْمَةِ أَعْيَانًا؛ لِشِدَّةِ اخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ بِاخْتِلَافِ الْمَحَالِّ وَالْأَبْنِيَةِ كَالْجِنْسَيْنِ، نَعَمْ الْحَوَانِيتُ الْمُتَّصِلَةُ الَّتِي لَا تَقْبَلُ آحَادُهَا الْقِسْمَةَ وَتُسَمَّى الْعَضَائِدَ يُجْبَرُ عَلَى قِسْمَتِهَا أَعْيَانًا، كَالْخَانِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى بُيُوتٍ وَلِلْحَاجَةِ إلَيْهَا، (وَ) فِي (مَنْقُولَاتِ نَوْعٍ) يُمْكِنُ
ــ
[حاشية العبادي]
فِيمَا إذَا خَرَجَ لَهُ الْخَامِسُ ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَ ذَلِكَ فِيمَا إذَا خَرَجَ الرَّابِعُ وَفِيمَا إذَا خَرَجَ الْخَامِسُ وَأَطَالَ فِي ذَلِكَ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الشَّيْخَيْنِ أَرَادَا مُجَرَّدَ التَّصْوِيرِ وَأَشَارَا بِتَنْوِيعِ الْحُكْمِ إلَى أَنَّ كُلًّا جَائِزٌ وَأَنَّ الْمُعَوَّلَ فِي ذَلِكَ عَلَى خِيَرَةِ الْقَاسِمِ بِرّ (قَوْلُهُ وَيُمْكِنُ أَنْ يَبْدَأَ بِذِي السُّدُسِ إلَخْ) لَمْ يَتَكَلَّمَا فِي هَذَا الْغَرَضِ عَلَى مَا إذَا خَرَجَ لِذِي السُّدُسِ الثَّانِي أَوْ الْخَامِسِ وَكَأَنَّهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ لَا يَعْتَدُّ بِذَلِكَ وَلَا يَعْمَلُ بِهِ بِرّ (قَوْلُهُ ثُمَّ يُخْرِجُ بِاسْمِ أَحَدِ الْآخَرِينَ) أَيْ وَلَا يَبْدَأُ بِصَاحِبِ الثُّلُثِ لِئَلَّا يَخْرُجَ لَهُ الرَّابِعُ فَيُؤَدِّي إلَى تَفْرِيقِ حِصَّةِ صَاحِبِ النِّصْفِ نَبَّهَ عَلَيْهِ فِي الْمُهِمَّاتِ مُعْتَرِضًا بِهِ تَعْبِيرَهُمَا بِأَخْذِ الْآخَرِينَ بِرّ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ فِي هَذَا إلَخْ) لِكَثْرَةِ رِقَاعِهِ (قَوْلُهُ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ) فِي نَحْوِ قَوْلِهِ فَإِنْ بَدَأَ بِذِي النِّصْفِ فَإِنْ خَرَجَ لَهُ الْأَوَّلُ أَوْ الثَّانِي إلَخْ (فَقَوْلُهُ يُجَزَّأُ الْمِلْكُ) أَيْ سَوَاءٌ كَتَبَ الْأَسْمَاءَ أَمْ الْأَجْزَاءَ فَقَوْلُ الشَّارِحِ بِأَنْ يَكْتُبَ الشُّرَكَاءَ مُجَرَّدُ مِثَالٍ بِرّ
(قَوْلُهُ: نَعَمْ الْحَوَانِيتُ) أَيْ الْمُسْتَوِيَةُ الْقِيَمِ (الْمُتَّصِلَةُ إلَخْ) لَوْ كَانَ بَيْنَهُمْ تِسْعَةُ حَوَانِيتَ مَثَلًا ثَلَاثَةٌ فِي أَوَّلِ السُّوقِ وَثَلَاثَةٌ فِي آخِرِهِ وَطَلَبَ أَحَدُهُمَا أَنْ يَأْخُذَ مِنْ كُلِّ ثَلَاثَةٍ وَاحِدَةً بِالْقُرْعَةِ أَجْبَرَ صَاحِبَهُ وَإِنْ أَرَادَ أَخْذَ الثَّلَاثَةِ الَّذِي فِي الْوَسَطِ مَثَلًا فَلَا إجْبَارَ؛ لِأَنَّ الرَّغْبَةَ فِي ذَلِكَ تَخْتَلِفُ بِرّ بِالْأَخِيرِينَ أَيْضًا فَلِمَ عَدَلَا عَنْ ذَلِكَ إلَى أَخْذِهِ مَعَ اللَّذَيْنِ قَبْلَهُ حَتَّى يَتَعَيَّنَ الْأَوَّلَانِ لِذِي الثُّلُثِ وَالْأَخِيرُ لِذِي السُّدُسِ وَلَمْ يُوجِبَا مَا يَتَعَيَّنُ فِيهِ الْقُرْعَةُ فِي الْجَمِيعِ؟ (قَوْلُهُ إذَا خَرَجَ لَهُ الْخَامِسُ) أَمَّا إذَا خَرَجَ لَهُ الرَّابِعُ فَإِنْ أُعْطِيهِ مَعَ مَا قَبْلَهُ وَمَا بَعْدَهُ تَعَيَّنَ الْأَوَّلَانِ لِذِي الثُّلُثِ وَالْأَخِيرُ لِذِي السُّدُسِ (قَوْلُهُ لَا يُعْتَدُّ إلَخْ) صَرَّحَ بِهَذَا الشَّارِحِ فِي الرَّوْضِ بِقَوْلِهِ وَإِنْ بَدَأَ بِصَاحِبِ السُّدُسِ وَخَرَجَ لَهُ الثَّانِي أَوْ الْخَامِسُ لَمْ يُعْطِهِ لِلتَّفْرِيقِ (قَوْلُهُ وَلَا يَبْدَأُ إلَخْ) أَوْ يَبْدَأُ وَلَا يَعْمَلُ بِمَا فِيهِ التَّفْرِيقُ كَمَا مَرَّ وَبِهِ يَنْدَفِعُ الِاعْتِرَاضُ
ــ
[حاشية الشربيني]
يُخْرِجُ بِاسْمِ الْأَخِيرِينَ شَرْحُ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: وَيُمْكِنُ أَنْ يَبْدَأَ إلَخْ) هَذَا مُقَابِلُ قَوْلِهِ وَيُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْ التَّفْرِيقِ بِأَنْ لَا يَبْدَأَ إلَخْ
(قَوْلُهُ يُجْبَرُ عَلَى قِسْمَتِهَا أَعْيَانًا) قَالَ الْجِيلِيُّ مَحَلُّهُ مَا إذَا لَمْ تَنْقُصْ الْقِيمَةُ بِالْقِسْمَةِ وَإِلَّا لَمْ يُجْبَرْ جَزْمًا