للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْعَبْدِ مَغْصُوبًا، وَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ تَمْلِيكًا؛ لِأَنَّهُ ضِمْنِيٌّ، وَلَا يُعْتَبَرُ فِي الضِّمْنِيِّ مَا يُعْتَبَرُ فِي الْمَقْصُودِ.

(فَأَمْرُهُ) لِغَيْرِهِ (بِعِتْقِ مُسْتَوْلَدَتِهْ أَوْ عَبْدِهِ عَلَى كَذَا أَوْ) بِعِتْقِ (أَمَتِهْ) عَلَى كَذَا (فَإِنَّ إعْتَاقَهُمْ) أَيْ: الثَّلَاثَةِ (امْتِثَالَا) لِلْأَمْرِ (وَيَنْفُذُ وَاسْتَحَقَّ) الْمَالِكُ الْعِوَضَ سَوَاءٌ قَالَ: فِي غَيْرِ الْمُسْتَوْلَدَةِ عَنِّي أَمْ عَنْك أَمْ أَطْلَقَ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا سَيَأْتِي لَكِنْ لَا يَقَعُ عَنْهُ إلَّا فِي قَوْلِهِ: عَنِّي (لَا إنْ قَالَا) بِأَلِفِ الْإِطْلَاقِ أَعْتِقْ عَبْدَك، أَوْ أَمَتَك، أَوْ مُسْتَوْلَدَتَك (مَجَّانًا) فَأَجَابَهُ فَإِنَّهُ، وَإِنْ نَفَذَ الْعِتْقُ لَا يَسْتَحِقُّ الْمَالِكُ عِوَضًا فَإِنْ أَطْلَقَ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْعِوَضِ فَفِيهِ ثَلَاثَةُ، أَوْجُهٍ أَصَحُّهَا عَلَى مَا اقْتَضَاهُ بِنَاؤُهُمْ عَلَى الْإِذْنِ فِي أَدَاءِ الدَّيْنِ دُونَ شَرْطِ الرُّجُوعِ اسْتِحْقَاقُهُ فِي صُورَةِ التَّكْفِيرِ بِغَيْرِ الْمُسْتَوْلَدَةِ بِأَنْ قَالَ: أَعْتِقْهُ عَنْ كَفَّارَتِي فَإِنَّ الْعِتْقَ حَقٌّ ثَابِتٌ عَلَيْهِ كَالدَّيْنِ لَا فِي غَيْرِهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْهِبَةَ لَا تُوجِبُ ثَوَابًا

(أَوْ) قَالَ: أَعْتِقْ (عَنِّي مُسْتَوْلَدَتَكْ) بِكَذَا فَأَجَابَهُ فَإِنَّهُ، وَإِنْ نَفَذَ الْعِتْقُ لَا يَسْتَحِقُّ الْعِوَضَ لِامْتِنَاعِ نَقْلِ الْمِلْكِ فِيهَا، وَيَلْغُو قَوْلُهُ: عَنِّي، وَقَوْلُ الْمُعْتِقِ عَنْك فَيَقَعُ الْعِتْقُ عَنْ الْمُعْتِقِ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: أَعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي فَأَجَابَهُ يَقَعُ عَنْ الْمُسْتَدْعِي سَوَاءٌ ذَكَرَ عِوَضًا أَمْ لَا كَمَا عُرِفَ، وَإِذَا لَمْ يَذْكُرْهُ جُعِلَ الْعَبْدُ كَالْمَوْهُوبِ الْمَقْبُوضِ لِيَصِحَّ إعْتَاقُهُ كَمَا جُعِلَ عِنْدَ ذِكْرِهِ كَالْمَبِيعِ الْمَقْبُوضِ حَتَّى يُحْكَمَ بِاسْتِقْرَارِ عِوَضِهِ، وَذَلِكَ لِقُوَّةِ الْعِتْقِ وَذَكَرُوا بِنَاءً عَلَى هَذَا أَنَّ إعْتَاقَ الْمَوْهُوبِ قَبْلَ قَبْضِهِ بِإِذْنِ الْوَاهِبِ جَائِزٌ.

(وَالْعِتْقُ) فِي أَعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي (رُتِّبَ) عَلَى الْمِلْكِ فِي لَحْظَةٍ لَطِيفَةٍ (إذْ بِإِعْتَاقٍ مَلَكْ) أَيْ: لِأَنَّ الْمُسْتَدْعِي يَمْلِكُ الرَّقِيقَ بِإِعْتَاقِهِ، وَيَسْتَحِيلُ تَقْدِيرُ تَقَدُّمِ مِلْكِهِ عَلَى تَمَامِ التَّلَفُّظِ بِالْإِعْتَاقِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَقَدُّمِ مَا يُوجِبُهُ اللَّفْظُ عَلَيْهِ، وَلَا يُمْكِنُ تَقَدُّمُ الْعِتْقِ عَلَى الْمِلْكِ لِتَوَقُّفِهِ عَلَيْهِ، وَلَا حُصُولُهُمَا مَعًا لِتَنَافِيهِمَا فَتَعَيَّنَ تَقْدِيرُ تَرَتُّبِهِ عَلَيْهِ، وَلَيْسَ فِيهِ إلَّا أَنَّهُ يَتَأَخَّرُ الْعِتْقُ عَنْ الْإِعْتَاقِ بِمَا يُوجَدُ فِيهِ الْمِلْكُ قَالَ الْإِمَامُ: وَسَبَبُ تَأَخُّرِهِ أَنَّهُ إعْتَاقٌ عَنْ الْغَيْرِ وَمَعْنَاهُ نَقْلُ الْمِلْكِ إلَيْهِ، وَإِيقَاعُ الْعِتْقِ بَعْدَهُ وَقَدْ يَتَأَخَّرُ الْعِتْقُ عَنْ الْإِعْتَاقِ كَقَوْلِهِ: أَعْتَقْت عَبْدِي عَنْك بِكَذَا فَإِنَّهُ لَا يَعْتِقُ إلَّا بِالْقَبُولِ، ثُمَّ الْعِتْقُ إنَّمَا يَقَعُ عَنْ الْمُسْتَدْعِي، وَيَلْزَمُهُ الْعِوَضُ إذَا اتَّصَلَ الْجَوَابُ بِالْخِطَابِ وَإِلَّا فَيَقَعُ عَنْ الْمَالِكِ، وَلَا عِوَضَ.

(وَ) لَوْ قَالَ السَّيِّدُ: (أَحَدُ) هَذَيْنِ (الْعَبْدَيْنِ حُرٌّ بِكَذَا فَقَبِلَا وَأَيِسَ الْبَيَانَ ذَا) أَيْ: وَأَيِسَ الْعَبْدُ عَنْ الْبَيَانِ الشَّامِلِ لِلتَّعْيِينِ بِأَنْ مَاتَ السَّيِّدُ، وَلَا وَارِثَ لَهُ، أَوْ لَهُ وَارِثٌ وَلَمْ نُقِمْهُ مَقَامَهُ فِي الْبَيَانِ أَقْرَعَ بَيْنَهُمَا فَمَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ عَتَقَ (فَقِيمَةُ الْقَارِعْ) وَهُوَ مَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ وَاجِبَةً (عَلَيْهِ) لِسَيِّدِهِ لِفَسَادِهِ الْمُسَمَّى بِإِبْهَامِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ كَمَا فِي الْبَيْعِ، وَإِنَّمَا حَصَلَ الْعِتْقُ لِقُوَّتِهِ، وَتَعَلُّقِهِ بِالْقَبُولِ، وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ: فَقَبِلَا أَنَّهُ لَا يَعْتِقُ أَحَدُهُمَا بِقَبُولِهِ وَحْدَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ لِتَعَلُّقِ الْعِتْقِ بِقَبُولِهِمَا فَهُوَ كَمَا لَوْ قَالَ: أَحَدُكُمَا حُرٌّ إنْ شِئْتُمَا لَا يَعْتِقُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا إلَّا إذَا شَاءَا جَمِيعًا قَالَ الرَّافِعِيُّ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: إنْ قَصَدَ

ــ

[حاشية العبادي]

وَالْتَمَسَ الْعِتْقَ عَلَى نَحْوِ خَمْرٍ، أَوْ حُرٍّ، وَصَرَّحَ بِوَصْفِ الْخَمْرِيَّةِ، أَوْ الْحُرِّيَّةِ جَرَى فِيهِ مَا قَرَّرُوهُ فِي الْخُلْعِ

(قَوْلُهُ: مُسْتَوْلَدَتِهِ) أَيْ: الْغَيْرِ، وَكَذَا الضَّمِيرَانِ بَعْدَهُ. (قَوْلُهُ: وَاسْتَحَقَّ الْمَالِكُ الْعِوَضَ) قَالَ الشَّارِحُ: وَيَكُونُ فِي الْمُسْتَوْلَدَةِ افْتِدَاءً كَخُلْعِ الْأَجْنَبِيِّ.

(قَوْلُهُ: بِأَنْ قَالَ: أَعْتِقْهُ عَنْ كَفَّارَتِي) لَوْ قَالَ: أَعْتِقْ عَبْدَك عَنْ كَفَّارَتِي عَلَى كَذَا، ثُمَّ ظَهَرَ فِيهِ عَيْبٌ يَمْنَعُ وُقُوعَهُ عَنْ الْكَفَّارَةِ نَفَذَ الْعِتْقُ، وَلَا يَقَعُ عَنْهَا، وَرَجَعَ الْمُسْتَدْعِي بِالْأَرْشِ بِرّ. (قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْهِبَةَ لَا تُوجِبُ ثَوَابًا) مِنْ ثَمَّ تَعْلَمُ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ مُصَوَّرَةٌ بِمَا إذَا قَالَ لَهُ: عَنِّي وَهُوَ كَذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِهِ الشَّارِحُ فِي الْأَمْثِلَةِ فَهُوَ مُرَادُهُ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَقُلْ عَنِّي يَقَعُ عَنْ الْمَالِكِ فَلَا تَجْرِي الْأَوْجُهُ فِي لُزُومِ الْعِوَضِ بِرّ

(قَوْلُهُ: بِمَا يُوجَدُ فِيهِ الْمِلْكُ) أَيْ: بِزَمَنٍ يُوجَدُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: إذَا اتَّصَلَ الْجَوَابُ) أَيْ: جَوَابُ الْمَالِكِ بِقَرِينَةِ بَقِيَّةِ الْكَلَامِ بِرّ

(قَوْلُهُ: وَأَيِسَ الْبَيَانَ) لَمْ يَذْكُرْ الشَّارِحُ مُحْتَرَزَهُ فَلْيُحَرَّرْ. (قَوْلُهُ: لِفَسَادِ الْعِوَضِ بِإِبْهَامِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ) قَضِيَّةُ هَذَا التَّعْلِيلِ وُجُوبُ الْقِيمَةِ، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ يَأْسٌ بِأَنْ بَيَّنَ السَّيِّدُ، ثُمَّ قَدْ يَخْفَى هَذَا التَّعْلِيلُ فِي مَسْأَلَةِ الْبَيَانِ مَعَ الْيَأْسِ بِأَنْ أَرَادَ مُعَيَّنًا، وَحَصَلَ الْيَأْسُ مِنْ بَيَانِهِ بِمَوْتِهِ، وَلَا وَارِثَ إلَّا أَنْ يُقَالَ: لَمَّا تَعَذَّرَ الِاطِّلَاعُ عَلَى مَنْ أَرَادَهُ كَانَ فِي حُكْمِ الْمُهِمِّ فَلْيُتَأَمَّلْ سم. (قَوْلُهُ: بِإِبْهَامِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ) قَدْ يُقَالُ: إنْ أَرَادَ الْإِبْهَامَ لَفْظًا أَشْكَلَ قَوْلُهُ الْآتِي وَعَلَى مَا قَالَهُ فَلَزِمَ الْمُسَمَّى لِوُجُودِ الْإِبْهَامِ لَفْظًا وَمُقْتَضَاهُ الْفَسَادُ الْمُنَافِي لِلُّزُومِ الْمُسَمَّى، وَإِنْ أَرَادَ الْإِبْهَامَ حَقِيقَةً بِأَنْ لَمْ يَقْصِدْ مُعَيَّنًا أَشْكَلَ قَوْلُهُ السَّابِقُ الشَّامِلُ لِلتَّعْيِينِ حَيْثُ عَمَّمَ الْمَسْأَلَةَ، وَجَعَلَهَا شَامِلَةً لِقَصْدِ الْمُعَيَّنِ سم.

(قَوْلُهُ: قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إلَخْ) قَالَ فِي

ــ

[حاشية الشربيني]

عَلَقْت بِهَا مِنِّي فِي مِلْكِي. اهـ. لَكِنْ مُرَادُ الشَّارِحِ أَنْ يَضُمَّ هَذَا لِمَا سَبَقَ وَمَا سَبَقَ فِيهِ مِنِّي.

(قَوْلُهُ: فَقَبِلَا) أَيْ: فَوْرًا. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ وَهُوَ مُفَادُ الْفَاءِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ أَيْضًا. (قَوْلُهُ: وَلَمْ نُقِمْهُ مَقَامَهُ فِي الْبَيَانِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَقُومُ مَقَامَهُ فِي التَّعْيِينِ بِلَا خِلَافٍ. (قَوْلُهُ: لِقُوَّتِهِ وَتَعَلُّقِهِ بِالْقَبُولِ) وَهَذَا كَمَا لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إنْ أَعْطَيْتنِي عَبْدًا فَأَنْت طَالِقٌ فَأَعْطَتْهُ عَبْدًا طَلُقَتْ وَلَا يَمْلِكُهُ الزَّوْجُ بَلْ يَرُدُّهُ، وَيَرْجِعُ عَلَيْهَا بِمَهْرِ الْمِثْلِ. اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: قَالَ الرَّافِعِيُّ إلَخْ) وَوَجْهُ الْمَنْقُولِ النَّظَرُ إلَى اللَّفْظِ دُونَ النِّيَّةِ. اهـ. م ر فِي حَاشِيَةِ شَرْحِ الرَّوْضِ وَقَدْ

<<  <  ج: ص:  >  >>