للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَالْمُصَلِّي عَلَى جَبَلِ أَبِي قُبَيْسٍ، وَالْكَعْبَةُ تَحْتَهُ.

وَتَفْرِقَتُهُ بَيْنَ الْقُرْبِ وَالْبُعْدِ فِيمَا ذُكِرَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى ضَعِيفٍ وَهُوَ أَنَّ الشَّرْطَ فِي الْبُعْدِ إصَابَةُ جِهَةِ الْكَعْبَةِ بِدَلِيلِ صِحَّةِ صَلَاةِ الصَّفِّ الطَّوِيلِ، وَالْأَصَحُّ اشْتِرَاطُ إصَابَةِ عَيْنِهَا كَمَا فِي الْقُرْبِ فَالتَّوَجُّهُ بِكُلِّ الْبَدَنِ شَرْطٌ فِي الْحَالَيْنِ لَكِنَّهُ فِي الْقُرْبِ يَقِينًا وَفِي الْبُعْدِ ظَنًّا وَأُجِيبَ

ــ

[حاشية العبادي]

لِلْعَيْنِ وَلَوْ بِحَسَبِ الِاسْمِ وَالْعُرْفِ دُونَ الْحَقِيقَةِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْهَامِشِ عَنْ تَحْقِيقِ الْإِمَامِ فِي النِّهَايَةِ، وَلَيْسَ عَنْهُ مَحِيصٌ لِلْقَطْعِ بِصِحَّةِ صَلَاةِ الصَّفِّ الْمُمْتَدِّ مِنْ الْمَشْرِقِ إلَى الْمَغْرِبِ

ــ

[حاشية الشربيني]

فِي نَاحِيَةٍ مِنْهَا وَجَبَ أَنْ يَقْصِدَهَا عَلَى الِاسْتِوَاءِ وَالِانْحِرَافِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ جَازَ أَنْ يَسْتَقْبِلَ مَا شَاءَ مِنْهَا اهـ. وَتَبِعَهُ عَلَى نَحْوِ ذَلِكَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَانْظُرْ هَلْ هَذَا التَّفْصِيلُ هُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ فِي الْجِهَةِ؟ ثُمَّ إنَّهُ عَلَى قَوْلِ الْجِهَةِ لَا يَعْتَبِرُ مُحَاذَاةَ الْكَعْبَةِ بِبَعْضِ الْبَدَنِ عَلَى مَا هُوَ ظَاهِرٌ وَيُخَالِفُهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ بِكُلِّهِ، الْمُفِيدُ اعْتِبَارَ الْبَعْضِ عِنْدَ الْبُعْدِ وَفِي الْقِطْعَةِ عَلَى الْحَاوِي أَنَّ مُرَادَهُ أَنَّهُ عِنْدَ الْبُعْدِ يَكْفِيهِ مُجَرَّدُ التَّوَجُّهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْبَدَنُ مُسَامِتًا ثُمَّ رَأَيْت بِهَامِشِ نُسْخَةٍ مِنْ الشَّارِحِ عَنْ شَيْخِنَا الذَّهَبِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَوْلَهُ: مَبْنِيَّةٌ عَلَى ضَعِيفٍ فِي الْبِنَاءِ، وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ مُنَاقَشَةٌ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ الْمُرَادُ التَّوَجُّهَ إلَى الْعَيْنِ فَهَذَا لَيْسَ شَرْطًا بِنَاءً عَلَى الِاكْتِفَاءِ بِالْجِهَةِ، وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ التَّوَجُّهَ إلَى الْجِهَةِ فَهُوَ مُتَوَجِّهٌ بِكُلِّ بَدَنِهِ، فَتَرَتُّبُ التَّوَجُّهِ فِي حَالَةِ الْبُعْدِ بِبَعْضِ الْبَدَنِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ غَيْرُ ظَاهِرٍ.

وَأَمَّا تَرَتُّبُ التَّوَجُّهِ بِالْكُلِّ عِنْدَ الْقُرْبِ عَلَى ذَلِكَ فَظَاهِرٌ. اهـ. - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (قَوْلُهُ وَالْأَصَحُّ اشْتِرَاطُ إصَابَةِ عَيْنِهَا) قَالَ حَجَرٌ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ: لَيْسَ مُرَادُهُمْ بِهَا نَفْسَ الْجِدَارِ، بَلْ أَمْرٌ اصْطِلَاحِيٌّ، وَهُوَ الْمُسَامَتَةُ الْعُرْفِيَّةُ لِلْعَيْنِ اهـ. لَكِنَّ مُجَرَّدَ تِلْكَ الْمُسَامَتَةِ إنَّمَا تَكْفِي حَالَةَ الْبُعْدِ، وَعِبَارَةُ حَجَرٍ فِي الشَّرْحِ الْمَذْكُورِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ، وَلَوْ خَرَجَ بَعْضُ الصَّفِّ الْقَرِيبِ عَنْ مُحَاذَاتِهَا لَمْ تَصِحَّ صَلَاةُ الْخَارِجِينَ عَنْهَا؛ لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا مُسْتَقْبِلِينَ لَهَا، أَوْ خَرَجَ بَعْضُ الصَّفِّ الْبَعِيدِ الَّذِي فِي أُخْرَيَاتِ الْمَسْجِدِ، لَوْ قَرُبُوا عَنْ السَّمْتِ صَحَّتْ صَلَاةُ الْخَارِجِ عَنْهَا مَعَ الْقَطْعِ بِأَنَّ حَقِيقَةَ الْمُجَازَاةِ لَا تَخْتَلِفُ بِالْقُرْبِ وَالْبُعْدِ، فَتَعَيَّنَ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِيهِ حُكْمُ الْإِطْلَاقِ لَا حَقِيقَةُ الْمُسَامَتَةِ فَمَتَى أُطْلِقَ عَلَيْهَا اسْمُ الِاسْتِقْبَالِ عِنْدَ الْبُعْدِ صَحَّتْ صَلَاتُهُ، وَإِنْ كَانَ لَوْ قَرُبَ خَرَجَ عَنْ السَّمْتِ، إذْ يُعَدُّ فِي الْعُرْفِ مُحَاذِيًا لَهَا اهـ. كَلَامُ الْمَاوَرْدِيِّ وَأَقَرَّهُ الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا، وَقَوْلُ ابْنِ الصَّبَّاغِ وَالْمُتَوَلِّي لَا تَصِحُّ صَلَاةُ الْخَارِجِ عَنْ السَّمْتِ قَطْعًا لَا يُنَافِي كَلَامَ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّ كَلَامَ الْإِمَامِ فِي الْمُسَامَتِ فِي رَأْيِ الْعَيْنِ وَلَكِنَّهُ لَوْ قَرُبَ خَرَجَ عَنْ السَّمْتِ، وَعَدَمُ الْبُطْلَانِ حِينَئِذٍ وَاضِحٌ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي الْمُحَاذَاةِ الْعُرْفُ وَكَلَامُهُمَا فِيمَا إذَا خَرَجَ عَنْ السَّمْتِ عُرْفًا، وَالْقَطْعُ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ فِيهِ وَاضِحٌ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ الْخُرُوجِ عَنْ السَّمْتِ عُرْفًا الْخُرُوجُ عَنْهُ حَقِيقَةً وَلَا عَكْسَ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ فَانْدَفَعَ رَدُّ الزَّرْكَشِيّ عَلَى الْإِمَامِ اهـ

(قَوْلُهُ لَكِنَّهُ فِي الْقُرْبِ يَقِينًا) أَوْ الْمُرَادُ أَنَّهُ فِي الْقُرْبِ لَا بُدَّ مِنْ مُحَاذَاةِ الْعَيْنِ، وَفِي الْبُعْدِ تَكْفِي الْمُسَامَتَةُ الْعُرْفِيَّةُ لَا حَقِيقَةُ الْيَقِينِ وَالظَّنِّ، إذْ مَنْ فِي طَرَفِ الصَّفِّ الطَّوِيلِ خَارِجٌ عَنْ الْعَيْنِ يَقِينًا اهـ. (قَوْلُهُ لَكِنَّهُ إلَخْ) لَا دَخْلَ لَهُ فِيمَا الْكَلَامُ فِيهِ إلَّا إنْ حُمِلَ عَلَى الْمُحَاذَاةِ حَقِيقَةً أَوْ عُرْفًا (قَوْلُهُ وَأُجِيبَ إلَخْ) أُجِيبَ أَيْضًا بِأَنَّ الْمُخْطِئَ فِيهِ غَيْرُ مُعَيَّنٍ وَرَدَّهُ الْفَارِقِيُّ بِأَنَّهُ يَلْزَمُ بُطْلَانُ صَلَاةِ مَنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ جَانِبِ إمَامِهِ أَكْثَرُ مِنْ سَمْتِ الْكَعْبَةِ لِخُرُوجِهِ أَوْ خُرُوجِ إمَامِهِ عَنْ سَمْتِهَا وَأَقَرَّهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ، وَهُوَ مُسَلَّمٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ الْمُسَامَتَةُ الْحَقِيقِيَّةُ وَلَا يَنْفَعُ فِيهِ مَا أَجَابَ بِهِ م ر مِنْ أَنَّ اللَّازِمَ خُرُوجُ أَحَدِهِمَا عَنْ السَّمْتِ لَا بِعَيْنِهِ فَالْمُبْطِلُ مِنْهُمْ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُبْطِلَ مُعَيَّنٌ، وَإِنَّمَا الْإِبْهَامُ فِيمَنْ حَصَلَ لَهُ الْمُبْطِلُ فِي صَلَاتِهِ مِنْهُمَا وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَا هُنَا وَبَيْنَ مَنْ صَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ لِأَرْبَعِ جِهَاتٍ أَنَّ ذَاكَ فِي كُلِّ اسْتِقْبَالٍ عَلَى حِدَتِهِ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ مُصِيبٌ وَأَنَّهُ مُخْطِئٌ فَلَمْ يَتَعَيَّنْ الْخَطَأُ فِي حَالَةٍ مُعَيَّنَةٍ، وَأَمَّا هُنَا فَإِنَّا نَعْلَمُ أَنَّ أَحَدَهُمَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ الْمُعَيَّنَةِ خَارِجٌ عَنْ سَمْتِ الْكَعْبَةِ وَلَا بُدَّ فَلَمْ تَصِحَّ الْقُدْرَةُ فَالْحَاصِلُ أَنَّا مَتَى اعْتَبَرْنَا الْمُسَامَتَةَ الْحَقِيقِيَّةَ فَإِلْزَامُ الْفَارِقِيِّ لَا مَحِيدَ عَنْهُ فَالْمُتَعَيَّنُ الِاكْتِفَاءُ بِالْمُسَامَتَةِ الْعُرْفِيَّةِ الَّتِي قَالَ بِهَا إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَسَيُعَوِّلُ الشَّارِحُ عَلَيْهَا. اهـ. رَشِيدِيٌّ عَلَى م ر.

وَكَتَبَ شَيْخُنَا الذَّهَبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَلَى حَاشِيَةِ التَّحْرِيرِ الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ انْحِرَافُ طَرَفَيْ الصَّفِّ الْمُمْتَدِّ مِنْ الْجَنُوبِ إلَى الشِّمَالِ؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ فِي حَالَةِ الْبُعْدِ عَلَى الْمُسَامَتَةِ الْعُرْفِيَّةِ كَمَا قَالَهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَهِيَ حَاصِلَةٌ فِي ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ انْحِرَافٌ كَمَا قَالَهُ سم عَلَى حَجَرٍ مِنْ الْجَنُوبِ إلَى الشِّمَالِ بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ قِبْلَتُهُ جِهَةُ الْمَشْرِقِ كَمِصْرِ أَوْ الْمَغْرِبِ أَمَّا مَنْ قِبْلَتُهُ جِهَةُ الْجَنُوبِ أَوْ الشَّمَالِ فَيُقَالُ فِيهِ امْتَدَّ صَفٌّ مِنْ الْمَشْرِقِ إلَى الْمَغْرِبِ وَلَا بُدَّ عَلَى كُلٍّ مِنْ تَقْدِيرٍ أَيْ امْتَدَّ مِنْ مُحَاذَاةِ الْمَشْرِقِ إلَى مُحَاذَاةِ الْجَنُوبِ إلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>