للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَفْسِهِ إذْ لَا أَمَارَةَ فَلَا تَقْصِيرَ وَلِمَا رَوَى أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: رُوَاتُهُ ثِقَاتٌ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَحْرَمَ وَأَحْرَمَ النَّاسُ خَلْفَهُ، ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ جُنُبٌ فَأَشَارَ إلَيْهِمْ كَمَا أَنْتُمْ، ثُمَّ خَرَجَ وَاغْتَسَلَ وَرَجَعَ وَرَأْسُهُ يَقْطُرُ وَلَمْ يَأْمُرْهُمْ بِالْإِعَادَةِ» (أَوْ) بَانَ (كَاتِمَا لِكُفْرِهِ) إذْ لَا أَمَارَةَ فَلَا تَقْصِيرَ وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ قَالَ النَّوَوِيُّ وَهُوَ أَقْوَى دَلِيلًا لَكِنَّ الْأَصَحَّ الْمَنْصُوصُ. وَقَوْلُ الْجُمْهُورِ: وُجُوبُ الْقَضَاءِ كَالْمُعْلِنِ لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ لِلصَّلَاةِ بِخِلَافِ الْمُحْدِثِ. (وَلَا إذَا بَانَ مَعَهْ نَجَاسَةٌ تَخْفَى) إذْ لَا تَقْصِيرَ أَيْضًا بِخِلَافِ النَّجَاسَةِ الظَّاهِرَةِ لَكِنْ صَحَّحَ فِي التَّحْقِيقِ أَنَّهَا كَالْخَفِيَّةِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ جِنْسِ مَا يَخْفَى وَكَلَامُ الرَّوْضَةِ يُوَافِقُهُ.

وَالْأَوَّلُ هُوَ مَا فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ، وَصَرَّحَ بِهِ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: إنَّهُ أَقْوَى وَحَمَلَ فِيهِ وَفِي تَصْحِيحِهِ كَلَامَ التَّنْبِيهِ عَلَيْهِ وَبِهِ أَفْتَيْت (وَلَوْ) كَانَ ذَلِكَ (فِي جُمُعَهْ) فَإِنَّهُ لَا يَقْضِي كَغَيْرِهَا إنْ زَادَ الْإِمَامُ عَلَى الْأَرْبَعِينَ كَمَا سَيَأْتِي فِي مَحَلِّهِ، وَلَوْ بَانَ الْإِمَامُ مُتَطَهِّرًا وَالْمَأْمُومُونَ مُحْدِثِينَ فِيهَا فَصَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ بِخِلَافِ مَا لَوْ بَانُوا عَبِيدًا أَوْ نِسَاءً؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَسْهُلُ الْوُقُوفُ عَلَيْهِ نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ عَنْ صَاحِبِ الْبَيَانِ، وَأَقَرَّاهُ، وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ صِحَّةُ الِاقْتِدَاءِ بِالْمُتَيَمِّمِ، وَمَاسِحِ الْخُفِّ وَالْقَاعِدِ

ــ

[حاشية العبادي]

فَارَقَهُ قَالَ فِي فِي شَرْحِهِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَلَا يُغْنِي عَنْ الْمُفَارَقَةِ تَرْكُ الْمُتَابَعَةِ قَطْعًا بَلْ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ صَلَّى بَعْضَ صَلَاتِهِ خَلْفَ مَنْ عَلِمَ بُطْلَانَ صَلَاتِهِ. اهـ. (قَوْلُهُ: نَجَاسَةٌ تَخْفَى) قَالَ الْجَوْجَرِيُّ مِثْلُ أَنْ تَكُونَ فِي بَاطِنِ الثَّوْبِ، أَوْ فِي ظَاهِرِهِ وَالْمَأْمُومُ بَعِيدٌ لَا يَرَاهُ، أَوْ فِي أَعْلَى عِمَامَتِهِ، وَهُوَ قَائِمٌ وَالْمَأْمُومُ قَاعِدٌ لَا يَرَاهُ، وَالظَّاهِرَةُ مِثْلُ أَنْ تَكُونَ فِي ظَاهِرِ الثَّوْبِ وَالْمَأْمُومُ قَرِيبٌ. اهـ. وَالثَّانِيَةُ قَدْ جَعَلَهَا الرُّويَانِيُّ مِنْ الظَّاهِرَةِ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا الشِّهَابِ. (قَوْلُهُ: فَصَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ)

ــ

[حاشية الشربيني]

يُمْكِنُ فِيهَا طُهْرُهُ فَإِنْ غَابَ كَذَلِكَ فَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا يُحْكَمُ بِطَهَارَتِهِ، وَلَا إعَادَةَ كَمَا قِيلَ فِي مَسْأَلَةِ الْهِرَّةِ إذَا تَنَجَّسَ فَمُهَا، وَغَابَتْ غَيْبَةً يُمْكِنُ فِيهَا طُهْرُ فَمِهَا أَنَّهُ لَا طَهَارَةَ، وَلَا تَنْجِيسَ كَذَا قَالَهُ بَعْضُ مَشَايِخِنَا، وَانْظُرْ مَا فَائِدَةُ عَدَمِ الْحُكْمِ بِطَهَارَتِهِ هُنَا نَعَمْ إنْ مَنَعَ الِاقْتِدَاءَ بِهِ مَعَ الْعَمْدِ وَصُوِّرَتْ الْمَسْأَلَةُ بِمَا إذَا اقْتَدَى بِهِ نَاسِيًا ظَهَرَتْ الْفَائِدَةُ فَلْيُحَرَّرْ. وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر مَعَ الْمِنْهَاجِ لَا جُنُبًا، أَوْ مُحْدِثًا لِعَدَمِ التَّقْصِيرِ وَلِهَذَا لَوْ عَلِمَ بِذَلِكَ، ثُمَّ اقْتَدَى بِهِ نَاسِيًا وَلَمْ يَحْتَمِلْ تَطْهِيرَهُ لَزِمَتْهُ الْإِعَادَةُ. اهـ.

وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُفَرَّقُ بَيْنَ مَا هُنَا وَمَسْأَلَةِ الْهِرَّةِ بِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ حَالِ الْمُكَلَّفِ أَنْ لَا يُقْدِمَ عَلَى الصَّلَاةِ إلَّا بِطَهَارَةٍ، وَلَا كَذَلِكَ الْهِرَّةُ وَإِنَّمَا مُنِعَ التَّنْجِيسُ لِلِاحْتِمَالِ وَلَا تَنَجُّسَ بِالشَّكِّ فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: أَوْ مُحْدِثًا) ، وَكَذَا كُلُّ مَا يَخْفَى عَلَى الْمَأْمُومِ كَتَرْكِ النِّيَّةِ، وَكَوْنِهِ مَأْمُومًا وَنِيَّةِ إقَامَةٍ مُبْطِلَةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَسَوَاءٌ تَبَيَّنَ ذَلِكَ فِي الْأَثْنَاءِ، أَوْ بَعْدَ الْفَرَاغِ وَتَجِبُ نِيَّةُ الْمُفَارَقَةِ فِي الْأَوْلَى إنْ اسْتَمَرَّ الْإِمَامُ فِي صُورَةِ الصَّلَاةِ، وَفَضْلُ الْجَمَاعَةِ حَاصِلٌ لِلْمَأْمُومِ فِي ذَلِكَ. ا. هـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَلَوْ كَانَ إمَامُهُ قَادِرًا عَلَى الْقِيَامِ، أَوْ السُّتْرَةِ فَكَمَا لَوْ بَانَ أُمِّيًّا فَتَجِبُ الْإِعَادَةُ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا يَأْتِي فِي الْجُمُعَةِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ بَانَ الْخَطِيبُ فِي الْجُمُعَةِ قَادِرًا عَلَى الْقِيَامِ كَانَ كَمَا لَوْ بَانَ إمَامُهُ مُحْدِثًا بِأَنَّ الْقِيَامَ رُكْنٌ فِي الصَّلَاةِ شَرْطٌ فِي الْخُطْبَةِ، وَيُغْتَفَرُ فِي الشَّرْطِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الرُّكْنِ، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ بَيَانَ الْقُدْرَةِ عَلَى السُّتْرَةِ لَا يَضُرُّ؛ لِأَنَّهَا شَرْطٌ وَهُوَ خِلَافُ مَا سَبَقَ. ا. هـ ح ل عَلَى الْمَنْهَجِ.

وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ هَذَا شَرْطٌ فِي نَفْسِ الصَّلَاةِ، وَذَاكَ شَرْطٌ فِيمَا هُوَ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَتَهَا كَذَا بِهَامِشِهِ. (قَوْلُهُ: أَوْ مُحْدِثًا) مَا لَمْ يَسْبِقْ لَهُ عِلْمٌ بِهِ كَأَنْ أَحْدَثَ بِحَضْرَتِهِ، وَلَمْ يَغِبْ عَنْهُ غَيْبَةً يُمْكِنُ التَّطَهُّرُ فِيهَا فَاقْتَدَى بِهِ مَعَ الْجَهْلِ بِحَالِهِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ. ا. هـ ش ق وَقَدْ يُقَالُ: هَذَا نِسْيَانٌ لِلْحَدَثِ لَا جَهْلٌ، ثُمَّ رَأَيْته فِي الرَّوْضَةِ قَالَ: هُوَ إذَا لَمْ يَعْرِفْ حَدَثَ الْإِمَامِ أَصْلًا فَإِنْ عَلِمَ، وَلَمْ يَتَفَرَّقَا وَلَمْ يَتَوَضَّأْ، ثُمَّ اقْتَدَى بِهِ نَاسِيًا وَجَبَتْ الْإِعَادَةُ قَطْعًا وَهَذَا كُلُّهُ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ فَإِنْ كَانَ فِيهَا فَفِيهِ كَلَامٌ يَأْتِي فِي بَابِهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. ا. هـ وَلَعَلَّهُ تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ الْأَرْبَعِينَ فَانْظُرْهُ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَعَ) عِلْمِهِ وَقِيلَ: تَبْطُلُ حِينَئِذٍ. ا. هـ رَوْضَةٌ.

(قَوْلُهُ: فَأَشَارَ إلَيْهِمْ) كَمَا أَنْتُمْ، وَلَا تَجِبُ عَلَيْهِمْ حِينَئِذٍ نِيَّةُ الْمُفَارَقَةِ؛ لِأَنَّهُ خُرُوجٌ مِنْ صَلَاةٍ إلَى إبْطَالٍ وَسَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ أَنَّ مَنْ خَرَجَ مِنْ صَلَاتِهِ كَذَلِكَ لَا تَجِبُ عَلَى مَنْ خَلْفَهُ نِيَّةُ الْمُفَارَقَةِ نَعَمْ يَلْزَمُ تَجْدِيدُ نِيَّةِ الِاقْتِدَاءِ، أَمَّا إذَا بَطَلَتْ صَلَاةُ الْإِمَامِ وَبَقِيَتْ صُورَةُ الصَّلَاةِ بِدَوَامِ الْإِمَامِ فَيَجِبُ عَلَى الْمَأْمُومِ نِيَّةُ الْمُفَارَقَةِ، وَلَا يَكْتَفِي بِبُطْلَانِ صَلَاةِ الْإِمَامِ لِدَوَامِ الصُّورَةِ كَمَا فِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: نَجَاسَةٌ تَخْفَى) الْمُعْتَمَدُ أَنَّ الظَّاهِرَةَ هِيَ الْعَيْنِيَّةُ، وَالْخَفِيَّةَ هِيَ الْحُكْمِيَّةُ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْقَرِيبِ وَالْبَعِيدِ، وَلَا بَيْنَ الْقَائِمِ وَالْقَاعِدِ، وَلَا بَيْنَ الْأَعْمَى وَالْبَصِيرِ، وَلَا بَيْنَ بَاطِنِ الثَّوْبِ، وَظَاهِرِهِ كَمَا فِي ع ش عَلَى م ر. ا. هـ بُجَيْرِمِيٌّ عَلَى الْمَنْهَجِ. وَالْعَيْنِيَّةُ مَا لَهَا أَحَدُ الْأَوْصَافِ الثَّلَاثَةِ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ بَانَ الْإِمَامُ مُتَطَهِّرًا إلَخْ) فَتَحْصُلُ الْجُمُعَةُ لِلْإِمَامِ، وَعِبَارَةُ مَتْنِ الْمِنْهَاجِ، وَلَوْ بَانَ الْإِمَامُ جُنُبًا، أَوْ مُحْدِثًا صَحَّتْ جُمُعَتُهُمْ فِي الْأَظْهَرِ إنْ تَمَّ الْعَدَدُ بِغَيْرِهِ قَالَ حَجَرٌ فِي شَرْحِهِ: وَمِثْلُ ذَلِكَ عَكْسُهُ وَهُوَ مَا لَوْ بَانَ الْمَأْمُومُونَ، أَوْ بَعْضُهُمْ مُحْدِثِينَ فَتَحْصُلُ الْجُمُعَةُ لِلْإِمَامِ، وَالْمُتَطَهِّرِ مِنْهُمْ تَبَعًا لَهُ أَيْ: وَاغْتُفِرَ فِي حَقِّهِ فَوَاتُ الْعَدَدِ هُنَا دُونَ مَا فِي الْمَتْنِ؛ لِأَنَّهُ مَتْبُوعٌ مُسْتَقِلٌّ كَمَا اُغْتُفِرَ فِي حَقِّهِ انْعِقَادُ صَلَاتِهِ جُمُعَةً قَبْلَ أَنْ يُحْرِمُوا

<<  <  ج: ص:  >  >>