وَجَوَّزْنَاهُ جَازَ أَنْ يُتِمَّهَا جُمُعَةً كَمَا لَوْ أَحْدَثَ الْإِمَامُ انْتَهَى وَلَوْ عَبَّرَ بَدَلَ الصَّوَابِ بِالْأَوْلَى كَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ مُفَارَقَةَ الْمَأْمُومِ قَدْ عُلِمَ حُكْمُهَا أَيْضًا مِنْ كَوْنِ الْجُمُعَةِ تُدْرَكُ بِرَكْعَةٍ لَكِنَّهُ دُونَ ذَاكَ فِي الصَّرَاحَةِ ثَمَّ فِي قَوْلِهِ: فَإِنَّ مُفَارَقَتَهُ بِلَا بُطْلَانٍ لَا تُتَصَوَّرُ وَقْفَةٌ
(وَهْوَ) أَيْ: الْإِمَامُ (إذَا أَتَمَّهَا) أَيْ: الصَّلَاةَ وَلَمْ يُتِمَّهَا الْقَوْمُ لِكَوْنِهِمْ مَسْبُوقِينَ، أَوْ صَلَاتِهِمْ أَطْوَلَ (فَقَدَّمُوا شَخْصًا بِهِمْ صَلَاتَهُمْ يُتَمِّمُ) أَيْ يُتَمِّمُ بِهِمْ صَلَاتَهُمْ (فَذَاكَ غَيْرُ جَائِزٍ فِي الْجُمُعَهْ) لِمَا مَرَّ أَنَّهُ لَا تَنْشَأُ جُمُعَةٌ بَعْدَ أُخْرَى كَأَنَّهُمْ أَرَادُوا بِالْإِنْشَاءِ مَا يَعُمُّ الْحَقِيقِيَّ وَالْمَجَازِيَّ إذْ لَيْسَ فِيمَا إذَا كَانَ الْخَلِيفَةُ مِنْهُمْ أَنْشَأَ جُمُعَةً وَإِنَّمَا فِيهِ مَا يُشْبِهُ ذَلِكَ صُورَةً عَلَى أَنَّ بَعْضَ الْمُعَلَّقِينَ عَلَى الْحَاوِي كَالنَّاشِرِيِّ قَالَ: بِالْجَوَازِ فِي هَذِهِ لِذَلِكَ (وَ) لَا فِي (غَيْرِهَا) ؛ لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ حَصَلَتْ وَهُمْ إذَا أَتَمُّوا فُرَادَى نَالُوا فَضْلَهَا كَذَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلُهَا هُنَا، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمَا فِي الْجَمَاعَةِ تَصْحِيحُ الْجَوَازِ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ وَصَحَّحَهُ فِي التَّحْقِيقِ، وَالْمَجْمُوعِ وَقَالَ فِيهِ اعْتَمَدَهُ، وَلَا تَغْتَرَّ بِمَا فِي الِانْتِصَارِ لِابْنِ أَبِي عَصْرُونٍ مِنْ تَصْحِيحِ الْمَنْعِ قَالَ: وَلَوْ أُغْمِيَ عَلَى الْخَطِيبِ قَالَ: فِي التَّهْذِيبِ فِي بِنَاءِ غَيْرِهِ عَلَى خُطْبَتِهِ الْقَوَلَانِ فِي الِاسْتِخْلَافِ فِي الصَّلَاةِ، فَإِنْ لَمْ نُجَوِّزْهُ اُسْتُؤْنِفَتْ الْخُطْبَةُ وَإِلَّا اُشْتُرِطَ أَنْ يَكُونَ الَّذِي يَبْنِي سَمِعَ أَوَّلَهَا، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْبِنَاءُ هُنَا وَسَوَّى فِي الْمَجْمُوعِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَدَثِ فِي تَصْحِيحِ الْمَنْعِ خِلَافَ مَا صَحَّحَهُ فِي مَحَلٍّ آخَرَ كَالرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا مِنْ الْجَوَازِ فِي الْحَدَثِ وَعَلَى الْمَنْعِ فِيهِمَا قَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْبِنَاءَ هُنَا يَسْتَلْزِمُ اقْتِصَارَ الْبَانِي عَلَى بَعْضِ الْخُطْبَةِ وَهُنَاكَ يَأْتِي الْخَلِيفَةُ بِجَمِيعِ الصَّلَاةِ وَبِأَنَّ الْخَطِيبَ قَرِيبُ الشَّبَهِ بِالْمُؤَذِّنِ، فَأُلْحِقَ بِهِ بِخِلَافِ الْمُصَلِّي ثَمَّ رَأَيْت الْعُمْرَانِيَّ فَرَّقَ بِهَذَا لَكِنَّ الْأَقْيَسَ فِيهِمَا الْجَوَازُ إلْحَاقًا لِلْخُطْبَةِ بِالصَّلَاةِ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: وَقْفَةٌ) كَانَ، وَجْهُ الْوَقْفَةِ أَنَّهُ لَا مَانِعَ مِنْ تَصَوُّرِهَا، بِلَا بُطْلَانٍ، بِأَنْ يَنْوِيَ الْإِمَامُ إخْرَاجَ نَفْسِهِ مِنْ الْجَمَاعَةِ، فَيَصِيرَ مُنْفَرِدًا، وَإِنْ لَمْ يَصِرْ الْقَوْمُ مُنْفَرِدِينَ بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ. نَعَمْ إنْ نَوَى الِاقْتِدَاءَ بِغَيْرِهِ صَارُوا مُنْفَرِدِينَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْقَفَّالُ أَخْذًا مِنْ قَضِيَّةِ الصِّدِّيقِ.
(قَوْلُهُ: فَقَدَّمُوا) عِبَارَةُ الرَّوْضِ، وَلَوْ أَرَادَ الْمَسْبُوقُونَ أَنْ يَسْتَخْلِفُوا إلَخْ. وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ اسْتِخْلَافٌ حَقِيقِيٌّ، فَلَهُ أَحْكَامُهُ، وَأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ قَبِيلِ الِاقْتِدَاءِ فِي الْأَثْنَاءِ، وَلِهَذَا صَرَّحَ فِي شَرْحِهِ، بِأَنَّ مِنْ فَوَائِدِهِ نَيْلَ فَضْلِ الْجَمَاعَةِ الْكَامِلِ، وَسَتَأْتِي عِبَارَتُهُ فِي الْهَامِشِ لَكِنَّهُ مُشْكِلٌ، فَإِنَّ كَوْنَ مَا ذُكِرَ اسْتِخْلَافًا فِي غَايَةِ الْبُعْدِ بَلْ هُوَ مِنْ قَبِيلِ الِاقْتِدَاءِ فِي الْأَثْنَاءِ، وَهُوَ مَكْرُوهٌ مُفَوِّتٌ لِفَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ، وَإِذَا قُلْنَا بِهَذَا، فَهَلْ تَفُوتُ الْفَضِيلَةُ فِي الِاقْتِدَاءِ السَّابِقِ فِيهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ إلَخْ.) قَضِيَّةُ هَذَا التَّعْلِيلِ الْجَوَازُ إنْ كَانَ الْخَلِيفَةُ مِمَّنْ لَا تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ، وَنَوَى الظُّهْرَ، وَهُوَ قِيَاسُ مَا قَدَّمَهُ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ: جَازَ لِأَهْلٍ اقْتَدَى، فَلْيُتَأَمَّلْ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (قَوْلُهُ: غَيْرُ جَائِزٍ إلَخْ.) ، وَيُفَارِقُ الِاسْتِخْلَافَ، بِأَنَّهُ، بِمَنْزِلَةِ بَقَاءِ الْإِمَامِ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ مُرَاعَاةُ نَظْمِ صَلَاتِهِ (قَوْلُهُ: لَا تَنْشَأُ جُمُعَةٌ بَعْدَ أُخْرَى) هَلَّا زَادَ، أَوْ فَعَلَ الظُّهْرَ قَبْلَ فَوَاتِ الْجُمُعَةِ (قَوْلُهُ:، وَلَا فِي غَيْرِهَا) ، وَمِنْهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مَا لَوْ نَوَى الْجُمُعَةَ خَلْفَ إمَامِهَا، وَلَمْ تَحْصُلْ لِعَدَمِ إدْرَاكِهِمْ مَعَهُ رَكْعَةً (قَوْلُهُ: مِنْ تَصْحِيحِ الْمَنْعِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: عَلَى أَنَّ تَعْلِيلَ الْمَنْعِ، بِمَا ذُكِرَ لَا يُنَافِي الْجَوَازَ إذْ لِلِاقْتِدَاءِ فَوَائِدُ أُخَرُ كَتَحَمُّلِ السَّهْوِ، وَتَحَمُّلِ الصُّورَةِ فِي الصَّلَاةِ الْجَهْرِيَّةِ، وَنَيْلِ فَضْلِ الْجَمَاعَةِ الْكَامِلِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: سَمِعَ أَوَّلَهَا) أَيْ: حَضَرَ لِيُوَافِقَ مَا مَرَّ مِنْ اشْتِرَاطِ الْحُضُورِ دُونَ السَّمَاعِ فِي مَسْأَلَةِ الْحَدَثِ بِرّ (قَوْلُهُ: مَا صَحَّحَهُ) فِي مَحَلٍّ اعْتَمَدَهُ م ر (قَوْلُهُ: فِي الْحَدَثِ) أَيْ: دُونَ الْإِغْمَاءِ، فَإِنْ قِيلَ تُفَارِقُ الْخُطْبَةُ الصَّلَاةَ، فَإِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَوْ أُغْمِيَ عَلَى الْإِمَامِ جَازَ الِاسْتِخْلَافُ قِيلَ لَمَّا لَزِمَ مِنْ الِاسْتِخْلَافِ فِي الْخُطْبَةِ تَلْفِيقُهَا مِنْ اثْنَيْنِ ضُويِقَ فِيهَا، بِخِلَافِ صَلَاةِ الْقَوْمِ لَا يَلْزَمُ فِيهَا تَلْفِيقٌ بَلْ فِي إمَامَتِهَا لَكِنْ يُطْلَبُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْإِغْمَاءِ، وَالْحَدَثِ
ــ
[حاشية الشربيني]
مُرَادَ الْأَصْحَابِ هُنَا بِالسَّمَاعِ الْحُضُورُ، وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ، وَجَرَى عَلَيْهِ الْبَارِزِيُّ وَابْنُ الْوَرْدِيِّ. اهـ. وَهِيَ تَكَادُ تُصَرِّحُ بِمَا ذَكَرْت. اهـ.
وَمِمَّا يُؤَيِّدُ ذَلِكَ أَوْ يُعِينُهُ أَنَّ صَاحِبَ الرَّوْضَةِ قَالَ: فِيهَا شَرْطُ الْخَلِيفَةِ أَنْ يَكُونَ سَمِعَ الْخُطْبَةَ عَلَى الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّ مَنْ لَمْ يَسْمَعْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْجُمُعَةِ، وَحَكَى صَاحِبُ التَّتِمَّةِ، وَجْهَيْنِ فِي اسْتِخْلَافِ مَنْ لَمْ يَسْمَعْ أَيْ: إذَا اسْتَخْلَفَ فِي الْخُطْبَةِ أَوْ بَيْنَهَا، وَبَيْنَ الصَّلَاةِ ثُمَّ قَالَ فِي شُرُوطِ الْخُطْبَةِ السَّادِسُ رَفْعُ الصَّوْتِ فَلَوْ خَطَبَ سِرًّا بِحَيْثُ لَمْ يُسْمِعْ غَيْرَهُ لَمْ يُحْسَبْ عَلَى الصَّحِيحِ الْمَعْرُوفِ، وَفِي، وَجْهٍ يُحْسَبُ، وَهُوَ غَلَطٌ. اهـ. فَانْظُرْ كَيْفَ جَعَلَ ذَلِكَ الْوَجْهَ هُنَا مُقَابِلَ الصَّحِيحِ لَا الْمَذْهَبَ، وَحَكَمَ عَلَيْهِ بِالْغَلَطِ بِخِلَافِ مَا سَبَقَ فَلْيُتَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ: عُلِمَ حُكْمُهَا إلَخْ.) قَدْ يُقَالُ: هَذِهِ مُقَيَّدَةٌ بِتَقْدِيمِ مَنْ اقْتَدَى بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَيْدًا مُطْلَقًا تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: قَالَ الرَّافِعِيُّ إلَخْ.) اسْتِدْلَالٌ عَلَى صِحَّةِ جَعْلِ ضَمِيرَيْ فَارَقَ، وَأَتَمَّ لِلْمَأْمُومِ
(قَوْلُهُ: أَيْ: الصَّلَاةَ) جُمُعَةً أَوْ غَيْرَهَا كَمَا فِي الْحَاوِي (قَوْلُهُ: قَالَ بِالْجَوَازِ) اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ سم عَلَى الْمَنْهَجِ، وَلَا يَحْتَاجُونَ لِنِيَّةِ اقْتِدَاءٍ إلَّا إنْ انْفَرَدُوا بِرُكْنٍ كَمَا سَبَقَ (قَوْلُهُ: قَالَ بِالْجَوَازِ فِي هَذِهِ) اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَجُوزَ أَيْضًا إذَا كَانَ الْخَلِيفَةُ مِنْ غَيْرِهِمْ، وَكَانَ لَا تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ، وَتَقَدَّمَ نَاوِيًا غَيْرَهَا كَمَا يُفْهَمُ مِنْ شَرْحِ الرَّوْضِ سم عَلَى الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ: تَصْحِيحُ الْجَوَازِ) ، وَيَحْصُلُ بِهِ فَضْلُ الْجَمَاعَةِ الْأَكْمَلُ، وَلَيْسَ مِنْ قَبِيلِ اقْتِدَاءِ الْمُنْفَرِدِ نَعَمْ إنْ احْتَاجُوا لِنِيَّةِ اقْتِدَاءٍ كَانَ مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ: بِأَنْ جَوَّزْنَا (قَوْلُهُ: خِلَافَ مَا صَحَّحَهُ إلَخْ.) اعْتَمَدَ م ر أَنَّ الْخَطِيبَ لَوْ أَحْدَثَ جَازَ الِاسْتِخْلَافُ، وَالْبِنَاءُ عَلَى خُطْبَتِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا أُغْمِيَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمُغْمَى عَلَيْهِ لَا أَهْلِيَّةَ لَهُ بِخِلَافِ الْمُحْدِثِ بِدَلِيلِ صِحَّةِ الصَّلَاةِ خَلْفَهُ إذَا بَانَ مُحْدِثًا فَلَا يَصِحُّ الِاسْتِخْلَافُ لَا مِنْ الْإِمَامِ، وَلَا مِنْ الْقَوْمِ فِي الْمُغْمَى عَلَيْهِ. اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: الْأَقْيَسُ)